تشتد الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، برا وجوا وبحر، بالتزامن ترتفع أصوات تتحدث عن سيناريوهات غزة بعد تحقيق إسرائيل هدفها المعلن من الحرب وهو "القضاء على حركة حماس" التي تحكم القطاع.

أحد السيناريوهات تشير إلى إدارة قطرية مصرية سعودية إماراتية للقطاع، لقطع الطريق على إيران التي تدعم حركة حماس، وتشكل تهديدا أساسيا لإسرائيل، إلى جانب تقليم أظافر روسيا التي تسعى لاستغلال ما يجري لتوسع نفوذها في المنطقة.

الخارجية الأميركية: أرسلنا "رسالة ردع مدوية" إلى إيران قال فيدانت باتيل، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن حذرت إيران من تداعيات التعرض للقوات الأميركية في سوريا والعراق.

في تحليل نشرته فورين بوليسي، يقول، جيسون باك، وهو مقدم برنامج بودكاست (Disorder)، ومؤلف كتاب "ليبيا والاضطراب العالمي الدائم"، إن الغرب يجد في الحرب المستعرة في غزة، فرصة لا تعوض لإعادة ترتيب خارطة الشرق الأوسط السياسية. 

ويحاجج الكاتب بأن الفشل في اغتنام الفرصة الدبلوماسية التي توفرها هذه الأزمة من شأنه أن يزيد احتمالات نشوب حروب في المستقبل، خاصة أن الشهر الأول من الحرب لا يعطي بوادر تشير إلى إمكانية تحقيق نتائج عسكرية قادرة على توفير الأمن أو الرخاء سواء للإسرائيليين أو الفلسطينيين.

دخان يتصاعد من شدة القصف الإسرائيلي على غزة

وأعلنت إسرائيل، الثلاثاء، أن قواتها توغلت في عمق مدينة غزة في اليوم الثاني والثلاثين للحرب مع حركة حماس، بينما تعهد رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، باستمرار العمليات حتى إنهاء حكم حماس للقطاع.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، في تصريحات نقلتها رويترز إن قوات الجيش باتت مساء الثلاثاء "في قلب مدينة غزة"، متعهدا بتدمير الحركة التي أطلقت هجوم السابع من أكتوبر داخل إسرائيل.

وأكد نتانياهو في كلمة أن الجيش قد توغل في غزة "بشكل أعمق مما تخيلته حماس"، متعهدا بأن "غزة لن تشكل بعد اليوم تهديدا لإسرائيل".

في غضون ذاك، قال الجناح العسكري لحركة حماس إن مقاتليه يلحقون خسائر وأضرارا فادحة بالقوات الإسرائيلية التي تتقدم.

ويرى باك أن حماس وإيران وروسيا يستخدمون الحرب القائمة لتعميق التوترات الإقليمية والعالمية، لإحداث شرخ بين خصومهم التقليديين كي يظهروا أكثر انقساما وضعافا.

ويعتقد أن نهاية الحرب في ظل غياب حل إقليمي، وتعقيد الانقسامات القائمة حاليا سيشكل "انتصارا لحماس وإيران وروسيا".

لذلك، فإن الدبلوماسيين الغربيين الذين يخططون لليوم التالي بعد انتهاء الحرب يجدون أنفسهم في مواجهة خيارين، إما استثمار الحرب لإضعاف أعدائهم فقط، أو السعي إلى إعادة تشكيل تكتلات القوى القائمة في المنطقة.

ويعتقد باك أن الخيار الأول، إذا تحقق، سيؤدي إلى تصلب المعسكرات الثلاثة الموجودة في المنطقة: المعسكر المؤيد لإيران وروسيا، وهم حزب الله وسوريا والحوثيون في اليمن، والمعسكر المستعد للعمل مع الإخوان المسلمين، في إشارة إلى قطر وتركيا وغرب ليبيا، والمعسكر المتشدد في معارضة الإخوان المسلمين، وتمثله الإمارات ومصر والسعودية وإسرائيل وشرق ليبيا.

ويقول باك إن  المعسكري الأخير، الذي يعارض تيار الإخوان المسلمين، يمكنه أن يحقق إعادة صياغة مفاهيمية للمنطقة إلى محور يتكون من المعسكرين الآخرين متحدين بناء على رغبة في التعاون لمواجهة الاضطرابات.

