لبنان عالق بين سوريا وإسرائيلجديديْن
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": فتحت حرب غزة الواقع اللبناني على مشهدية جديدة. بعد المتغيّرات السورية، إسرائيل في طريقها لأن تصبح إسرائيل أخرى نتيجة انعكاس حرب غزة عليها، وعلى مقاربتها لكل وجودها والعلاقة مع محيطها.
ثمّة قاعدة سياسية ينطلق منها سياسيون في مقاربة حيثية لبنان، بما هو أبعد من انعكاس حرب غزة مباشرة عليه.
مع حرب غزة، أصبحت معاينة وضع إسرائيل تحتاج إلى قراءة مختلفة موازية للكلام عن التطورات العسكرية. فإسرائيل تبحث عن أجوبة لأسئلة تتعلق بوجودها وباستمراريتها، عدا نقاش أسباب الحرب والفشل العسكري والاستخباراتي. الأسئلة المطروحة تتعلق بمستقبلها في السنوات المقبلة، تماماً كما كانت على الطاولة لأعوام مضت منذ ما قبل إنشاء دولة إسرائيل، وهذا يعني مراحل طويلة أخرى من الصراع في المنطقة من منظار جديد، كما يعني دولة «جديدة» بمفاهيم مغايرة. لذا، اكتمل المشهد اللبناني مع حرب غزة، فأصبح لبنان يتوسط دولتين تشهدان متغيّرات جذرية واحدة منذ سنوات، وأخرى مقبلة عليها تدريجاً، وسط نقاشات لا يُتوقّع الانتهاء منها قريباً. ويضاف إلى ذلك أن لبنان، في العقدين الأخيرين، يعيش على وقع انهيار تدريجي أصبح متكاملاً في السنوات الأخيرة، على صعيد بنيته السياسية والاقتصادية والأمنية، كما يحمل أساساً عناصر قضيتين حساستين تتعلقان مباشرة بملفَّي سوريا وإسرائيل، هما الوجود الفلسطيني والنزوح السوري. وكلاهما على تماس مباشر مع أي تطور تفاوضي يتم الترتيب له لمقاربة وضع لبنان. فأي دولة قائمة بذاتها قادرة على مواجهة متغيّرات بهذا الحجم، وها هو الأردن أو مصر وكلاهما لا يعيشان في ظل نتائج حرب طويلة أو يتحمّلان ضغط التجاذبات الطائفية والتدخلات الأميركية والإيرانية، يتخوفان من تبعات ما يجري في غزة. فكيف يمكن للبنان أن يخرج من هذه الحرب حتى لو لم تتمدّد عسكرياً إليه بأبعد ما يجري على الحدود الجنوبية. فضلاً عن أن أي تفاوض سيتم حول غزة، لن يكون حكراً عليها وحدها، لجهة إسرائيل التي سترغب بإبعاد كل ما يمكن أن يشكل تهديداً لها في داخلها أو على حدودها الشمالية، ما يطرح على طاولة التفاوض وضع حزب الله وموقعه في المعادلة العسكرية والسياسية في لبنان.
المفارقة أنه وسط هذه الصورة، لا يزال في لبنان من يتصرّف بأدوات تقليدية، من دون الأخذ في الاعتبار حجم تحوّل إسرائيل الداخلي وانعكاس ما تقوم به في العالم الغربي، إضافة إلى ترقّب تطور علاقاتها مع الدول العربية التي لا يُتوقع أن تنكسر بالسهولة التي يتم الرهان عليها. منذ شهر وإلى الآن، يتعامل لبنان، وما تبقّى من مؤسساته الرسمية، وحتى القوى السياسية، على اختلاف اتجاهاتها، في الإطار الآني فحسب: ترقّب متتال لما سيقوله حزب الله، وموقف إيران من احتمالات توسّع الحرب، وما ينقله الموفدون الغربيون، وإجلاء الرعايا، وانتظار قرار الحرب وتوسّعها. في حين أن النقاش الفعلي يتم في مكان آخر، وأروقة إقليمية ودولية، ليصبح لبنان بذلك مجرّد شاهد ومتلقٍّ لما ستكون عليه سنواته المقبلة، في ظل صراع إقليمي بأدوات جديدة، مع ما يحمله من عناصر خطرة على مستقبل لبنان وموقعه بين دولتين، انقلبتا جذرياً في تاريخهما الحديث.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حرب غزة
إقرأ أيضاً:
تجميد الأصول.. ما العقوبات التي طالب الشرع برفعها عن سوريا؟
دعا القائد العام للإدارة السورية، أحمد الشرع، خلال سلسلة لقاءات مع وفود أجنبية، إلى رفع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، مشددًا على أن هذه العقوبات كانت موجهة إلى النظام المخلوع الذي انتهى دوره الآن.
