لبنان ٢٤:
2024-10-06@06:15:56 GMT

لبنان عالق بين سوريا وإسرائيلجديديْن

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

لبنان عالق بين سوريا وإسرائيلجديديْن

كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": فتحت حرب غزة الواقع اللبناني على مشهدية جديدة. بعد المتغيّرات السورية، إسرائيل في طريقها لأن تصبح إسرائيل أخرى نتيجة انعكاس حرب غزة عليها، وعلى مقاربتها لكل وجودها والعلاقة مع محيطها.
ثمّة قاعدة سياسية ينطلق منها سياسيون في مقاربة حيثية لبنان، بما هو أبعد من انعكاس حرب غزة مباشرة عليه.

فالقراءة الأوسع مدى تتعلق بمصير الشرق الأدنى بمفهومه الجديد انطلاقاً من حرب غزة، بعد كل ما أفرزته الأسابيع الماضية من تداخلات إقليمية. ومن الطبيعي أن يكون لبنان أولى الدول التي تصيبها التحوّلات، إذ إنه أصبح عالقاً بين مشهدية جديدة تتصل بوضعية إسرائيل الداخلية وعلاقتها بمحيطها الأقرب فلسطينياً والأبعد عربياً، بعدما كان في العقد الأخير على تماس مع حرب سوريا. فهو تعايش بشقّ النفس مع الحرب السورية على وقع متغيّرات كبرى طاولتها عسكرياً واجتماعياً واقتصادياً، والأمر لا يتعلق باستمرار وجود نظام الرئيس بشار الأسد. وبقاء النظام لا يعني بقاء سوريا على ما كانت عليه، قبل اندلاع الحرب فيها وتحوّلها إلى ساحة تتداخل فيها عوامل إيرانية وروسية وأميركية وخليجية، عدا انهيار بنيتها الأمنية والاقتصادية. أصبح لبنان منذ سنوات كبش محرقة الحرب السورية، ولا يزال إلى الأسابيع الأخيرة يعاني من النزف وانفجار قضية النازحين السوريين فيه على نحو غير مسبوق.
مع حرب غزة، أصبحت معاينة وضع إسرائيل تحتاج إلى قراءة مختلفة موازية للكلام عن التطورات العسكرية. فإسرائيل تبحث عن أجوبة لأسئلة تتعلق بوجودها وباستمراريتها، عدا نقاش أسباب الحرب والفشل العسكري والاستخباراتي. الأسئلة المطروحة تتعلق بمستقبلها في السنوات المقبلة، تماماً كما كانت على الطاولة لأعوام مضت منذ ما قبل إنشاء دولة إسرائيل، وهذا يعني مراحل طويلة أخرى من الصراع في المنطقة من منظار جديد، كما يعني دولة «جديدة» بمفاهيم مغايرة. لذا، اكتمل المشهد اللبناني مع حرب غزة، فأصبح لبنان يتوسط دولتين تشهدان متغيّرات جذرية واحدة منذ سنوات، وأخرى مقبلة عليها تدريجاً، وسط نقاشات لا يُتوقّع الانتهاء منها قريباً. ويضاف إلى ذلك أن لبنان، في العقدين الأخيرين، يعيش على وقع انهيار تدريجي أصبح متكاملاً في السنوات الأخيرة، على صعيد بنيته السياسية والاقتصادية والأمنية، كما يحمل أساساً عناصر قضيتين حساستين تتعلقان مباشرة بملفَّي سوريا وإسرائيل، هما الوجود الفلسطيني والنزوح السوري. وكلاهما على تماس مباشر مع أي تطور تفاوضي يتم الترتيب له لمقاربة وضع لبنان. فأي دولة قائمة بذاتها قادرة على مواجهة متغيّرات بهذا الحجم، وها هو الأردن أو مصر وكلاهما لا يعيشان في ظل نتائج حرب طويلة أو يتحمّلان ضغط التجاذبات الطائفية والتدخلات الأميركية والإيرانية، يتخوفان من تبعات ما يجري في غزة. فكيف يمكن للبنان أن يخرج من هذه الحرب حتى لو لم تتمدّد عسكرياً إليه بأبعد ما يجري على الحدود الجنوبية. فضلاً عن أن أي تفاوض سيتم حول غزة، لن يكون حكراً عليها وحدها، لجهة إسرائيل التي سترغب بإبعاد كل ما يمكن أن يشكل تهديداً لها في داخلها أو على حدودها الشمالية، ما يطرح على طاولة التفاوض وضع حزب الله وموقعه في المعادلة العسكرية والسياسية في لبنان.
المفارقة أنه وسط هذه الصورة، لا يزال في لبنان من يتصرّف بأدوات تقليدية، من دون الأخذ في الاعتبار حجم تحوّل إسرائيل الداخلي وانعكاس ما تقوم به في العالم الغربي، إضافة إلى ترقّب تطور علاقاتها مع الدول العربية التي لا يُتوقع أن تنكسر بالسهولة التي يتم الرهان عليها. منذ شهر وإلى الآن، يتعامل لبنان، وما تبقّى من مؤسساته الرسمية، وحتى القوى السياسية، على اختلاف اتجاهاتها، في الإطار الآني فحسب: ترقّب متتال لما سيقوله حزب الله، وموقف إيران من احتمالات توسّع الحرب، وما ينقله الموفدون الغربيون، وإجلاء الرعايا، وانتظار قرار الحرب وتوسّعها. في حين أن النقاش الفعلي يتم في مكان آخر، وأروقة إقليمية ودولية، ليصبح لبنان بذلك مجرّد شاهد ومتلقٍّ لما ستكون عليه سنواته المقبلة، في ظل صراع إقليمي بأدوات جديدة، مع ما يحمله من عناصر خطرة على مستقبل لبنان وموقعه بين دولتين، انقلبتا جذرياً في تاريخهما الحديث.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حرب غزة

