بوليتيكو: هل يمكن التوصل إلى حل دائم لغزة هذه المرة؟
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
على خلفية هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والرد الإسرائيلي الذي لا يرحم، يتساءل المراقبون ما إذا كانت قساوة العنف هذه المرة سترغم الإسرائيليين والفلسطينيين في نهاية المطاف على الوصول إلى حل حقيقي ودائم للنزاع حول غزة.
لا يبدو أن إسرائيل لديها خطة لترسيخ الاستقرار في غزة وحكمها بعد الحرب
وكتب الأستاذ المشارك في كلية العلوم السياسية في جامعة تكساس بأرلينغتون برنت إي.
إن تغييراً في النظام الإقليمي يتطلب إما عملية سياسية بين إسرائيل وحماس، أو التدمير الكامل للحركة. لكن أياً من هذين السيناريوين ليس مرجحاً، حتى في الوقت الحاضر، إلا إذا قرر الديبلوماسيون رفض النموذج القديم واستبداله بنموذج جديد. النموذج نفسه هذه المرة
لماذا من المرجح الانتهاء بالنموذج نفسه هذه المرة؟
أولاً، على رغم حقيقة التسبب بأعداد هائلة من الأرواح بالنسبة لإسرائيل، فإن حماس لا تشكل خطراً وجودياً على إسرائيل. إن دولة إسرائيل هي عضو كامل العضوية في الأسرة الدولية. وهي تملك الجيش الأقوى في المنطقة وترسانة نووية، ومظلة أمنية أمريكية. وفي ظل هذه الظروف، فإن أقصى ما يمكن أن تفعله حماس هو الانخراط في هجمات متقطعة و"صغيرة" ضد إسرائيل. وكل ما تريده الآن هو النجاة من الرد الإسرائيلي الحالي، بحيث تعود إلى موقع يمكنها من الضرب مجدداً.
وهذا يعني أن لا مجال لحماس كي ترغم إسرائيل على تقديم تنازلات حقيقية. إن أقصى ما يمكن حماس تحقيقه هو مبادلة المختطفين الإسرائيليين بالسجناء الفلسطينيين في إسرائيل. لكن هذا لا يعني شيئاً على صعيد الحد من الخلافات بين الجانبين.
ثانياً، إن أياً من الجانبين لم يعرب عن أي اهتمام حقيقي في عملية سياسية. لقد بنت حماس سمعتها وهدفها الأساسي على قدرتها على "مقاومة" إسرائيل. وعلاوة على ذلك، فإن الحكم القمعي لحماس في غزة قد حرمها من شرعية تشكيل بديل سياسي جدي لحركة فتح، تاركة شرعيتها مرتبطة فقط بمثل هذه المقاومة.
وتدل الأبحاث على أن الجماعات المتمردة توافق على الدخول في عملية سياسية، فقط عندما يتاح لها المشاركة في الحكم. ومع ذلك، فإنه بالنسبة لحماس كي تفعل ذلك يتعين عليها التخلي عن العنف الذي يعتبر السبب الوحيد لوجودها. إن أقصى ما تريده حماس هو التفاوض على وقف للنار وتبادل الأسرى والسجناء- وفقط عبر وسيط.
وبالنسبة لإسرائيل، فإن أياً من حكوماتها لم تبد أي مصلحة في التفاوض مع حماس، وكانت تقبل بمحادثات تقتصر على التوصل إلى وقف للنار وإطلاق رهائن.
ثالثاً، إن الوضع السائد كان يصب في مصلحة اليمين الإسرائيلي، بمعنى أن وجود حماس في غزة يعفي إسرائيل من إجراء مفاوضات مع فتح المعتدلة حول تقسيم الضفة الغربية. وطالما توجد منظمة إرهابية على حدودها، فإن هذه الحكومات كانت تجادل بأن العملية السلمية مستحيلة، وبأن لا دولة فلسطينية قابلة للحياة.
وهناك تقارير تفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو نفسه كان يتبنى هذا الاستراتيجية. ونقل عنه في 2019 قوله، إن أي شخص يرفض الدولة الفلسطينية يتعين عليه تقوية حماس على حساب فتح.
