الخليج الجديد:
2025-02-23@21:57:59 GMT

الاستبداد العربي وكابوس غزة

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

الاستبداد العربي وكابوس غزة

الاستبداد العربي وكابوس غزة

لقد برهنت الشعوب عن عجز حركي وعن سكون مفزع مريع بسبب فشلها في تحقيق ردّة فعل تناسب حجم الجرائم التي ترتكب في فلسطين.

من كان يتصور أن يصمت العالم أمام مجازر مفتوحة على قصف عشوائي وأكثر من 10 آلاف شهيد جلم من الأطفال والنساء؟ لا ذريعة لأحد فالكل شاهد على الجريمة.

أخطر ما يخشاه الاحتلال وداعموه هو أن تُجدّد المقاومة في غزة وعيَ الشعوب بطبيعة المعركة الوجودية وأن المقاومة قادرة بأبسط الأسلحة على هزيمة العدو المدجج بالسلاح.

الخوف من وعي الشعوب يفسر سعار الخطاب السياسي والإعلامي الغربي ويظهر أسباب كل هذه التجييش والقتل والقصف العشوائي الموجّه نحو قطعة أرض صغيرة بالمشرق العربي.

* * *

من كان يصدّق أن يحدث ما حدث في غزة؟ ومن كان يتصور أن يصمت العالم أمام المجازر المفتوحة هناك من قصف عشوائي أوقع أكثر من 10 آلاف شهيد أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء؟ لم يعد لأحد الحجة في التذرع بأنه لا يعلم فالكل شاهد على الجريمة مشرقا ومغربا.

لا أظن أن الهمجية الغربية جديدة ولا أن توحش الاحتلال جديد ولا أن حقوق الإنسان والشرعية الدولية والقانون الدولي أكاذيبُ ومساحيق من أجل تجميل الوجه القبيح للنظام العالمي المتوحش.

لكن الجديد يمكن أن يسجل على ثلاثة أصعدة أساسية: نهاية محور المقاومة والممانعة ثم تحالف الاستبداد العربي ومشروع الاحتلال ثم تجدد الوعي الشعبي بكلا الصعيدين.

غزة ومحور المقاومة

بنى هذا التشكيل السياسي المسلح كل تاريخه على فكرة مقاومة الاحتلال ونجح في إيهام الشارع العربي بأن فيلق القدس والمليشيات المسلحة في جنوب لبنان والعراق واليمن وسوريا إنما سُلّحت لأجل محاربة المحتل وتحرير الأرض.

لكن الثورات العربية كانت الحدث الحاسم الذي كشف زيف هذه الشعارات بعد أن نجحت المليشيات المرتبطة بهذا المحور في تدمير مسارات الثورات وتخريبها وسط برك من الدماء والأشلاء خاصة في سوريا.

غزة اليوم تسقِط آخر أوراق التوت عن محور المشروع الإيراني الذي لم يكن في الحقيقة إلا مجموعات مسلحة من أجل مصادرة فكرة المقاومة وتحويلها إلى سلاح يفتك بالمقاومة الحقيقية نفسِها. سارعت إيران منذ البداية إلى إنكار علاقتها بهجوم المقاومة الساحق في غزة مع محاولتها الإبقاء على إيقاع الشعارات الرنانة عاليا كما جرت العادة في كل مناسبة مماثلة.

لكن على الجبهة المقابلة لم يتوقف قصف الطائرات الإيرانية والروسية ومدافع النظام الممانع في سوريا عن دك مدينة إدلب ومحيطها بالقنابل والصواريخ في مشهد تزامنت فيه عمليات الكيان الصهيوني في غزة مع جرائم مليشيات إيران في إدلب.

على جبهة موازية سارعت المليشيات التابعة لإيران في العراق واليمن والمنخرطة داخل محور المقاومة إلى رفع شعارات الاستهلاك الشعبي لرفع الحرج أمام جماهيرهم. كما قامت ببعض المناورات الاستعراضية ضد البوارج الأمريكية للتمويه على هروبهم من المشاركة في الدفاع عن الأرض المحتلة.

لم تتردد القوى الفلسطينية المقاومة في الدعوة الصريحة لميليشيات هذا المحور لكي تنخرط في مواجهة العدو بفتح جبهات جديدة لكنها لم تجد آذانا صاغية ولم يتحرك محور المقاومة كما تحرك بالأمس لقتل السوريين من أجل إنقاذ الأسد أو كما تحرك لوأد المقاومة العراقية عشية الغزو الأمريكي للعراق.

النظام الرسمي العربي والاحتلال

لا يشك عاقلان اليوم في أن النظام الرسمي العربي ممثلا في جامعة الدول العربية إنما هو الوكيل الإقليمي للنظام العالمي وأن كل وكيل يحاول الخروج عن النسق المرسوم له مهدد بفقدان عرشه. بل إننا لا نبالغ في القول بأن الحكومات العربية بما فيها الجيوش العربية نفسها إنما هي أدوات لحماية مصالح النظام العالمي ومنع الشعوب من النهضة والتحرر.

