كيف يمكن لكوكب صخري أن يكون قريبا من نجمه، لكنه يحافظ أيضا على الماء والحياة على سطحه؟.. دراسة جديدة عن كوكب خارجي تم اكتشافه مؤخرا تقدم مفتاحا لحل هذا اللغز، مما سيتيح فهم أسباب عدم تطور الحياة على كوكب الزهرة مثلما حدث على الأرض.

هذا الكوكب الخارجي يوجد قريبا جدا من نجمه لكن يبدو رغم ذلك أن ظروف تطور الحياة على سطحه ما زالت ممكنة بحسب محاكاة ثلاثية الأبعاد أجراها باحثون مؤخرا ونشرت نتائجها في دورية "مانثلي نوتيسز أوف ذا رويال أسترونوميكال سوسايتي ليترز" (Monthly Notices of the Royal Astronomical Society: Letters) العلمية.

الحرارة العالية على كوكب الزهرة قد تكون تسببت في تبخر الماء تحت تأثير الاحتباس الحراري (غيتي) الأرض والزهرة متشابهتان لكنهما مختلفتان.. لماذا؟

كانت الزهرة تعتبر حتى وقت قريب توأما محتملا لكوكبنا، فهما متجاورتان في النظام الشمسي وتدوران في مدارات قريبة نسبيا حول الشمس، ولهما أحجام وكثافات متشابهة.

لكن المسابير الأولى التي سيرها الإنسان إلى الكوكب المجاور بداية من ستينيات القرن الماضي أظهرت أن الظروف التي تسوده مختلفة جذريا: فالضغط الجوي على كوكب الزهرة أعلى بحوالي 92 مرة منه على الأرض، والحرارة على سطحه تصل إلى 475 درجة مئوية، كما أن الكوكب مغطى بطبقة كثيفة من سحب حامض الكبريتيك، وفق معهد الفيزياء الفلكية في الأندلس الإسباني.

رغم ذلك، يعتقد العلماء أنه كانت لكوكبي الأرض والزهرة طفولة متشابهة مع وجود نشاط بركاني أطلق الغازات وشكّل الغلاف الجوي، وربما أيضا الماء السائل لكن الحرارة العالية على كوكب الزهرة قد تكون تسببت في تبخر الماء تماما تحت تأثير الاحتباس الحراري الجامح، والذي أدى إلى خلق الظروف القاسية الموجودة اليوم.

لفهم هذا الاختلاف بين كوكبي الأرض والزهرة، يعمل الباحثون على دراسة الكواكب الخارجية الصخرية الشبيهة بالأرض والتي توجد فيما يطلق عليه "المنطقة الصالحة للسكن" حول نجمها المركزي.

وهي المنطقة المحيطة بالنجم حيث يمكن للكواكب تلقي كمية الحرارة المثالية للحفاظ على الماء السائل على أسطحها. لكن الباحثين اكتشفوا بيئات غير متوقعة في الفضاء الخارجي يمكن أن تحافظ على الحياة.

صورة تخيلية لكوكب "إل بي 890-9سي" مع نجمه القزم الأحمر (ناسا) كوكب شبيه بالزهرة

أحد تلك البيئات غير المتوقعة هي نظام كوكبي اكتشفه تلسكوب بيرمنغهام في سبتمبر/أيلول من العام الماضي يدور حول نجم "إل بي 890-9" (LP 890-9) الذي يبعد عنا حوالي 100 سنة ضوئية. هذا النظام الكوكبي يتكون من كوكبين صخريين صغيرين نسبيا لكنهما أكبر من حجم الأرض بحوالي 30% ويدوران في مدارين قريبين جدا من النجم المركز المعروف بكونه قزما أحمر ضعيف التوهج.

الكوكب الأبعد منهما الذي أطلق عليه اسم "إل بي 890-9سي" (LP 890-9c) لا يستغرق سوى 8.5 أيام لاستكمال دورة كاملة حول النجم، وهي نفس مدة دورانه حول نفسه مما يعني أن نصفه مضاء طوال الوقت ونصفه الآخر غارق في الظلام الدامس ولا يصل إليه الضوء.

الباحثون وجدوا أن الكوكب يتلقى كمية من الإشعاع تعادل نسبة 91% من الإشعاع الشمسي الواصل للأرض، مما يضعه على الحافة الداخلية للمنطقة الصالحة للسكن حول نجمه. لكنه في المقابل قريب جدا من المنطقة التي يحدث فيها تأثير الدفيئة الجامح، لذلك فهم يعتقدون أن أجواءه ربما تكون شبيهة جدا بتلك السائدة على كوكب الزهرة.

