إكستراكشن 2.. الخلطة السرية لجزء ثان أفضل من الأول
تاريخ النشر: 2nd, July 2023 GMT
يُعرض في الوقت الحالي على منصة "نتفليكس" (Netflix) فيلم الأكشن "إكستراكشن 2" (Extraction II) من إخراج سام هارغريف، وكتابة المخرج والمؤلف جو روسو الذي اقتبسه عن رواية مصورة، وبطولة النجم كريس هيمسورث الذي اشتهر سابقًا بدور "ثور" (Thor) بطل أفلام "مارفل" (Marvel).
يمثل هذا الفيلم الجزء الثاني من فيلم "إكستراكشن" الذي صدر عام 2020 وأصبح أعلى الأفلام مشاهدة في تاريخ نتفليكس، وقد شاهده 99 مليون مشاهد في أول شهر من عرضه، ونجاح هذا الجزء جعل الجزء الثالث قيد التطوير.
A post shared by Netflix Film (@netflixfilm)
الخلطة السرية لجزء ثان أفضل من الأولواحدة من كبرى أزمات الأجزاء الثانية من الأفلام أنها إلى حد كبير مجرد إعادة تدوير لأسباب نجاح الجزء الأول منها. ولأنها لا تأتي بجديد، تقع في فخ التكرار، وتصبح في كثير من الأحيان علامة على الفشل بدلًا من النجاح.
هذه القاعدة تخرج عنها بالتأكيد بعض الأفلام، مثل سلاسل أفلام "توب غن" (Top Gun) و"جون ويك" (John Wick) التي استطاعت الاستمرار بوتيرة تصاعدية، لتقدم في كل فيلم تجربة تفوق سابقتها من حيث الجودة.
ويمكن أن ينضم فيلم "إكستراكشن 2" إلى قائمة الأفلام الثانية الأفضل حتى من أجزائها الأولى، وقد استطاع صناعه وضع نجاح نسخة 2020 نصب أعينهم، وبلورة أسباب هذا النجاح، ثم تقديمها بالجزء الثاني بشكل أقوى وأفضل مع عوامل قوة إضافية.
أبرز ما جاء في الجزء الأول مشاهد الأكشن، سواء من حيث الأداء والتصميم، أو التصوير الخاص بها، وقد اعتمد على استغلال الإضاءة الطبيعية، وأماكن التصوير الخارجية المميزة، وحركة الكاميرا، لإبهار المشاهد، حتى ذلك الجالس في منزله ليشاهد فيلما معدا خصيصًا للمشاهدة على الشاشات الصغيرة.
ومن أبرز ما جاء في الجزء الثاني أيضا تلك العلاقة المميزة بين البطل "تايلر" والطفل المخطوف الذي يحاول إنقاذه، الأمر الذي أثار خليطًا من المشاعر المؤثرة، والإثارة المضاعفة بشأن خوف المشاهد على البطل والضحية معًا.
فيلم "إكستراكشن 2" يمكن أن ينضم إلى قائمة الأفلام الثانية الأفضل حتى من أجزائها الأولى (نتفليكس)انتهى الجزء الأول من "إكستراكشن" بالبطل مثخنًا بالجراح بعد أداء مهمته بنجاح، بشكل يجعل المشاهد يتوقع موته، ومن هذه النقطة بالضبط بدأت أحداث الجزء الثاني، إذ تم إنقاذ "تايلر"، لكن في حالة صحية خطرة للغاية.
وعبر المونتاج الافتتاحي يتابع المشاهد تطور حالته الصحية، وأزمته النفسية لتدهور لياقته البدنية، التي تجعل من حركته اليومية صعبة، وينتهي هذا الفصل من الفيلم بالمقاتل وقد قرر الاعتزال في كوخ ناءٍ بعدما ظن أن أيام الحرب انتهت بلا رجعة.
لكن يأتيه نداء المغامرة من شخص يصعب ألا يلبي نداءه، زوجته السابقة، وأم ابنه الراحل تطلب منه المساعدة في استعادة أختها وأولادها الذين اختطفهم الأب المجرم الخطير المسجون، حيث وضع أولاده وزوجته معه في سجنه، وسامهم العذاب في بيئة لا تصلح بالتأكيد لتربية الأطفال.