إقرأ أيضاً:

ما هي عقيدة الضاحية التي تستخدمها إسرائيل في الحروب منذ 2006؟

عندما ضربت إسرائيل مركز قيادة تحت الأرض لحزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية (الضاحية) يوم الجمعة الماضي، مما أسفر عن مقتل الأمين العام للحزب منذ فترة طويلة حسن نصر الله، كانت الأضرار التي لحقت بحياة المدنيين كبيرة.

بحسب التقارير، أسقطت الطائرات الإسرائيلية أكثر من 80 قنبلة "مخترقة للتحصينات" وزنها 2000 رطل، والتي تبلغ مساحة تدميرها 35 مترًا (115 قدمًا) على الهدف. الهجوم الذي قتل نصر الله دمّر أيضًا ستة مبانٍ سكنية. وقد تسببت هجمات إسرائيلية مشابهة في الأسبوعين الماضيين في دمار هائل بالبنية التحتية المدنية في بيروت وجميع أنحاء لبنان. وبلغ عدد القتلى في لبنان الآن أكثر من 1000 شخص، فيما نزح مليون شخص عن منازلهم.

قادة إسرائيليون دعوا الشعب اللبناني إلى مغادرة المناطق الخطرة وألا يصبحوا "دروعًا بشرية" لحزب الله، مما يشير إلى أن قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية، هو نتيجة غير مقصودة للحرب الإسرائيلية.

لكن في الواقع، استهداف حياة المدنيين هو جزء من تكتيك معروف لدى القوات الإسرائيلية تحت مسمى: "عقيدة الضاحية".

هذه العقيدة، التي تستمد اسمها من الضاحية الجنوبية في بيروت، تقوم على تدمير البنية التحتية المدنية بشكل واسع للضغط على الحكومة المعادية أو الجماعات المسلحة، وتمت صياغتها في سياق حرب إسرائيل على لبنان عام 2006.

في ذلك الوقت، شنّت القوات الإسرائيلية هجومًا مدمرًا على الضاحية المكتظة بالسكان وبقية أنحاء لبنان. وبحسب الصليب الأحمر، فقد أودت الحملة التي استمرّت 34 يومًا بحياة أكثر من 1,000 شخص، وأدت إلى نزوح 900 ألف شخص. وقد دمرت أو ألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية المدنية للبلاد، بما في ذلك المطارات، والمياه، ومحطات معالجة الصرف الصحي، ومحطات الطاقة، ومحطات الوقود، والمدارس، والمراكز الصحية والمستشفيات. بالإضافة إلى ذلك، دُمّر 30,000 منزل أو تعرض لأضرار بالغة.