وإذا ما أقنعت وحشية الهجوم الذي شنته حماس هذه المرة، إسرائيل بأن الأمر الواقع السابق لم يعد ممكناً، فإنه يجب هزيمة حماس عسكرياً. لكن فعل ذلك سيكون صعباً للغاية-وهذا سبب رابع لعدم ترجيح حصول تغيير.
إن ردود إسرائيل الأساسية على هجمات سابقة لحماس كانت تقتصر على استخدام القوة الجوية. لكن القوة الجوية ليست كافية لاستئصال الحركة. وحتى لو دمرت إسرائيل كل المباني فوق الأرض التي يمكن أن تستخدمها حماس، فإن الحركة لا تزال تملك شبكة أنفاق تحت غزة من الممكن أن تستعملها في شن عمليات في سياق حرب عصابات طويلة.
وتكمن الوسيلة الوحيدة لهزيمة حماس في غزو بري واحتلال طويل الأمد. وهذا يتطلب من الجيش الإسرائيلي التحرك ببطء وبشكل ممنهج عبر مساحات مفتوحة ومناطق حضرية لأسر أو قتل مقاتلي حماس وقادتهم. وهذا ما سيرتب مخاطر على إسرائيل- مخاطر يميل نتانياهو إلى تجنبها- وسيؤدي إلى مزيد من الخسائر بين الفلسطينيين، مدنيين وعسكريين. وكلما طالت مثل هذه العملية كلما تعرضت إسرائيل لضغوط دولية متزايدة لوضع حد لها، على الأرجح قبل تحقيق الهدف العسكري منها.
خامساً، إن هزيمة حماس في الميدان لن تكون كافية لتغيير الوضع السائدـ لأن الظروف التي عززت هذا الوضع على مدى سنوات ستبقى في مكانها. إن كل الدراسات المتعلقة بحملات مكافحة التمرد ومكافحة الإرهاب، كلها تركز على أهمية تخطيط بعيد المدى في ما يتعلق بتسوية لما بعد الحرب.
ولا يبدو أن إسرائيل لديها خطة لترسيخ الاستقرار في غزة وحكمها بعد الحرب. ولا الرأي العام ولا قادة إسرائيل لديهم أي شهية لإدارة أراضٍ مدمرة منذ سنوات بفعل الحرب والحصار.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل هذه المرة حماس فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
4 بدائل قاتمة تنتظر إسرائيل في غزة
حددت دراسة أمنية إسرائيلية 4 بدائل وصفتها بالقاتمة أمام تل أبيب للتعامل مع قطاع غزة تمثلت في حكم عسكري مطول أو تهجير السكان أو إقامة حكم فلسطيني "معتدل" أو بقاء الوضع القائم.
وقال معهد دراسات الأمن الإسرائيلي (غير حكومي) في دراسة بعنوان "البدائل الإستراتيجية لقطاع غزة" إنه بعد مرور عام ونصف العام تقريبا على الحرب على قطاع غزة تقف إسرائيل عند مفترق طرق، وعليها صياغة إستراتيجية مناسبة لمستقبل القطاع.
وأعد الدراسة الباحث في معهد دراسات الأمن القومي عوفير غوترمان الذي عمل سابقا محللا أول في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- ونحو 11 ألف مفقود، وتفرض حصارا مطبقا على جميع الإمدادات والمساعدات الإنسانية، مما تسبب بمجاعة قاسية.
وترى الدراسة أن إسرائيل "تواجه مجموعة من البدائل القاتمة، جميعها إشكالية في آثارها وجدواها، وأول تلك البدائل: تشجيع الهجرة الطوعية، وهو خيار لم تُدرس عواقبه الإستراتيجية بدقة في إسرائيل، وإمكانية تحقيقه ضعيفة".
إعلانأما البديل الثاني فهو "احتلال القطاع وفرض حكم عسكري مطول، ومع أن ذلك قد يُضعف حماس بشدة لكنه لا يضمن القضاء عليها وينطوي على خطر تعريض الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس للخطر، وتكبد تكاليف باهظة أخرى طويلة الأجل".
وعن البديل الثالث أوضحت الدراسة "إقامة حكم فلسطيني معتدل في القطاع بدعم دولي وعربي، وهو خيار تكاليفه على إسرائيل منخفضة، لكنه يفتقر حاليا إلى آلية فعالة لنزع سلاح القطاع وتفكيك قدرات حماس العسكرية، وأخيرا احتمال فشل مبادرات الاستقرار السياسي والعسكري، مما يترك حماس في السلطة".
