مع استمرار حرب غزة.. هل يستطيع الاقتصاد الإسرائيلي الصمود؟
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
مع استمرار الرب التي تشنها إسرائيل على غزة، تتزايد التحذيرات اليومية التي تطلقها العديد من التقارير الاقتصادية بشأن تضرر الاقتصاد الإسرائيلي من طول أمد الصراع.
وأحدثت الحرب على غزة هزات صادمة في اقتصاد إسرائيل البالغ حجمه 488 مليار دولار، ما أدى إلى تعطيل آلاف الشركات، وإرهاق المالية العامة، وإغراق قطاعات بأكملها في أزمة، حسبما أشارت صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وانخفض الشيكل الإسرائيلي بالفعل إلى أدنى مستوى له منذ 14 سنة، وخفض البنك المركزي توقعات النمو الاقتصادي هذا العام من 3% إلى 2.3%، وتواجه الصناعات البارزة اضطرابات عدة، وفقا لمجلة "فورين بوليسي".
دخلت إسرائيل الحرب باحتياطيات بقيمة 200 مليار دولار ومساعدات بقيمة 14 مليار دولار، معظمها للتمويل العسكري، من الولايات المتحدة. ومع ذلك، يقول الخبراء للمجلة إن الصراع المستمر سيكلف الاقتصاد الإسرائيلي مليارات إضافية وسيستغرق وقتًا أطول بكثير للتعافي مما كان عليه في الماضي.
جنود إسرائيليون يسيرون خلال عملية بينما يواصلون هجومهم البري في غزةانخفاض الشيكلوقال بنك إسرائيل، الثلاثاء، إنه أنفق 7.3 مليار دولار لدعم الشيكل الذي انخفض إلى أدنى مستوياته في ثماني سنوات بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر. وعادت العملة الآن إلى ما كانت عليه قبل الغزو. وجرى التداول يوم الثلاثاء بنحو 3.87 شيكل للدولار، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وبينما يعاني الاقتصاد الإسرائيلي من الحملة العسكرية المكثفة ضد حماس، ذكرت الصحيفة أن البنك المركزي الإسرائيلي كان يعمل من وراء الكواليس لتوفير الاستقرار المالي حيثما استطاع، بما في ذلك تخصيص 30 مليار دولار لدعم العملة.
تصاعد الدخان من غزة بينما تواصل إسرائيل هجومها البريتخفيض النموومع ذلك، ترى الصحيفة أن الاحتمال الذي يلوح في الأفق بشأن شن عملية عسكرية طويلة الأمد على غزة يعمق من المخاطر على الاقتصاد الإسرائيلي المضطرب بالفعل.
ووفقا للصحيفة، خفض البنك المركزي، الأسبوع الماضي، توقعاته للنمو وحذر من التأثير السلبي للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي والأسواق المالية.
وقال البنك إن النمو سينخفض إلى معدل سنوي قدره 2.3% العام الجاري و2.8% في 2024، مقارنة بمعدل نمو متوقع يبلغ 3% لكلا العامين، في أغسطس، إذا ظلت الحرب مستمرة في غزة.
وحذرت وكالتان للتصنيف الائتماني من إمكانية خفض تصنيف ديون إسرائيل، اعتمادا على شدة الصراع وطول مدته. وأوضحت الصحيفة أن من شأن خفض التصنيف الائتماني أن يزيد تكاليف الفائدة التي تتحملها الحكومة الإسرائيلية عندما تقترض المال.
منظر لنفق بالقرب من مدينة ملاهي في غزة، وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحماستراجع الأنشطة الاقتصاديةوتشير تقارير صحفية عدة إلى أن الصراع يؤثر سلباً على النشاط التجاري، خاصة قطاعات البناء والزراعة والنفط والغاز والسياحة والرعاية الصحية وتجارة التجزئة والتكنولوجيا.
ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن رئيس رابطة المصنعين في إسرائيل، رون تومر، قوله: "لقد أغلقت البلديات الكثير من مواقع البناء لأنهم لا يريدون أن يكون لديهم عمال فلسطينيون. ويقولون إن الناس منزعجون من رؤية العمال العرب وهم يحملون أدوات ثقيلة".