أكد الخبراء أن هذه التكتيكات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وأن استهداف البنية التحتية المدنية يعد جريمة حرب مهما كانت التبريرات المقدمة. لكن السلطات الإسرائيلية تصرّ على أن ذلك يمثل تكتيكًا مشروعًا في الحرب، ويساعد في ردع الهجمات المستقبلية على إسرائيل.

وبعد عامَين من الحملة المدمّرة عام 2006 على لبنان، أكد رئيس القيادة الشمالية الإسرائيلية، غادي آيزنكوت، أن إسرائيل ستواصل استخدام هذه الإستراتيجية في النزاعات المستقبلية.

وقال: "ما حدث في (الضاحية)، سيحدث في كل قرية تُطلق منها النار على إسرائيل". وأضاف: "سنستخدم قوة غير متناسبة ونتسبب في أضرار ودمار كبير هناك. من وجهة نظرنا، هذه ليست قرى مدنية، بل قواعد عسكرية".

وأكد آيزنكوت: "هذا ليس توصية، هذا خطة. وقد تمت الموافقة عليها".

وقد تم بالفعل تنفيذ هذه الخطة مرارًا وتكرارًا، ليس فقط في لبنان، بل أيضًا في غزة.

على سبيل المثال، كانت هذه العقيدة واضحة أثناء عملية "الرصاص المصبوب" التي شنتها إسرائيل في عام 2008، وأسفرت عن مقتل 1,400 فلسطيني، بينهم 300 طفل، في غزة. ووجد تقرير غولدستون من بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة بعد الحرب أن الجنود الإسرائيليين "تعمّدوا إخضاع المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، لمعاملة قاسية، لا إنسانية ومهينة؛ من أجل ترويعهم وترهيبهم وإذلالهم".

وأشار التقرير إلى أنّ القوات الإسرائيلية دمرت بشكل منهجي البنية التحتية المدنية في غزة، بما في ذلك مطاحن الدقيق، والمزارع، ومحطات معالجة المياه العادمة، ومنشآت المياه، والمباني السكنية. وأوضح التقرير أن الجنود الإسرائيليين انخرطوا في "موجة من التدمير المنهجي للمباني المدنية"، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من العملية، رغم أنهم كانوا "على علم بانسحابهم الوشيك".

وفي عام 2012، استهدفت عملية "عمود السحاب" الإسرائيلية أيضًا البنية التحتية المدنية في غزة. فقد دمرت القوات الإسرائيلية أو ألحقت أضرارًا جسيمة بـ 382 مسكنًا مدنيًا. وشمل ذلك غارة جوية على منزل مكوّن من ثلاثة طوابق في حي النصر، أسفرت عن مقتل 12 شخصًا، من بينهم 5 أطفال. كما دمرت القوات الإسرائيلية أو ألحقت أضرارًا بالجسور، والمرافق الرياضية، والبنوك، والمستشفيات، والمكاتب الإعلامية، والمزارع، والمساجد.

وفي عام 2014، خلال عملية "الجرف الصامد"، قُتل أكثر من 2,000 فلسطيني – بمن في ذلك 1,400 مدني – في غزة. وتبع ذلك أيضًا عقيدة الضاحية. وبانتهاك للقانون الدولي، استهدفت الصواريخ وقذائف الهاون الإسرائيلية "المباني والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المدارس والمنازل، مما تسبب في أضرار مباشرة بالممتلكات المدنية بلغت قيمتها نحو 25 مليون دولار".

وفي المجمل، تعرّضت 18,000 وحدة سكنية للتدمير أو لأضرار. كما استهدفت القوات الإسرائيلية البنية التحتية للمياه والصرف الصحي والكهرباء والرعاية الصحية في غزة كجزء من هذه العملية.

بالطبع، كانت أشد مظاهر عقيدة الضاحية وضوحًا خلال الحملة الإسرائيلية المستمرة ضد غزة. فمنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصبحت إستراتيجية إسرائيل التي تستهدف سكان غزة المدنيين والبنية التحتية، بهدف ردع حماس، كارثة تُقارن فقط بنكبة عام 1948. ففي غضون عام واحد، دمرت القوات الإسرائيلية بالكامل جميع قواعد البنية التحتية والمؤسساتية للحياة المدنية الفلسطينية في غزة.

