شراء الطاقة الشمسية لمشروعي الحناكية وطبرجل
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
البلاد – الرياض
وقّعت الشركة السعودية لشراء الطاقة اتفاقية شراء الطاقة لمشروع الحناكية للطاقة الشمسية الكهروضوئية، ضمن مشروعات المرحلة الرابعة من البرنامج الوطني للطاقة المتجددة الذي تُشرف على تنفيذه وزارة الطاقة، بسعة إجمالية تبلغ 1100 ميجاوات، مع تحالف شركة “مصدر”، وشركة “أي دي اف”)، وشركة “نسما”، بسعر شراء الكهرباء يبلغ 1.
68420 سنتًا أمريكيًا لكل كيلووات ساعة (ما يساوي 6.31575 هللات / كيلوواط ساعة )، ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تزويد حوالي 190 ألف وحدة سكنية تقريبًا بالطاقة الكهربائية سنويًا.
كما وقّعت الشركة السعودية لشراء الطاقة اتفاقية شراء الطاقة لمشروع طبرجل للطاقة الشمسية الكهروضوئية، ضمن مشروعات المرحلة الرابعة من البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، الذي تُشرف على تنفيذه وزارة الطاقة، بسعة إجمالية تبلغ 400 ميجاوات، مع تحالف بقيادة شركة “جنكو باور”، وشركة “صن قلير” وشركة “صن لايت انيرجي” بسعر شراء للكهرباء يبلغ 1.70795 سنتًا أمريكيًا لكل كيلووات ساعة (ما يساوي 6.40482 هللات / كيلووات ساعة)، ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تزويد حوالي 75 ألف وحدة سكنية تقريبًا بالطاقة الكهربائية المتجددة سنويًا. وتأتي هذه المشروعات امتدادًا لعمل منظومة الطاقة نحو تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، والمساهمة في الوصول إلى مزيج الطاقة الأمثل لإنتاج الكهرباء، وإزاحة الوقود السائل في قطاع إنتاج الكهرباء من خلال الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة والمساحات الشاسعة لتطوير مشاريعها التي تتمتع بها أرجاء المملكة، وتطوير محطات توليد كهرباء تعمل بالغاز عالية الكفاءة، بحيث تكون حصة سعات مصادر الطاقة المتجددة في هذا المزيج حوالي 50 % بحلول عام 2030م.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الطاقة الشمسية شراء الطاقة
إقرأ أيضاً:
هل يواجه النفط تحديات غير مسبوقة في 2025؟
أشار تقرير صادر عن مركز أبحاث ديلويت للطاقة والصناعات بعنوان «توقعات صناعة النفط والغاز لعام 2025» إلى أن سوق النفط والغاز الطبيعي اجتازت في عام 2024 مشهدًا معقدًا تأثر بعدة عوامل رئيسية، شملت سيطرة مجموعة أوبك بلس على العرض، الطلب المتغير، تزايد التوترات الجيوسياسية، ضعف الاقتصاد الكلي، واستمرار التركيز على التحول إلى الطاقة المتجددة.
ووفقًا للتقرير، أظهرت مرونة السوق قدرة واضحة على التكيف مع هذه التحديات، مما انعكس بشكل إيجابي على استقرار أسعار النفط. فقد شهدت أسعار برنت للنفط الخام تغيرًا شهريًا طفيفًا، حيث تحركت في نطاق محدود بين 74 دولارًا و90 دولارًا للبرميل خلال عام 2024، ما جعله أحد أكثر الأعوام استقرارًا خلال ربع القرن الماضي.
وفيما يتعلق بالأداء المالي للقطاع، وزعت صناعة النفط والغاز أرباحًا تقارب 213 مليار دولار، كما أعادت شراء أسهم بقيمة 136 مليار دولار خلال الفترة الممتدة بين يناير 2024 ومنتصف نوفمبر 2024، مما يعكس قوة القطاع في تحقيق عوائد مستقرة للمستثمرين على الرغم من الظروف العالمية المتغيرة.
أعد التقرير أربعة محللين بالمركز وهم: ريك كار وجون انجلاند وكيت هاردن من الولايات المتحدة وانشو ميتال من الهند. وهو جزء من سلسلة تقارير سنوية تحلل الاتجاهات والتطورات الرئيسية في صناعة النفط والغاز وتقدم إضاءات لمسار الصناعة وتحدياتها الجديدة.