وهنا يأتي دور القوى الغربية، كما يرى باك، إذ أن بإمكانهم دبلوماسيا إزالة الدوافع الإقليمية للصراع من خلال سحب التجمع الحالي من الدول العربية الراغبة في العمل مع الإخوان المسلمين، وتحديدا قطر وتركيا، بعيدا عن مغازلة إيران والحركات المسلحة السنية المزعزعة للاستقرار مثل حماس.

الجيش الإسرائيلي توغل بريا في قطاع غزة منذ أسبوعما يمكن لقطر فعله

وكي تتحقق هذه الرؤية، فإن قطر يجب أن تشكل العمود الفقري لعملية إعادة التنظيم هذه، لأنها تحتل موقع الدولة المتأرجحة المحورية لنظام الشرق الأوسط بأكمله. 

ويقول باك إن قطر وحدها هي القادرة على التحدث مع المتطرفين السُنة وآيات الله، فضلا عن السعوديين والأتراك وإسرائيل والولايات المتحدة.

ويدلل على ذلك بأن كل صفقات إطلاق سراح الرهائن تتم عبر الدوحة حصريا، لذلك فإن تشجيع القطريين على هذا السيناريو يمكن المنطقة من الخروج من الصراع الحالي وهي مستعدة لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي، وفي وضع يمكنها من طرد وكلاء إيران من المنطقة.

أمير قطر يجري مباحثات مع وزير الخارجية الأميركي بشان غزة

ويؤكد باك في تحليله أن دور الدبلوماسية الناضجة في مثل هذه الأوقات يتلخص في تجنب مزيد من المعاناة، واحتواء الفوضى، والسعي لدفع المقاتلين نحو الخيار الأقل سوءا. 

ويعتقد الكاتب أن "الطريق إلى السلام الإقليمي يمر عبر الدوحة، فهي ليست فقط مكان إقامة الجناح السياسي لحماس، بل إن قطر بالنسبة لحماس نقطة دخول إلى النظام المالي الدولي.

وعلى هذا النحو، فإن قطر "وحدها هي القادرة على كبح جماح حماس، وضمان عدم نهوض حماس المهزومة مرة أخرى، وضمان توحيد القوى العربية السنية في مواجهة وكلاء روسيا وإيران المزعزعين للاستقرار"، يقول باك.

ويشير باك إلى أن كثيرين في اليمين الإسرائيلي والأميركي لا يثقون بالقطريين ويتهمونهم بالرغبة في بقاء حماس بسبب التقارب الأيديولوجي والرغبة في أن تكون هناك حاجة إليهم كوسيط. 

وينتقد هذا التوجه بالقول إن هذه قراءة "عفا عليها الزمن"، يغذيها الهوس اليميني بمعاقبة الدول التي تعمل مع الحركات الإسلامية.

وفي أوائل فترة ما بعد الربيع العربي، "مول القطريون للأسف مجموعات من المسلحين السنة في مصر وليبيا وتونس وغزة. ولا تبدو بعض خيارات سياستهم الخارجية خلال تلك الفترة حكيمة، والآن حان الوقت لكي يسمح الغرب للقطريين بطي الصفحة"، بحسب باك.

خصوم قطر

وربما يكره خصوم قطر التقليديون في دول مجلس التعاون الخليجي أن يلعبوا دورا ثانويا بعد القطريين أو يشاهدوا القطريين ينالون المديح باعتبارهم منقذي فلسطين، وفق باك. 

ويقترح الكاتب أنه "يجب تحفيزهم (خصوم قطر التقليديون ) بجزرة الدعم الشامل ضد إيران وعصا عدم بيع الأسلحة الأنغلو-أميركية في المستقبل إذا لم يمتثلوا".

ومن وجهة النظر السعودية، فإن بدء الرباعية يمكن أن ينعش ويضفي الشرعية على محادثات السلام مع إسرائيل. ومن وجهة النظر الإماراتية، فإنها تمثل فرصة للتأكيد على كونهم قادة لعملية اتفاقات إبراهيم التي تتم فيها معالجة القضية الفلسطينية بشكل مناسب.

ولي العهد الشعودي محمد بن سلمان مع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد

ويشير التحليل إلى أنه حتى الآن، كان التمويل الإماراتي والقطري للحركات السياسية المعارضة في جميع دول ما بعد الربيع العربي هو "المحرك الرئيسي للفوضى الإقليمية التي يواجهها العالم الآن، لكن هذا يمكن، بل ويجب، أن يتغير".

