مع اشتداد القيود على المحتوى الداعم لفلسطين.. لماذا لا نمتلك منصة تواصل اجتماعي عربية؟
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
لا يخفى على أحد أن منصات التواصل الاجتماعي تتحيز بوضوح ضد الفلسطينيين، فنجدها تحذف أي منشورات أو صفحات أو حتى تعطل حسابات لأجل أنها نشرت ما يظهر تعاطفا معهم أو يكشف وحشية الاحتلال الإسرائيلي. ولا يملك المستخدم العربي إلا التحايل على خوارزميات تلك المنصات لنشر ما يستطيع لأن الاعتراض لم يأت يوما بنتيجة، فمتى نتخلص من سيطرة الشركات الغربية على منصات التواصل الاجتماعي؟ وهل يمكن للعرب إطلاق منصات خاصة بهم لفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي؟
نعلم أن منصات التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية واستخداما هي أميركية الأصل، وعلى رأسها فيسبوك وإنستغرام وواتساب (وتملكها شركة ميتا التي أسسها ويرأسها مارك زوكربيرغ الذي تعود جذور أجداده إلى يهود مهاجرين من النمسا وألمانيا وبولندا)، ويوتيوب وإكس (تويتر سابقا)، إلى جانب منصتين غير أميركيتين هما تليغرام وتيك توك.
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة شهدت المنصات الرقمية ازديادا متسارعا في خطاب العنف والكراهية ضد الفلسطينيين، فقد رصد "مؤشر العنف"، النموذج اللغوي المدعم بتقنيات الذكاء الاصطناعي الذي طوره مركز "حملة" (المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي)، حتى الأول من نوفمبر/تشرين الثاني أكثر من 590 ألف محتوى عنف وكراهية وتحريض، خاصة باللغة العبرية، وتركزت معظم هذه الحالات على منصة "إكس"، كما وثق المرصد الفلسطيني لانتهاكات الحقوق الرقمية (حُر) أكثر من 1009 انتهاكات للحقوق الرقمية الفلسطينية التي تنوعت بين حالات إزالة أو تقييد، وخطابات كراهية، وتحريض على العنف.
وبحسب مركز "حملة" فإن منصات التواصل الاجتماعي التابعة لشركة ميتا أصبحت منذ سنوات مسرحا لانتشار انتهاكات الحقوق الرقمية للفلسطينيين، خاصة الممارسات الرقابية لإسكات الأصوات الفلسطينية والسردية الفلسطينية، ومنذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وثق المركز عبر مرصد "حُر" ما مجموعه 627 انتهاكا عـلى منصات ميتا بواقع 443 تحريضا على العنف أو خطاب الكراهية و283 تقييد وإزالة.
كما يرى مركز "حملة" أنه منذ استحواذ إيلون ماسك على تويتر أصبحت منصته التي صار اسمها "إكس" مرتعا لخطاب الكراهية والتحريض على العنف ضد الفلسطينيين، وقال إن هذا الواقع "يعود لما قبل التصعيد الراهن، بيد أن حدته تعاظمت الآن".
فيسبوك يفرض قيودا شديدة على نشر المحتوى الذي يكشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي بغزة (شترستوك) تليغرام وتيك توكتلك القيود السابقة جعلت كثيرا من الفلسطينيين -وعلى رأسهم المقاومة الفلسطينية ذاتها- والمتعاطفين معهم يتحولون إلى منصتين غير أميركيتين، الأولى هي تطبيق تليغرام الذي أطلقه روسيان في 2013، قبل أن يغادرا روسيا في 2014 بذريعة الضغوط الحكومية، ويُعتقد أن مقرات الشركة الحالية في مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة.
ويملك تليغرام نحو 800 مليون مستخدم، وهو يتيح بالفعل حرية نشر أعلى بكثير مما تتيحه المنصات الأميركية، ويتميز عن تطبيق واتساب بخاصية شديدة الأهمية وهي إمكانية نشر قصص لمجموعات يمكن أن يبلغ عدد أعضائها حتى 200 ألف أو نشرها قنوات إلى عدد غير محدد من المستخدمين، مقابل 512 شخصا في مجموعات واتساب التي أطلقت مؤخرا أيضا ميزة القنوات الشبيهة بقنوات تليغرام.
لكن في المقابل فإن حرية النشر هذه المتاحة في تليغرام، سيف ذو حدين، فهذا التطبيق لا يتضمن خوارزميات تحكم بالمحتوى، مما جعل منه أيضا مرتعا لخطاب الكراهية والتحريض على العنف ضد الفلسطينيين.
أما المنصة الثانية فهي تطبيق تيك توك، الذي يتيح نشر مقاطع فيديو صغيرة، حيث يملك هذا التطبيق -الصيني الأصل- مليار مستخدم نشط شهريا، وشعبيته فائقة بين فئة الشباب والمراهقين، لكن مقرات التطبيق وخوادمه الحالية توجد في الولايات المتحدة وتخضع للقوانين الأميركية، لهذا نجده بدأ بحظر كثير من المحتوى المساند للقضية الفلسطينية، خاصة بعد عملية طوفان الأقصى، رغم أنه ما يزال أكثر مرونة من نظرائه مثل منصات ميتا وإكس.