وتوقع التقرير أنه في عام 2025 ستشهد الأسواق بعض التخفيضات في أسعار الفائدة، مع احتمالية انجلاء بعض أوضاع عدم اليقين المرتبطة بموقف البنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن خفض أسعار الفائدة. وأشار التقرير إلى أن التخفيض في 2024 قد تراوح بين 75 إلى 100 نقطة أساس، بينما يتوقع أن يكون هناك مجال إضافي لخفض يقرب من 150 نقطة أساس في عامي 2025 و2026، مما قد يسهم في تعزيز الاستثمارات والتوسع الاقتصادي. كما أشار إلى إمكانية حدوث تغييرات في سياسة الطاقة الأمريكية في ظل إدارة ترامب الجديدة، إلى جانب اختلالات محتملة في تدفقات تجارة الطاقة، والتي قد تؤثر على الأسواق العالمية وتوجهات الاستثمار في هذا القطاع.
وعلى الرغم من التحديات المرتبطة بعدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي والتنظيمي، أكد التقرير أن شركات النفط والغاز ستكون قادرة على مواجهة هذه التحديات عبر التركيز على الانضباط الرأسمالي، وضع العميل في مركز الاهتمام، والاستثمار في التقنيات الحديثة، وهو ما سيمكنها من تعزيز قدرتها التنافسية والاستعداد للمستقبل في ظل التحولات المستمرة في مشهد الطاقة العالمي.
أدناه ترجمة لما جاء في التقرير تحت عناوين شركات النفط الوطنية وسياسات الطاقة العالمية والأولويات الحكومية وما أسماه معدُّو التقرير «الطريق إلى الأمام».
أولًا: شركات النفط الوطنية –
«تحطيم الحواجز»
تواجه شركات النفط الوطنية، لا سيما في الشرق الأوسط والدول الأعضاء في أوبك، تحديات كبيرة على المدى القريب. وتشمل هذه التحديات:
1. الموازنة بين العرض والطلب على النفط مع الحفاظ على استقرار الأسعار.
2. الوفاء بالتزامات قمة كوب 28 بشأن خفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن صناعة النفط والغاز.
3. ضمان استدامة الاقتصادات في ظل احتمال بقاء أسعار النفط دون سعر التعادل المالي لعام 2025.
ولا يبدو أن مواجهة هذه التحديات ستكون سهلة، إلا أن البيئة الحالية قد تمنح هذه الشركات فرصًا جديدة للابتكار بوتيرة أسرع. فقد شرعت دول شرق أوسطية، مثل السعودية وقطر والكويت والإمارات، في تنويع اقتصاداتها، وتطوير بيئاتها التنظيمية لدعم انتقال متوازن نحو مصادر الطاقة المتجددة.
كما أن توحيد جميع أصحاب المصلحة قد يكون أكثر سلاسة بالنسبة لبعض شركات النفط الوطنية مقارنة بالشركات النفطية المتكاملة، حيث تكون الحكومات في كثير من الأحيان هي المستثمر وصاحب القرار في هذه الشركات. ويسهم التمويل الحكومي المدعوم والتكامل الرأسي في تحقيق الاستقرار المالي وتقليل المخاطر.
في السنوات الثلاث الماضية، دخلت شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط في أكثر من 20 تحالفًا استراتيجيًا، شملت قطاعات اللوجستيات والتكنولوجيا، كما أبرمت صفقات اندماج واستحواذ بلغت قيمتها 4.8 مليار دولار، شملت أصولًا متنوعة، من التكرير إلى الشحن البحري وتوزيع التجزئة والاستثمار في مشروعات عابرة للحدود، مثل منصات تصدير الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة.
تعزيز النشاط الأساسي
خفضت «أوبك بلس» إنتاجها بنحو 5.86 مليون برميل يوميًا، أي ما يعادل 5.75% من الطلب العالمي، ضمن سلسلة خطوات متفق عليها منذ أواخر 2022. وتخطط «أوبك» لاستعادة 2.2 مليون برميل يوميًا عبر زيادات شهرية خلال عام 2025.