ووبناء على ذلك، فإن باك يعتقد أن الدبلوماسية "الأنغلو-أميركية الناضجة" تحتاج إلى التركيز على إنشاء حكومة مشتركة قطرية وإماراتية وسعودية ومصرية لإدارة الشؤون الخارجية والحدود والرعاية الصحية والبنية التحتية والتعليم في غزة بعد الحرب لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات أثناء إعادة البناء والإصلاح.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في بيان في بداية جولة بالمنطقة يزور خلالها معبر رفح من الجانب المصري: "مر شهر كامل من المذبحة والمعاناة المتواصلة وإراقة الدماء والدمار والغضب واليأس".

ويُسمح لمئات من سكان غزة، الذين يحملون جوازات سفر أجنبية، منذ الأسبوع الماضي، بمغادرة القطاع عبر معبر رفح إلى مصر، لكن الغالبية العظمى من سكان غزة محاصرون داخل القطاع، وأولئك الذين تمكنوا من الفرار يتحدثون عن معاناة بعدما تركوا ذويهم وراءهم.

ولتحقيق الاستقرار وإعادة بناء غزة، لا يمكن التوصل إلى ترتيب عربي بقيادة قطر  لتحقيق ذلك إلا عندما يكون القطريون والإماراتيون على نفس الجانب على المستوى الإقليمي ويعملون معا لطرد النفوذ الإيراني من غزة وأماكن أخرى في الشرق الأوسط العربي، مثل اليمن وسوريا والعراق وسوريا ولبنان.

وبمجرد تشكيله بعد الحرب والانسحاب الإسرائيلي اللاحق، يجب أن يكون "الرباعي" القطري السعودي المصري الإماراتي مسؤولا عن الحفاظ على نزع السلاح الكامل لغزة ومراقبة الواردات للتأكد من عدم إمكانية دخول المواد ذات الاستخدام المزدوج إلى القطاع، وفق ما يرى باك.

ويشير التحليل إلى ضرورة أن يشارك الأردن في الدبلوماسية من وراء الكواليس، ولكن ليس في إدارة غزة، حتى يتسنى التمييز بين الترتيبات في غزة وتلك القائمة في الضفة الغربية، والوصاية الهاشمية على الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني - صورة أرشيفية.

كما أن باك يؤكد على مسألة مهمة وهي الاعتراف رسميا بالسيادة الفلسطينية على غزة في نهاية المطاف وفق القانون الدولي. ولتأمين التأييد الفلسطيني الرسمي، يجب أن لا يؤثر هذا المقترج على التطورات المستقبلية في الضفة الغربية، كما لا بد من دعوة ممثلي السلطة الفلسطينية وشخصيات بارزة من غير حماس في غزة إلى الدوحة لحضور مؤتمر دولي للإعلان عن الفكرة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الإخوان المسلمین فی غزة إن قطر

إقرأ أيضاً:

آخر تطورات صفقة الأسرى ووقف الحرب في غزة.. عاجل

عواصم - رويترز
أشار مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون اليوم الاثنين إلى تقلص بعض الفجوات بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بشأن إمكانية وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكن دون التوصل إلى حل لنقاط خلاف حاسمة.

واكتسبت محاولة جديدة للوساطة من جانب مصر وقطر والولايات المتحدة لإنهاء القتال وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأجانب زخما هذا الشهر، ومع ذلك لم يتم الإعلان عن أي تقدم حتى الآن.

وقال مسؤول فلسطيني مطلع على المحادثات إنه في حين تم حل بعض النقاط العالقة، لم يتم الاتفاق بعد على هوية بعض المعتقلين الفلسطينيين الذين ستفرج عنهم إسرائيل مقابل إطلاق سراح رهائن محتجزين لدى حماس، وكذلك لم يتم الاتفاق بشأن تفاصيل النشر الدقيق لقوات إسرائيلية في غزة.

وجاء ما قاله المسؤول الفلسطيني متوافقا مع تصريحات وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي الذي قال إن القضيتين لا تزالان قيد التفاوض. ومع ذلك قال شيكلي إن الجانبين أقرب إلى التوصل إلى اتفاق مما كانا عليه قبل أشهر.