ما البديل؟وهنا، بات لزاما علينا طرح السؤال التالي: لماذا لا يكون لدينا منصة تواصل عربية، على غرار المنصات الصينية التي خرجت من السيطرة الأميركية، لنشر كل ما من شأنه دعم القضية الفلسطينية وفضح جرائم ومجازر الاحتلال الإسرائيلي؟
هذا السؤال طرحته الجزيرة نت على عدد من المتخصصين بهذا الشأن.
المستشار ومدرب التسويق الرقمي عمار محمد يرى أن إنشاء منصة عربية للتواصل الاجتماعي أمر معقد نسبيا، حيث هناك حاجة لدعم الصناديق الاستثمارية في مجال التواصل الاجتماعي، كما يجب أن تكون هناك منصة موحدة يجتمع عليها العالم العربي بدون أي قيود كي نتمكن من طرح قضايانا وفقا لعادات المجتمعات والقيم واحترام الأشخاص.
أما الباحث في الإعلام والتواصل عبد الحكيم أحمين فيرى أن التضييق والقيود التي فرضتها مواقع التواصل الاجتماعي الأميركية على النشر بشأن ما يحدث في قطاع غزة وعلى الرواية الفلسطينية أحدثا صدمة لدى الرأي العام العربي والعالمي.
وأضاف الباحث أن هذا الأمر دفع المستخدمين إلى التحايل على التضييق أو الحظر الذي مارسته تلك المواقع، فبدؤوا بتقطيع الكلمات العربية والإنجليزية، وإدخال رموز وأرقام في كتابتها، كما أنشأ مستخدمون مواقع خاصة بكيفية التغريد والتدوين لتجنب الحظر.
وحول إمكانية أن تكون لدينا منصة عربية للتواصل الاجتماعي؛ قال إن كثيرا من الدول أنشأت شبكات تواصل اجتماعي خاصة بمنطقتها، مثل الهند وروسيا والصين وتركيا وفرنسا وحتى النرويج، لأنها تعلم أن شبكات التواصل الأميركية تتحكم بها الشركات التي أنشأتها، وأضاف أن هناك شبكات صغيرة تضم مهنيين، أو فنيين، أو رسامين، أو قراء، أو باحثين موجودة في دول العالم وحتى في الوطن العربي مما يعني أنه يمكن لأي جهة رسمية أو خاصة لديها تمويل مالي أن تنشئ موقع تواصل اجتماعي ينطلق من البيئة العربية وينتشر في العالم.
وأكد أحمين أن هناك موارد مالية وعقولا مبدعة عديدة كفيلة بإنجاح هذه التجربة، لكن المسألة تحتاج إلى قرار سياسي من حكام وصانعي قرار، مضيفا أن لدى هؤلاء فرصة سانحة لإنشاء شبكة تواصل اجتماعي عربية عالمية الانتشار.
من جهته، فضل مهندس الحاسوب والخبير التقني زهير نموس التطرق إلى الناحية التقنية بهذا الشأن حيث يرى أن أفضل وسيلة للتخلص من سيطرة الأقلية على شبكة الإنترنت الحالية هي باستخدام تقنيات الويب 3 بدلا من تقنيات الويب 2 الحالية.
والاختلاف الرئيسي بين التقنيتين -بحسب نموس- هو عدم وجود قواعد بيانات مركزية لتخزين حالة التطبيقات. فالويب 2 بطبيعته مركزي ويمكن التحكم في كل جانب من جوانبه وفقا لنموذج الخادم والعميل، أما الويب 3 فإنه يتيح للمستخدمين والأجهزة التفاعيل عبر شبكة ند لند بدون الحاجة إلى وسيط ينظم عمليات التفاعل مما ينشئ إنترنت جديدا لا مركزيا يركز على الإنسان ويحافظ على الخصوصية.
ويرى المهندس أن الويب 3 هو أفضل فرصة للبشرية كي تستطيع توزيع هذه السيطرة على الإنترنت وتسحبها من يد الشركات الكبرى التي أصبحت أقوى من بعض الدول في بعض الأحيان، بحسب رأيه، ويضيف أنه مع الويب 3 ستكون السيطرة للمستخدمين أنفسهم وليس للشركات، وبالتالي لن يتم حظر المستخدم لمجرد أنه كتب منشورا لا يناسب أصحاب المنصات.
ومع ذلك يرى نموس أن تقنية الويب 3 لا تزال تواجه تحديات كبيرة قبل تبنيها، مشيرا إلى أن مجتمعات المطورين في نقاش دائم للتوصل إلى حلول لكن الطريق لا يزال في بدايته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: منصات التواصل الاجتماعی الاحتلال الإسرائیلی ضد الفلسطینیین على العنف الویب 3
إقرأ أيضاً:
عاجل - مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينية يؤكد العلاقات الأخوية ودورها الريادي
أشاد مندوب دولة فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور، بالعلاقات المصرية - الفلسطينية فى مختلف المجالات وعلى كافة المستويات، مؤكدا أن الموقف المصرى الداعم للقضية الفلسطينية وحقوقها المشروعة نابع من قوة العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين.
