“اجتماع جدة” يلزم طرفي النزاع السوداني بإنشاء آلية لتواصلهما
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
السعودية – أسفر “اجتماع جدة” امس الثلاثاء، عن إقرار التزامات على طرفي النزاع في السودان، تشمل إنشاء آلية تواصل بين قيادتي الجيش و”الدعم السريع”.
جاء ذلك ضمن التزامات انتهت إليها جولة مشاورات استضافتها السعودية “دون تمكن الطرفين من الاتفاق على اتفاقات لتنفيذ وقف إطلاق النار”، بحسب بيان أوردته الخارجية السعودية.
وأوضح البيان أن “السعودية والولايات المتحدة والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) بصفتها ممثلاً مشتركاً للاتحاد الإفريقي والإيغاد، وكونهم الميسرين لمحادثات (جدة2)، أعلنوا عن التزام القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باتخاذ خطوات لتسهيل زيادة المساعدات الإنسانية وتنفيذ إجراءات بناء الثقة”.
وتلتزم كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بـ”التزامات” هي: “الانخراط في آلية إنسانية وتحديد جهات اتصال لتسهيل مرور وعبور العاملين في المجال الإنساني والمساعدات”، وفق البيان.
كما يشمل الالتزام الثالث وهو “تنفيذ إجراءات بناء الثقة”، “إنشاء آلية تواصل بين قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، واحتجاز الهاربين من السجون، وتخفيف حدة اللغة الإعلامية”.
فيما أكدت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع “التزامهما الفردي تجاه تيسير مرور المساعدات الإنسانية لكلا الطرفين”، وفق البيان.
وأعربت السعودية والولايات المتحدة والإيغاد عن “الأسف لعدم تمكن الطرفين من الاتفاق على اتفاقات لتنفيذ وقف إطلاق النار خلال هذه الجولة الأولى”، دون تحديد موعد الجولة الثانية.
ودعت الأطراف الميسرة للحوار “لقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لتقديم مصلحة الشعب السوداني أولاً، وإلقاء السلاح، والإنخراط في المفاوضات لإنهاء هذا الصراع”.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” حربا خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
وفي 29 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلنت السعودية استئناف المحادثات بين طرفي النزاع في مدينة جدة، لبحث الوصول لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات.
وكانت المفاوضات السابقة بين ممثلي الجيش و”الدعم السريع” في جدة أسفرت في مايو/ أيار الماضي عن أول اتفاق بينهما حمل اسم “إعلان جدة”، وشمل التزامات إنسانية وشروط حاكمة تطبق فورًا، قبل أن تعلق المحادثات في يونيو/ حزيران الفائت بسبب “الانتهاكات الجسيمة والمتكررة” لوقف إطلاق النار.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: القوات المسلحة السودانیة وقوات الدعم السریع إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
انهيار تحالف “الفلاقنة” والفلول.!!
يحمد للباحث والمفكر السوداني عبد المنعم سليمان عطرون رئيس مركز دراسات السودان المعاصر، أن نفض الغبار عن المصطلح "فلقناي" من غبار أرفف آثار التراث السلطاني، للمالك القديمة التي نهضت وازدهرت على أرض دارفور، المفردة التي يخطئ الكثيرون من أبناء هذا الجيل فينطقونها "فلنقاي"، والأصح "فلقناي" والأكثر صحة "فولكونجاي"، والتي تعني حامل الإبريق وماسح الجوخ وحارق البخور، في قصور الملوك والسلاطين بدارفور القديمة، ولقد جسّد قادة الحركات المسلحة المساندين لجيش الاخوان المسلمين، دور "الفلقناي" في ابهى تجلياته، فحملوا الأباريق للجنرالات الذين أذاقوا أهلهم ومجتمعاتهم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، في حالة سيكولوجية وجب على علماء النفس والاجتماع بحثها بكل جدية، حالة فاقت متلازمة استوكهولم – عشق الضحية للتعذيب الذي يمارسه عليها قاهرها، وتجاوزت هذه الحالة العصيبة ما لحق بدجاجة ستالين، تلك الدجاجة التجربة التي قدمها ستالين لجنده، مثبتاً لهم بالدليل القاطع أن المقهور لابد وأن يستجيب لقاهره في آخر المطاف، فقام ستالين بنتف ريش الدجاجة بكل عنف، وقذفها بها على الأرض، وما لبثت ان عادت إليه في استسلام كامل وهو يقدم لها حبات القمح، ما قام به "فلاقنة" المشتركة "المرتزقة" من انبطاح تحت وطأ جنرالات جيش الاخوان ببورتسودان، فاق حدود الوصف، ولك أن تتصور زخم الحملات الإعلامية التي قادها القادة المشتركون هؤلاء قبل عشرين عاماً، وكيف أوصلوا قوائم جنرالات جيش الاخوان للمحاكم الدولية، والذين من بينهم السفّاح أحمد هرون مجرم الحرب المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يشارك قادة الحركات المسلحة نفس المركب اليوم، هل تنازل المشتركون عن شرف الدارفورية المغتصبة من قبل جيش الاخوان في قرى الإقليم، الذي يدّعون أنّهم يقومون على أمر تحريره.
