الجزيرة:
2024-11-22@11:13:53 GMT

التغلل الصينيّ الناعم في الخاصرة الأميركيَّة

تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT

التغلل الصينيّ الناعم في الخاصرة الأميركيَّة

تُحيي الولاياتُ المتّحدة نهايةَ السنة الجارية، ذكرَى مرور 200 سنة على إعلان "مبدأ مونروو"، الذي يكرِّس نفوذَ الولايات المتّحدة على باقي دول القارّة الواقعة جنوبها، ومنع تعرُّضها لأيّ عمليّة غزو أو استعمار من قِبل القوى الخارجيّة. ولئن كان المستعمر المقصود في ذلك الوقت هو القادم من أوروبا، إلّا أنّ مفاجآت التاريخ جعلت الصين هي من تمثّل هذا الخطر.

وليست قمّة "تحالف الأميركتَين من أجل الازدهار الاقتصاديّ"، التي احتضنتها واشنطن نهاية الأسبوع الماضي، سوى إحدى خطوات تصدّي الإدارة الأميركية للتمدّد الصيني المتصاعد في أميركا الوسطى والجنوبيّة.

قبل الحديث عن القمّة المذكورة وأهدافها، من المهمّ توضيح بعض المُصطلحات الجغرافية التي تبدو بديهيةً، لكنها تُحدث لَبْسًا عندما يتعلّق الأمر بتفاصيل القارّة الأميركيّة، لاسيما بين مسمّيات أميركا الجنوبيّة وأميركا اللاتينيّة. فمسمّيات أميركا الشماليّة والجنوبيّة والوسطى ودول الكاريبي، كلها مسمّيات تعتمد الموقع الجغرافي للدولة من القارّة التي تنقسم إلى شماليّ وجنوبيّ، وبينهما المنطقة الوسطى، وحوض الكاريبي. أمّا مسمّى "اللاتينية"، فتشمل كلّ دول القارة الأميركيّة التي تتحدث لغات متفرّعة من اللغة اللاتينية: (فرنسية، إسبانية، برتغالية)، وهو ما يستثني الولايات المتحدة، وكندا، وخمس دويلات في أميركا الوسطى، والكاريبي، وغوايانا، وسورينامي، في أميركا الجنوبيّة.

مبادرة بايدن

وعودة إلى قمّة "تحالف الأميركتَين من أجلِ الازدهار الاقتصاديّ"، فهي مبادرة اقتصاديّة أطلقها الرئيسُ الأميركيُّ جو بايدن السنة الماضية، في إطار توسيع التّحالفات الأميركيّة لمقاومة التدفّق الصينيّ في نصف القارّة الجنوبيّ.

وقد انخرطت في هذه المُبادرة، إحدى عشرة دولة من القارّة، وحضر نسختها الأولى، كلٌّ من رؤساء التشيلي، وكولومبيا، وكندا، وكوستاريكا، وجمهورية الدومينيكان، والإكوادور، والبيرو، والأوروغواي، وبربادوس، واكتفت المكسيك وبنما بإرسال وزيرَي خارجيتَهما. وتجدر الإشارة إلى أنَّ رئيس بنما الذي تربطه علاقة قوية بالإدارة الأميركيّة، تغيّب بسبب تزامن توقيت القمّة مع العيد الوطنيّ لبلاده، أمّا رئيس المكسيك- المعروف بقلّة زياراته الخارجيّة- فيعتبر ناقدًا بارزًا للسياسة الخارجية الأميركية، رغم تعاونه الوثيق معها في ملفّ الهجرة غير النظامية، إضافة إلى استنكاره مؤخرًا الدور الأميركي في الحرب على غزّة.