يعود الفيلم هنا إلى واحد من أهم المشاهد المتكررة في هذا النوع من الأفلام، وهو المونتاج لعملية إعادة تأهيل البطل ذي اللياقة البدنية الضعيفة، وإعادته أقوى مما كان من قبل، وهو مشهد يبث الحماس في المشاهد مثل البطل أو أكثر، ويخبره أن الفصل المليء بالمغامرة على وشك البدء.
View this post on InstagramA post shared by EXTRACTION FILM (@extraction2netflixfilm)
بداية سلسلة جديدة
أخذ فيلم "إكستراكشن" من الجزء الأول كل عوامل النجاح وأصقلها لتظهر أفضل، فعلى سبيل المثال تنوعت مشاهد الأكشن وأماكن تصويرها، ليأخذ كل منها طابعًا خاصًا ومميزًا عن باقي المشاهد.
ومن أهمها أول مشاهد الحركة خلال تهريب الأم وطفليها من السجن، الذي يختبر فيه تايلر قواه لأول مرة، فلا يحارب فقط رجلا شريرا، بل جيشا كاملا. وبعده مشهد القطار ومشاهد أوروبا التي صنع المخرج لكل منها مذاقًا خاصًا.
لكن نقطة القوة الثانية في هذا الجزء، هي الطابع الإنساني الذي أضافه الفيلم على بطله، فهو هنا يحارب من أجل الوفاء لزوجته السابقة، وذكرى ابنه الراحل، ينقذ أولاد خالته من مصير مكفهر، علما أن أحد الطفلين مراهق يبلغ عمره عمر ابنه لو ظل على قيد الحياة.
يتصارع بطلنا ليس مع الرجال الأشرار فحسب، ولكن مع أشباحه الشخصية وهواجسه حول نفسه بوصفه أبًا ترك ابنه على فراش الموت، وزوجًا غائبًا لم يملك القوة لمواساة زوجته بعد هذا الفقد الهائل.
وهناك كثير من النقاط المشتركة بين أفلام "جون ويك" و"إكستراكشن"، فكل من مخرجي هاتين السلسلتين كان سابقًا ممثلًا بديلًا للمشاهد الخطرة "دوبلير" (Stunt)، كما أن كلا منهما لم يقدم أي مشاريع أخرى -بوصفهما مخرجين- بعيدًا عن هاتين السلسلتين، وكلا منهما أيضا يفهم بدقة كيفية تصوير مشهد أكشن مميز ليس فقط من حيث تصميم الحركة داخل المشهد، بل من حيث العناية بكل ما هو بصري في اللقطة، لتصبح مبهرة قلبًا وقالبًا.
كما أن كلا من البطلين "جون ويك" و"تايلر" عانيا الفقد الذي أعاد تشكيل شخصيتهما، وذهبا بعيدًا بكامل إرادتهما الحرة لاعتزال هذه المهنة الخاصة، ثم عادا لأسباب عاطفية.
وتبقى النقطة الفاصلة بين الشخصيتين هو الحد الذي تقف عنده إنسانية البطل، فجون ويك من البداية حتى النهاية شخص لا يتفاعل بشكل عاطفي إلا مع ذكرى زوجته وكلبه، بينما يبدو آليًا في قضائه على كل أعدائه، وهي ميزة في شخصيته أعطت السلسلة طابعها الخاص بالفعل، هو البطل اللامبالي بمقدار الدم الذي يسيله في رحلته للانتقام النهائي.
في حين أن تايلر في "إكستراكشن" على الرغم من عضلاته المفتولة أكثر هشاشة وإنسانية؛ لا يحمل فقط عبء ماضيه، ولكن علاقاته الحالية، مثل صداقته مع نيك وياز خان، الأخوين اللذين يديران عملياته.
ينتهي الجزء الثاني من فيلم "إكستراكشن" بالشخصية الجديدة التي دخلت الأحداث ويقدمها الممثل إدريس ألبا.