وقال منصور، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، على هامش أعمال المؤتمر الدولي حول "دور المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في تعزيز واحترام حقوق الطفل الفلسطيني"، المنعقد بالأردن، إن مصر وفلسطين يربطهما علاقات تاريخية وأخوية نابعة من قوة مصر ودورها الريادي في المنطقة والعالم العربي، مؤكدا أن ما نجده من دعم ومساندة من مصر والأشقاء العرب أيضا هو في إطار الأخوة التي تربط فلسطين بالعالم العربي.
وأضاف أن التنسيق ما بين مصر وفلسطين على كافة المستويات مميز وفي أعلى درجة، مشيرا إلى أنه وكمندوب لفلسطين في الأمم المتحدة، فإن التنسيق مع مندوب مصر الشقيقة في هذا المحفل الدولي على أعلى مستوى ومستمر لحظة بلحظة.
ولفت رياض منصور، إلى أن التنسيق العربي داخل الأمم المتحدة لا ينقطع دائما ويقوم على أسس ونتائج القمم العربية الإسلامية وكذلك القانون الدولي وكافة الأعراف المعمول بها في ذات الشأن،مشيرا إلى أن قرارات محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة وكافة المحافل ذات الصلة ركن أساسي من التنسيق الفلسطيني العربي بشأن القضية المركزية للعرب وهى القضية الفلسطينية.
ودعا السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، إلى ضروة التحرك ضد كافة الإجراءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة، مؤكدا أن العالم كله وليس العربي فقط، قادر على التحرك ضد هذه الانتهاكات بقوة القانون الدولي.
وأوضح أن قانون محكمة العدل الدولية، وفي فتوتها التاريخية، قالت إن كل الممارسات والإجراءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني غير قانونية سواء فرض الوصاية عليه وعدم حقه في تقرير المصير أو محاولات عزله وتجويعه ونهب إراضيه وبناء المستوطنات، مؤكدا أنه بناء على هذه الفتوة يعد الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني ويجب إنهائه في أقرب وقت ممكن.
وأشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة وضعت قرارا أوضحت فيه الالتزامات على دولة الاحتلال وكذلك الالتزامات على الدول وعلى الأمم المتحدة وغيرها من شأنها تقصير أمد هذا الاحتلال الغير قانوني، موضحا أن القرار شدد على عدم مساعدة دولة الاحتلال أو تقديم أسلحة لها ولا علاقات مع المستوطنات، بل يجب ملاحقتها في المحاكم الدولية.
ونوه السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، إلى أن مثل هذه القرارات والالتزامات تتطلب وقف هذا الاحتلال في أقصر وقت ممكن وهو 12 شهرا، مشيرا إلى أنه داخل الأمم المتحدة وضعنا خطة لتنفيذ هذا اقرار ونعمل حاليا على متابعتها، كاشفا أن الأمين العام للأمم المتحدة سيقوم الشهر المقبل بتقديم تقريرا بما تم وما يجب أن يتم من أجل تقصير أمد هذا الاحتلال.
وشدد على ضرورة الاستمرار في الضغط على المجتمع الدولي والمنظمات الدولية خاصة، لوقف جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وإضافة دولة الاحتلال إلى قائمة دول العار للأمم المتحدة باعتبارها منتهكة لحقوق الأطفال، مشيرا إلى أن أطفال الشعب الفلسطيني يعانون في ظل استمرار آلة الحرب الإسرائيلية سواء في غزة أو الضفة.
وكانت وزيرة التنمية الاجتماعية الأردنية وفاء بني مصطفى، قد افتتحت أمس الأربعاء، أعمال المؤتمر الدولي حول "دور المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في تعزيز واحترام حقوق الطفل الفلسطيني" والذي يستمر لمدة يومين بمشاركة عربية ودولية كبيرة.
ويأتي انعقاد المؤتمر تنفيذا للقرار الصادر عن مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في دورته العادية (42)؛ بهدف مواصلة التحرك العربي على كافة المستويات لمناصرة قضية الشعب الفلسطيني جراء العدوان الإسرائيلي على دولة فلسطين، وما تبعه من انتهاكات غير مسبوقة بحق الأطفال والنساء والمدنيين، في انتهاك واضح للمواثيق الدولية، وللاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
ويتناول المؤتمر عددا من المحاور المهمة حول الانتهاكات الإسرائيلية ضد حقوق الأطفال في فلسطين، وإجراءات النيابة العامة في توثيق جرائم الاحتلال بحق الأطفال، ودور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في حماية حقوق الأطفال بمخيمات اللجوء، فضلا عن دور المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في حماية حقوق الطفل الفلسطيني، إلى جانب عرض شهادات من الأطفال في ظل العدوان الإسرائيلي.
كما يأتي المؤتمر استكمالا للجهود العربية في توفير الحماية القانونية للشعب الفلسطيني، وتأكيدا على حق الطفل الفلسطيني في الحماية والرعاية للعيش في بيئة آمنة، والتمتع بجميع حقوقه المنصوص عليها في كافة المعاهدات والمواثيق العربية والدولية.