بين الأرض الدافئة والزهرة القاحلة

لاستكشاف كيفية تطور الغلاف الجوي لهذا الكوكب ابتكر علماء الفلك، وفق بيان نشر على موقع جامعة كورنيل (Cornell University) التي قادت الدراسة، نماذج ثلاثية الأبعاد لتركيبة غلافه بناء على عدد من المتغيرات مثل حجم الكوكب وكتلته وتركيبة غلافه الجوي الكيميائية ودرجة حرارة السطح والضغط وسمك الغلاف الجوي والغطاء السحابي.

هذه النماذج ثلاثية الأبعاد تمكن من حساب الإشعاع المنبعث من الكوكب في مناطق معينة من الطيف الكهرومغناطيسي، وبالتالي معرفة التركيبة الكيميائية للغلاف الجوي.

صورة تخيلية لتطور الغلاف الجوي لكوكب "إل بي 890-9سي" بين مناخ شبيه بالأرض وآخر شبيه بالزهرة (جامعة كورنيل)

تضمنت المحاكاة عدة سيناريوهات تعكس مراحل تطور الكواكب الصخرية، بدءا من كوكب شبيه بالأرض الدافئة حيث لا تزال الحياة ممكنة، ووصولا إلى كوكب شبيه بالزهرة القاحلة الذي يتميز بغلاف جوي غني بثاني أكسيد الكربون.

وأظهرت النتائج أن مصير الكوكب يبدو مختلفا اختلافا كبيرا اعتمادا على ما إذا كان يحتوي على محيطات دافئة، أو جو مشبع بالبخار، أو إذا كان قد فقد مياهه، بافتراض أنه كان لديه محيطات مثل الأرض.

وبحسب الباحثين فإن شبه هذا الكوكب بالزهرة يجعله مختبرا مثاليا لدراسة تطور الغلاف الجوي للكواكب الشبيهة بالأرض وشرح الاختلاف المناخي الذي نلاحظه بين الأرض والزهرة.

هذه السيناريوهات يمكن أن تقدم رؤى جديدة مهمة عن سرعة فقدان الكواكب الشبيهة بالأرض لمياهها، وعن تطور الكواكب الصخرية على الحافة الداخلية للمنطقة الصالحة للسكن، وكذلك عن التطور المستقبلي لكوكبنا.

ومن المتوقع وفقا لنتائج المحاكاة أن تتبخر المحيطات على الأرض بعد مليارات السنوات من الآن عندما تتحول الشمس إلى عملاق أحمر، وأن يمتلئ غلافها الجوي بالبخار قبل أن يصل مرحلة الغلي.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

تقرير: مسؤولون ليبيون كبار يقودون شبكة لتهريب الوقود بدعم خارجي

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا من إعداد المحرر الدبلوماسي باتريك وينتور قال فيه إن التهريب المدعوم من الدولة للنفط كلف ليبيا 20 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

وهو مبلغ مقلق يستدعي اتخاذ إجراءات حاسمة وفرض عقوبات ضد المسؤولين المتورطين في عمليات التهريب. وأشار وينتور إلى تقرير نشرته منظمة التحقيقات الإستقصائية في السياسات "سينتري" الذي يقول إن: "السياسيين وقادة الأمن الذين يدعون خدمة الشعب ومحاربة الجريمة المنظمة، هم في الواقع المهندسون الرئيسيون لصناعة تهريب الوقود في ليبيا، وغالبا بدعم من دول أجنبية". 

كما تم تهريب بعض الوقود المستورد إلى السودان، حيث أطال أمد الحرب الأهلية في ذلك البلد. وتدعو منظمة "سينتري" إلى إجراء تحقيق مدعوم من الغرب في نشاطات مسؤولي النفط الليبيين المعروفين والمتورطين في مشروع تهريب الوقود، وإلى مساعدة دولية لضمان قيام هيئات التحقيق الليبية بتحديد هوية من سرقوا أموال الشعب الليبي. 

وأضافت الصحيفة أن  تهريب الوقود ظل مشكلة قائمة في ليبيا، لكن التقرير يزعم أن المبالغ المعنية ارتفعت بشكل حاد بعد عام 2022 بعد تغيير قيادة المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، وهي إحدى الهيئات الحكومية القليلة التي تمتد بين الشرق والغرب والتي أنشأت فعليا حكومتين منذ سقوط معمر القذافي عام 2011. 

وقد أدخلت المؤسسة الوطنية للنفط نظاما يتم بموجبه مبادلة النفط الخام الليبي الوفير بالوقود المكرر المستورد، والذي بدلا من استهلاكه في السوق الليبية بأسعار مدعومة، يعاد بيعه في الخارج بأرباحٍ طائلة. 

وبحلول أواخر عام 2024، ارتفعت واردات المؤسسة الوطنية للنفط من الوقود من حوالي 20.4 مليون لتر يوميا في أوائل عام 2021 إلى ذروة تجاوزت 41 مليون لترا يوميا  في أواخر عام 2024. 