كما أشارت إلى البديل الرابع، وهو "استمرار الوضع الراهن، وينبع هذا البديل أساسا من واقع تمتنع فيه إسرائيل عن الترويج لمبادرات عسكرية أو سياسية في قطاع غزة، أو تفشل في المبادرات التي تسعى إلى تنفيذها".
وقال غوترمان إن قائمة البدائل الإستراتيجية لقطاع غزة صممت من خلال دراسة استقصائية شاملة لمختلف الخيارات المطروحة في الخطاب الإسرائيلي والعربي والدولي، سواء مبادرات عملية طرحتها جهات رسمية أو اقتراحات من معاهد بحثية ومحللين.
إستراتيجية ثنائية الأبعاد
وتوصي الدراسة بتنفيذ إستراتيجية ثنائية الأبعاد تجمع بين العمل العسكري والسياسي، وهي "جهد عسكري مكثف ومتواصل لا يهدف فقط إلى تقويض حماس وقدراتها، بل أيضا إلى إرساء أسس استقرار بديل حاكم لحماس، وبالتوازي مع ذلك، مبادرة سياسية لبناء بديل حاكم معتدل تدريجيا في قطاع غزة من شأنه أيضا دعم وتسريع نجاح الجهد العسكري".
ورأت الدراسة أن هذه الإستراتيجية "تتطلب تعاونا وثيقا مع الدول العربية، وينبغي أن تكون جزءا من اتفاق إقليمي يشمل التطبيع مع المملكة العربية السعودية وخطوات نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي".
وقالت إنه بالنسبة للفلسطينيين فإن الأفق السياسي المتوخى في هذه الإستراتيجية هو "أفق استقلال وسيادة محدودين".
إعلانأما بالنسبة لإسرائيل -وفقا للدراسة ذاتها- فتحافظ الخطة على الحرية الأمنية والعملياتية والجهود المستمرة للقضاء على حماس وإحباط التهديدات الناشئة في القطاع من خلال مزيج من التدابير العسكرية والاقتصادية والقانونية والسياسية.
واعتبرت الدراسة أن "هذه الإستراتيجية المقترحة أكثر تعقيدا في التنفيذ مقارنة بالبدائل أحادية البعد التي تناقش حاليا في إسرائيل، ولكنها واقعية من حيث جدواها العملية، وعلى النقيض من البدائل الأخرى".
ولفتت الدراسة إلى أنه "من المهم الإدراك أن حماس ليست ظاهرة خارجية أو جديدة أو عابرة في التجربة الفلسطينية -خاصة بقطاع غزة- بل هي متجذرة بعمق وجوهر فيه"، وفق تعبيرها.
وقالت إن حماس وُلدت في قطاع غزة، وأعضاؤها محليون لا يعملون من خلال شبكات تنظيمية فحسب، بل أيضا من خلال شبكات عائلية.
وأشارت إلى أنه على مدار عقود من وجودها نجحت حماس بترسيخ وعيها السياسي الديني والقومي في المجتمع الفلسطيني من خلال نشاط مكثف في جميع مجالات الحياة.
وأضافت الدراسة أن الجيل الذي نشأ في قطاع غزة على مدى العقدين الماضيين لا يعرف بديلا لحماس.
واعتبرت أن الوضع المدني في قطاع غزة غير قابل للاستمرار دون إعادة إعمار واسعة النطاق، لكن مستقبل إعادة الإعمار غير واضح، وفق تعبيرها.
ورأت الدراسة أن إسرائيل قادرة على قمع حماس في غزة بالوسائل العسكرية وحدها، لكنها لن تقضي عليها.
وفي بداية حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حددت حكومة بنيامين نتنياهو أهدافا لها، أبرزها: تفكيك قدرات "حماس" وحكمها للقطاع، وإعادة الأسرى الإسرائيليين، لكنها لم تنجح في تحقيق أي من الأهداف التي وضعتها.
وتقول المعارضة الإسرائيلية إن حكومة نتنياهو لم تنجح بالحرب ولا تملك إستراتيجية لليوم التالي لها.
إعلان