أصوات غنائية دعمت القضية الفلسطينية| نجوم يساندون غزة بـ«سلاح الفن».. من بينهم «أحمد سعد وحمزة نمرة»
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
تمر دولة فلسطين بقصف ربما هو الأعنف والأقسى من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، والذي بدأ يوم 7 أكتوبر وحتى يومنا هذا، وذلك بعدما نفذت المقاومة الفلسطينية عملية المعروفة إعلاميًا بـ«طوفان الأقصى»، والتي هاجموا فيها الاحتلال، وأخذوا عددًا كبيرًا من الأسرى، ولكن أسلحة جيش الاحتلال ووسائل تعذيبه لم تكن إنسانية، حيث يستخدمون الغازات السامة، والصواريخ المُدمرة للمنازل، وأصبحت غزة مدينة محروقة، يخاف أي أجنبي من دخولها من كثرة الأرواح التي زُهقت فيها، وكل ركن في أرضها مُلطخ بدماء الأبرياء.
ومع تزايد حدة هجمات جيش الكيان الصهيوني عبر «القصف المتواصل» على غزة، تتعالى أصوات الفنانين الداعمين للقضية الفلسطينية في مصر والعالم العربي، تنديدًا بالمجازر الوحشية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، حيث حرص عدد من النجوم على إطلاق «صافرات إنذار»، من خلال تقديم أغانيهم أو إحياء أخرى قديمة توثق القضية الفلسطينية.
وفي السطور التالية نرصد عبر «البوابة نيوز»، تفاصيل عدد من الأعمال الفنية الغنائية التي أطلقها الفنانون في وجه الاحتلال، تعبيرا عن الوقوف بجانب شعب يعيش المعاناة «تحت القصف الغاشم»، كالتالي:
أحمد سعد
ساند الفنان أحمد سعد، القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة، بطرح أغنية جديدة بعنوان «غصن الزيتون»، عبر موقع الفيديوهات الشهير «يوتيوب»، وبه مشاهد مؤثرة من ضرب إسرائيل لغزة، وهى من كلمات حسام طنطاوي، وألحان محمدي، وتوزيع محمد عاطف الحلو، ناي أحمد خيري، ومن إنتاج شركة مزيكا.
ولكن تم حذفها في أقل من 24 ساعة من طرح الأغنية، معلنا عدم مسئوليته عن حذفها وأن الأمر خارج إرادته، وقام بنشر مقطع فيديو من الأغنية عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الإجتماعى «إنستجرام»، وعلق قائلا: «معلش الفيديو اتشال من على اليوتيوب، لظروف خارج إرادتي وخارج حريتي، بس نزلته تاني النهارده على صوره فقط والفيديوهات جوه القلوب، لا يمكن تتشال أبدا #فلس_طين».
هند عبد الحليم ومحمد جمال
وشارك الفنان محمد جمال الفنانة هند عبد الحليم، بأغنية جديدة بعنوان «موطني»؛ وذلك لدعم القضية الفلسطينية، وهى من كلمات الشاعر الفلسطيني إبراهيم الطوقان، وألحان محمد فليفل وتوزيع مادي مهندس الصوت بيشوي مجدي وتعد تجديدا لتلك الأغنية التي تمس قلوب من يسمعها.
حمزة نمرة
وطرح المطرب حمزة نمرة أغنية جديدة وذلك بتعاون مشترك مع الفرقة الموسيقية الأردنية الفلسطينية، وكانت الاغنية تحمل اسم «يا ظريف الطول»؛ تضامنا مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد عمليات القصف المستمرة على أطفال وسيدات قطاع غزة، من كلمات التراث الفلسطيني والدبكة.
ونشر تدوينة عبر موقع إكس نصها: «قلبي واجعني ع اللي ماتوا، مش عارف أنام من القهر، فمسكت المصحف وقرأت كلام ربنا فروحي هدأت واتطمنت عليهم، تخيلوا كل اللي كانوا في المستشفى، بآلامهم وأوجاعهم وعطشهم وجوعهم ولهفتهم على عيالهم وعياطهم وقلة حيلتهم، في غمضة عين، في أسرع من غمضة عين، اتبدل حالهم لحال ما أعظمه وأجمله، لنعيمك يارب».