وتهدف واشنطن عبر هذه القمّة إلى جعل نصفِ الكرة الغربيّ "المنطقةَ الأكثر تنافسية على الصعيد الاقتصاديّ في العالم"، إضافةً إلى أن تكون القارة الأميركية بأكملها، "آمنة ومزدهرة وديموقراطية، من أقصى الشمال الكندي إلى أقصى الجنوب التشيلي"، حسب تعبير الرئيس الأميركيّ. وهذا ما يفسّر تناول القمة مواضيعَ خارج الاقتصاد، من أهمّها موضوع التغيّر المناخيّ ودور القارّة الأميركية في قيادته، والهجرة غير النّظاميّة نحو الولايات المتحدة، باعتبارها إحدى نتائج السياسات الاقتصاديّة غير الناجحة، في دول أميركا الوسطى والجنوبيّة. ووَفقًا لأرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإنَّ عدد النازحين واللاجئين في القارة الأميركيّة بلغ حتى هذه السنة، 21 مليونَ شخص، من بينهم 6 ملايين فنزويلي. وقد أعلنَ الرئيس الأميركيّ بايدن، عن تخصيص استثمارات بقيمة 485 مليونَ دولار لمساعدة اللاجئين والمهاجرين والتجمّعات السكّانية المنعدمة الإمكانات في المناطق الفقيرة. لكنّ رئيس كولومبيا، غوستافو بيترو، رأى أنَّ هذه المساعدات، كان من الأجدر تخصيصُها لخلق فرص عمل في بلدان هؤلاء المهاجرين غير النظاميّين، من أجل بقائهم في بلدانهم، مادام الوضع الاقتصادي هو العاملَ الأساسي وراء ظاهرة الهجرة عمومًا. وكان الرئيس بيترو قد صرّح في مناسبة سابقة، أنّه على الولايات المتحدة- التي ضاقت ذرعًا بموجات طالبي اللجوء، لاسيما الفنزويليين في المحافظات الأميركية الديموقراطية- أن تفكّ الحصار على بلدهم، من أجل أن تعودَ الحياة إلى طبيعتها، ويلزموا الإقامة في بلدهم الأصليّ.

الجانب الاقتصادي

أمّا فيما يتعلّق بالجانب الاقتصاديّ لهذه القمة، فقد ركّز الرئيس بايدن على فتح شهية البلدان الأعضاء لتوسيع المجموعة، والعمل بأولوية على النّهوض باقتصاداتها جميعًا، ودعاها إلى اختيار الاستثمارات الديموقراطية والشفّافة، في إشارة إلى القروض الأميركيّة وحلفائها من المؤسَّسات المالية الدوليّة، بدلًا من اللجوء إلى الشركاء من خارج القارّة، وتجنب الوقوع في "فخّ دبلوماسية الديون"، حسب تعبيره. وهذا ما فضح مخاوف واشنطن من تغلغل العملاق الصيني الذي أصبح الشريك التجاري الرئيسي لأميركا الجنوبية وثاني أكبر شريك لأميركا اللاتينية بعد الولايات المتحدة، مع العلم أن حجم تجارة الصين في السلع مع أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي في الفترة بين 2000-2022، تضاعف 35 مرة، بينما زاد إجمالي تجارة المنطقة مع العالم أربعة أضعاف فقط حسب الأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية لأميركا اللاتينية، وجزر الكاريبي. يُضاف إلى هذا، نجاح الصين في إبرام اتفاقيات تجارة حرة مع كوستاريكا والبيرو التشيلي، على اختلاف توجهات حكوماتها، والإكوادور التي أجّلت توقيع الاتفاقية إلى استئناف عمل البرلمان هذا الشهر.

طريق الحرير

وليس من المبالغة في شيء القول إن الصين- التي ضخّت استثمارات بمليارات الدولارات في البنى التحتية في أميركا اللاتينية، عبر قروض على الدول سدادها بمعدلات فائدة عالية الكلفة- نجحت في ضمّ 21 دولة منها، في إطار مبادرة ما يعرف بـ"طريق الحرير". إضافة إلى عضوية البرازيل، والأرجنتين مؤخرًا في مجموعة "البريكس"، ووعد فنزويلا وبوليفيا بضمّهما في المرحلة القادمة.

ورغم أنّ قمة "تحالف الأميركتَين من أجل الازدهار الاقتصادي"- كما يشير اسمها- تخصّ موضوع الاقتصاد، إلّا أنّ رئيسَي التشيلي وكولومبيا، أبيا إلّا أن يصرّح كلّ منهما للصحافة، ومن البيت الأبيض، باستيائهما من الجرائم التي تقوم بها إسرائيل في حقّ الشعب الفلسطينيّ في غزّة، ودعا رئيس التشيليّ بوريش، الرئيس الأميركي بايدن إلى التدخل لوقف ما يجري. يحدث هذا والرئيسان بيترو وبوريش يواجهان تحدّيات محلية كبرى، من قبل المعارضة في بلديهما، بسبب موقفيهما من حرب إسرائيل على غزة، وليس من الغريب أن هذا الموقف قد يكلّفهما وحزبيهما خسارةَ منصب الرئاسة، في الفترة القادمة.

