ماذا تقول "قواعد الاشتباك" كما هو الواقع وكما يفهمها طرفا الصراع وكما يمارسانها؟ فإذا قصفت إسرائيل "مناطق مفتوحة" يردّ "حزب الله" بالمثل. وإذا استهدفت مواقع عسكرية الجنوب اللبناني يكون الردّ مماثلًا على الشمال الإسرائيلي. وإذا كان المدنيون عرضة لاستهداف المدفعية الإسرائيلية يرى الحزب نفسه مضطّرًا لاستهداف المدنيين في الجانب الإسرائيلي، مع العلم أن المستوطنات الإسرائيلية الـ 23 المنتشرة على الحدود الموازية للحدود اللبنانية قد أصبحت خالية من المدنيين، الأمر الذي يلزم الحزب، في ردّه على المجزرة التي ارتكبها العدو ضد عائلة لبنانية تتألف من ثلاث بنات ووالدتهم وجدتهن في بلدة عيناتا، استخدام صواريخه الذكية، والتي يصل مداها إلى أبعد من حيفا.

وهذا يعني أن المناوشات الجارية حتى الآن والمحصورة ضمن مساحة جغرافية ضيقة نسبيًا ستتطوّر إلى ما يتخطّى هذه المساحة، لأن الردّ سيقابله ردّ مماثل. وهكذا ينتقل الوضع العسكري، الذي كان مضبوطًا إلى حدود معينة، إلى المرحلة التي كان يُخشى منها، وهي المرحلة التي تحدّث عنها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله بصراحة عندما أبقى كل الاحتمالات والخيارات مفتوحة بما يتناسب أولًا مع حجم ما تتعرّض له غزة من اعتداءات، وثانيًا وفق المعطيات الميدانية التي تفرضها إسرائيل على وقع اعتداءاتها في الجنوب. وقد تكون مجزرة عيناتا – عيترون بداية الانتقال إلى مرحلة "الخيارات المفتوحة". حيال هذه المجزرة في حق المدنيين اللبنانيين، التي تُضاف إلى سلسلة المجازر الإسرائيلية، تكّثفت الاتصالات الدولية والعربية للحؤول دون تطّور الوضع على الحدود اللبنانية الجنوبية إلى ما لا تُحمد عقباه. فـ "حزب الله" سيرّد حتمًا على هذه المجزرة، وهو بهذا الردّ يكون منسجمًا مع التزامه المطلق بما يُسمّى "قواعد الاشتباك". فهو مع ممارسته أقصى درجات ضبط النفس يقوم بما يجب عليه القيام به من عمليات تندرج في إطار ردّة فعل، وذلك تلافيًا لانزلاق لبنان إلى الحرب، وهذا ما بدا واضحًا وضوح الشمس في كلام نصرالله، الذي انتقى كلماته بعناية فائقة حتى لا يُقال إنه لم يفسح في المجال أمام الحركة الديبلوماسية التي يقوم بها الرئيس ميقاتي، والذي سيتوجّها في القمة العربية وفي مؤتمر الدول الإسلامية في الرياض، والذي سيشارك فيها الرئيس الإيراني، نظرًا إلى أهمية ما سيُتخذ من قرارات ترتقي إلى مستوى معاناة الشعب الفلسطيني، وضرورة إيجاد حلّ نهائي لقضيته بعد أن يتوقف هدير المدافع وأزيز الصواريخ، التي تنهمر على رؤوس الأبرياء.  فتوسيع دائرة الحرب انطلاقًا من جنوب لبنان يقلق واشنطن، التي أبقت قنوات التواصل مع طهران مفتوحة. وقد عبّرت الإدارة الأميركية عن حرصها على عدم توسيع الحرب من خلال المواقف المعلنة بما فيها الصادرة عن الرئيس جو بايدن بعدما تأكد من عدم وجود أدلّة على رعاية إيران عملية "طوفان الأقصى". ولاقاه وزير الخارجية الإيراني، مرات عدة ومن نيويورك نفسها، بالتأكيد أن طهران لا تريد اتّساع رقعة الحرب خارج غزة، حتى لو كان يصرّح بين يوم وآخر، بأنّ استهداف إسرائيل المدنيين في غزة يبقي الاحتمالات مفتوحة. لكن المراقبين بدقة لنصوص المواقف والتصريحات الصادرة عن محور الممانعة يشيرون إلى أن نصرالله أبقى هذه الاحتمالات مفتوحة من دون تحديد توقيت اللجوء إلى هذه الخيارات. وهناك من يعتبر أنّ لبنان قد ينأى بنفسه عن هذه الحرب من دون أن تمتدّ إليه، إذا بقيت واشنطن صامدة في رفضها محاولات تيار قوي في الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة العسكرية توريطها في حرب شاملة مع إيران. وما قاله أمس الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، الذي التقى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، من أن واشنطن لا تريد امتداد التصعيد من غزة إلى لبنان، يأتي في إطار رسائل الأميركية التطمينية، التي لا تزال تحتاج إلى ممارسة الاجارة الأميركية ضغوطها على حكومة نتنياهو لوقف عدوانها على غزة، واستمرار استفزازاتها في الجنوب اللبناني.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تمضي في التدمير وإشارات متضاربة حول تقليص العملية البرية في الجنوب