وبالتوازي مع قرار العمل على جزء ثالث من الفيلم، يمكن القول إننا أمام سلسلة جديدة ستستمر لعدة أفلام، وربما ستكون الرهان الناجح من نتفليكس التي تحاول بلا جدوى الدخول في عالم السلاسل السينمائية منذ فترة طويلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من حیث
إقرأ أيضاً:
مسلسل البطريق يقدم درسا في تعاطف المشاهد مع الشرير
أتى مسلسل "البطريق" (The Penguin) نتيجة طبيعية لنجاح الشخصية خلال فيلم "باتمان" الذي عُرض عام 2022 ليصل المسلسل إلى جمهور لم ينس بعد تألق الممثل كولن فاريل، أو العالم الفيلمي شديد القتامة التي ظهر في سياقه.
"البطريق" مسلسل جريمة، يمثل عمل فرعي وفي ذات الوقت مكمل لأحداث فيلم "باتمان"، من بطولة كولن فاريل في دور البطولة، وكريستين ميلوتي، وعُرض على 8 حلقات، لقت كلها نجاحا نقديا وجماهيريا، ومن المنتظر ظهور الشخصية مرة أخرى في "باتمان 2" وموسم ثاني.
البطريق بين النسوية والاشتراكيةتعقب أحداث مسلسل "البطريق" نهاية فيلم "باتمان" مباشرة، بل وتترتب عليها كذلك، فبعد الانفجارات المتعددة في جوثام على يد ذا ريدلر بنهاية الفيلم، سقطت المدينة في هوة اليأس والفوضى، وهو وقت سيئ بالتأكيد للسكان والمهمشين والفقراء منهم خصوصا، غير أنه الوقت الأمثل لصعود أقطاب جدد للجريمة بعد مقتل الزعيم فالكون خلال صراعه مع باتمان.
في الفيلم ظهر أوزوالد كوب أو البطريق كمعاون متوسط الشأن لفالكون، غير أن الفرصة اتيحت له الآن لنهب ثروة الأخير، لكن عندما تتقاطع طرقه مع ابن فالكون الذي يمعن في إهانته يقتله، بعدما يعرف سر مخدر جديد يعد له فالكون الابن مع أخته صوفيا.
وهي المعلومة التي يقرر عبرها أوزوالد أو البطريق التحول من مجرد معاون إلى الزعيم الجديد للجانب الأسود من جوثام سيتي.
تظهر على الخط سريعا صوفيا فالكون، الشابة صاحبة السمعة السيئة للغاية، بعدما تم اتهامها في جرائم متعددة لخنق فتيات المدينة، غير أن العلاقة بين صوفيا وأوزوالد أكثر تعقيدا من مجرد ابنة مجرم ومساعد والدها، بل ساهم البطريق في دمار حياة صوفيا بطرق متعددة أكبر حتى من قتل أخوها، ليتحول الصراع في النهاية بينهما ويحولان المدينة البائسة إلى ساحة حرب.
صوفيا وأوز وجهان لعملة واحدة، كلاهما وجد الجريمة الوسيلة الأمثل لإثبات وجودهما في الحياة، قاسيان ظالمان ومظلومان في الوقت ذاته، عانيا من علاقات أسرية معقدة للغاية، دفعتهما لجرائم تجاه أقرب الناس إليها. بينما تفرق بينهما الأيديولوجيا، فبينما تتحرك صوفيا لدوافع نِسوية، تحكم أوز أفكار اشتراكية وإن لم يعيها بشكل تام.
استمر الطابع البصري القاتم في المسلسل الذي يحمل أفكارا أكثر قتامة حتى من الفيلم السينمائي (مواقع التواصل الاجتماعي)عاشت صوفيا كابنة أبيها المدللة لسنوات، بل أوشك على توريثها حكم مملكته الإجرامية، حتى قررت الاستماع إلى حدسها حول جرائم القتل المنتشرة في المدينة وتقع ضحيتها الفتيات الفقيرات وتتمحور حول النادي الليلي لوالدها، وتتشابه إلى حد بعيد مع الظروف الغامضة المحيطة بوفاة والدتها، وعندما تقترب من حل اللغز، يلقيها والدها في مصحة آركام النفسية متهما إياها بما قام به من جرائم، لتجد نفسها ضحية رغم ثروتها، لأنها امرأة مستضعفة، فتخلت عن اسم والدها فالكون واعتنقت اسم الأم جيغانتي، ليصبح عنوانها كمجرمة مختلفة في جوثام.