والآن، في تطور مأساوي، عادت عقيدة الضاحية إلى الحي الذي وُلدت فيه: ضاحية بيروت. فإسرائيل لا تستمر فقط في غاراتها الجوية على الضاحية ولبنان الأوسع، بل شرعت في غزو بري. وقد قُتل أكثر من 1,000 شخص ودُمرت أحياء بأكملها، دون أي نهاية في الأفق لما تصفه القوات الإسرائيلية بأنه "عملية محدودة، محلية، وموجهة". إسرائيل مرة أخرى تطبق عقيدة الضاحية، حيث تشنّ حربًا على السكان المدنيين بأكملهم، دون أي اعتبار للقانون الدولي أو حقوق الإنسان.

لقد سُمِح لإسرائيل بأن تتبع سياسة التدمير الشامل للحياة المدنية كهدف عسكري، أولًا في لبنان، ثم مرارًا وتكرارًا في غزة، ثم مرة أخرى في لبنان، دون أي عقاب، مما يشكل تذكيرًا قاتمًا لمدى تهميش شعوب المنطقة وإفقادهم إنسانيتهم.

يبدو أن حياتهم لا قيمة لها إلى درجة أنه بدلًا من إدانة هذه العقيدة كاعتداء صارخ على القانون الدولي والأخلاق، يبدو أن "عقيدة الضاحية" قد قُبلت من قبل قادة المجتمع العالمي- حلفاء وداعمي إسرائيل في الغرب – كسبيل مشروع لتحقيق الاستقرار الإقليمي.

الغالبية العظمى من المجتمع الدولي تنتقد بشدة هجمات إسرائيل على البنية التحتية المدنية في غزة ولبنان. ومع ذلك، يواصل شركاء إسرائيل في الغرب دعم هذه الجهود ماديًا وأيديولوجيًا. وحتى عندما تدعي السلطات الإسرائيلية بشكل مدهش أنها "تصعد" من جهودها الحربية – أي تقتل وتجرح المدنيين وتحوّل بيئتهم إلى أماكن غير صالحة للسكن – بدعوى "نزع التصعيد"، تجد الموافقة من قادة هذه الدول.

إن استخدام إسرائيل عقيدةَ الضاحية، ضد شعوب مختلفة، مرارًا وتكرارًا، وعلنيًا على مدى عقدين من الزمن، دون مواجهة أي عقوبة رسمية، هو تأكيد آخر على أن نفس الدول والقادة الذين يتظاهرون بأنهم ضامنو النظام الليبرالي مذنبون بشكل صارخ في انتهاك المبادئ الأساسية لهذا النظام.

بشكل مأساوي، فإن نفاق قادة المجتمع الدولي يعني أنه لا يوجد أي حافز لإسرائيل – اليوم أو في المستقبل القريب – للتخلّي عن هذه الإستراتيجية الوحشية، غير القانونية، وغير الإنسانية.

وحتى ينهض الناس في جميع أنحاء العالم للضغط على قادتهم لوضع حد لتجاوزات إسرائيل العديدة، سيستمر المدنيون في لبنان وفلسطين وفي جميع أنحاء المنطقة في المعاناة والموت تحت وطأة عقيدة الضاحية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • دراسة: نصف السعرات الحرارية التي يحصل عليها الأطفال مصدرها الأطعمة المصنعة
  • من لبنان المنهك إلى سوريا التي تخنقها الأزمات.. مئات الآلاف يهربون بحثا عن الأمان
  • صريح جدا / التابعة والعين .. هذه هي الأشياء التي يملكها الجزائري ويحسده عليها الآخرين !
  • ما هي عقيدة الضاحية التي تستخدمها إسرائيل في الحروب منذ 2006؟
  • بعد لبنان..إسرائيل تضيق الخناق على حزب الله في سوريا
  • القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا ضربات ضد 15 هدفا في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن
  • الصرامي: لو الأموال التي حصل عليها النصر من نصيب شرق الدلم لحقق بطولة آسيا .. فيديو
  • بعدا استهدفت إسرائيل لطريق المصنع... هكذا يفرّ الناس من لبنان إلى سوريا
  • ما هي المخاطر التي تنطوي عليها الخيارات الإسرائيلية بشأن الضربات الانتقامية على إيران؟
  • ما هي التحديّات التي تنتظر إسرائيل في لبنان؟