ورغم ذلك، فإن بعض شركات النفط الوطنية تستثمر بشكل مكثف في زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط والغاز والمكثفات، وتطوير البنية التحتية المرتبطة بها. على سبيل المثال، حددت «أدنوك» هدفًا لرفع إنتاجها النفطي من 3 ملايين برميل يوميًا حاليًا إلى 5 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2027، بدلًا من عام 2030.
كما تعمل بعض الشركات على تعديل استراتيجياتها الاستثمارية، حيث تستثمر «أرامكو» و«أدنوك» في مشروعات كبرى متكاملة لتكرير النفط وإنتاج البتروكيماويات باستخدام تقنيات منخفضة الكربون. كما تتعاون مع شركات تكنولوجية لتعزيز قدراتها الرقمية، وتتبنى استراتيجيات أكثر تركيزًا على العملاء.
وفي هذا السياق، أعلنت «أدنوك» تحقيق 500 مليون دولار من القيمة المضافة عبر تطبيق حلول الذكاء الاصطناعي في شراكاتها الرقمية خلال عام 2023.
بناء قدرات جديدة
في أعقاب مؤتمر كوب 28، تسعى بلدان الشرق الأوسط إلى توسيع نطاق استخدام التقنيات الحديثة، مثل احتجاز وتخزين الكربون والهيدروجين، في إطار جهودها لمكافحة التغير المناخي وتحقيق الاستدامة في قطاع الطاقة.
وقد صادقت الإمارات مؤخرًا على مشروعين جديدين لاحتجاز واستخدام وتخزين الكربون، تم تصميمهما لاستخلاص الانبعاثات الكربونية من منشآت معالجة الغاز، كما يستهدفان إنتاج 1.4 مليون طن من الهيدروجين الأخضر والأزرق سنويًا بحلول عام 2031.
في الوقت ذاته، تحرز سلطنة عمان وقطر تقدمًا ملحوظًا في إنتاج الهيدروجين، بينما تخطط قطر لتشييد أكبر مصنع للأمونيا الزرقاء في العالم بحلول عام 2026، مما يعزز مكانتها كلاعب رئيسي في سوق الطاقة النظيفة.
وعلى صعيد الطاقة المتجددة، أعلنت الإمارات عن إنشاء أكبر حديقة للطاقة الشمسية في العالم تُشيَّد في موقع واحد، في خطوة تعكس التزامها بتعزيز الطاقة النظيفة.
أما في السعودية، فيعد مشروع نيوم أحد أكبر الاستثمارات في الطاقة المستدامة، حيث يمثل استثمارًا ضخمًا بقيمة 500 مليار دولار، يهدف إلى إنشاء مدينة تعتمد بالكامل على الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة، ما يعكس توجه المملكة نحو مستقبل أكثر استدامة.
تدبير التمويل
في إطار مساعيها لتوسيع نطاق أعمالها وتنويع استثماراتها، تستكشف شركات النفط الوطنية العديد من آليات التمويل، بما يشمل الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، وصفقات الاندماج والاستحواذ، وإصدار السندات الخضراء.
وفي هذا السياق، تعهدت الإمارات بتمويل صندوق عالمي بقيمة 30 مليار دولار لدعم المشروعات المستدامة، في حين يسعى قطاعها المصرفي إلى جمع 270 مليار دولار بحلول عام 2030 لتمويل المبادرات المرتبطة بالطاقة الخضراء. وقد أتاح التنويع في الاستثمار بقطاعات الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مستوى أكبر من الاستقرار الاقتصادي، كما ساهم بشكل فعّال في تقليل أعباء التعادل المالي التي تواجهها الشركات النفطية.
في الوقت ذاته، تتجه صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط، والتي تدير أصولًا بقيمة 3.8 تريليون دولار، نحو تعزيز استثماراتها في مشاريع الطاقة الخضراء وتقنيات خفض الانبعاثات الكربونية، بما يتماشى مع التوجهات العالمية للتحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.
