تحت شعار "لا عدالة، لا سلام" انتفض الفرنسيون من أصول عربية وأفريقية على إثر مقتل شاب من أصول جزائرية يبلغ من العمر 17 عاما على يد الشرطة الفرنسية.

في تقريرها الذي نشرته صحيفة "برافدا" الروسية، تقول ليوبوف ستيبوشوفا إن أعمال العنف والشغب في منطقة باريس وتحديدا في إيل دو فرانس وفي جميع أنحاء فرنسا تستمر لليوم الرابع على التوالي، ردًا على مقتل الشاب نائل البالغ من العمر 17 عامًا الذي يُقال إنه لم يلتزم بأوامر الشرطة.

وتضيف الكاتبة أنه بينما تضرم النيران في مارسيليا وتغرق ليون في الفوضى جرّاء استخدام المخربين المفرقعات النارية، أحرِقت المباني العامة مثل مجلس المدينة ومراكز الشرطة والمدارس في منطقة باريس وتولوز وليل وكليرمون فيران، وكذلك السيارات الخاصة ووسائل النقل العام، ونشبت اشتباكات في بوردو وغرونوبل وسانت إيتيان وتعرضت المتاجر والمخازن للنهب.

ومن جهته، قاطع الرئيس إيمانويل ماكرون إقامته في بروكسل وقمة الاتحاد الأوروبي وعاد إلى باريس ليترأس اجتماع مكافحة الأزمة.


كما قسّم مقتل نائل فرنسا ويتجلى ذلك في انتقاد جون لوك ميلانشون، سياسي فرنسي يساري من حزب "فرنسا غير الخاضعة"، "المراقبين" الذين طالبوه بالهدوء. وقد كتب على مواقع التواصل الاجتماعي "نطالب بالعقاب. إلغاء الدعوى المرفوعة ضد القتيل، ومعاقبة الشرطي القاتل وشريكه الذي أصدر الأمر بإطلاق النار". كما طالب ميلانشون بتشكيل لجنة تحقيق في "الزيادة في عدد الوفيات الناجمة عن رفض الامتثال لأوامر التوقف".

الكراهية والعنصرية تقتل فرنسا

على خلفية أحداث 2005 عندما توفي مراهقان بصعقة كهرباء أثناء اختبائهما في محطة كهرباء فرعية هربًا من الشرطة، انقسم الرأي العام الفرنسي على أساس الأصل العرقي. وفي ظل الهجرة غير المنظمة تفاقمت العنصرية على مرّ السنين، ذلك أن المهاجرين يعتبرون فرنسا وطنهم دون أن يندمجوا في المجتمع أو يلتزموا بالقواعد مع تزايد شكاوى الانتهاكات.

وأوردت الكاتبة أن نقابات الشرطة ندّدت باحتجاز زميلهم بحجة أن السلطات كانت تتغاضى عن تصرّفات المتظاهرين. وفي الحقيقة، أن التستر على مشكلة الاختلافات العرقية في فرنسا وحظر النقاشات المفتوحة حول هذا الموضوع وعدم السماح بإجراء دراسات إحصائية حسب العرق من العوامل التي يمكن أن تفجر فرنسا.

حرب عرقية وعنصرية

ويتماشى هذا مع رأي صحيفة فزغلياد التي اختارت عنوان: "هل غرقت فرنسا في "حرب عرقية"؟ في تقرير لها عن هذا الموضوع.

وتقول "فزغلياد" في تقرير لمحررتها فاليريا فيربينينا إن الحرق المتعمد والسرقات والهجمات على الشرطة من التصرفات التي اجتاحت جميع أنحاء البلاد بعد فشل محاولات السلطات في إعادة الوضع إلى طبيعته.


وأضافت الكاتبة أن أحد السياسيين الفرنسيين وصف الوضع ببداية "حرب عرقية وعنصرية"، وبعد انتشار الفيديو الذي وثق الحادث على مواقع التواصل الاجتماعي، تأججت المشاعر التي دفعت المتظاهرين إلى الخروج إلى الشوارع احتجاجا على التصرفات المماثلة.

وذكرت الكاتبة أن الحشود المسلحة بالمفرقعات النارية وزجاجات المولوتوف بدأت في حرق المفوضيات والبنوك والسيارات والحافلات والمتاجر والهجوم على رجال الشرطة، ولم تقتصر جغرافيا الاضطرابات على ضواحي باريس فقط، وإنما وصلت كذلك إلى حدود فرنسا بل وتجاوزتها لتصل إلى بلجيكا.

وأعربت الكاتبة عن اعتقادها بأن ما فاقم الوضع لم يكن تزوير الوقائع الذي عمدت له الشرطة ولا سن الضحية، بل ما عمدت له وسائل الإعلام المحلية من تهويل للحادثة من أجل صرف انتباه السكان عن مشاكل التضخم وارتفاع الرسوم الجمركية وأجواء الاضطرابات العامة.