وأوضح الشرع أن رفع هذه العقوبات يُعد ضرورة ملحة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين الذين نزحوا بسبب الحرب، ولتمكين جهود إعادة الإعمار التي تحتاجها البلاد بعد سنوات طويلة من الدمار.
تحركات دولية لرفع العقوباتأكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق، دعمه لإنهاء العقوبات، معتبرًا أن الوقت قد حان لعودة مؤسسات الدولة للعمل بشكل كامل وضمان الأمن والاستقرار.
كما أشار إلى أن رفع العقوبات سيساهم في تسريع عملية التعافي الاقتصادي وتحسين الأوضاع الإنسانية للسكان المتضررين.
وفي 8 ديسمبر الجاري، وبعد 11 يومًا من العمليات العسكرية، أعلن مقاتلو المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام السيطرة على العاصمة دمشق، في تحول كبير للمشهد السوري، وتسعى الإدارة الجديدة إلى تقديم صورة مختلفة للعالم، تدعو فيها إلى التعاون من أجل إعادة إعمار البلاد وتسهيل عودة الاستثمارات الأجنبية.
العقوبات الغربية على سوريافرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول غربية أخرى حزمة من العقوبات الاقتصادية والسياسية منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، بهدف الضغط على النظام السوري لوقف الانتهاكات ضد المدنيين والدفع نحو انتقال سياسي. وتضمنت هذه العقوبات:
1. تجميد الأصول: شملت أصول الحكومة السورية ومسؤولي النظام السابق في الخارج.
2. حظر التعاملات المالية: منع التعامل مع البنك المركزي السوري والمؤسسات المالية السورية.
3. قيود على الاستثمار: حظر الاستثمار في قطاعات النفط والغاز والطاقة.
4. منع الصادرات: حظر تصدير التكنولوجيا والمعدات ذات الاستخدام العسكري.
5. منع استيراد النفط السوري وبيع المعدات النفطية.
6. قيود على السفر: إدراج مئات الشخصيات والكيانات السورية على قوائم العقوبات.
7. حظر الطيران: منع الطائرات السورية من التحليق في الأجواء الغربية أو الهبوط في مطاراتها.
8. تقييد البرمجيات والتكنولوجيا: منع تصدير البرمجيات المستخدمة في الرقابة على الإنترنت.
كما تضمنت العقوبات تهديدًا بفرض عقوبات على الدول والشركات التي تتعامل مع سوريا أو تساعدها في التهرب من هذه الإجراءات.
تداعيات العقوبات على الاقتصاد السوريأدت العقوبات الغربية إلى تضييق الخناق على الاقتصاد السوري بشكل كبير، ما تسبب في تراجع القطاعات الحيوية مثل النفط، الزراعة، والصناعة.
كما تفاقمت الأزمة الإنسانية نتيجة نقص الإمدادات الأساسية وارتفاع الأسعار، مما جعل الحياة اليومية أكثر صعوبة بالنسبة للمواطنين السوريين.
ورغم نجاح العقوبات في تقليص الموارد المالية للنظام السابق، فإنها لم تُحدث تغييرًا جذريًا في سلوكه السياسي، بل دفعت الحكومة السابقة إلى البحث عن قنوات بديلة وموارد جديدة، على حساب غالبية الشعب السوري.
تحديات الإدارة الجديدةتحرص الإدارة السورية الجديدة على إعادة بناء جسور الثقة مع المجتمع الدولي، من خلال التأكيد على أن المرحلة المقبلة تتطلب شراكة حقيقية من أجل إعادة إعمار سوريا ورفع المعاناة عن شعبها، وتسعى الإدارة إلى إقناع الحكومات الغربية بأن العقوبات لم تعد تخدم أهدافها السابقة، بل أصبحت عائقًا أمام استقرار البلاد وتعافيها.
في ظل هذه التطورات، يبقى رفع العقوبات اختبارًا حقيقيًا لمدى تجاوب المجتمع الدولي مع الواقع الجديد في سوريا، ومدى استعداد القوى الكبرى للمشاركة في إعادة بناء دولة مزقتها الحرب على مدار أكثر من عقد.