ما الفرق بين ابتلاء الرضا والغضب؟ دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "سمعت بعض الناس يقول: إن الابتلاء كما يكون بسبب غضب المولى سبحانه وتعالى على العبد يكون كذلك بسبب رضا المولى سبحانه؛ فنرجو منكم بيان ذلك. وهل هناك فرق بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب؟ وما هي علامة كلٍّ منهما؟
متى يكون الابتلاء غضب من الله؟.. علامتان احذر أن تتوافر لديك يغفلها كثيرون عند الابتلاء.. خطيب المسجد الحرام: بـ 3 أمور تنال بشارة الله
وأجابت دار الإفتاء على الفرق بين ابتلاء الرضا والغضب، منوهة أن الابتلاء من أقدار الله تعالى ورحمته، يجعل في طياته اللطف، ويسوق في مجرياته العطف، والمحن تحمل المنح، فكلُّ ما يصيب الإنسان من ابتلاءات هي في حقيقتها رفعة في درجة المؤمن وزيادة ثوابه ورفع عقابه، حتى الشوكة تُصيبه؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
واستشهدت دار الإفتاء، بقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (10/ 105، ط. دار المعرفة): [وهذا يقتضي حصول الأمرين معًا: حصول الثواب، ورفع العقاب] اهـ.
وذكرت أن الابتلاء أمارة من أمارات محبة الله للعبد، ويدل على ذلك ما رواه ابن مسعود وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذا أحَبَّ الله عبدًا ابتلاهُ لِيَسْمَعَ تضرُّعَهُ» أخرجه الإمام البيهقي في "شعب الإيمان"، وابن حبان في "المجروحين"، والديلمي في "المسند"، وابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب" و"المرض والكفارات".
وفي رواية أخرى أخرجها الإمام الترمذي في "سننه" عن أنسِ بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ عِظَمَ الجزاء مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللَّه إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمَنْ رضي فله الرضا، ومَن سخط فله السَّخَطُ».
وأوضحت، أن هناك فرقٌ بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب وهو: أن ابتلاء الرضا هو الذي يُقَابَلُ من العبد بالصبر على البلاء؛ لِيَحْصُل العبد على رضا الله ورحمته؛ فهو علامة لحبِّ الله تعالى له، وليس دليلًا على غضب الله سبحانه وتعالى عليه، أما ابتلاء الغضب فهو الجزع وعدم الرضا بحكم الله تعالى.
قال الإمام ابن الملك في "شرح المصابيح" (2/ 324، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [«وإنَّ اللَّه إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمَنْ رضي»؛ أي: بالبلاء وصبر عليه فله الرضا؛ أي: يحصل له رضاء الله ورحمته، «وَمَنْ سَخِطَ»؛ أي: كره البلاء وجزع ولم يرضَ بحكم الله، فعليه السخط من الله والغضب عليه، والرضاء والسخط يتعلقان بالقلب لا باللسان، فكثير ممَّن له أنينٌ من وجعٍ وشدةِ مرضٍ مع أن في قلبه الرضاءَ والتسليم بأمر الله تعالى] اهـ.
وقال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (3/ 1142، ط. دار الفكر): [نزول البلاء علامة المحبة، فمن رضي بالبلاء صار محبوبًا حقيقيًّا له تعالى، ومن سخط صار مسخوطًا عليه] اهـ.
وتابعت: ويفترق ابتلاء الرضا عن ابتلاء الغضب بوجه آخر، وهو أنَّ ابتلاء الغضب باب من العقوبة والمقابلة، وعلامته عدم الصبر والجزع والشكوى إلى الخلق، وابتلاء الرضا يكون تكفيرًا وتمحيصًا للخطيئات؛ وعلامته وجود الصبر الجميل من غير شكوى ولا جزع، ويكون أيضًا لرفع الدرجات؛ وعلامته الرضا وطمأنينة النفس والسكون لأمر الله.
