الخليج الجديد:
2024-07-06@03:00:31 GMT

أين تركيا من العدوان الإسرائيلي على غزّة؟

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

أين تركيا من العدوان الإسرائيلي على غزّة؟

أين تركيا من العدوان الإسرائيلي على غزّة؟

لماذا عادت الحكومة التركية إلى التصعيد الكلامي ضد إسرائيل؟ ولماذا لا تترجم هذا التصعيد إلى خطوات عملية؟

كان الجانب التركي يأمل في تحقيق وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية حتى يتسنى له لعب دور ما في مجال الوساطة.

دوليا، لا أحد يريد للأتراك أن يكونوا عنصراً فاعلاً في المعادلة، لا الأمريكيون، ولا الأوروبيون، ولا الإسرائيليون بطبيعة الحال.

الدبلوماسية التركية لم تدّخر جهداً في سبيل التحشيد الرسمي والإعلامي والدولي، لكن هذا لا يرتقي إلى هول العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.

لا شك أنّ الدعم الشعبي التركي غير مسبوق ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما على المستوى الإسلامي والدولي أيضاً كما رأينا في التظاهرات الحاشدة.

* * *

في مايو الماضي، أحيا الاتراك الذكرى الـ13 للعدوان الإسرائيلي على سفينة "ماوي مرمرة" التركيّة، وهي واحدة من سفن المساعدات الإنسانية ضمن أسطول بحري أكبر قرّر التوجه من تركيا إلى غزّة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها. إسرائيل اعترضت السفينة في 31 مايو/ أيار عام 2010، وشنّت قوات تابعة لسلاح البحرية الخاص بها هجوماً أودى بحياة 10 أتراك وأدّى الى إصابة 56 آخرين.

وقبلها بحوالي عام، اشتبكت تركيا دبلوماسياً مع إسرائيل على خلفية العدوان على غزّة، وكان للموقف التركي وقعه ليس على مستوى العلاقة بين الطرفين فحسب وإنما على العلاقة مع الولايات المتّحدة أيضاً، وموقع ودور عدد من اللاعبين الإقليميين الرئيسيين.

لكن تركيا آنذاك تختلف عن تركيا اليوم في عدد من المعطيات، كما أنّ توقّعات العامّة مرتفعة أكثر من اللزوم وغير واقعية في كثير من الأحيان ولعل هذا مرّر في جزء منه إلى تصوّراتهم الخاصة عن تركيا أكثر مما هو عائد إلى موقف الجانب التركي أو تصوّرات تركيا عن نفسها.

آنذاك، كانت علاقة تركيا مع جميع اللاعبين الرئيسين قويّة، وكانت أنقرة تلعب دور الوسيط في أكثر من ملف حسّاس، وكان وضعها الاقتصادي والداخلي وسياساتها الخارجية في أوجها، ممّا أمّن لها تواجداً قوياً في الملفات الأساسية وأوراق ضغط لا يستهان بها.

اليوم، يبدو الوضع مختلفاً تماماً، تركيا لا تمتلك نفس الموقع القوي دبلوماسيا، ووضعها الداخلي صعب، وليس لديها علاقات قوّية مع أي من طرفي النزاع، وليس لديها نفوذ على أي منهما.

وإذا ما أضفنا ذلك إلى حقيقة أنّها ليست على تماس جغرافي مع النزاع وليس لديها حتى الآن ما يخوّلها أن تكون على تماس جغرافي أو موضوعي مع القضية، فهذا يعني ببساطة من الناحية الواقعية أنّها تفتقد الى الأوراق والأدوات التي تخوّلها أن تكون منخرطة في الملف بقوّة.

وفضلاً عن ذلك، فإن هناك جملة من المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية التي توحي بأنّ هناك قيوداً على أي دور تركي فعّال في الملف الفلسطيني، وأنّ ما يمكن أن تفعله أنقرة محدود جداً. على المستوى الداخلي، فإن البلد مُتعب ومستنزف سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. صحيح أنّ أردوغان وحزب العدالة انتصرا في الانتخابات الأخيرة بعد معركة ضارية مع الداخل والخارج، لكّنه كان نصراً مكلفاً جداً.

