خمس معطيات هامة عن 7 أكتوبر
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
خمس معطيات هامة عن 7 أكتوبر
تم كسر هيبة الجيش الإسرائيلي، وتمريغ سمعة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وهي التي نُسجت أساطير حولها، وحول قدراتها "الكلية الخارقة".
أثبتت حرب إسرائيل على غزّة أن العالم لا ينقسم حضاريا أو ثقافيا أو دينيا بل وفق خطوط ترتبط بالأخلاق والقيم الإنسانية وقضايا العدالة والتحرّر.
هناك بعض العرب يرغبون أن تنجح إسرائيل في كسر إرادة غزّة، في حين يناضل بعض اليهود من أجل وقف المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحقّ أهل غزّة.
بمقدار ما شكلت "طوفان الأقصى" صدمة بعواصم الغرب، فقد تحوّلت الى قصة إلهام في مناطق أخرى في العالم، تُثبت قدرة المظلوم على مقاومة الظلم والعدوان.
كشف عدوان إسرائيل نفاق وتناقض حكومات المنطقة وخطاب وسلوك حكومات الغرب التي ردّت بطرقٍ متفاوتة على عدوان روسيا على أوكرانيا مقابل عدوان إسرائيل على غزّة..
تجاوز الشعور بالهزيمة إسرائيل إلى الغرب الذي شعر أن من كُسِرَ ليس جيش إسرائيل وأجهزتها الأمنية بل سلاح وتكنولوجيا وفكر الغرب الاستراتيجي فإسرائيل جزء من الغرب وبِنيته الفكرية والثقافية والقيمية.
* * *
كما في كل شأن، تختلف تقييمات الناس بشأن ما جرى يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 في غزّة، عندما أطلقت حركة حماس، أو بصورة أدقّ جناحها العسكري، عملية طوفان الأقصى، نظرا إلى الطريقة الهمجية التي ردّت بها إسرائيل عليها.
لكن بغض النظر عن اختلاف هذه التقييمات، والمرتبط أكثرها باستهداف مدنيين في ذلك اليوم، واقتياد بعضهم إلى الأسر، والنقاش حول أثر ذلك على الرأي العام العالمي، أسفرت العملية، والحرب الإسرائيلية على غزّة، عن جملة معطيات نحتاج إلى الوقوف على الأثر الذي يتوقّع أن تتركه على المنطقة والعالم، نذكر بعضها لمامًا هنا:
المعطى الأول، كسر هيبة الجيش الإسرائيلي، وتمريغ سمعة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وهي التي نُسجت أساطير حولها، وحول قدراتها "الكلية الخارقة". صحيحٌ أن هذه ليست المرّة الأولى التي تفشل فيها المؤسّسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أمام العرب (حصل هذا في حرب 1973)، لكن الفارق أن الجهة التي قامت بالفعل هنا حركة مقاومة محاصَرة، بإمكانات محدودة، أثبتت ببساطة أن هزيمة اسرائيل ممكنة، وأن المسألة هي "مسألة إرادات" وليست "مسألة إيرادات" أو موارد. ومهما فعلت إسرائيل، لن تنجح، على الأرجح، في استعادة هيبة الردع التي خسرتها، والواقع أن ردّة فعلها تدلّ على عظم مُصابها.
المعطى الثاني: تجاوز الشعور بالهزيمة إسرائيل إلى جزءٍ من العالم الغربي الذي شعر أن من كُسِرَ يوم 7 أكتوبر ليس الجيش الإسرائيلي، أو الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فحسب، بل السلاح الغربي، والتكنولوجيا الغربية، والفكر الاستراتيجي الغربي، فإسرائيل، في نهاية المطاف، هي جزء من الغرب، ومن بِنيته الفكرية والثقافية والقيمية.