علي الحجار
كما عبر الفنان الكبير علي الحجار عن دعمه للقضية الفلسطينية وذلك عن طريق تقديم أغنية تحمل اسم «من فوق سابع سما»؛ توضح من خلالها بسالتهم في الدفاع عن وطنهم وأنفسهم ضد قوات الاحتلال الصهيوني الغاشم.
بسمة بوسيل
دعمت المطربة بسمة بوسيل القضية الفلسطينية، وذلك بطريقتها الخاصة من خلال إعادة غناء أغنية «أعطونا الطفولة»، والتي قدمتها المطربة اللبنانية ريمي بندلي، وبعد طرحها للأغنية عادت للصدارة من جديد بعد ما يقرب من 40 عاما، وهى من كلمات جورج يمين هدى سيداوي لينا أبورستم وألحان رينيه بندلي.
A post shared by Bassma Boussil (@bassmaboussel)
هانى شاكر
بداية انطلاق الحرب على غزة طرح أمير الغناء العربي هانى شاكر أغنية تحمل عنوان «الهوية عربي»؛ وذلك على جميع التطبيقات والمنصات الموسيقية؛ تضامنا مع الشعب الفلسطيني وأحداث غزة، وهى من كلمات أسامة حسن وألحان مصطفى شكري وتوزيع أحمد أمين.
لطيفة
أعادت المطربة لطيفة طرح أغنيتها «إلى طغاة العالم»، والأغنية من كلمات محمود سليمان وألحان عزيز الشافعي، في ثاني تعاون لها معه وتوزيع أحمد عادل.
الأوبريت العربي «راجعين»
قدم مطرب الراب مروان موسى بمشاركة 25 فنانًا مصريًا، أوبريت عربي يحمل اسم «راجعين» في أول تجربة غنائية شبابية تجمع نجوم عالم الراب والموسيقى في العالم العربي من عشر دول مختلفة هي مصر والأردن وتونس والمغرب وليبيا والسعودية واليمن والكويت والسودان وفلسطين.
والجدير بالذكر أن أوبريت «راجعين» المكون من 25 مطربا كانوا من جيل الشباب، الذي لم يعاصر انتصارات الوطن العربي، ولم يشعر بقيمة الحروب الذي انتصرت فيها الجيوش العربية بالاستناد على قوة بعضهم البعض، كما أن أسلوب الغناء في الأوبرت نفسه فيه هو «الراب» وهو فن معروف في المجتمع الغربي، وانتقل من هناك للعالم العربي، لأنه نال إعجاب كثيرين من الشباب، بعدما عُرف عنه أنه طريقة غناء تعبر عن التمرد.
ضم الأوبريت 6 مغنيين من مصر منهم نجوم الراب عفروتو ومروان بابلو ومروان موسى مع دينا الوديدي ودنيا وائل وأمير عيد، بمشاركة فلسطينية لكل من دانا صلاح وسيف شروف وعصام النجار ووسام قطب وعمر رمال وزين، بجانب فؤاد جريتلي من ليبيا ودافنشي من السودان وفورتيكس من الكويت، إضافة إلى بلطي ونوردو من تونس والمغربي سمول اكس والثنائي اليانج وراندر من اليمن والسعودية والإماراتية غالية شاكر، بمشاركة أخرس وسيف بطاينة من الأردن.
ديانا كرزون
طرحت المطربة الأردنية، ديانا كرزون، أغنية جديدة تعبر فيها عن مساندتها لشعب غزة بعنوان «الشعب البطل»؛ وذلك عبر قناتها الرسمية على «يوتيوب» وعلى حساباتها المختلفة بالسوشيال ميديا، وهى من كلمات سائد العجيمي، ألحان محمد بشار، توزيع موسيقى خالد مصطفى.