باختصار، تستعد شركات النفط الوطنية ليس فقط لمواكبة النمو المتوقع في الطلب العالمي على الطاقة، والذي يُتوقع أن يرتفع بمعدل 1.3% سنويًا بحلول عام 2030، بل أيضًا للعب دور ريادي في تسريع تبني التقنيات الجديدة، ودعم التحول نحو مستقبل طاقة أكثر استدامة خلال السنوات القليلة المقبلة.
ثانيًا: سياسات الطاقة العالمية
ودور الأولويات الحكومية
شهد عام 2024 تطورات سياسية كبرى، حيث جرت انتخابات وطنية في أكثر من 70 دولة، تمثل مجتمعةً ما يزيد عن نصف سكان العالم. وفي خضم هذه التحولات، برزت سياسات الطاقة كإحدى القضايا المحورية التي تؤثر على خيارات الناخبين، مع تصاعد الاهتمام باستراتيجيات الطاقة الوطنية وتأثيرها على مستقبل الاقتصاد والاستدامة البيئية.
ومن المتوقع أن تؤثر نتائج هذه الانتخابات على إيقاع التحول نحو موارد الطاقة المتجددة، إذ تسهم في تشكيل السياسات الوطنية المتعلقة بالوقود الأحفوري والبدائل منخفضة الكربون.
ورغم أنه من المبكر تحديد التأثير النهائي لهذه التغيرات على الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، إلا أن تحليل التطورات السياسية الرئيسية في بعض المناطق الجغرافية المختارة قد يمنح مؤشرات مهمة على الاتجاه العام لهذا التحول في عام 2025.
الولايات المتحدة الأمريكية
مع عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم، تأتي أولوياته في قطاع الطاقة ضمن رؤية تركز على تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة وتعزيز الاكتفاء الذاتي من الموارد المحلية، إلى جانب السعي إلى خفض تكاليف الطاقة على المستهلكين.
وتشمل مقترحات سياسات الطاقة التي يدعمها زيادة إنتاج النفط والغاز، فضلًا عن تعزيز الاستثمار في مصادر أخرى، مثل الطاقة النووية. ورغم إمكانية تنفيذ بعض هذه السياسات عبر الأوامر التنفيذية والإجراءات الإدارية، إلا أن بعضها الآخر، مثل تعديل القوانين المرتبطة بتنظيم الطاقة، سيحتاج إلى موافقة الكونغرس الأمريكي.
وتسعى إدارة ترامب إلى اتخاذ إجراءات تهدف إلى تبسيط وتسريع الموافقات البيئية، ما قد يسهم في تسريع مشاريع الطاقة الكبرى. كما تتضمن خططه إلغاء تجميد إدارة بايدن لمنح التراخيص الجديدة الخاصة بتصدير الغاز الطبيعي المسال، وهو ما قد يعزز مكانة الولايات المتحدة كمصدر رئيسي للطاقة في الأسواق العالمية.
أوروبا
في أوروبا، تواصل سياسات الطاقة التوجه نحو تعزيز الطاقة النظيفة واعتماد بدائل مستدامة في مختلف القطاعات. ويسعى «توجيه الطاقة المتجددة المُعدل» الصادر عن الاتحاد الأوروبي إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة في إجمالي الاستهلاك داخل دول الاتحاد من 23% عام 2022 إلى 42.5% بحلول عام 2030، في خطوة تعكس التزام أوروبا بالتحول إلى مصادر طاقة أكثر استدامة.
كما يتضمن هذا التوجيه أهدافًا طموحة تشمل زيادة استخدام الوقود الحيوي المتقدم -المستخرج من المخلفات الزراعية ومصادر غير غذائية- إلى جانب الغاز الحيوي والوقود المتجدد من مصادر غير حيوية، مثل الهيدروجين. ومن المقرر أن تصل حصة هذه المصادر إلى 1% بحلول عام 2025، قبل أن ترتفع إلى 5.5% بحلول عام 2030 من إجمالي استهلاك قطاع النقل الأوروبي.
وفي سياق تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة، يُنتظر أن تقوم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بدمج توجيه كفاءة الطاقة ضمن تشريعاتها الوطنية بحلول أكتوبر 2025، وهو ما سيؤثر على مختلف القطاعات الصناعية والاستهلاكية.