رغم تراجع نسبي طفيف في شراسة واتساع الإغارات الجوية الإسرائيلية مقارنة بالأيام السابقة، فإن العنف عاد يطبع المواجهات الميدانية على الحدود الجنوبية بين العدو الإسرائيلي و"حزب الله" كما في الغارات الاسرائيلية بعد ظهر أمس على عدد من المناطق. 

وكتبت" النهار": المعطيات المتصلة بالميدان اتسمت بتناقضات واسعة من الجانب الإسرائيلي عكستها وسائل الاعلام والصحافة الإسرائيلية، إذ نشرت بعض التقارير عن "انسحاب الوية إسرائيلية من الجنوب اللبناني"، ومن ثم اتبعت بتقارير عن مواجهات داخل الحدود وعلى محور رميش. واقترنت هذه التناقضات بما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر إسرائيلية بقولها "نستعد لاحتمال زيادة الضغوط بعد الانتخابات الأميركية لدفعنا إلى إنهاء الحرب وإدارة بايدن ستضغط للتوصل إلى صفقة كبيرة تشمل إنهاء الحرب بغض النظر عن الفائز في الانتخابات". 

تتكشف تباعاً فداحة الحرب التدميرية لبلدات وقرى الحافة الأمامية في الجنوب التي تمضي فيها إسرائيل من دون هوادة. وفي هذا السياق، افادت أمس "الوكالة الوطنية للاعلام" الرسمية أنه في إطار هذه الحرب التدميرية يقوم الجيش الإسرائيلي بتفخيخ وتدمير أحياء في مدن وبلدات بكاملها، بحيث أن أكثر من شارع وحيّ في 37 بلدة تم مسحها وتدمير منازلها، وأكثر من 40 ألف وحدة سكنية دمرت تدميراً كاملاً، وهذا يحدث في منطقة في عمق ثلاثة كيلومترات تمتد من الناقورة حتى مشارف الخيام.