عزيز الشافعى
طرح الشاعر والملحن الكبير عزيز الشافعي أغنية جديدة، معبرًا فيها عن دعمه للقضية الفلسطينية بعنوان «يا ضمير العالم»، وجمعت الأغنية بين اللغتين العربية والإنجليزية، وتحكي الأغنية في كلماتها معبرة عما يجري في أرض غزة من عدوان الاحتلال الصهيوني على أهل وقصفة مستشفيات ومساجد وكنائس ومدارس مخلفين عدد كبير من الشهداء والجرحى في صمت دولي وضمير العالم الغائب الذي لم يلتفت لتلك الصرخات المدوية في الأفق وشعب يدافع عن أرضه ضد الاحتلال، وهى من غناء عاليا صبحي ووعد، وكلمات وألحان عزيز الشافعي، توزيع أحمد وجيه.
كاظم الساهر يدعم فلسطين بأغنية جديدة تحمل اسم "HoldYourFire"
ويتأهب الفنان الكبير كاظم الساهر، لطرح أغنية جديدة تحمل اسم «HoldYourFire»، باللغة الإنجليزية، معبرا من خلالها عن معاناة الشعب الفلسطيني جراء الانتهاكات الصهيونية ضده..
ونشر «الساهر»، صورًا وفيديوهات من كواليس الاستعداد للأغنية، عبر صفحته الشخصية بموقع "إنستجرام"، وعلق عليها قائلًا: "في إطار سعينا المتواصل لدعم أهلنا بكل ما أوتينا من الأدوات والإمكانات والصداقات في الشرق والغرب، أقوم بالتعاون مع جمعية الأمم المتحدة للموسيقى الكلاسيكية بإنتاج أغنية HoldYourFire بهدف تسليط الضوء بشأن الكارثة الإنسانية، والدعوة إلى إنهاء الحرب المدمرة.. ولقد اخترنا أن تكون باللغة الإنجليزية لإيصال رسالة إلى العالم تدعو لوقف العنف الذي يمارس على المدنيين الأبرياء".
View this post on InstagramA post shared by Kadim Al Sahir | كاظم الساهر (@kadimalsahirofficial)
- مطربو الفن الشعبي يدعمون غزة
عبر بعض مطربي الأغاني الشعبية عن دعمهم للقضية الفلسطينية وذلك بطرحهم لأغاني تتحدث عن معاناة شعب غزة في ظل عدوان قوات الاحتلال، وكذلك كانت الأغاني فيها إشارة لنعي الشهداء ضحية الهجمات الغاشمة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي ومن هؤلاء المطربين الفنان محمد عدوية الذى طرح مؤخرًا أغنية جديدة تحمل اسم "أرض غزة" عما يحدث في فلسطين ويتضامن معها بسبب الهجوم الغاشم الذي ارتكبه المحتل على أراضيها.
محمد عدوية
دعم المطرب محمد عدوية، القضية الفلسطينية تعبيرا منه عن مناصرته للإخوة الأشقاء في غزة وما طالهم من عدوان غاشم من قبل الاحتلال في أغنية معبرة عن تلك الحالة، وتحمل اسم «أرض غزة»، عبر قناته الرسمية بموقع «يوتيوب»، وهي من ألحان عبدالرحمن حامد، وكلمات محمد عبد الجابر، وتوزيع محمد روستم.
وأعرب «عدوية» عن سعادته بما لاقاه من ردود أفعال المتابعين على الأغنية عق طرحها تضامنًا مع أحداث فلسطين، مشيرًا إلى أنه قدم تلك الأغنية من أجل دعم فلسطين وهذا أقل ما أقدمه لهذا الشعب العظيم.
طارق الشيخ
كما طرح المطرب الشعبي طارق الشيخ أغنية جديدة تحمل اسم "لما النفس تهون على النفس"؛ تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، تشير إلى ما يحدث في غزة وحربهم مع ضد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
أحمد شيبة
وقدم النجم الأغنية الشعبية أحمد شيبة أغنية جديدة تحمل عنوان "قاتلنى وجاي تقول لي شالوم" على اليوتيوب، وذلك دعمًا للشعب الفلسطيني.