وبالإضافة إلى ذلك، سيتعين على الدول الأعضاء الالتزام باستخدام وقود الطائرات المستدام بنسبة 2% في مزيج وقود الطائرات المستخدم، اعتبارًا من 1 يناير 2025، ما يمثل خطوة مهمة نحو تقليل انبعاثات الكربون في قطاع الطيران الأوروبي.
وفي المملكة المتحدة، سبق لحزب العمال -الذي تولى الحكم- الإعلان عن خطط لرفع الحظر عن مشروعات توليد الكهرباء بالرياح البحرية، في إطار دعم استثمارات الطاقة المتجددة. كما اقترح الحزب فرض ضريبة بنسبة 78% على منتجي النفط والغاز في بحر الشمال، وهو الإجراء الذي قامت الحكومة الجديدة بتنفيذه بالفعل، مما قد يؤثر على جاذبية الاستثمار في قطاع النفط البريطاني.
إلى جانب ذلك، تواجه أوروبا بعض التحديات التنظيمية التي قد يكون لها تداعيات اقتصادية، مثل الرسوم الجمركية المقترحة بنسبة تصل إلى 45% على السيارات الكهربائية الصينية، والتي قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما قد يحد من انتشار السيارات الكهربائية، ويزيد من حالة عدم اليقين بشأن الطلب المستقبلي على النفط والغاز.
وفي ظل هذه التحولات، تظل أوروبا أمام تحدٍ رئيسي يتمثل في تحقيق التوازن بين تعزيز مبادرات الطاقة النظيفة وضمان إدارة فعّالة للواقع الاقتصادي والسياسي، بما يحافظ على استقرار الأسواق ويضمن استدامة التحول في قطاع الطاقة.
الاقتصادات الناشئة
على الرغم من المخاوف بشأن ضعف الطلب على المواد الهيدروكربونية خلال عام 2024، من المتوقع أن تسهم إجراءات التحفيز المالي الأخيرة في الصين في تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة استهلاك المواد البترولية. وتشير التقديرات إلى أن استهلاك الصين للوقود السائل قد ينمو بمعدل 300 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2025.
ويُرجَّح أن يؤدي تأكيد الاجتماع الموسع الثالث للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني على أهمية أمن إمداد الموارد الطبيعية الاستراتيجية إلى زيادة مشتريات الصين من النفط والغاز الطبيعي والمعادن الاستراتيجية، ما قد يدعم الأسواق العالمية لهذه الموارد.
إلى جانب ذلك، تعمل الصين على مضاعفة دعمها لصناعة السيارات الكهربائية، وهو ما قد يسهم في تحقيق نسبة 50% من المبيعات المحلية للسيارات الجديدة بحلول عام 2025، مما يعكس تحولًا متسارعًا نحو النقل المستدام.
في الهند، من المتوقع أن يتضاعف الطلب النهائي على الطاقة بين عامي 2020 و2070، مدفوعًا بالنمو الاقتصادي السريع وزيادة استهلاك الطاقة. وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها في التخلص التدريجي من محطات الفحم الحجري، فإن الهند لا تزال ملتزمة بالتحول إلى الطاقة المتجددة، حيث تحتل حاليًا المرتبة الرابعة عالميًا في إضافات الطاقة المتجددة.
ومن المرجح أن تواصل الحكومة الهندية في فترتها الثالثة جهودها في تسريع التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، من خلال توسيع استثماراتها في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يعزز مكانة البلاد كمركز عالمي رئيسي للطاقة المستدامة.
أما في البرازيل، فهي لا تزال إحدى أكبر منتجي النفط في الأمريكيتين، لكنها في الوقت ذاته رائدة عالميًا في تبني الطاقة المتجددة، حيث تحصل على 90% من احتياجاتها من الكهرباء من موارد متجددة، مما يجعلها نموذجًا للاستدامة في قطاع الطاقة.
وتواصل البرازيل تعزيز إنتاج الوقود الحيوي، حيث من المتوقع أن ترتفع نسبة الإيثانول والديزل الحيوي الممزوج مع الوقود العادي، مع تحديد نسبة 15% للديزل الحيوي بحلول عام 2026. كما تستهدف السياسة الصناعية الجديدة للبلاد زيادة حصة الوقود الحيوي في مزيج الطاقة المستخدم في قطاع النقل إلى 50% بحلول عام 2033، ما يعكس التزامًا قويًا بتقليل الانبعاثات وتعزيز الطاقة المستدامة.