وتوقعت المصادر السياسية لـ»البناء» تصعيداً على الجبهة مع لبنان، علماً أن تصاعد الخلاف بين نتنياهو وغالانت هو الفشل بتحقيق الأهداف العسكرية والسياسية للحرب على لبنان وطلب غالانت ورئيس الأركان الإسرائيلي من المستوى السياسي إعادة النظر بالعملية البرية في جنوب لبنان والحرب برمتها، إضافة إلى تشجيع غالانت على عقد صفقة تبادل الأسرى مع حماس، مع الإشارة الى أنه جرى توحيد الائتلاف الوزاري في «إسرائيل» وتأجيل الخلاف وقرار الإقالة لغالانت بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في 27 أيلول الماضي على اعتبار أن تحقيق النصر المطلق سيكون خلال أسابيع قليلة. وأوضحت أن خطوة نتنياهو تؤشر الى نيته مواصلة الحرب حتى بعد إعلان نتائج الانتخابات الأميركية وبالحد الأدنى حتى تسلّم الرئيس صلاحياته في مطلع العام المقبل.
وكتبت" الشرق الاوسط": ترسل إسرائيل إشارات متناقضة حول العمليات العسكرية في جنوب لبنان؛ إذ تتحدث وسائل إعلام إسرائيلية عن تقليص العمليات في الأسبوعين الأخيرين وسحب فرقتين من أصل أربع كانت تقاتل في ميدان الحافة الحدودية، لكن الاشتباكات تتواصل بشكل متقطع، على أكثر من محور، فضلاً عن تفجير إسرائيل منازل ومربعات سكنية في المنطقة الحدودية اللبنانية، فيما استأنف الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية على تلك المنطقة.

ولم تثبّت القوات الإسرائيلية أي نقطة عسكرية في القرى الحدودية اللبنانية التي دخلت إليها، على مدى 4 أسابيع من عمر المعركة البرية التي أطلقتها في جنوب لبنان، وفق ما تقول مصادر أمنية لبنانية، لكنها تتوغل في العمق اللبناني، وتفخخ منازل ومنشآت مدنية وتفجرها، كان آخرها تفجيرات طالت 38 منزلاً ببلدة ميس الجبل، في حي يشرف على مستعمرة «المنارة».
وتشير تلك المعطيات الميدانية إلى أن العملية الإسرائيلية البرية لم تُقلَّص، لكنها تحولت إلى عملية محدودة، تُستأنف بشكل متقطّع. وبعد أسبوعين من تراجع القصف الجوي على المنطقة الحدودية، استأنف الطيران الإسرائيلي قصف المنطقة، حيث أفيد بغارة جوية استهدفت بلدة مارون الراس الحدودية، كما أفيد بقصف مدفعي استهدف بلدة الخيام التي فشلت عملية التوغل البري الإسرائيلية فيها.
وعلى جبهة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرى العرقوب، شهد بعض المرتفعات تحركات من قوات المشاة وآليات الجيش الإسرائيلي في اتجاه مرتفع السدانة وبوابة شبعا، وتعرضت هذه التحركات للاستهداف بالصليات الصاروخية، فيما تبقى المناطق الحرجية في شبعا وكفرشوبا عرضة للقصف المدفعي والغارات الجوية بين الحين والآخر.
 

مقالات مشابهة

  • زعيم حزب الله: لا سلام حتى توقف إسرائيل عدوانها على لبنان
  • «القاهرة الإخبارية»: حرائق وإصابات في قصف لحزب الله استهدف مستوطنة إسرائيلية
  • رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي: يجب توسيع وتعميق العمليات البرية في لبنان
  • أمين عام "حزب الله" يحدد شرطين لمفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل
  • الأمين العام لحزب الله: لا مكان في إسرائيل بعيد عن طائراتنا وصواريخنا
  • إسرائيل تمضي في التدمير وإشارات متضاربة حول تقليص العملية البرية في الجنوب
  • إسرائيل تستعد لليوم التالي بعد الحرب في لبنان.. إعلام إسرائيلي يتحدث
  • لبنان: إسرائيل مسحت معظم شوارع 37 بلدة ودمرت 40 ألف وحدة سكنية
  • وزير خارجية فرنسا يزور إسرائيل سعياً لإنهاء الحرب في غزة ولبنان
  • جلسة لمجلس الأمن اليوم بشأن اليمن تناقش نظام العقوبات التي تنتهي منتصف هذا الشهر