ترافق ذلك مع حالة وهن وإرهاق داخلي بعد الزلزال العظيم والمدمّر الذي ضرب البلاد، وموجة غير مسبوقة من العنصريّة المدفوعة بأجندة سياسية من المعارضة. قوّضت هذه الموجة صورة البلاد وسمعتها وإستقرارها ونفوذها. المعارضة المهزومة لا تزال توظّف عدداً من المواضيع في السجال الداخلي لتقويض الحكم من بينها "ملف الإخوان المسلمين"، و"حماس" وهذا يشكّل عامل إلهاء أو تشتيت في أفضل الأحوال.

لا شك أنّ الدعم الشعبي التركي غير مسبوق ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما على المستوى الإسلامي والدولي أيضاً كما رأينا في التظاهرات الحاشدة، ولا شك أنّ الدبلوماسية التركية لم تدّخر جهداً في سبيل التحشيد الرسمي والإعلامي والدولي، لكن هذا لا يرتقي إلى هول العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وهو ما يشير إلى أنّ الخيارات تبدو محدود للغاية.

على الصعيد الإقليمي، رفع سقف الخطاب التركي أو التحرّكي التركي إزاء القضية الفلسطينية بشكل يتجاوز موقف بعض الدول العربية من الممكن أن يُسبّب مشكلة لجهود السنوات الثلاث الأخيرة في التطبيع مع الدول العربية، لكن لا يبدو أنّ هذه هي المشكلة الوحيدة. قيام تركيا بدور ريادي أو قيادي في القضية الفلسطينية –إذا ما افترضنا أنّها تجاوزت القيود الداخلية- من شأنّه أن يُسبّب ردّة فعل عند عدد من الدول العربية، وربما سيكون في طليعة المعترضين على الدور التركي كل من مصر والسعودية. هذا يعني أنّ أنقرة ستتسبّب لنفسها وللقضية الفلسطينية بمشاكل دون أن يكون هناك عائد حقيقي، نظراً لافتقادها الأوراق التي تخوّلها للعب دور فعّال في القضية.

على المستوى الدولي، لا يوجد أحد يريد للأتراك أن يكونوا عنصراً فاعلاً في المعادلة، لا الأمريكيون يريدون ذلك، ولا الأوروبيون، ولا الإسرائيليون بطبيعة الحال.

وفي هذا الوضع، ما لم تكن موجوداً من خلال قوتك الصلبة في الملف أو على تماس مع الفاعلين الأساسيين فيه، فمن الصعب جداً إن لم يكن مستحيلاً أن تحضر رغماً عن إرادة الراعين لأطراف النزاع أو المنخرطين فيه، إلاّ إذا كنت مستعداً للتصعيد ضدهم، ولا أعتقد أنّ الجانب التركي في موقف التصعيد ضد كل هؤلاء اللاعبين بقدر ما هو في موقع توضيب وضعه الداخلي وإعادة ترتيب أوراقه.

هناك من يشير إلى أنّه إذا كان الوضع كذلك، فلماذا عادت الحكومة التركية إلى التصعيد الكلامي ضد إسرائيل؟ ولماذا لا تترجم هذا التصعيد إلى خطوات عملية؟

والحقيقة أنّ التصعيد ارتبط بقرار إسرائيل الدخول برّياً إلى غزّة، وربما كان الجانب التركي يأمل في تحقيق وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية حتى يتسنى له لعب دور ما في مجال الوساطة، لكن قرار إسرائيل تصعيد المجازر التي ترتكبها مصحوباً بقرار الدخول البرّي لم يترك للحكومة التركية أي مجال لاحتواء أزمة دبلوماسية.

ماذا باستطاعة الجانب التركي أن يفعل في ظل هذه الظروف؟ اذا لم يحصل أي تغيير جوهري على أي من المستويات الثلاثة السابقة الذكر، فسيكون من الصعب توقّع الكثير في ما يتعلق بالموقف التركي. ومع ذلك، فإنه يبقى هناك أمل لدى البعض بأنّ يتم التحرك خارج إطار الممكن نظراً لهول الكارثة.

