طهران- قال علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، إن المصالحة بين إيران والسعودية سيكون لها تأثير كبير على المنطقة بأكملها كما كان للصراع بينهما تأثير كبير.

وشدد ولايتي على أن إيران والسعودية، باعتبارهما قوتين إقليميتين ودوليتين رئيسيتين، يمكنهما توجيه المعادلات الإقليمية والعالمية في اتجاه يضمن مصالح الدول الإسلامية.

وجاءت تصريحات المسؤول الإيراني الكبير في لقاء خاص بالجزيرة نت في مكتبه بطهران، تناول التطورات التي يشهدها الشأن الإيراني إقليميا، ولا سيما بعد الاتفاق مع السعودية والتطورات في الملف السوري والتوتر مع أذربيجان. وعلى الصعيد الدولي أوضح ولايتي موقف بلاده إزاء الحرب الأوكرانية.

وفي ما يلي نص المقابلة:

لقاء جمع الشهر الماضي وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان (يسار) بنظيره الإيراني أمير عبد اللهيان في طهران (الأناضول) كيف تقيّم العلاقات بين إيران ومنطقة الشرق الأوسط بعد الاتفاق الأخير مع السعودية، وكيف تؤثر هذه المصالحة على أمن المنطقة؟

لم نشهد قط صراعا حقيقيا بين إيران وشبه الجزيرة العربية طيلة تاريخ الإسلام. كما أن وجود مكة المكرمة والمدينة المنورة في الحجاز، كان دائما سببا رئيسا لسعي البلدين للحفاظ على أمن هذه الأماكن المقدسة.

يحترم المسلمون المدن الإسلامية المقدسة، مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويشكل هاجس استمرار علاقتهم مع هاتين المدينتين سببا رئيسا للحفاظ على الأخوة فيما بينهم.

بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، اشتدت الاستفزازات الأميركية والبريطانية في شبه الجزيرة العربية ضد إيران، وشهدت علاقات البلدين بعض التوترات، وإن كان التعاون والتفاعل بينهما يتزايد تدريجيا بجهود الجانبين، كما كان يسير في اتجاه التنمية والتعاون في فترات مختلفة.

وتقول المؤشرات إن تحسين العلاقات سيكون مستقرا ومستمرا بإذن الله، حيث أعيد فتح السفارات واستؤنفت الزيارات على مستويات مختلفة.

لا شك أن إيران والمملكة العربية السعودية دولتان مهمتان في المنطقة، وسيكون للمصالحة بينهما تأثير على المنطقة بأكملها كما كان للصراع بينهما تأثير كبير عليها. بالإضافة إلى ذلك، تعد إيران والمملكة قطبين مؤثرين في المنطقة الإستراتيجية والحساسة، ولكل منهما دور مهم في تطوراتها.


ما تقييمكم لاستقبال دول المنطقة الاتفاق بين إيران والسعودية وكيف سينعكس عليها؟

نرى أنه بالاتفاق بين إيران والسعودية، نشأت موجة إيجابية في المنطقة، واتجهت العلاقات بين دول الخليج والمنطقة إلى مزيد من الاستقرار والسلام.

يمكن لإيران والسعودية، باعتبارهما قوتين إقليميتين ودوليتين رئيسيتين، توجيه المعادلات الإقليمية والعالمية في اتجاه يضمن مصالح الدول الإسلامية.

وفي ظل وضع نشهد فيه تطورات جادة على الساحة الدولية خاصة في غرب آسيا (منطقة الشرق الأوسط) وتغير التوازنات والمعادلات، فإن مصالح الدول تقتضي أن تغتنم هذه الفرصة لحل المشاكل وخلق بيئة جديدة قائمة على مصالح دول المنطقة. ومن مصلحة دول المنطقة أن تتفاعل فيما بينها وتتحد ضد العدو المشترك أي الصهاينة.

ما تأثير الاتفاق مع السعودية على العلاقة مع الدول التي طبّعت مع إسرائيل؟

إن التغيير في سياسة السعودية ومواقفها تجاه الصهاينة ومؤيديهم تسبب في تغيير اتجاهات الدول الموالية للرياض أيضا، وإضعاف خطط التطبيع مثل اتفاقية "أبراهام".

ومن أسباب التغيير في موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه السعودية هو الموقف الأكثر واقعية للرياض ضد الصهاينة، ونأمل أن يؤدي استئناف العلاقات بين البلدين إلى استقرار الأمن والسلام بين الدول الإسلامية والعالم أجمع.

هل التقدم في العلاقات بين تركيا وسوريا يمثّل واقعا يمكن تحقيقه؟

المشكلة الأساس بين سوريا وتركيا تكمن في جزء من السياسات التركية تجاه سوريا. لا بد لتركيا من معرفة أن وجودها في جزء من الأراضي السورية لن يمكّنها من تحقيق أهدافها، وبعض هذه الأهداف غير مقبول كونه ضد سوريا.

وبالتأكيد، لا يمكن لأي بلد أن يقوم بتأليب دولة ضد أخرى، وأنقرة نفسها تعرف ذلك جيدا.