وقال شيكلي لهيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان) "يمكن أن يستمر وقف إطلاق النار هذه المرة ستة أشهر أو يمكن أن يستمر عشر سنوات، وهذا يعتمد على التحركات التي ستتم على الأرض". وأضاف أن الكثير يتوقف على السلطات التي ستدير غزة وتعيد تأهيل القطاع بمجرد توقف القتال.

وشكلت مدة وقف إطلاق النار نقطة خلاف أساسية خلال عدة جولات من المفاوضات غير المثمرة. وتريد حماس إنهاء الحرب، في حين تريد إسرائيل إنهاء إدارة حماس لقطاع غزة أولا.

وقال المسؤول الفلسطيني إن "مسألة إنهاء الحرب تماما لم يتم حلها بعد".

وقال زئيف إلكين، عضو مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لإذاعة الجيش إن الهدف هو إيجاد إطار متفق عليه من شأنه حل نقاط الخلاف خلال مرحلة ثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

وأشار الوزير شيكلي إلى أن المرحلة الأولى ستكون مرحلة إنسانية تستمر 42 يوما وتتضمن إطلاق سراح رهائن.

* مستشفى

أطلقت إسرائيل حملة عسكرية على غزة ردا على هجوم شنته حماس عليها في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 وأسفر وفقا لإحصاءات إسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة.

وتقول وزارة الصحة في القطاع إن أكثر من 45300 فلسطيني قتلوا في الحملة الإسرائيلية منذ ذلك الحين. كما نزح معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وتحول جزء كبير من القطاع إلى أنقاض.

وقال مسعفون إن 11 فلسطينيا على الأقل قتلوا في غارات إسرائيلية اليوم الاثنين.

ويسعى أحد المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل جزئيا في شمال القطاع، وهي منطقة تتعرض لضغوط عسكرية إسرائيلية مكثفة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، إلى الحصول على مساعدة عاجلة بعدما أصابته النيران الإسرائيلية.

وقال حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان "نواجه تهديدا مستمرا يوميا... القصف مستمر من جميع الاتجاهات، مما يؤثر على المبنى والأقسام والموظفين". وجدد أبو صفية مطالبة المجتمع الدولي بتوفير الحماية والمساعدة الإنسانية.

ولم يدل الجيش الإسرائيلي بتعليق بعد. وقال أمس الأحد إنه يزود المستشفى بالوقود والغذاء ويساعد في إجلاء بعض المرضى والموظفين إلى مناطق أكثر أمانا.

ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بالسعي إلى إخلاء شمال غزة من السكان بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

وتقول إسرائيل إن عملياتها عند المناطق السكنية الثلاث في الطرف الشمالي لغزة، وهي بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، لاستهداف مسلحي حماس.

وقال توم فليتشر منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة اليوم الاثنين إن القوات الإسرائيلية تعيق جهود توصيل المساعدات الضرورية إلى شمال غزة.

وأضاف "شمال غزة يخضع لحصار شبه كامل منذ أكثر من شهرين، مما يثير شبح المجاعة... وجنوب غزة مكتظ جدا بالسكان مما يجعل الظروف المعيشية مروعة والاحتياجات الإنسانية أكبر مع حلول فصل الشتاء".

 

مقالات مشابهة

  • آخر تطورات صفقة الأسرى ووقف الحرب في غزة.. عاجل
  • اوردغان خليفة للسنة باموال قطرية
  • منذ وصولي للقاهرة بعد شهر من قيام الحرب لم تكحل عيني أية صحيفة مصرية ولو في صالون حلاقة او مطعم أو تركها صاحبها في غرفة انتظار أو في كنبة في محطة مترو أو قطار !!..
  • “حماس”: التوصل لاتفاق بات أقرب من أي وقت مضى
  • «الحرب العالمية».. المطرب «أبو» يطرح أحدث أعماله الغنائية
  • قبل رأس السنة .. أبو يطرح أحدث أغانيه الحرب العالمية
  • شاهد.. أبو يطرح أغنية «الحرب العالمية»
  • «أبو» يطرح أغنيته الجديدة «الحرب العالمية» تزامنا مع احتفالات الكريسماس
  • أبو يطرح أغنيته الجديدة "الحرب العالمية"
  • شرط قديم جديد..نتانياهو: لن أوقف الحرب في غزة قبل القضاء على حماس