وتتزايد الأدلة بالفعل على التأثير المدمر للحرب على النشاط الاقتصادي، بحسب الصحيفة. ووجدت دراسة استقصائية للشركات الإسرائيلية أجراها مكتب الإحصاء المركزي أن واحدة من كل ثلاث شركات أغلقت أبوابها أو كانت تعمل بطاقة 20 في المئة أو أقل منذ بدايتها، في حين أبلغ أكثر من النصف عن خسائر في الإيرادات بنسبة 50 في المائة أو أكثر.
وكانت النتائج أسوأ بالنسبة للجنوب، المنطقة الأقرب إلى غزة، حيث أغلقت ثلثا الشركات عملياتها أو خفضتها إلى الحد الأدنى، وفقا للصحيفة.
وفي هذه الأثناء، تقول وزارة العمل إن 764 ألف إسرائيلي، 18% من القوى العاملة، لا يعملون بعد استدعائهم للخدمة الاحتياطية، أو إجلائهم من مدنهم أو إجبارهم بسبب إغلاق المدارس على رعاية الأطفال في المنزل.
ويواجه القطاع الزراعي في جنوب إسرائيل أزمة، وتنتظر المحاصيل الآن تحت أشعة الشمس وتذبل أكثر مع مرور كل دقيقة، حيث أصبحت الأراضي خالية من المزارعين بسبب فرار ما يصل إلى 7 آلاف مواطن تايلاندي من إسرائيل، الذين يشكلون الحصة الأكبر من القوى العاملة الزراعية، وفقا لمجلة "فورين بوليسي".
وحاول بعض المتطوعين الجامعيين إنقاذ الوضع وقطف الثمار قبل أن تتعفن، لكن جهودهم باءت بالفشل وبدأت الحكومة الإسرائيلية بالفعل في استيراد بعض المواد.
ويفتخر الإسرائيليون بابتكاراتهم التكنولوجية في مجال الزراعة وبقدرتهم على النمو في منطقة قاحلة إلى حد كبير، لكنها الآن أصبحت على رأس قائمة القطاعات التي ستتحمل وطأة الحرب الطويلة مع حماس.
وحاليا تواجه الصناعة الزراعية عجزًا يصل إلى 10 آلاف مزارع. واقترحت وزارة الزراعة الإسرائيلية خطة لتوظيف 8 آلاف من هؤلاء من الضفة الغربية، سواء من النساء الفلسطينيات من جميع الأعمار والرجال الذين يبلغون من العمر 60 عامًا أو أكثر، وفقا للمجلة.
وتوقفت العديد من شركات الطيران عن الرحلات إلى إسرائيل بينما طلبت الحكومة وقف الأنشطة في أحد حقول الغاز لتقليل مخاطر وقوع هجوم مستهدف، بحسب "فورين بوليسي".
كما تعرضت السياحة، وهي القطاع الذي يشكل 3% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل ويوفر بشكل غير مباشر 6% من إجمالي الوظائف، لضربة قاتلة، وفقا للمجلة.
وتلقى العملاء الأوفياء لفنادق أطلس الإسرائيلية مؤخرًا رسالة بريد إلكتروني غير عادية، وهي نداء يائس للتبرع لإنقاذ الشركة من الانهيار، بحسب فاينانشيال تايمز".
رجال إطفاء فلسطينيون يعملون على إخماد حريق في موقع الغارات الإسرائيلية على مبنى سكني في خان يونسدعوات من رجال الأعمال يقابلها تحركات حكوميةودعا حوالي 300 خبير اقتصادي إسرائيلي بارز رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، إلى حماية الاقتصاد من الانكماش الوشيك، والذي قالوا إنه سيكلف عشرات المليارات من الشيكل. وكتبوا في رسالة مشتركة، الأسبوع الماضي: "أنت لا تفهم حجم الأزمة التي يواجهها الاقتصاد الإسرائيلي"، بحسب الصحيفة.
وحثت المجموعة على تحويل الأموال المخصصة للبرنامج الذي تمت الموافقة عليه في الصيف وتوجيهها بدلا من ذلك لقطاعات الاقتصاد المختلفة، بدعوى أنه يجب إنفاق تلك الأموال على إعادة ترميم "الأضرار التي سببتها الحرب"، وتقديم المساعدة للضحايا، وإعادة تأهيل الاقتصاد، وفقا لـ"نيويورك تايمز".