من طرفنا في إيران، نعارض مثل هذه الإجراءات، ونأمل أن يتم اتباع المبدأ الذي يحكم العلاقات بين دول المنطقة على أساس حسن الجوار وندعم ذلك دون أي تحفظات.

ولايتي يقول إن الشراكة الاقتصادية بين إيران وروسيا إستراتيجية إلى جانب شراكة فرضتها مواجهة الغرب والناتو (شترستوك) بعد حرب أوكرانيا، يبدو أن العلاقة بين إيران وروسيا تطورت بشكل ملحوظ، وأصبحت طهران متهمة بدعم موسكو في الحرب.. ما قراءتكم لهذا المشهد وهل العلاقة مع الصين بمستوى العلاقة مع روسيا؟

تطورت العلاقات بين إيران وروسيا بعد الثورة الإسلامية، وأصبحت الآن علاقات إستراتيجية، ورأينا أن البلدين طورا تعاونهما بشكل كبير.

ومن المؤكد أن نوعا من العلاقات الثلاثية الإستراتيجية بين إيران وروسيا والصين تتشكل تدريجيا، وهو أمر غير مسبوق في السياسة الخارجية للدول الثلاث. وقد أصبحت عضوية هذه الدول في "ميثاق شنغهاي" حاسمة للغاية ومؤثرة في التوازن والعلاقات الإستراتيجية.

أما التدريبات العسكرية المشتركة للدول الثلاث (إيران وروسيا والصين)، فهي بطريقة ما للدفاع عن أمنها ضد معاهدة "أوكوس" (Aukus) الجديدة بين أميركا وبريطانيا وأستراليا، وهذا الترتيب يحدد مستقبل التوازن الدفاعي في آسيا والمحيط الهادي.

هل علاقة إيران مع روسيا شراكة أم تحالف إستراتيجي؟

حاليًا، تعمل إيران وروسيا كشريكين اقتصاديين. وفي الواقع، الدولتان شريكتان إستراتيجيتان وليستا حليفتين إستراتيجيتين، لأن كلا البلدين يخضعان لعقوبات أميركا والدول الغربية الأخرى. إضافة إلى ذلك، أدت السياسات العدائية الأميركية ضد إيران وروسيا إلى قيام البلدين بتوسيع تعاونهما في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية.

ترحّب روسيا بتطور العلاقات مع إيران، خاصة العلاقات ضد أميركا والغرب، ومن ناحية أخرى، فإن نهج النظر إلى الشرق هو أحد الأسس الرئيسية لقوة جيش إيران الإسلامي لمواجهة أميركا وحلف شمال الأطلسي. هذا النهج، الذي اتبعته حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي بجدية، عزز توجّه روسيا نحو تطوير وتعزيز العلاقات مع إيران.

كيف تؤثر الاختلافات في وجهات النظر مع روسيا على العلاقة الإستراتيجية؟

تعتبر روسيا أن حرب الولايات المتحدة والناتو ضد إيران ومحاولات إضعاف الجمهورية الإسلامية تهديد لأمنها ومصالحها. وعلى الرغم من أننا قد نختلف مع روسيا في بعض القضايا، فإن هذه الاختلافات لا تضر بالعلاقة بين البلدين كشريكين إستراتيجيين.

تعمّقت العلاقات بين إيران وروسيا منذ التعاون بين البلدين في سوريا، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم، وخاصة مع المشاركة في منظمات إقليمية ودولية مهمة مثل "منظمة شنغهاي للتعاون"، توسّع نطاق التعاون بيننا وبين الدول المهمة في المنطقة وأيضا تعاوننا مع الصين وجنوب القوقاز ومنطقة أوراسيا، بالإضافة إلى مناطق مهمة أخرى في العالم.

وبالطبع، نحن مدينون بجزء مهم من هذا النوع من العلاقات الودية والإستراتيجية لجهود الشهيد اللواء الحاج قاسم سليماني.

تشهد العلاقات الإيرانية الأذربيجانية توترات حقيقية.. ما تقييمكم لمستقبل هذه العلاقة؟

ليس لدينا أي مشاكل مع الشعب الأذربيجاني ونحمل تجاه بعضنا بعضا مشاعر القرابة. هناك عدد قليل من الدول التي لديها الكثير من القواسم المشتركة كما لدينا نحن وأذربيجان.

ونأمل أن يتفهم المسؤولون في باكو عمق العلاقات الأخوية والقواسم المشتركة بين الجانبين ويعرفون أن إيران لن تقبل أبدا بفرض التوتر في العلاقات بين الجارتين والدول الشقيقة.

بعد الاتفاق مع السعودية، هناك أنباء عن اتفاق مع مصر.. هل هناك مبادرات حقيقية؟

إن استئناف العلاقات بين إيران ومصر مهم للغاية من الناحية الإقليمية والسياسية، وفي ظل الاتفاق مع السعودية فيمكن أن يؤدي استئناف العلاقات مع مصر إلى تشكيل نظام جديد في المنطقة وفي العلاقات الدولية.