باختصار، تتجه سياسات الطاقة في العديد من الاقتصادات الكبرى نحو تحفيز الطلب على تقنيات خفض الكربون وتعزيز دور الطاقة النظيفة. وفي الوقت ذاته، تعتمد الاقتصادات الناشئة استراتيجيات طاقة شاملة تعالج جانبي الطلب والعرض، بهدف تطوير حلول طاقة متكاملة بدلاً من الاعتماد على مصدر طاقة واحد، وهو ما يدفع نحو مستقبل أكثر استدامة لقطاع الطاقة العالمي.
ثالثًا: الطريق إلى الأمام
مع دخول عام 2025، من المتوقع أن تتكشف تفاعلات معقدة بين الاقتصاد العالمي، واتجاهات صناعة الطاقة، واستراتيجيات الشركات، مما يجعل هذا العام محوريًا في رسم مستقبل قطاع الطاقة.
وعلى الرغم من أن صناعة النفط والغاز ليست بمنأى عن التقلبات والاضطرابات، إلا أن التجارب السابقة تشير إلى أنها تخرج أقوى من مثل هذه التحديات. ومع ذلك، فإن عام 2025 قد يكون عامًا فارقًا، حيث ستؤثر فيه السياسات النقدية، والتوترات الجيوسياسية، والتوجهات السياسية في فترة ما بعد الانتخابات على أسواق الطاقة العالمية.
وفي ظل تصورات باستقرار أسعار النفط ضمن نطاق محدد، مع بيئة استثمارية متفائلة ولكن بحذر، من المتوقع أن تركز شركات النفط والغاز على التخصيص الاستراتيجي لرأس المال، والابتكار التقني، والحفاظ على الانضباط المالي لضمان الاستدامة والنمو في مواجهة التحديات المتوقعة.
حالة الاقتصاد العالمي
يبدو أن عام 2025 سيكون عامًا محوريًا للاقتصاد العالمي وأسواق الطاقة، حيث يُتوقع أن تؤدي السياسات النقدية التيسيرية -التي تهدف إلى دعم الاقتصاد في ظل مخاوف التباطؤ العالمي- إلى تأثيرات مباشرة على الأسواق المالية وتدفقات تجارة الطاقة.
إلى جانب ذلك، فإن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، والتغيرات في سياسات الطاقة العالمية بعد انتخابات 2024 في أكثر من 70 دولة، ستؤثر على مشهد الطاقة العالمي.
وتشير التوقعات التحليلية إلى أن أسعار النفط ستتراوح بين 70 و80 دولارًا للبرميل في عام 2025. ومع ذلك، في حال تصاعد التوترات الجيوسياسية، قد ترتفع الأسعار إلى 90 دولارًا للبرميل، مما قد يخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق، ويؤثر على استراتيجيات الإنتاج والاستثمار في قطاع الطاقة.
بيئة الاستثمار
في ظل هذه التوقعات الاقتصادية، يُرجَّح أن يشهد قطاع النفط والغاز بيئة استثمارية متفائلة بحذر خلال عام 2025. وستعتمد الشركات على تخصيص رأس المال الاستراتيجي لصالح المشروعات ذات العائد المرتفع، إلى جانب تسريع الابتكار التقني لزيادة الكفاءة وتقليل التكلفة التشغيلية.
وبالرغم من هذا التفاؤل الحذر، يتوقع المحللون زيادة سنوية متواضعة بنسبة 0.5% في الاستثمار الرأسمالي لصناعة النفط والغاز خلال عام 2025، مما يعكس توجه الشركات نحو إدارة استثماراتها بحذر، مع التركيز على الاستدامة المالية في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية.
الخطوات المحتملة للشركات
في الغالب ستلتزم شركات النفط والغاز بنهجها الحالي المتمثل في المحافظة على الانضباط الرأسمالي وتوزيعات الأرباح على حملة الأسهم والتركيز على الإنتاجية التي تقودها التقنية وخفض النفقات والاستفادة من الاستحواذات التي تم إكمالها مؤخرا وإدارة المخاطر عبر التنويع والتكامل.