وعبر النجم أحمد شيبة عن سعادته بما لاقاه من ردود أفعال وإشادات الجمهور التي تلقاها على أغنيته الجديدة الداعمة لشعب فلسطين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فلسطين غزة القضية الفلسطينية حرب غزة نجوم الفن احمد سعد محمد جمال على الحجار الاحتلال الإسرائیلی للقضیة الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی
إقرأ أيضاً:
هل سويسرا محايدة حقا تجاه القضية الفلسطينية؟
في أعقاب الحروب النابليونية التي عصفت بأوروبا، اجتمع القادة الأوروبيون في مؤتمر كبير في فيينا عام 1815، وتقرر جعل سويسرا منطقة محايدة عازلة بين النمسا وفرنسا، ومن حينها عرفت البلد بحيادها تجاه القضايا الخارجية.
وحافظت سويسرا إلى حد كبير على سياسة الحياد خلال الكثير من الأحداث العالمية المعاصرة وخصوصا الحربين العالميتين بل دفعها حيادها إلى عدم الانخراط في التكتلات الأوروبية، فهي ليست حتى الساعة عضوا في الاتحاد الأوروبي ولا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ولم تنضم للأمم المتحدة إلا في عام 2002.
لكن حياد سويسرا يتعرض دائما لاختبار حقيقي عندما يتعلق الأمر بإسرائيل والقضية الفلسطينية، بل إن هذا الحياد يكاد يصبح من الماضي إزاء الحرب العدوانية التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة.
فقد ارتبط اسم البلد مبكرا بالصراع في الشرق الأوسط، حيث احتضنت المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل في أغسطس/آب 1897 والذي مثل النواة الأولى لعمليات تهجير اليهود إلى فلسطين تمهيدا لإقامة الكيان الإسرائيلي.
وبعد أسبوع من انعقاد ذلك المؤتمر، كتب صاحب مبادرة إنشاء المنظمة الصهيونية العالمية ورئيس المؤتمر ثيودور هرتزل "في بازل أسّستُ الدولة اليهودية".
لكن سويسرا، بحسب دراسة للباحثين إيف شتاينر وساشا زالا بعنوان "سويسرا والصراع العربي الإسرائيلي"، ظلت تعلن على مدى تاريخ هذا الصراع تمسكها بسياسة متوازنة تجمع بين الحياد والالتزام الإنساني ودعم قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط. فهل كانت حقا محايدة تجاه القضية الفلسطينية؟
محطات تاريخية في علاقة سويسرا بالقضية الفلسطينية: في عام 1927 أنشأت سويسرا قنصلية لها في يافا التي كانت آنذاك مدينة فلسطينية ذات أغلبية عربية. بعد الحرب العالمية الثانية، ازدهرت العلاقات الاقتصادية والقنصلية بين سويسرا وفلسطين تحت الانتداب البريطاني مع إنشاء غرفة التجارة السويسرية الفلسطينية. بعد قرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين وإعلان قيام الكيان الإسرائيلي عام 1948 أرجأت الحكومة الفدرالية السويسرية اعترافها بالكيان الجديد، تجنّبا -حسب الدراسة المذكورة أعلاه- لتصنيفها منحازة إلى أحد طرفي الصراع. بعد توقيع اتفاقيات الهدنة التي أوقفت حرب 48 بين العرب والإسرائيليين، منحت سويسرا كلا من إسرائيل والأردن اعترافها الرسمي في يناير/كانون الثاني 1949. في عام 1956، تولت سويسرا نقل قوات حفظ السلام بواسطة الخطوط الجوية السويسرية إلى مصر وتحديدا منطقة قناة السويس وشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. في عام 1964، وقعت سويسرا وإسرائيل اتفاقية إلغاء التأشيرة وهذا مكّن من زيارة العديد من الشخصيات الإسرائيلية إلى سويسرا، وتطوير العلاقات التجارية بين الطرفين. بعد حرب 1967 دعمت سويسرا بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة "إينيتسو"، فوفرت طائرات وساهمت في الإشراف على تبادل أسرى الحرب. بعد حرب 1973 