لهذا شعر جزءٌ منه أن المُصاب يوم 7 أكتوبر كان مُصابَه، والصدمة كانت صدمته، إذ كيف يمكن لبضع مئاتٍ من المقاتلين العرب "المحدودين"، الذين لم يحضروا المدارس العسكرية الغربية، أن يخطّطوا ويمارسوا هذا النوع من التضليل الاستراتيجي الباهر، ويفعلوا ما فعلوه بالكيان الذي صنعه الغرب على صورته في المنطقة.
المعطى الثالث، بمقدار ما شكلت "طوفان الأقصى" صدمة في بعض عواصم الغرب، فقد تحوّلت الى قصة إلهام في مناطق أخرى في العالم، تُثبت قدرة المظلوم على مقاومة الظلم والعدوان.
ورغم الموت والألم، نشأت في الفضاء العالمي أسطورة جديدة تحكي قصّة الصمود الفلسطيني في غزّة أمام آلة الحرب الإسرائيلية الجبّارة، لتمحو كل معاني قصة "داود وجالوت" التي حاولت إسرائيل تمثلّها عبر تاريخ صراعها مع العرب، بأنها الدولة الصغيرة الصامدة في وجه العملاق العربي الكبير، إنما الخائر والضعيف.
المعطى الرابع: أثبتت حرب إسرائيل على غزّة أن العالم لا ينقسم وفق خطوط حضارية أو ثقافية أو دينية، كما يحاول بعضهم أن يروّج، بل وفق خطوط ترتبط بالأخلاق والقيم الإنسانية وقضايا العدالة والتحرّر، وتخترق هذه الانقسامات الحضارات والثقافات والأديان، فهناك بعض العرب يرغبون أن تنجح إسرائيل في كسر إرادة غزّة، في حين يناضل بعض اليهود من أجل وقف المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحقّ أهل غزّة.
بهذا المعنى، تعدّ خسارة إسرائيل عظيمة هنا، إذ إنها لم تخسر التعاطف العابر الذي أحرزته عشيّة هجوم 7 أكتوبر، بل تحوّلت إلى رمزٍ للقهر والعدوان، إلى قاتل أطفال، في وقتٍ تحوّلت فيه فلسطين إلى قضية ضمير عالمي.
المعطى الخامس: بمقدار ما كشف عدوان إسرائيل على غزّة مقدار النفاق والتناقض في الخطاب والسلوك الرسمي للحكومات الغربية التي ردّت، بطرقٍ متفاوتة، على عدوان روسيا على أوكرانيا في مقابل عدوان إسرائيل على غزّة، بمقدار ما كشفت أيضا حجم النفاق لدى حكومات المنطقة.
والواقع أن الفلسطينيين لم يكونوا ينتظرون الكثير من الحكومات العربية التي اختار جزءٌ منها التطبيع مع إسرائيل بمعزلٍ عن قضية فلسطين، لكن سلوك تركيا وإيران، جاءا صادميْن لبعض من عوّل عليهما، وخصوصا أن هاتين الدولتين حاولتا تقديم نفسيهما في مراحل مختلفة من المنافحين عن القضية الفلسطينية، ولطالما انتقدتا سلوك الدول العربية في التعاطي معها.
هناك تداعيات أخرى عميقة لهجمات 7 أكتوبر، ذات طابع استراتيجي عالمي، أشار إليها الرئيس الأميركي جو بايدن في إطار الصراع مع روسيا والصين، لكن هذا حديث آخر.
*د. مروان قبلان كاتب وأكاديمي سوري
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين طوفان الأقصى 7 أكتوبر قضية فلسطين الرأي العام عدوان إسرائیل
إقرأ أيضاً:
إسرائيل: الصليب الأحمر تسلم المحتجزين الـ 3 ليسلمهم للقوات الإسرائيلية
أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم السبت أن الصليب الأحمر أبلغه بأن حماس سلمت الثلاثة المحتجزين إيلي شرابي وأور ليفي وأوهاد بن آمي .
