ضرورة المبادرة العربيّة تجاه غزّة
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
بعد شهر على حرب غزّة، تظهر الحاجة أكثر من أي وقت إلى حل سياسي يوقف الجنون الإسرائيلي ويضع حداً للمجازر التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني. لن يخرج إسرائيل من المأزق الذي وجدت نفسها فيه، والذي ترجمته إهراق مزيد من الدم الفلسطيني، غير الحل السياسي.
سيتوجب على إسرائيل القبول بمثل هذا الحلّ بعدما راهنت طويلاً على "حماس" ورفضها خيار الدولة الفلسطينية والمشروع الوطني الذي نادي به ياسر عرفات منذ عام 1988.
عاجلاً أم آجلاً، ستتوقف حرب غزّة. ستخلف الحرب أرضاً مدمّرة لا مكان للعيش فيها، خصوصاً في غياب اتفاق ذي طابع دولي وإقليمي يؤدي إلى أمرين. أولهما التأكد من أن حكم "حماس" للقطاع انتهى، والآخر إيجاد سلطة تدير شؤون القطاع بعيداً من الشعارات الفارغة من كلّ مضمون من نوع "فلسطين وقف إسلامي" وما شابه ذلك. الحاجة واضحة إلى حل سياسي في فلسطين يقوم على خيار الدولتين. الدولة الفلسطينية "القابلة للحياة" وإسرائيل ضمن حدود 1967، مع بعض التعديلات الطفيفة، إذا كان ذلك مطلوباً... وبما يتلاءم مع مصلحة الجانبين.
يبدو مطلوباً البحث منذ الآن في مستقبل غزّة. يحتاج ذلك إلى لقاءات عربيّة على أعلى مستوى تخصص لمستقبل القطاع ووضعه في إطار تسوية سياسيّة على الصعيد الإقليمي. هناك ضرورة، أكثر من أي وقت، لاتخاذ الجانب العربي المبادرة واتخاذ موقف من مستقبل غزّة تفادياً لتكرار المأساة التي تسبب بها الرد الإسرائيلي الوحشي على العمليّة التي قامت بها "حماس" في السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي.
في هذا السياق، يبدو مفيداً إيجاد غطاء دولي، أميركي وأوروبي تحديداً، لدور عربي في غزّة، بما يؤمّن عودة أهلها إليها بدل إبعادهم إلى سيناء. يستأهل الغزاويون مستقبلاً أفضل بعد عيشهم طوال 16 عاماً تحت حكم "حماس" وبعد كلّ ما تعرّضوا من أعمال وحشية مارستها إسرائيل. راهنت إسرائيل منذ انسحابها من القطاع في آب (أغسطس) 2005 على الانقسام الفلسطيني لتفادي أي تسوية سياسيّة معقولة ومقبولة تستجيب لحقوق شعب حرم طويلاً من هذه الحقوق المشروعة.
حققت حركة "حماس" انتصاراً لا سابق له على إسرائيل. يؤكّد ذلك عدد القتلى العسكريين والمدنيين الإسرائيليين وعدد الأسرى لدى الحركة. أجبرت "حماس" إسرائيل على خوض مغامرة اقتحام القطاع براً. سيكلفها ذلك خسائر كبيرة، لكنّ المفارقة أنّ "حماس" لن تستطيع الاستفادة من هذا الانتصار، اللهمّ إلّا إذا كانت إسرائيل على استعداد للقبول بشروط معيّنة من بينها الدخول في صفقة تبادل للأسرى... قبل الانتهاء من اجتياحها البرّي.
كان لافتاً تشديد الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله في خطابه الأخير، وهو الأول منذ اندلاع حرب غزّة، على ضرورة التوصل إلى وقف للنار. يرفض حسن نصر الله الذي يهمّه إنقاذ "حماس"، أخذ العلم بأن حرب غزة لا تشبه حرب صيف 2006 في شيء. يعود ذلك إلى أن إسرائيل تخوض حالياً حرب وجود. إذا خسرت حربها مع "حماس"، فسيعني ذلك بكلّ بساطة أن على مواطنيها جمع حقائبهم ومغادرة ما يسمونه "أرض الميعاد".
هناك أسباب عدّة تفرض البحث في مستقبل غزّة، اليوم قبل غد، وقبل انتهاء الحرب. يفترض وجود مبادرة عربيّة تأخذ شكل خطة عمل تعيد الحياة إلى غزّة. الهدف من ذلك تأكيد أنّ غزّة، من دون "حماس"، جزء من الدولة الفلسطينية المتوقع قيامها ولم تعد "إمارة إسلاميّة"، على الطريقة الطالبانية، معزولة عن العالم. إضافة إلى ذلك، إن المبادرة العربيّة هذه تقطع الطريق على المتاجرين بالقضيّة الفلسطينية، أكان في داخل إسرائيل نفسها أو في المنطقة.