ووافقت وزارة المالية الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، على حزمة تعويضات الحرب للمساعدة في دعم الأشخاص والشركات، بما في ذلك إسكان الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من مناطق القتال.
وستقدم الحكومة أيضًا، بحسب الصحيفة، منحًا وقروضًا مدعومة من الدولة للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وتقوم بإنشاء صندوق لمساعدة الشركات على تغطية النفقات الثابتة، بما في ذلك رواتب الموظفين. وتنتظر الخطة موافقة الكنيست.
وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أن نتانياهو تعهد بإنشاء ما يعرف باسم "اقتصاد تحت السلاح"، ووعد بتحويلات نقدية ضخمة للشركات والمناطق المعرضة للخطر على نطاق شوهد آخر مرة خلال جائحة كوفيد-19.
وقال نتانياهو الخميس: "توجيهاتي واضحة: نحن نفتح الصنابير ونضخ الأموال لكل من يحتاج إليها". وأضاف: "على مدى العقد الماضي قمنا ببناء اقتصاد قوي للغاية، ومهما كان الثمن الاقتصادي الذي تفرضه علينا هذه الحرب، فسوف ندفعه دون تردد".
وبينما كان نتانياهو يتحدث، ذكرت الصحيفة أن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، كشف عن مساعدات لجنود الاحتياط في الجيش وإجراءات لتعويض الشركات عن خسائر الحرب.
ورحب بعض قادة الأعمال في إسرائيل بحزمة المساعدات، لكن كثيرين قالوا إنها لم تكن كافية. وقال المنتقدون إن معايير الاستحقاق صارمة للغاية، بينما قال آخرون إن الإجراءات لم تقدم أي مساعدة للشركات الكبرى، بحسب الصحيفة.
ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن رئيس رابطة المصنعين في إسرائيل، رون تومر، قوله إن "الحكومة تتخلى عن شعبها". وأضاف أن "العديد من أصحاب الأعمال لم يحصلوا على تعويض كامل عن أرباحهم المفقودة، وسيتعرضون لصدمة سيئة عن دفع حزم الرواتب القادمة".
وتشير استطلاعات الرأي إلى تأييد شعبي ساحق للحرب. لكن نطاقها يأخذ إسرائيل إلى منطقة مجهولة. وأوضحت الصحيفة أن الحدث الأقرب للمقارنة بالحرب الحالية يتتبر حرب غزة عام 2014، وهي المرة السابقة التي غزت فيها القوات الإسرائيلية القطاع الفقير، لكن ذلك استمر لمدة 49 يومًا وشارك فيه عدد أقل بكثير من جنود الاحتياط.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الاقتصاد الإسرائیلی فاینانشیال تایمز ملیار دولار الصحیفة أن
إقرأ أيضاً:
العدوان الإسرائيلي على اليمن.. ما احتمالات توسيع دائرة الأهداف وتصعيد العمليات؟
فيما أكدَّت جماعة الحوثي أن موقفهم الإسنادي لغزة لن يتزحزح مهما كانت الاعتداءات الإسرائيلية على اليمن، كان وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، قد أكد أن الغارات الجوية الإسرائيلية، الخميس، على موانئ وبنى تحتية في اليمن “لن تكون الأخيرة”، فيما توعد وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، “برد فعل مضاعف” على أي اعتداء على إسرائيل، الأمر الذي يدفعنا للوقوف أمام إمكانات توسيع ميدان الفعل ورد الفعل واحتمالات التصعيد.
بالنظر إلى الإمكانات التي تُسند إسرائيل؛ فهي تمتلك قدرات عسكرية لا يمكن تجاهلها، لكنها تخوض معركة في مضمار يبعد عنها أكثر من ألفي كيلومتر، ومع طرف يتحرك في نطاق اللامعقول ويمتلك بيئة جغرافية تعزز من امكاناته، وهذا يزيد من احتمال استمرار انحصار العمليات في دائرة (الفعل ورد الفعل)، أي بقاء الوضع على ما هو عليه، من خلال غارات خاطفة تستهدف أهدافا حيوية مرتبطة بالبُنى التحتية مع احتمال توسع دائرة الأهداف في اليمن بالنسبة للمقاتلات الإسرائيلية لتشمل أحياء مدنية مع استمرار العمليات اليمنيّة في العمق الإسرائيلي ووصولها لأهداف حساسة.