*د. علي باكير أستاذ باحث بمركز ابن خلدون، جامعة قطر

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا التصعيد فلسطين غزة حرب الدبلوماسية الوساطة إسرائيل العدوان الإسرائیلی على الجانب الترکی على المستوى

إقرأ أيضاً:

مساع اميركية ــ فرنسية لضبط التصعيد هوكشتين في باريس: الكل في انتظار غزة

قفز الوضع المتفجر على الجبهة اللبنانية-الإسرائيلية بصورة خطيرة الى واجهة المشهد الإقليمي برمته، بالتزامن مع انتظار نتائج المفاوضات الجديدة البادئة على جبهة حرب غزة، وما يمكن أن تفضي إليه.
ورصدت الأوساط اللبنانية بدقة المعطيات المتوافرة عن اللقاءات الأميركية- الفرنسية في باريس حول الوضع اللبناني. وأعلن مسؤول في البيت الأبيض أن مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن اموس هوكشتاين، التقى مسؤولين فرنسيين الأربعاء الماضي في باريس وناقش الجهود الفرنسية والأميركية لاستعادة الهدوء في الشرق الأوسط.
وأضاف، "ان فرنسا والولايات المتحدة تشتركان في هدف حل الصراع الحالي عبر الخط الأزرق بالوسائل الديبلوماسية ما يسمح للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة إلى ديارهم مع ضمانات طويلة الأمد بالسلامة والأمن"، في إشارة إلى الخط الفاصل بين لبنان وإسرائيل.
وأفادت مراسلة "النهار" في باريس رندة تقي الدين أن التخوّف المشترك لدى كل من باريس وواشنطن حول إمكان قيام إسرائيل بشنّ حرب أوسع على لبنان واستمرار "حزب الله" بعدم الاقتناع بأن مثل هذا الاحتمال وارد بقوة، خيّم على المحادثات المعمّقة التي أجراها هوكشتاين في باريس في مقر الرئاسة الفرنسية ومع المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان الذي تناول معه أيضاً مسألة جمود أزمة انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان. وقام هوكشتاين بزيارة الى باريس لتنسيق المواقف مع الجانب الفرنسي ووضعه في صورة اتصالاته الأخيرة في لبنان إسرائيل في ما يتعلق بمنع توسيع حرب غزة إلى لبنان، وذلك بعد القمة الاميركية- الفرنسية التي عقدت في باريس بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وجو بايدن الشهر الماضي. ويشارك هوكشتاين محاوريه الفرنسيين القلق من أن خطر توسيع الحرب إلى لبنان جدّي وزيارته الأخيرة إلى لبنان كانت بهدف الضغط على "حزب الله" بواسطة رئيس مجلس النواب نبيه بري لوقف القصف على إسرائيل.

والمعلومات التي لدى واشنطن وباريس أن جزءاً من القيادة العسكرية الإسرائيلية يريد الهجوم الواسع على لبنان وأن الراي العام الإسرائيلي يؤيد ذلك. أما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، فخلال اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون به يوم الثلاثاء الماضي لم يكن موقفه واضحاً تماماً، إذ قال إنه مستعد للحل الديبلوماسي مع لبنان ولكن في الوقت نفسه يهدد بأنه اذا استمرّ "حزب الله" في المواجهات، فإن إسرائيل مستعدة لشنّ هجوم واسع.

وتعرب المصادر عن قلقها لأن جزءاً من الجيش يؤيد الحرب على لبنان وأيضاً وزير الدفاع يوآف غالانت والوزير بيني غانتس، ويؤيدهم قسم من الكنيست. وتحاول واشنطن وباريس تنسيق الضغوط من أجل التهدئة على الجبهة اللبنانية. وما يقلق الجانبين الانطباع السائد لدى "حزب الله" من أن إسرائيل لن تهاجم لبنان وهذا خطأ خطير في التقدير.