وتضيف الصحيفة أنه لا يمكن لأي ارتفاع حقيقي في الطلب المحلي على البنزين المكرر أن يبرر مثل هذه الزيادة الكبيرة، حيث يزعم تقرير سينتري أن أكثر من نصف البنزين المكرر المستورد قد باعته شبكات إجرامية لتحقيق ربح خاص، في وقت لا تزال فيه ليبيا تعاني من ضعف القدرة المحلية على تكرير النفط.

وتشير تقديرات سينتري إلى تهريب وقود بقيمة تزيد عن 6.7 مليار دولار خارج البلاد في عام 2024 وحده، وهو ما يكفي ليبيا لمضاعفة إنفاقها على الرعاية الصحية والتعليم بأكثر من ثلاثة أضعاف. 

ويزعم التقرير: "نظرا لحجمه الهائل، لم يعد من الممكن تصوير تهريب الوقود على أنه مجرد نتيجة ثانوية لضعف الحكم. ففي عام 2021، تبناه كبار حكام ليبيا فعليا كجزء من استراتيجية منهجية أوسع نطاقا لاستنزاف ثروات هائلة من السكان". 


وتضيف "دبر اللصوص وشبكات الجريمة المنظمة، بالتعاون مع المسؤولين الفاسدين الذين يمارسون نفوذا على بيروقراطية الدولة والمراكز اللوجستية ونقاط التوزيع والطرق والمعابر الحدودية، عمليات زيادة هائلة في التصدير غير القانوني للوقود المدعوم. وتشمل الجهات السودان وتشاد والنيجر وتونس وألبانيا ومالطا وإيطاليا وتركيا".  

كما و"تشمل طرق النقل فئات مختلفة من السفن وشاحنات الصهاريج والمركبات الأصغر، وحتى خطوط أنابيب تابعة لجماعات مارقة، حسب السياق الجغرافي والظروف الخاصة لنموذج العمل.  ويتسبب تصدير الوقود غير القانوني هذا في نقص محلي، مما يجبر المواطنين على دفع أسعار أعلى بكثير في منافذ غير رسمية، وخاصة في المناطق الواقعة في أطراف ليبيا".

ويزعم التقرير أن التهريب لم يحرم البنك المركزي الليبي من عائدات الدولار الحيوية فحسب، بل قوض أيضا نزاهة المؤسسة الوطنية للنفط، التي تمثل صادراتها من الهيدروكربونات جميع دخل ليبيا تقريبا.

وأضاف التقرير أن الزيادة الهائلة في واردات الوقود حدثت خلال رئاسة فرحات بن قدارة للمؤسسة الوطنية للنفط الذي ترك منصبه في  كانون الثاني/يناير بعد 30 شهرا من توليه المسؤولية.

وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أنها تخلت عن نظام المبادلة في آذار/مارس الماضي٬ وانخفضت جودة الوقود المستورد من  كانون الثاني/ يناير إلى أيلول/ سبتمبر الماضي٬ بنسبة 8٪ مقارنة بالعام السابق. لكن الخبراء يقولون إن ليبيا لا تزال تستورد وقودا أكثر بكثير مما قد تحتاجه.

ونقلت منظمة "سينتري" عن بن قدارة قوله إن المؤسسة الوطنية للنفط،  حافظت خلال فترة ولايته، على شفافيتها وروح المبادرة في تعاونها مع المؤسسات الوطنية والمنظمات الدولية. 

مقالات مشابهة

  • مش عاوز ينضم.. الصقر يكشف مصير أحمد حجازي مع منتخب مصر الثاني
  • فلكية جدة: تطور سريع بمناطق شمسية جديدة وتوقعات باستمرار النشاط الجيومغناطيسي
  • شوبير يكشف مصير صفقة أليو ديانج وحامد حمدان في الأهلي
  • كوب 30.. احتجاجات للمطالبة بالعدالة المناخية وحماية الكوكب
  • وحدة عدن يعلن إقامة معسكر خارجي للفريق الأول في سلطنة عُمان
  • تقرير: مسؤولون ليبيون كبار يقودون شبكة لتهريب الوقود بدعم خارجي
  • «الأرض في العناية المركزة».. خبير مناخي: توصيف الأمم المتحدة لحالة الكوكب نابع من الكوارث الطبيعية
  • شبيه لامين يامال يثير ضجة بين عشاق التنس.. ما القصة؟
  • هشام نصر يكشف مصير أولاد محمد صبري.. وحقيقة ضمهم للزمالك
  • تعلن محكمة الزهرة أن على المدعى عليهما أنور هاشم وعبدالغني فقيه الحضور إلى المحكمة