تعرض حياد سويسرا لاختبار جديد حيث أبدت تعاطفها مع إسرائيل، وأوقفت دعمها المالي لليونسكو في أعقاب قرارات لتلك المنظمة الدولية أزعجت إسرائيل، لكن صحيفة تايم لاين السويسرية أرجعت ذلك الموقف إلى تأثر سويسرا حينها بهجمات نفذها مسلحون فلسطينيون على الأراضي السويسرية ضد أهداف إسرائيلية. ياسر عرفات أثناء مبادرة جنيف في سويسرا 2012 (الفرنسية) في نفس الفترة تحدثت مصادر صحيفة عن اتفاق سري بين سويسرا ومنظمة التحرير الفلسطينية وقعه بيير غرابر وفاروق القدومي يقضي بتقديم سويسرا الدعم الدبلوماسي للمنظمة مقابل ضمانات بعدم شنّ هجمات فلسطينية ضد المصالح الإسرائيلية على الأراضي السويسرية. في عام 1975، كان افتتاح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في جنيف. في عام 1979 دعمت سويسرا قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية ليست لها أي شرعية قانونية. تزامنا مع مفاوضات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، كونت سويسرا مجموعة من الدبلوماسيين مختصة في الصراع في الشرق الأوسط. في أكتوبر/تشرين الثاني 2003 أطلقت سويسرا "مبادرة جنيف" التي أشرف عليها الدبلوماسي السويسري ألكسيس كيلر وتضمنت مقترح اتفاق سلام يتناول قضايا الصراع الرئيسة (القدس، واللاجئون الفلسطينيون، وترسيم الحدود)، وتم التوقيع عليه من قبل شخصيات أكاديمية إسرائيلية وفلسطينية لكنها لا تمثل الجهات الرسمية، ورغم الدعم الدولي، ظلت تلك المبادرة تراوح مكانها من دون أن تحقق خرقا في مواقف الأطراف. بعد فوز حماس بالانتخابات البرلمانية الفلسطينية في 2006، ظلت سويسرا على تواصل معها، حتى إن وفدا من حماس زار سويسرا عام 2012 لحضور جلسة للاتحاد البرلماني الدولي، ومقرّه جنيف، كما حضر الوفد مؤتمرا جامعيا حول غزة بعنوان "غزّة.. حتى لا ننسى". خلال الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة من 2008 إلى 2021، كان موقف سويسرا هو تقديم المساعدات الإنسانية والدعوة إلى وقف إطلاق النار، وامتنعت سويسرا تاريخيا عن تصنيف حماس منظمةً إرهابية. مشير المصري ترأس وفد حركة حماس الذي زار سويسرا 2012 لحضور جلسة للاتحاد البرلماني الدولي (الأناضول – أرشيف) 7 أكتوبر والتخلي عن الحياديعتبر الباحث فيليب بوجلين -في مقال في صحيفة "لي تامب" السويسرية- أن سويسرا تخلت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الثاني 2023 عن حيادها وتقاليدها الإنسانية، إذ أعلنت نيتها حظر حماس وحجبت التمويل عن وكالة اللاجئين الفلسطينية (الأونروا).
ويرى الباحث أنه إن كان حصل شبه إجماع من الأطراف السياسية على إدانة هجوم حماس على إسرائيل والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي من بينهم اثنان يحملان الجنسية السويسرية، إلا أن هذا الإجماع النسبي تحطم بسرعة بسبب الرد الإسرائيلي الوحشي في غزة، والذي أسفر عن استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين معظمهم من الأطفال والنساء.
وفي صحيفة سلات الفرنسية يتساءل الباحث ليو بيير هل ما زالت سويسرا محايدة حقا على الساحة الدولية؟ إذ يعتبر أن البلد تمكنت بحيادها من لعب دور رائد في العديد من قضايا العالم، مثل دورها في توقيع اتفاقيات إيفيان بين فرنسا والجزائر عام 1962، وفي عملية إطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم القوات الثورية الكولومبية (فارك)، وفي الوساطة بين تركيا وأرمينيا، إلا أن حياد سويسرا فضحه الصراع الروسي الأوكراني وفضحه بشكل أكبر الصراع في الشرق الأوسط.