راهنت إسرائيل على "حماس" وصواريخها من أجل القول إن "لا وجود لطرف فلسطيني يمكن التفاوض معه". تغاضت عن حصول "حماس" على مساعدات مالية من قطر وغير قطر وأسلحة من إيران وغير إيران نظراً إلى أن "حماس" كانت ضمانة لتكريس الانقسام الفلسطيني.
في السابع من تشرين الأوّل(أكتوبر) 2023، انفجر لغم "حماس" في وجه إسرائيل التي تلجأ إلى ارتكاب المجازر، بما في ذلك قصف المستشفيات، للخروج من المأزق الذي وجدت نفسها فيه. سيوفر وقف النار، في حال وجود مبادرة عربيّة تجاه غزّة، فرصة للغزاويين أوّلاً. لدى مثل هذه المبادرة أمل بالنجاح. يعود ذلك إلى أنّ مرحلة ما بعد حرب غزة سترى، على الأرجح، ولادة ثلاثة فراغات. الأول إسرائيلي ناجم عن حال ضياع داخلية يرافقها أفول نجم بنيامين نتنياهو، والثاني فلسطيني بعدما تبيّن أن السلطة الفلسطينية في رام الله باتت من الماضي ولا دور من أي نوع لها، والثالث أميركي بسبب انهماك الرئيس جو بايدن في الإعداد للانتخابات الرئاسية بعد سنة من الآن.
سيكون همّ إدارة بايدن محصوراً بالداخل الأميركي في الأشهر القليلة المقبلة.
تشكّل هذه المبادرة العربيّة ضرورة ملحة وفرصة لا تعوض في وقت تبدو "الجمهوريّة الإسلاميّة" في إيران مستعدة للذهاب بعيداً في جني ثمار "طوفان الأقصى" في كلّ أنحاء المنطقة، بدءاً بالعراق وصولاً إلى اليمن، مروراً في طبيعة الحال بسوريا ولبنان.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة ة الفلسطینیة عربی ة
إقرأ أيضاً:
أبو الغيط في منتدى حوارات روما المتوسطية: إسرائيل تريد ابتلاع كل الأرض الفلسطينية
شارك أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، اليوم الاثنين، في الجلسة الافتتاحية للنسخة العاشرة لمنتدى "حوارات روما المتوسطية" في العاصمة الايطالية روما، بحضور الرئيس الايطالي وعدد من الوزراء العرب والأجانب.
وقال جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، إن مشاركة الأمين العام في المنتدى تأتي في إطار حرص الجامعة العربية على تدعيم العلاقات بين ضفتي المتوسط وذلك لطرح كافة التحديات، وتبادل الافكار بين كبار المسؤولين في المنطقتين الذين يشاركون في المنتدى.
وصرح المتحدث الرسمي بأن أبو الغيط، عكس خلال كلمته في الجلسة الأولى للمنتدى رؤية الجامعة العربية تجاه الوضع الإقليمي بشكل عام، وسبل وفرص استعادة الاستقرار في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وشارك في تلك الجلسة كل من وزراء خارجية ايطاليا ومصر والاردن ولبنان والهند ووزيرة الدولة الامارتية للشؤون الخارجية، حيث أكد الأمين العام للجامعة، على أن حل الدولتين يظل الحل الوحيد الذي يُحقق السلام القائم على العدالة والكرامة، والقابل للاستدامة والاستمرار مشددًا على ان البديل هو نظام الفصل العنصري القائم حاليًا على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن هذا النظام لا يمكن تثبيته سوى بالعنف والقهر، وأن الفلسطينيين يدفعون ثمن استمرار الاحتلال من دمائهم.
وأوضح أبو الغيط، في كلمته أن إسرائيل تسعى لضم الأراضي الفلسطينية كلها، والسيطرة عليها من النهر إلى البحر، وأن الرؤية التي تحكم فكر الحكومة الحالية هي رؤية استيطانية توسعية.
وشدد أبو الغيط، على أن السلام يظل الخيار الوحيد، ولكن ما تفعله إسرائيل من إجرام يقضي على احتمالات التعايش المستقبلي بين العرب واليهود، مؤكدا أن تصور إسرائيل بامكانية الحصول على السلام والأمن من دون حصول الفلسطينيين على حقهم في الاستقلال يعد وهما كبيرا.
ومن المنتظر أن يشارك أبو الغيط، مساء اليوم، في الاجتماع الوزاري لمجموعة السبع في مدينة فيوجي، والذي سيشارك فيه عدد من وزراء الخارجية العرب إلى جانب أعضاء المجموعة وذلك لمناقشة تطورات الوضع في غزة ولبنان.