الثقة منعدمة بين "الفلاقنة" والفلول بسبب التباعد الوجداني بين المشروعين – الاسلامو عروبي والافريقاني، الاختلاف الفكري الكبير بينهما يحتم حدوث لحظة الانفجار، والاستعلاء العرقي الفلولي الكامن في النفس المركزية، لا يسمح بمنح الحارس والبواب والمرتزق والبائع لشرف أهله أكثر من فتات الموائد، والروح الانهزامية للجنود والضباط "الفلاقنة" لا تسمح باستمرار التحالف، فالفلاقنة لا توجد لديهم دافعية قوية يقاتلون على اساها، وقد يكون الدافع الوحيد للجندي "الفلقناي" بعض بقايا ترسبات عرقية، ونزعات قبلية ماضية تسوقه للثأر من حدث وقر في صدره، نتاج حرب طاحنة في تلك الأزمنة السابقة، لذا نرى "فلاقنة" معارك الفاشر أكثر شراسة من "الفلاقنة" الآخرين، الذين وضعوا تحت الظلال الشحيحة لأشجار النخيل على أرض غريبة لا تشبه أرضهم، ومع مجتمعات ترمقهم بنظرات الاحتقار لمفهوم اجتماعي قديم ينشط الدونية فيهم، فكل المتغيرات النفسية والبيئية والتضاريسية لا تخدم صمود هذا التحالف الهش، الشبيه بخليط الماء والزيت، والمثيل لمرج البحرين الذين يلتقيان لكن لا يبغيان، فالبرزخ الفاصل بين الفلاقنة والفلول عميق، وهو العامل الذي هدم مداميك الوحدة بين شمال وجنوب الوطن الحبيب، فالفلول يعتبرون امتداداً طبيعياً لمشروعي الطيب مصطفى وعبد الرحيم حمدي، اللذين قالاها صراحة لا يمكن أن نتعايش مع السرطان – جنوب السودان، وفي إحدى شطحاته أفصح الخال الرئاسي آنذاك عن نظرته المجرّدة للفلاقنة حينما كانوا متمردين، حين وصفهم بالصداع الذي هو أقل ألماً من السرطان، هذه الانطباعات الشخصية لرموز دولة النهر والبحر (مثلث حمدي)، هي الأجندة الحقيقية التي يعمل على تنفيذها الاخواني والشيوعي والجمهوري والانصاري والختمي، ولا مكان للفلاقنة غير حمل الإبريق وبسط السجادة أمام الرمز الفلولي المركزي.
استخبارات جيش الحكم الثنائي – جيش الاخوان، هادم ملذات الوطنيين الشرفاء منذ ثورة اللواء الأبيض، تعمل الآن في شرق السودان على استنساخ "جنينة" أخرى بديار البجا، فقد أصدرت التوجيهات لإشعال النعرة العرقية بين المكونات لطرد "المرتزقة" من ميناء السودان، وخرج فلول الشرق المؤدلجون لتنفيذ الخطة (ج)، القاضية بتضييق الوجود العسكري لقادة الحركات المسلحة وجيوشهم، وكأنما كتب الله على هؤلاء "المرتزقة" أن يكونوا مشردين داخل وخارج وطنهم، لقد قاتلوا مع القذافي فكسبوا العتاد الحربي لكنهم لم يحصلوا على أرض، وناصروا الرئيس التشادي السابق في مواجهة المعارضة المسلحة، فرد عليهم بنكته الساخرة القائلة (العرس للعريس والفرح للمطاميس)، ربما تلاحق أمراء الحرب هؤلاء لعنة سمنار، الذي وبعد أن شيّد القصر بتر الملك يده، لكنها عدالة السماء والقصاص من رب الكون، فما فعله هؤلاء بأهلهم قبل أهل السودان لا تتحمله صفحات الكتب، لقد أخرجوا مجتمعاتهم إلى المخيمات اللاجئة والنازحة، وأسسوا الشركات العابرة للقارات بمال الارتزاق وبيع الدماء، وها هي ارهاصات فشل اتفاق القط والفأر تبدو للعيان، والسؤال البديهي: أين تذهب هذه الحركات المسلحة بعد أن تتلقى الضربة القاضية من ستالين؟، هل تقبل أن تتناول فتات حبات القمح على قلتها وهي ذليلة مهينة؟، أم أن قادتها سيسرّحون الجنود وضباط الصف ويهربوا ليعيشوا على ما ادّخروه من مال الارتزاق، في بلدان الشرق الآسيوي البعيدة عن الأنظار؟.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com