ففي الحرب الإسرائيلية على غزة، لم تستطع سويسرا الخروج عن المواقف الغربية المشتركة مثل تعليق المساعدات للأونروا، وعدم الاعتراف بفلسطين؛ فعندما أتيحت فرصة التصويت لصالح انضمام فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة في العاشر من مايو/أيار 2024، فضلت سويسرا الامتناع عن التصويت.
وفي وقت تتزايد فيه الدعوات لوقف تزويد إسرائيل بالأسلحة يستمر التعاون العسكري بين سويسرا وإسرائيل وتتبادلان بيع المعدات العسكرية بعضهما البعض، حسب الباحث لييو بيير.
وفي ذات السياق، يرى أستاذ القانون الدولي الإنساني السويسري إيف ساندوز في مقال له أنه يجب على سويسرا إعادة التوازن إلى موقفها تجاه الصراع في الشرق الأوسط وأن تتصرف بموضوعية ونزاهة في الدفاع عن حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وأن تعمل على وقف الأعمال العدائية الجارية في غزة التي تسببت في معاناة لا توصف للسكان وانتهاك صارخ للقانون الدولي.
وأضاف ساندوز، أنه لا مراء في أن الهجوم الإسرائيلي على غزة يأتي في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي وصفه بـ"المدان"، لكن أستاذ القانون الدولي الإنساني يرى أنه من الخطأ النظر إلى العدوان الإسرائيلي من زاوية الدفاع عن النفس، بل يجب اعتباره حلقة دموية من صراع لم يتوقف قط، وإنما ينفجر بوحشية على فترات منتظمة مثل بركان خامد.
ويخلص ساندوز أنه حتى لو نظرنا من زاوية الدفاع عن النفس، فإن الهجوم الإسرائيلي الحالي على غزة يتجاوز كل الحدود التي وضعها القانون الدولي.
قانون حظر حماسفي سبتمبر/أيلول 2024، أقرت الحكومة السويسرية مشروع قانون يقضي بحظر حركة حماس ويعتبرها منظمة إرهابية، كما يحظر القانون كل المنظمات والجماعات التي تعمل نيابة عن حماس أو باسمها.
ويأتي إقرار القانون استجابة لعريضة وقعها برلمانيون ورؤساء أحزاب ومنظمات سويسرية موالية لإسرائيل تطالب بتصنيف حماس منظمة إرهابية، وتعتبر أن احتفاظ سويسرا باتصالات مع منظمة تهدف إلى تدمير "دولة ذات سيادة" أمر مزعج إلى أقصى حد ويضر بالسياسة الخارجية لسويسرا.
ورأت هذه الشخصيات السويسرية أن إلقاء نظرة على ميثاق حماس يكفي للتأكيد على أن أهدافها تتطابق من حيث المبدأ مع أهداف تنظيم الدولة الإسلامية "الله مرتكزها، والنبي قدوتها، والقرآن دستورها، والجهاد سبيلها والموت في سبيل الله أغلى أمانيها".
وتضيف هذه الشخصيات أن حماس صنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى -بما فيها حتى دول عربية وإسلامية- على أنها "جماعة إرهابية، فكيف لا تفعلها سويسرا؟".
ووفقا للقانون الجديد الذي نشرت الصحف السويسرية بعض فقراته، فإن حركة حماس هي منظمة فلسطينية إسلامية تتألف من جناح سياسي وجناح مسلح تأسست بعد اندلاع الانتفاضة عام 1987 على يد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وحصلت حماس على أغلبية أصوات الفلسطينيين في الانتخابات التي أجريت في مناطق الحكم الذاتي عام 2006.
وفسر القانون ذلك النجاح بتنامي "التطرف" نتيجة استمرار الصراع في الشرق الأوسط لعقود من الزمن من دون حل، إضافة إلى ما وصفه بالالتزام الاجتماعي الذي ميز حماس في مقابل الفساد المستشري في حركة فتح.