وأوضح الجيش الإسرائيلي أن الصليب الأحمر بدأ نقلهم لتسليمهم إلى القوات الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) داخل غزة ليتم اصطحابهم إلى خارج القطاع، وفقا لما أوردته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية.
وقد تم تسليم الثلاثة إسرائيليين إلى الصليب الأحمر، بعد توقيع اثنين من مسؤولي الصليب الأحمر على وثائق تؤكد تسلمهم للمحتجزين في إطار مراسم التسليم.
وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس قد سلمت اليوم (السبت) ثلاثة من الرهائن الإسرائيليين ، محتجزين لديها منذ السابع من أكتوبر عام 2023 إلى طواقم الصليب الأحمر الدولي ، ضمن الدفعة الخامسة من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى .
وسلمت كتائب القسام الرهائن الإسرائيليين الثلاثة إلياهو داتسون يوسف ، اور ابراهم ليفي ، اوهاد بن عامي إلى الصليب الأحمر الدولي في دير البلح وسط قطاع غزة ، وسط تواجد حشد من السكان الفلسطينيين وانتشار عناصر القسام بلباسهم العسكري وأسلحتهم.
وشهدت قاعدة رعيم العسكرية الإسرائيلية وصول طائرتين مروحيتين تمهيداً لنقل المُحتجزين الثلاثة فور وصولهم.
شهدت السنوات الأخيرة عدة صفقات تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، كانت أبرزها صفقة شاليط عام 2011، التي تعدّ واحدة من أكبر وأهم صفقات التبادل بين الجانبين. في هذه الصفقة، نجحت حماس في الإفراج عن 1027 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم قيادات بارزة وأصحاب محكوميات عالية، مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي ظل محتجزًا في غزة لمدة خمس سنوات.
لعبت مصر دورًا محوريًا في إتمام الصفقة، حيث تولت الوساطة بين الطرفين وضمان تنفيذ الاتفاق. وقد عززت هذه الصفقة من مكانة حماس في الشارع الفلسطيني، إذ اعتبرها الكثيرون انتصارًا سياسيًا وعسكريًا، بينما أثارت في إسرائيل جدلًا داخليًا، خاصة في الأوساط اليمينية التي رأت أن إطلاق هذا العدد الكبير من الأسرى يمثل تهديدًا أمنيًا. لاحقًا، عاد بعض الأسرى المفرج عنهم إلى الواجهة السياسية والعسكرية، مثل يحيى السنوار، الذي أصبح قائد حركة حماس في قطاع غزة، مما عزز القناعة الإسرائيلية بضرورة فرض شروط أكثر صرامة في أي صفقات تبادل مستقبلية.
في السنوات التالية، وعلى الرغم من محاولات متعددة لإبرام صفقات جديدة، لم يتم التوصل إلى اتفاقات واسعة النطاق بحجم صفقة شاليط. إلا أن هناك تفاهمات محدودة جرت بين الطرفين، مثل صفقات الإفراج عن جثامين الشهداء أو إعادة بعض الأسرى المرضى مقابل تقديم معلومات عن الجنود الإسرائيليين المفقودين في غزة. حاليًا، تتفاوض إسرائيل وحماس عبر وسطاء، خصوصًا مصر وقطر، بشأن صفقة تبادل جديدة تشمل الجنود الإسرائيليين المأسورين خلال حرب 2014، وأسرى تم احتجازهم في أحداث لاحقة. تُطالب حماس بالإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، خاصة ذوي الأحكام العالية، فيما تصر إسرائيل على استعادة جنودها بأقل التنازلات الممكنة. ورغم التكتم حول تفاصيل المفاوضات، إلا أن التصعيد الأخير في غزة جعل هذا الملف أكثر إلحاحًا، مع ضغوط داخلية على الحكومة الإسرائيلية من عائلات الأسرى، وسط توقعات بأن أي صفقة مقبلة قد تكون الأكبر منذ صفقة شاليط.