على الجانب الآخر عانى أوز من الفاقة خلال طفولته، وعندما قادته الطرق إلى العيش في أحد أفقر أحياء المدينة المحرومة حتى من الكهرباء التي يحتكرها الأغنياء قرر توجيه جهوده إلى الإعلاء من شأن صغار المجرمين، والمهمشين، ليصنع طبقة جديدة حاكمة منهم، طبقة تعتني ببعضها البعض، ولا تتجمع كل ثرواتها في يد قلة بينما يعاني البقية بصمت.
كيف تتعاطف مع الشرير؟مسلسل البطريق بطله مجرم، تبدأ أولى حلقاته بارتكابه جريمة قتل، وخلال الأحداث نتعرف على الكثير من جرائمه الأخرى، غير أنه كشخصية رئيسة عليه أن يستقطب بعضا من اهتمام وتعاطف المشاهد، وهي المعضلة التي وقعت على عاتق كتّاب المسلسل بتحويل شخصية توضع صراحة تحت قائمة الأشرار، إلى بطل يتماهى معه المشاهد ذو القيم الأخلاقية المختلفة.
ومن هنا أتت أهمية التركيز على دوافعه للقيام بهذه الجرائم، بداية من إحساسه بالظلم لسجنه الجسدي وعاهته المستديمة، ثم بقلة الحيلة أمام حاجته المستمرة لاهتمام والدته، التي يدخل حياة الجريمة فقط لإثارة إعجابها، وشعوره بالضعة في عينيها مهما حقق لها من أحلام، وكلها تفاصيل يستطيع أن يتماهى معها المتفرج ويتعاطف مع صاحبها.
قدم كولن فاريل أداء ممتازا للمرة الثانية في شخصية البطريق (مواقع التواصل)ويقوم بناء المسلسل برحلة عكسية مع شخصية صوفيا، فهي تبدأ بكونها مظلومة نتيجة لأفعال والدها، وينتهي الحال بها في شخصية المرأة التي لا تبالي بحياة المقهورين في مدينتها في سبيل القضاء على عدوها الأكبر أوز.
وخلال الأحداث تبدأ الأدوار في الانقلاب المرة تلو الأخرى، فيصل المسلسل في النهاية لنقطة لا جدوى فيها من تحديد من المخطئ ومن الذي على حق، ففي كل الأحوال تتغير القيادات، ويتسلم الدفة هذا أو ذاك، ولكن الأمر لا يهم في نتيجته السكانَ العاديين والفقراء والمهشمين، فهم خارج دائرة الضوء والاهتمام من حكومتهم ومجرميهم على حد سواء.
تميز فيلم باتمان بصورته السينمائية التي توضح مدى ظلم المدينة على سكانها، فسادت الظلمة، وأتى الضوء بألوان النار التي انفجرت والمشاعل التي يحاول بها فارس الظلام قيادة سكان المدينة من قلب الظلمات إلى النور، واستمر هذا الطابع البصري في المسلسل الذي يحمل أفكارا أكثر قتامة حتى من الفيلم السينمائي، وإن أتت صورته سينمائية بامتياز، ومبهرة في كل لقطة.
قدم كولن فاريل أداء ممتازا للمرة الثانية في شخصية البطريق، وبالتأكيد أفضل كذلك من الفيلم للمساحة الواسعة التي حصلت عليها الشخصية، إنما تمثلت المفاجأة الحقيقية في أداء كريستين ميلوتي في دور صوفيا، ليطلق موهبة الممثلة التي تستطيع التعبير بعينيها فقط عن صراعها النفسي المستمر، ما يجعل موسما ثانيا يجمع بين الشخصيتين منتظرا بشدة.