من المتوقع استمرار استهداف إسرائيل للأهداف المدنية في اليمن، بما فيها مستقبلا الأحياء السكنية؛ لأن إسرائيل لو كانت تمتلك بنك أهداف حساسة غير البنى التحتية والمواقع المدنية في اليمن كانت ضربتها، وهذا أمر لا يمكن مناقشته في ظل التحرز الشديد من قبل الحوثيين على مواقعهم العسكرية الهامة، علاوة على افتقاد إسرائيل لقدرات تجسسية في الداخل، كما صار إليه وضع واشنطن، ما يضطر الأخيرة للاعتماد على الطائرات المسيّرة ذات الكفاءة الاستطلاعية، لكن كثيرا من هذه الطائرات يقع فرائس سهلة لصواريخ “أنصار الله”.
علاوة أن الأهداف العسكرية الواضحة والمعروفة في اليمن سبق واستهدفتها طائرات التحالف العربي طوال ثماني سنوات بعشرات ومئات الغارات، بما فيها الأهداف الواقعة في صنعاء والحديدة؛ فضلا أن الحوثيين بارعون في الإعداد لمواقعهم التي يصعب كشفها واستهدافها في الغالب؛ وخاصة ذات العلاقة بعملياتهم الاستراتيجية؛ علاوة على قدرتهم على التكيف مع أوضاع الحرب والبيئة الجغرافية؛ وهو ما ثبت في حربهم مع التحالف العربي، ولاحقا مع عمليات تحالف واشنطن ولندن.
كما أنَّ استمرار التصعيد من الحوثيقد يشمل بالاستهداف مواقع أكثر أهمية داخل إسرائيل؛ وقبل ذلك فإن استمرار هذه العمليات في عمق إسرائيل يهز صورة الأخيرة أمام مواطنيها ويضعها في موضع العاجز عن إيقاف عمليات “أنصار الله”، في الوقت الذي عجزت فيه إسرائيل عن إيقاف عمليات المقاومة الفلسطينية في الداخل، بما فيها المقاومة اللبنانية على الحدود؛ الأمر الذي قد ينذر بمزيد من التصعيد المتبادل؛ إلا أنه على مستوى استهداف إسرائيل لأهداف في اليمن قد يدفع تل أبيب في حال لم يتوقف تصعيد الحوثي لاستهداف مواقع مدنية داخل المدن كما سبقت الاشارة؛ وهذا ليس بمستبعد على إسرائيل، التي يمثل قصف الأهداف والمواقع المدنية جزءًا من استراتيجيتها الحربية منذ نشأتها؛ الأمر الذي قد ينذر بتوسع – حينئذ – الحرب الإقليمية في المنطقة، وقد يذهب بها بعيدًا؛ لكنها، في الوقت الراهن، لن تتجاوز العمليات الخاطفة؛ لأن العمليات الإسرائيلية المتوالية تتطلب دعمًا لوجستيا أمريكيًا من خلال طائرات التزود بالوقود جوًا وغيرها من القدرات اللوجستية، وقبل ذلك ضوءا أخضر من واشنطن؛ وهنا من المحتمل ألا تتدخل واشنطن بأي مستوى من الدعم، إلا أن ذلك الدعم متوقع أن يحصل بعد أن يتولى الرئيس المنتخب ترامب زمام أمور البيت الأبيض؛ لاسيما وأن عمليات واشنطن ولندن، التي بدأت منذ كانون الثاني/يناير الماضي، لم تحقق أهدافا عملية حتى الآن؛ الأمر الذي قد يدفع بواشنطن إلى تغيير استراتيجيتها في اليمن في عهد ترامب، على الرغم من وعوده الانتخابية بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط؛ إلا أن وعود الانتخابات شيء والواقع شيء آخر؛ ما قد ينذر بمنح إسرائيل ضوءًا أخضر وخدمات تمكنها من توسيع عملياتها في اليمن؛ لكن يبقى التحدي الأهم وهو أنها لن تستطيع التأثير على قدرات “أنصار الله”، وقد سبقتها في ذلك واشنطن من خلال مئات الضربات الصاروخية والغارات الجوية؛ وقبل ذلك فإن تلك العمليات في حال توسعت ستكون مصالح أمريكا في المنطقة في مرمى صواريخ الحوثيين؛ وبالتالي تكون المنطقة كلها مهددة بحرب إقليمية سيكون من الصعب احتوائها؛ وستكون المستفيد بلاشك هي إسرائيل.