وكتبت" الاخبار": تقاطعت كل المعلومات حول «عدم وجود جديد في المداولات الفرنسية – الأميركية». وقالت مصادر سياسية على تواصل دائم مع المبعوث الأميركي، إن «زيارته الأخيرة لباريس أتت من ضمن جولة يقوم بها إلى أوروبا بشكل عام، وهي ليست مخصّصة حصراً للبحث في ملف لبنان».
وكشفت أن «هوكشتين، ومنذ زيارته الأخيرة لبيروت قبل أكثر من أسبوعين أصبحَ أكثر قناعة بعدم وجود قدرة على ترتيب أي اتفاق خاص بلبنان قبل انتهاء الحرب في غزة، وهو ينتظر حالياً مآلات التفاوض بشأن الاتفاق المحتمل بين حماس وإسرائيل والذي قد لا تكون خواتيمه إيجابية، انطلاقاً من التجربة مع العدو. فأكثر من مرة نقل إلينا هوكشتين رسائل عن قرب التوصل إلى هدنة وضرورة البحث في وضع الجبهة الجنوبية ربطاً بها، ثم يتغير كل شيء فجأة».
ونفت المصادر علمها بوجود زيارة قريبة للمبعوث الأميركي، وقالت إن «هوكشتين لم يتحدث معنا بزيارة لا قريبة ولا بعيدة، والموضوع كله متوقف على غزة. فإذا حصل تطور إيجابي فسنراه في بيروت».
ولفتت إلى أن ما رشح عن لقاءاته في باريس «معلومات عامة حيث تحدّث هوكشتين بشكل عام عن وضع الجبهة الجنوبية وضرورة منع التصعيد، وفي الملف الرئاسي الذي أكد أن لا إمكانية لتحقيق أي خرق فيه، خاصة أن كل الأطراف غير مستعدة الآن للتراجع عن موقفها».
في السياق، تراجع منسوب الحراكات العربية والدولية تجاه لبنان عن الأيام الماضية، حيث لم تشهد بيروت زيارات بارزة ولا حركة لموفدين غربيين. حتى الزيارة المفترضة للموفد القطري «أبو فهد» إلى بيروت، لم يتقرر موعدها بعد وهي بانتظار الإشارة الأميركية إن حصل تقدّم في غزة. وبينما اعتبرت أوساط سياسية أن تنفيذ إسرائيل لعملية الاغتيال، بعد انحسار المواجهات جنوباً هو محاولة منها لزيادة الضغط والتعجيل في اتفاق خاص للحدود مع لبنان بمعزل عن تطورات غزة، كشفت الأوساط أن كل الرسائل التي تخرج من لبنان عبر الوسطاء تؤكد «أن وقف إطلاق النار في الجنوب كلياً، مرهون بوقف الحرب في غزة». وفي هذا الإطار، أتى كلام نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أمام المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينبن هينيس- بلاسخارت في زيارة أولى لها بعد تسلّم مهامها في لبنان، قال فيه إن على «على الإسرائيلي أن يعلم أيضاً أن هذه الحرب لن تكون نزهة ولن تأتي بأي نتيجة إيجابية تحديداً لجهة عودة المستوطنين إلى الشمال. ومن الأفضل له أن يتحاشى هذه الحرب ويذهب مباشرة إلى الحل الدبلوماسي، وأن ما يطرحه الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين سيكون مفتاحاً لهذا الحل عندما يقرر الإسرائيلي إنهاء الحرب الدموية التي يشنّها على غزة»

مقالات مشابهة

  • الأردن يحذر من التصعيد في المنطقة حال استمرار حرب غزة
  • أوستن يحث نظيره الإسرائيلي على خفض التصعيد في غزة
  • 29 مسيرة في عمران تؤكد الاستمرار في التصعيد لمواجهة العدوان الصهيوني على غزة
  • مساع اميركية ــ فرنسية لضبط التصعيد هوكشتين في باريس: الكل في انتظار غزة
  • أردوغان: يجب إيقاف إسرائيل وإجبارها على قبول الصفقة
  • "حزب الله" يرد على اغتيال أحد عناصره بـ6 عمليات هي الأكبر ضد إسرائيل
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 38 ألفا و11 شهيدا منذ بدء الحرب
  • مباحثات أميركية فرنسية لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وحزب الله
  • تصعيد ميداني في الجنوب يسابق مساعي هوكشتاين ولودريان المتجددة
  • حزب الله يرد بعشرات الصواريخ على إسرائيل لاغتيال قيادي بجنوب لبنان