لكن ما زاد الأمر وضوحا هو الخروج العلني لرئيس حكومة الاحتلال نتنياهو ليصرح لأصدقائه من الحكام العرب بأن انتصار المقاومة سيكون هزيمة للكيان المحتل وهزيمة مماثلة للنظام العربي. يربط الناطق باسم الاحتلال هزيمته بهزيمة النظام العربي ويقصد به أساسا محور التطبيع الخليجي الذي أصابته حرب غزة الأخيرة في مقتل.

إن شعور النظام العربي بهذا التهديد الوجودي هو الذي يفسر قمع المظاهرات المتضامنة مع فلسطين ومنعها في دول عربية كثيرة وهو يفسر أيضا حجم المساعدات العسكرية التي تتدفق على دولة الكيان من دول عربية بحسب وسائل إعلام، وإغلاق معبر رفح في وجه المساعدات من قبل النظام المصري.

صرح أكثر من مسؤول غربي بأن القادة العرب قد طالبوه بسحق المقاومة في غزة سحقا وهو نفس ما أسرّ به رئيس سلطة أوسلو لقيادات الاحتلال. إنّ هذه الكيانات الوظيفية إنما هي في الحقيقة الحزام الخارجي الذي يحمي الكيان المحتل.

الوعي العربي الجديد

إن الوعي بهذه المعطيات الجديدة فيما يخص محور "الممانعة والمقاومة" وتحالف النظام الرسمي العربي مع المشروع الصهيوني يشكل أكبر المكاسب الجماعية لصالح الوعي الشعبي بعد حرب الإبادة التي تجري في الأرض المحتلة.

لقد برهنت الشعوب عن عجز حركي وعن سكون مفزع مريع بسبب فشلها في تحقيق ردّة فعل تناسب حجم الجرائم التي ترتكب في فلسطين وهو عجز ناجم عن سطوة الاستبداد من جهة وجهل بطبيعة المعركة الوجودية من جهة ثانية. هذا الجهل ناتج بدوره عن عقود من التجهيل والتخدير والتجريف الإعلامي الذي أفرز أجيالا فاقدة للبوصلة مغيّبة عن كل فصول المعارك الحقيقية.

لكن الوعي الجديد الذي انطلق مع ثورات الربيع وصولا إلى ملحمة غزة اليوم سيكون هاما لصالح الأجيال القادمة لأنه سيؤسس إلى إدراك ملموس لطبيعة التهديد الوجودي الذي يمثله الاحتلال وهو تهديد لا يقتصر على غزة ولا على فلسطين وحدها بل يشمل الوجود العربي الإسلامي في مجمله.

إن إدراك أكذوبة محور المقاومة والممانعة التي رفعت شعارها الأذرع القومية العربية منذ بدايات القرن الماضي إلى جانب الوعي بتحالف النظام الرسمي العربي مع المحتل الصهيوني يمثلان اليوم خطوتين في الاتجاه الصحيح.

هذا الاتجاه هو الذي سيصوغ ردود أفعال الأجيال القادمة تجاه الاستبداد باعتباره حليف الاحتلال من جهة أولى وتجاه محور المقاومة والممانعة باعتباره شريكا في جرائم الاحتلال.

إن أخطر ما يخشاه الاحتلال وما يرتعب منه النظام الدولي هو أن تُجدّد المقاومة في غزة وعيَ الشعوب بطبيعة المعركة باعتبارها معركة وجودية وبأن المقاومة قادرة على هزيمة الجيش الذي لا يهزم بأبسط الأسلحة.

هذا الخوف هو الذي يفسر حالة السعار الإعلامي المهيمنة على الخطاب السياسي والإعلامي الغربي وهو الذي يشرح أسباب كل هذه الجيوش المجيشة وكل هذا القتل والقصف العشوائي الموجّه نحو قطعة أرض صغيرة في المشرق العربي.

*د. محمد هنيد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة السوربون، باريس

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الاستبداد الاحتلال فلسطين غزة محور المقاومة النظام الدولي محور المقاومة المقاومة فی هو الذی فی غزة

إقرأ أيضاً:

البركاني في مؤتمر البرلمان العربي: نرفض تهجير الفلسطينيين ومخططات الاحتلال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الشيخ سلطان البركاني، رئيس مجلس النواب بالجمهورية اليمنية، خلال كلمته في المؤتمر السابع للبرلمان العربي بالقاهرة، على ضرورة اتخاذ موقف عربي حاسم تجاه المخططات التي تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن العرب مطالبون بخوض حرب سياسية مدعومة بقوة اقتصادية وعسكرية فاعلة لردع المخططات الإسرائيلية.