 

 

 

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة أمیرکا اللاتینیة ة الأمیرکی ة ة الأمیرکیة فی أمیرکا القار ة من أجل

إقرأ أيضاً:

ماكرون يحث بوتين على التعقل.. ويطالب الرئيس الصيني بـ الضغط بكل ثفله

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى “التعقّل”، مضيفا أنه طلب من الرئيس الصيني شي جينبينغ أن يمارس “كل ما لديه من تأثير” على موسكو لوقف الحرب في أوكرانيا.

وقال ماكرون للصحافيين بعد قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو التي التقى على هامشها نظيره الصيني "دعوتُ الرئيس شي جينبينغ إلى أن يمارس كل ما لديه من تأثير على بوتين، وأن يوظف كل قدراته التفاوضية” لدفعه إلى وقف هجماته".

وحول تعديل روسيا العقيدة النووية، أكد ماكرون أن “هذه الأيام والساعات الأخيرة شهدت تطورا للنزاع بطريقة مثيرة للقلق، مع موقف تصعيدي وبالتالي عدواني للغاية من جانب روسيا”.



وأضاف، “أود حقا أن أدعو روسيا إلى التفكير هنا، فهي تتحمل مسؤوليات باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي”، مشددا على أن “روسيا بصدد أن تصبح قوة مزعزعة للاستقرار العالمي. أدعو الرئيس بوتين إلى التعقّل وتحمّل مسؤولياته".

وأضاف “أن يتحقق السلام في 2025 هو أمر نريده جميعا. هذا الأمر يعتمد أولا وقبل كل شيء على روسيا، وعلى أن تتوقف عن الهجوم والقصف والقتل والغزو. وبعد ذلك، يعتمد الأمر على الاتفاق الذي سيتمكن أطراف هذا الصراع من التوصل إليه”.
 
وأمس الثلاثاء، وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على التحديث الجديد للعقيدة النووية الروسية، مشير إلى أن موسكو قد تفكر في استخدام أسلحة نووية إذا تعرضت لهجوم صاروخي تقليدي مدعوم من بلد يمتلك قوة نووية، وذلك في ظل تصاعد المواجهات في الحرب الروسية الأوكرانية.

وأكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن العقيدة النووية المحدثة تهدف إلى جعل الأعداء المحتملين يدركون أن الرد على أي هجوم ضد روسيا أو حلفائها سيكون أمرا حتميا. 

وأضاف بيسكوف أن أي هجوم على روسيا من قبل دولة غير نووية بمشاركة دولة نووية سيتم اعتباره هجوما مشتركا، وفقا لـ"رويترز".



من جانبه، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، إن الولايات المتحدة لم تفاجأ بالتغيير الذي أعلنته روسيا في عقيدتها النووية ولا تعتزم تعديل وضعها النووي ردا على ذلك.

وأضاف المتحدث في بيان "مثلما قلنا هذا الشهر، لم نفاجأ بإعلان روسيا أنها ستحدث عقيدتها النووية، فقد أشارت روسيا إلى اعتزامها ذلك منذ عدة أسابيع... نفس الخطاب غير المسؤول من روسيا".

مقالات مشابهة

  • الرئيس الصيني يزور المغرب
  • بتعليمات ملكية…ولي العهد مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدارالبيضاء
  • عاجل.. الرئيس الصيني شي جين بينغ يصل مساء اليوم الى المغرب
  • الرئيس الصيني يدعو إلى وقف فوري للنار في غزة وتطبيق حل الدولتين
  • الرئيس الصيني يدعو لوقف إطلاق النار في غزة
  • الرئيس الصيني يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة
  • “هدية” يبحث مع المسؤول الاقتصادي بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية تعزيز التعاون بين البلدين
  • ماكرون يحث بوتين على التعقل.. ويطالب الرئيس الصيني بـالضغط بكل ثقله
  • ماكرون يحث بوتين على التعقل.. ويطالب الرئيس الصيني بـ الضغط بكل ثفله
  • الرئيس الصيني: بكين مستعدة لتعميق العلاقات مع باريس