إن مما لا شك فيه أن الغارات الإسرائيلية تلحق باليمن خسائر مادية كبيرة، وكذلك خسائر بالأرواح أكثر مما تلحقه عمليات الحوثي داخل العمق الإسرائيلي؛ إلا أن استمرار استهداف إسرائيل لليمن في الوقت الذي ما زالت فيه إسرائيل تستهدف العمق السوري واللبناني أيضًا بالإضافة إلى استمرار جرائم الإبادة الجماعية في غزة… سيعمق من ثقافة الكراهية في الشارع العربي والإسلامي واليمني تجاه إسرائيل، وسيسهم ذلك في تعثر مشاريع التطبيع، حتى في البلدان التي لديها اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل؛ لكن إسرائيل تنظر، دائمًا، في قراءتها للأوضاع في المنطقة من أعلى؛ كثقافة دونية تتحكم بقرارها؛ ولهذا الحرب الوحشية دائمًا ضمن استراتيجيها.
يقول عادل دشيلة، وهو باحث في المركز الشرق أوسطي للأبحاث في جامعة كولمبيا لـ”القدس العربي”: إذا استمر الحوثيون في استهداف إسرائيل فإن هناك احتمالات كبيرة لتوسيع العمليات العسكرية بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي تبقى الأمور مفتوحة أو يبقى الباب مفتوحا على مصراعيه لعدة سيناريوهات منها التصعيد العسكري الكبير ضد اليمن.
وأضاف: الحوثيون يسيطرون على جغرافيا كبيرة ووعرة في شمال ووسط وغرب البلاد وهذا يمنحهم القدرة على التكيف وعلى الاستمرار في الاستهداف العسكري للكيان الصهيوني.
وفيما يتعلق بالمسافة بين إسرائيل واليمن وتأثير ذلك على الإمكانات والاحتمالات… يقول دشيلة: لقد اعترفت إسرائيل بأن المسافة بين اليمن وإسرائيل تؤثر على مسار توسيع دائرة الصراع وعلى الاستهداف الدقيق للعمليات. ورأينا مؤخرًا أن الضربات الإسرائيلية الاجرامية الأخيرة استهدفت المصالح الحيوية لليمنيين مثل الموانئ، وبالتالي هذه تؤثر بشكل كبير على حياة المواطن العادي، وتؤثر على المستشفيات وعلى المرضى وعلى الحياة اليومية، ولهذا أنا في تصوري الشخصي بأنه حتى وأن بعدت المسافة، هناك الأسطول الأمريكي الخامس يتواجد في المنطقة، وهناك كذلك قواعد أمريكية في المنطقة.
ونتوقف في الأخير أمام الأهداف التي ضربتها الغارات الإسرائيلية في الموجات الثلاث من العدوان على اليمن؛ إذ استهدفت الموجه الأولى في 20 تموز/يوليو خزانات الوقود في ميناء الحديدة ومحطة كهرباء رأس كثيب بمدنية الحديدة، واستهدفت الموجة الثانية في 29 أيلول/سبتمبر خزاني الوقود في ميناء رأس عيسى وميناء الحديدة ومحطتي طاقة الحالي وراس كثيب بالحديدة، واستهدفت الموجة الثالثة في 19 كانون الأول/ديسمبر موانئ الحديدة (الحديدة، راس عيسى، والصليف)، واستهدفت، لأول مرة، محطتي طاقة مركزيتين في العاصمة صنعاء، في أول استهداف للعاصمة اليمنية.
نلاحظ أنه في كل موجة من موجات العدوان الإسرائيلي على اليمن يتم توسيع دائرة الأهداف، الأمر الذي قد تشمل الأهداف في الموجات التالية أهدافا غير متوقعة؛ وصولاً إلى استهداف إحياء سكنية، كوسيلة من وسائل صنع انتصار زائف، وفي محاولة لخلق استياء شعبي داخلي؛ وهي رؤية إسرائيلية غير منطقية بالمطلق، لكنها تؤمن بها.