وفي مستهل كلمته، توجه البركاني بالشكر إلى جمهورية مصر العربية على حسن الاستقبال، وإلى البرلمان العربي على تنظيم هذا اللقاء، مشيرًا إلى أن الشعب اليمني يتطلع إلى أن يشكل هذا الاجتماع خطوة نحو إعادة التوازن للخطاب السياسي الدولي، بما يضمن احترام حقوق الشعوب ورفض الاحتلال.

وانتقد البركاني بشدة المخططات الرامية إلى إقامة منتجعات سياحية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، واصفًا قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن غزة بأنه "قرار اتُّخذ في ليل مظلم"، مشيرًا إلى أن العالم لم يكن يتخيل أن يأتي يوم يتم فيه طرح تهجير شعب بأكمله لصالح مشاريع سياحية.

وشدد البركاني على ثلاثة محاور رئيسية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية:

التشبث بالوطن، حيث أكد أن الفلسطينيين متمسكون بحقهم في أرضهم وعاصمتها القدس.رفض التهجير باعتباره مبدأً أساسيًا في القضية الفلسطينية، داعيًا إلى مقاومة أي محاولات لفرضه.ضرورة إعمار غزة وإعادة بناء ما دمرته الحرب الإسرائيلية بدلًا من تحويلها إلى مشروع استثماري يخدم الاحتلال.

كما أشاد البركاني بموقف مصر والأردن في رفض مخطط التهجير، معتبرًا أنهما رفعا نيابة عن الأمة العربية "إشارة ممنوع المرور" أمام المشروع الإسرائيلي، مثنيًا على دور المملكة العربية السعودية في التصدي للمؤامرات التي تحاك ضد فلسطين.

وأشار البركاني إلى أن الوضع في الضفة الغربية والجولان وجنوب لبنان يعكس استمرار الاحتلال الإسرائيلي في ممارساته العدوانية، داعيًا القادة العرب إلى اتخاذ قرارات حاسمة لحماية الأراضي العربية.

واستشهد البركاني بكلمة الرئيس الراحل أنور السادات في الكنيست الإسرائيلي، مؤكدًا أن السلام لا يمكن أن يكون قائمًا على الاحتلال، ولا يمكن للعرب أن يساوموا على أراضيهم.

وأكد رئيس مجلس النواب اليمني أن البرلمانيين العرب مطالبون بالتحرر من القيود التي تفرضها بعض الحكومات، واتخاذ مواقف واضحة وصريحة بشأن الجرائم التي تُرتكب في حق الفلسطينيين.

وفي سياق حديثه عن الوضع العربي، أشار البركاني إلى أن الحروب الأهلية في اليمن وليبيا والسودان وسوريا تعكس ضعف المشاريع الوطنية والقومية، مؤكدًا أن التغلب على هذا الواقع يحتاج إلى إرادة قوية وتخطيط محكم.

وأعرب البركاني عن شكره لدول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات لدورهما في دعم الشعب اليمني، موجهًا تحية خاصة إلى مصر التي فتحت أبوابها لليمنيين واحتضنتهم كما تفعل مع جميع العرب.

وفي ختام كلمته، أشار البركاني إلى أن 22 فبراير يحمل دلالات تاريخية، حيث يصادف ذكرى قيام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958، وكذلك يوم التأسيس للمملكة العربية السعودية، متوجهًا بالتهنئة إلى القيادة السعودية بهذه المناسبة.

كما أشاد بالجهود التي تبذلها مصر وقطر في قيادة مفاوضات التهدئة بين الفلسطينيين وإسرائيل، داعيًا إلى مواصلة هذه الجهود رغم تعنت الاحتلال.

وأكد البركاني دعمه الكامل لما ورد في الوثيقة البرلمانية الصادرة عن اللجنة التحضيرية، مطالبًا القادة العرب بالاسترشاد بها لاتخاذ موقف قوي يعيد الحقوق إلى أصحابها.

واختتم كلمته بالقول
"إن الحق أبلج، والباطل كان زهوقًا، ولن ينتصر في هذه المعركة إلا من يقف إلى جانب الحق".

مقالات مشابهة

  • قيادي في حماس: الاحتلال لن يستعيد أسراه أحياء إلا عبر صفقة تبادل
  • المؤسسة الفلسطينية لمكافحة المقاومة.. ما الذي جرى لأجهزة السلطة؟
  • الموقف العربي فيما وراء خطة ترامب تجاه قطاع غزة
  • إصابة شخصين في حادث مروري أعلى محور 26 يوليو
  • برشلونة وكابوس الخروج الأوروبي..اختبار صعب لفليك نفسيًا وتكتيكيًا
  • الديمقراطية في الأردن: بين وهم التحديث وحقيقة الاستبداد المقنّع
  • البركاني في مؤتمر البرلمان العربي: نرفض تهجير الفلسطينيين ومخططات الاحتلال
  • حماس: المقاومة مستمرة في معركتها حتى تحرير كافة الأسرى
  • الإجرام الصهيوني في الضفة الغربية
  • معاملة الأسرى بين إنسانية المقاومة ووحشية الاحتلال