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني في "فتوح الغيب" (ص: 113، ط. دار الكتب العلمية): [علامة الابتلاء على وجه العقوبة والمقابلة: عدم الصبر عند وجوده، والجزع والشكوى إلى الخليقة والبريات.
وأوضحت، أن علامة الابتلاء تكفيرًا وتمحيصًا للخطيات: وجود الصبر الجميل من غير شكوى وإظهار الجزع إلى الأصدقاء والجيران والتضجر بأداء الأوامر والطاعات.
كما أن علامة الابتلاء لارتفاع الدرجات: وجود الرضا والموافقة، وطمأنينة النفس، والسكون بفعل إله الأرض والسماوات، والفناء فيها إلى حين الانكشاف بمرور الأيام والساعات] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الابتلاء العبد الرضا الغضب دار الإفتاء الله تعالى له تعالى
إقرأ أيضاً:
هل يجوز عمل عمرة واحدة عن أكثر من شخص متوفي.. الإفتاء تجيب
أوضحت دار الإفتاء المصرية من خلال تصريحات الشيخ محمد عبدالسميع، أمين الفتوى بالدار، الحكم الشرعي الخاص بإمكانية أداء العمرة عن أكثر من شخص، سواء كانوا أحياء أو متوفين.
في البداية، شدد الشيخ عبدالسميع على أن الشخص الذي يرغب في أداء العمرة عن غيره، سواء كان حيًا أو متوفى، عليه أن يؤدي العمرة عن نفسه أولًا، كشرط أساسي، ثم بعد ذلك يمكنه أن يؤديها عن أي شخص آخر كنافلة، مؤكدًا أن هذا لا ينقص من أجر المعتمر شيئًا.
وحول سؤال "هل يمكن أداء العمرة عن أكثر من شخص في المرة الواحدة؟"، أوضح عبدالسميع أن هناك فرقًا بين إهداء ثواب العمرة وبين نية العمرة ذاتها.
فمن ناحية إهداء الثواب، يجوز للمعتمر بعد أن يؤدي العمرة عن نفسه أن يهدى ثواب هذه العمرة لمن يشاء، سواء كانوا أقارب أو أصدقاء، أحياء أو أموات، ومهما كان عددهم، ويصل لكل منهم أجر عمرة كاملة، مع بقاء الأجر الأساسي للمعتمر نفسه.
أما فيما يخص نية العمرة، فقد بيّن عبدالسميع أنه لا يجوز شرعًا أن ينوي الشخص العمرة عن أكثر من واحد في نفس الوقت.
هل توفي ملك جمال الأردن بسبب الحسد؟.. الجدل يتجدد حول الحسد والعين هل يوجد عدد معين للصلاة على النبي حتى يستجاب دعائي؟.. الإفتاء تردفالعمرة عبادة مفردة ولا يمكن أن تكون مخصصة لأكثر من شخص، سواء كانوا أحياء أو متوفين.
وأشار إلى أن هذه القاعدة تستند إلى السُّنة النبوية، حيث لم يُنقل عن النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – أنه أداها عن أكثر من شخص في آنٍ واحد، ولم يُعرف أن أيًا من الصحابة فعل ذلك أيضًا.
وفيما يتعلق بأداء العمرة عن أكثر من شخص متوفى، أكد العلماء أن الأمر نفسه ينطبق هنا، إذ لا يجوز الجمع بين أكثر من شخص بنية واحدة خلال أداء العمرة.
ومع ذلك، بعد أن ينتهي الشخص من أداء العمرة عن نفسه أو عن شخص واحد، يمكنه أن يهدي ثواب هذه العمرة لعدة أشخاص متوفين، ويصل الثواب إليهم جميعًا بإذن الله، دون أن يؤثر ذلك على أجر المعتمر.
واختتم عبدالسميع تصريحه بتوضيح الفرق الجوهري بين نية أداء العمرة عن شخص بعينه وإهداء الثواب، مشيرًا إلى أن الفارق بينهما كبير، حيث إن الأولى تختص بشخص واحد فقط، بينما الثانية تتيح توزيع الثواب على أكثر من شخص حسب رغبة المعتمر.