ومثلما يمكن للعلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، كدولتين قويتين في المنطقة، أن تكون لها تأثيرات عديدة في النظام الدولي، فإن العلاقات بين إيران ومصر ستكون بالتأكيد مهمة في التوازن الإقليمي وخلق قطب جديد في منطقة الشرق الأوسط والعالم.

تتمتع إيران ومصر بخصائص فريدة في العالم من حيث الأهمية الإستراتيجية والجغرافيا السياسية، والتي يمكن أن تلعب دورا خاصا في تحسين مستوى الاستقرار والأمن في المنطقة من خلال استخدام هذه الطاقات. مثال على ذلك السيطرة على مضيقين إستراتيجيين في العالم، مما يمكن أن يزيد بشكل كبير من التفاعلات بين البلدين.

كما يمكن أن يؤدي التعاون والتبادل بين البلدين، خاصة في المجالات الفكرية والثقافية، إلى تقوية العلاقات بين العالم الإسلامي. ومن حيث المبدأ، لا توجد مشكلة في تطوير العلاقات بين البلدين، وتعتبر العلاقات العميقة الجذور بينهما عاملا فعالا في هذا المجال.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مع روسیا یمکن أن

إقرأ أيضاً:

الرئيس الصيني يؤكد دعم المغرب في حماية أمنه القومي ويشيد بتطور العلاقات بين البلدين

زنقة 20 | الرباط

خلال رحلة عودته من قمة العشرين بالبرازيل ، توقف الرئيس الصيني شي جين بينغ بالمغرب مساء أمس الخمس.

و بتكليف من الملك محمد السادس، استقبل ولي العهد الأمير مولاي الحسن ، الرئيس الصيني خلال نزوله من الطائرة بمطار الدارالبيضاء، كما أقام حفل ترحيب على شرفه بالمطار.

و أجرى ولي العهد و الرئيس الصيني شي جين بينغ محادثات ودية نقلت وسائل الإعلام الصينية تفاصيلها.

صحيفة “تشاينا نيوز”، نقلت أن شي جين بينغ طلب من ولي العهد الأمير مولاي الحسن نقل تحياته الودية وأطيب تمنياته إلى الملك محمد السادس.

وأشار شي جين بينغ إلى أن العلاقات بين الصين والمغرب تتطور بشكل جيد، مع تعاون عملي مثمر وتبادلات نشطة بشكل متزايد في مختلف المجالات.

و بحسب نفس المصدر ، فإن الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس الى الصين عام 2016، دفعت العلاقات الصينية المغربية إلى مستوى جديد.

و ذكرت الصحيفة الصينية ، أن الصين تدعم المغرب في حماية أمنه القومي والاستقرار، وترغب في مواصلة دعم المملكة بقوة في القضايا التي تتعلق بالمصالح الأساسية لكل منهما.

و أعربت الصين عن استعدادها للعمل مع المغرب لتنفيذ نتائج قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي والمؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، وتعزيز التعاون العملي في مختلف المجالات في إطار التعاون المشترك بين الصين والدول العربية.

من جهة أخرى، نقل ولي العهد الامير مولاي الحسن تحيات الملك محمد السادس الصادقة وترحيبه الحار بالرئيس شي جين بينغ، قائلا إن العلاقات بين المغرب والصين حافظت على زخم جيد من التطور، وشكر الصين على دعمها القيم للمغرب خلال وباء كوفيد-19 مؤكدا أن الشعب المغربي لن ينسى ابدا الدعم الصيني.

و ذكر ولي العهد ، أن الملك محمد السادس والحكومة المغربية ملتزمون بمواصلة تطوير العلاقات المغربية الصينية، و الحفاظ على التبادلات رفيعة المستوى مع الصين وتعزيز التعاون في مختلف المجالات.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يختتم زيارته للكونغو الديمقراطية بتوقيع اتفاقية إطارية للتعاون بين البلدين
  • الرئيس الصيني يؤكد دعم المغرب في حماية أمنه القومي ويشيد بتطور العلاقات بين البلدين
  • بهلوي: العلاقات الإيرانية الخليجية قبل الثورة الإسلامية كانت مثمرة
  • عاجل | الخارجية الإيرانية: تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة ومتطورة ردا على قرار وكالة الطاقة الذرية
  • إيران ترحب بعودة العلاقات مع المغرب.. باحث إيراني: طهران طردت مسؤولا في سفارتها بالجزائر بعد استقباله عناصر البوليساريو
  • إيران وقطر تؤكدان على منع انتشار الانفلات الأمني في المنطقة
  • «عراقجي» ينتقد سلوك أوروبا لفرض عقوبات جديدة على إيران
  • استعرضا العلاقات الثنائية بين البلدين.. “الجبير” يستقبل نائب وزير خارجية جمهورية طاجيكستان
  • «العقوري» يبحث مع القنصل المصري العلاقات بين البلدين
  • السعودية والبرازيل تبحثان تعزيز التعاون المشترك بين البلدين