غير أن السحر، وفقا للكاتبة، سرعان ما انقلب على الساحر وتحول التلاعب البسيط في وسائل الإعلام إلى سيف سُلط على رقاب السلطات، بعد إحداث مقتل نائل صدى كبيرا وتحوله إلى موضوع الساعة وخروج الوضع عن السيطرة، ليعيد إلى الأذهان الأزمة المماثلة التي شهدتها فرنسا عام 2005.


وبحسب الكاتبة، فإن الدعوة إلى إعلان حالات الطوارئ خير دليل على التوترات الاجتماعية التي وصلت إلى نقطة كشفت عجز السلطات عن التعامل معها، ويتجلى ذلك في إنكار السلطات الفرنسية وجود تدفقات خارجة عن السيطرة للمهاجرين وعدم وجود جرائم عرقية والتقسيم الطبقي الاجتماعي، وفي ظل هذا الوضع، تجد الشرطة نفسها بين مطرقة الحكومة التي تعتمد عليها في كثير من المهام وتطلب الكثير منها وتتجاهل بعض الجوانب، وبين المجتمع الذي يعتبر الشرطة عدوًا له.

ولفتت الكاتبة إلى أن المرشح الرئاسي السابق الفرنسي اليميني المتطرف إريك زمور من بين القلائل الذين تجرؤوا على التطرق إلى هذا الموضوع، مشيرًا إلى أن ما يحدث أسوأ بكثير من أزمة عام 2005 عندما استمرت الاضطرابات حوالي 3 أسابيع وشملت ضواحي باريس فقط، على عكس الحالية التي شملت جميع أنحاء البلاد، لأن المهاجرين في الوقت الراهن في كل مكان، قائلًا: "فرنسا اليوم على شفا حرب أهلية وهذه حرب عرقية، المتورط فيها جلي للعيان".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

فرنسا تنقذ 107 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور قناة المانش إلى بريطانيا

أعلنت السلطات الفرنسية أنها أنقذت 107 مهاجرين كانوا يحاولون عبور قناة المانش من فرنسا إلى بريطانيا في يوم عيد الميلاد.

وقالت إدارة إقليم القناة وبحر الشمال في بيان لها، إنها نفذت خلال أمس الأربعاء 12 عملية إنقاذ على طول سواحل شمال فرنسا.

وأفادت السلطات البحرية الفرنسية بأنه تم إنقاذ 30 مهاجرا صباح الأربعاء من قارب قرب دونكيرك، الواقعة في إقليم نورد شمال فرنسا، لكن ركابا آخرين على متنه قرروا المضي في رحلتهم وجرى احتجازهم بمجرد وصولهم إلى المياه البريطانية.

كما رصدت السلطات البحرية الفرنسية قاربا آخر كان يعاني من عطل في المحرك قرب دونكيرك أيضا، وتم إنقاذ جميع ركابه البالغ عددهم 51.

وانتشلت البحرية الفرنسية 26 شخصا من قارب يعاني من صعوبات قرب من كاليه.

وشهد عام 2024 ارتفاعا غير مسبوق في عدد حوادث الغرق المأساوية، فقد لقي ما لا يقل عن 73 مهاجرا حتفهم أثناء محاولاتهم عبور القناة في قوارب صغيرة، بحسب السلطات الفرنسية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى تعاون دولي أكبر لمكافحة هذه العصابات التي وصفها بأنها "تهديد أمني عالمي مماثل للإرهاب".

وتعهدت الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة ضد عصابات تهريب البشر، بعد أن تمكّن آلاف المهاجرين غير النظاميين من الوصول إلى بريطانيا.

إعلان

مقالات مشابهة

  • فرنسا: إنقاذ 107 مهاجرين خلال محاولتهم عبور قناة المانش
  • فرنسا تنقذ 107 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور قناة المانش إلى بريطانيا
  • فرنسا تنقذ عشرات المهاجرين خلال محاولتهم عبور المانش
  • صحافة مدريد تطالب أسينسيو بالرحيل!
  • غرق سفينة شحن روسية في «المتوسط» وفقدان اثنين من طاقمها
  • غرق سفينة شحن روسية بالمتوسط وفقدان اثنين من طاقمها
  • الخارجية الروسية: سفينة شحن روسية غرقت في البحر الأبيض المتوسط
  • غرق سفينة شحن روسية في البحر المتوسط وفقد فردين من طاقمها
  • غرق سفينة شحن روسية في البحر المتوسط وفقدان 2 من أفراد طاقمها
  • وزارة الخارجية الروسية: غرق سفينة شحن روسية في البحر المتوسط