وزعم القانون الجديد أن الميثاق التأسيسي لحركة حماس يدعو إلى قتل اليهود وتدمير دولة إسرائيل، كما ترفض حماس اتفاقات أوسلو وتعتبرها خيانة.
وإن كان القانون أشار إلى أن حماس عدلت ميثاقها عام 2017 بأن خففت موقفها تجاه إسرائيل، وتحدثت عن قبولها فكرة إقامة الدولة الفلسطينية في حدود 1967، إلا أنه أوضح أن حماس ما تزال ترفض الاعتراف بإسرائيل وما زال قادتها يدعون إلى تدمير دولة إسرائيل.
والغريب أن القانون الذي يحظر حماس يؤكد أنه لا يحتمل في الوقت الحالي القيام بأي عمل إرهابي مخطط له من قبل حماس في سويسرا، وأنه ليس لدى جهاز المخابرات الفدرالية السويسرية أي معلومات تشير إلى أن حماس تمتلك الوسائل العملياتية لتنفيذ هجمات في سويسرا ولا في أوروبا كلها.
لكنه يضيف أن الوضع قد يتطور اعتمادا على الصراع، كما أن نقل أحداث الحرب الجارية عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في سويسرا، قد يؤدي إلى ما وصفه القانون بزيادة الأعمال المعادية للسامية في البلاد.
وكانت وزيرة العدل السويسرية إليزابيت شنايدر أوضحت في تصريح سابق أن إقرار قانون حظر أنشطة حركة حماس من شأنه أن يسهّل طرد من وصفتهم بالأشخاص "الخطرين" ويسرع الإجراءات الجنائية ضد "الإرهابيين المحتملين".
كاسيس أثار غضب الفلسطينيين عام 2018 بإعلانه أن وكالة الأونروا تشكل عقبة أمام السلام في الشرق الأوسط (غيتي)وأضافت شنايدر أن الحكومة السويسرية تدرك أن حظر حركة ما يشكل اعتداء كبيرا على الحقوق الأساسية ويمكن أن يؤثر على مجال المناورة المتاح لسويسرا في السياسة الخارجية، غير أن الحكومة تعتبر مصالح الأمن الداخلي وضرورة مكافحة "تمويل الإرهاب" تعلو فوق الاعتبارات الأخرى.
اعتبر باحثون سويسريون أن حظر حماس خطأ كبير فهي لا تخضع لعقوبات من مجلس الأمن الدولي يمكن لسويسرا أن تستند إليها كما هو الحال مع تنظيمي القاعدة و"داعش".
ونقلت صحيفة "لا ليبرتي" السويسرية عن البروفيسور في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنموية في جنيف والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط ريكاردو بوكو أن سويسرا ترتكب "خطأ كبيرا وفادحا" بتصنيفها حركة حماس كمنظمة إرهابية، مضيفا أن مثل هذا الحظر سيقطع الحوار مع الفلسطينيين.
واعتبر بوكو أنه لا يفهم سبب رغبة سويسرا في اتخاذ موقف لصالح إسرائيل بعد أن كانت سويسرا الدولة المحايدة التي تعمل من أجل السلام في أحلك الظروف، مثلها في ذلك مثل النرويج التي ما تزال ترفض تصنيف حماس على قائمة الإرهاب.
ونقلت الصحيفة عن محللين سويسريين آخرين انتقادهم لسياسات وزير الخارجية الحالي إينياتسيو كاسيس، الذي يعتبرونه جزءا من مجموعة مؤثرة مؤيدة لإسرائيل، ويذكرون أنه كان قد أثار غضب الفلسطينيين عام 2018 بإعلانه أن وكالة الأونروا تشكل عقبة أمام السلام في الشرق الأوسط.
أخيرا يتفق أغلب الباحثين أن المواقف الجديدة لسويسرا المنحازة لإسرائيل مدفوعة بالتأثير المتنامي للاتجاه اليميني في البلاد، وأن هذه المواقف ستؤدي إلى تآكل القوة الناعمة لسويسرا في المنطقة والعالم ككل، تلك القوة التي كانت تعتمد على سياسة الحياد وتمكنت من خلالها من لعب أدوار مختلفة على الساحة الدولية.