خبير قانون دولي: تجويع سكان غزة انتهاك جسيم والدول العظمى شريكة
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
قال الخبير ومستشار النزاعات المسلحة والحروب الدكتور إياد نصر، إن الدول العظمى تستهتر بتنفيذ القانون الدولي الإنساني على سكان قطاع غزة، الذين يتعرضون لحرب إسرائيلية غير مسبوقة، وقال إنها لا تضغط ولا تجبر قوات الاحتلال على الالتزام به.
وأوضح نصر -في حديثه لقناة الجزيرة- أن جميع الدول التي وقّعت على اتفاقيات جنيف ملزمة بالاضطلاع بمسؤولياتها، ولا يسقط أي خرق لهذه القوانين بالتقادم.
وشدد على أن تجويع المدنيين وعدم توفير المواد الأساسية المطلوبة يعد انتهاكا جسيما لاتفاقية جنيف الرابعة، ويعتبر من ينخرط في هذا الإطار شريكا وسيطاله العقاب طال الزمان أو قصر.
وأضاف نصر -الرئيس السابق لمكتب الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية- أن كل من لم يساهم بالسماح بالمساعدات الإنسانية وعدم حصول المواطنين على المواد الغذائية والمياه والأدوية "مطالبون بذلك".
وشدد على أن قطاع غزة منطقة محتلة ولا تزال، "وعليه فإن واجب تزويد القطاع بالمواد الغذائية والمياه إن نقصت يقع على الاحتلال"، مضيفا أن هذه القوات تقوم بسد وإغلاق مصادر الطعام والشراب لقطاع غزة.
ويعد ذلك نوعا آخر من أنواع العقاب الجماعي، وهو مرفوض وفقا للقانون الدولي الإنسانية واتفاقية جنيف خاصة المواد "33" و"55″ و"59″، مبينا أن المادة 27 توجب على قوات الاحتلال بألا تجعل من المواد الغذائية والمياه والمواد الطبية بأي حال من الأحوال نوعا من العقاب الجماعي ضد المدنيين بالمناطق المحتلة.
وأشار إلى أن القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف وضعتها دول العالم والتزمت بها وفق المادة الأولى وأخذت على عاتقها بأن تضمن إنفاذ هذه القوانين والاتفاقيات، وأن تجبر وتلزم من لا يلتزم بذلك في كل الأحوال.
وأضاف أن هذا الأمر يقع على عاتق الدول اليوم، وذلك بأن تقف وتساند القانون الدولي الإنساني لكونه القانون الوحيد الذي ينظم ويضبط العمليات العسكرية وهو ما يحتاج إليه المدنيون اليوم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
غزة تصرخ والعالم يتجاهل| وأستاذ قانون دولي: على إسرائيل فتح المعابر ودخول المساعدات دون شروط
وسط الدمار الهائل الذي خلفته الحرب، تعيش العديد من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة حياتها اليومية فوق أنقاض منازلهم المهدمة، والتي لا تزال جثث أحبائهم مدفونة تحتها.
الأوضاع في قطاع غزة اليوموهذا المشهد المأساوي يترك أثرا نفسيا وإنسانيا بالغ القسوة، في ظل تعذر عمليات انتشال الجثث بسبب نقص المعدات اللازمة لرفع الركام، وحجم الدمار الذي يفوق قدرات الإمكانيات المتوفرة في القطاع المحاصر.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطينى، إن الأوضاع في قطاع غزة تزداد سوءا لحظة بعد الأخرى ، حيث يعتبر استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية جريمة أخلاقية وإنسانية قبل أن يكون خرقا صارخا للقانون الدولي.
وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هذه الممارسات اللا إنسانية تعمق الكارثة التي يعيشها أكثر من مليوني إنسان، وتكشف بوضوح أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم الغذاء والماء والدواء كأدوات حرب في وجه شعب أعزل، وهو ما يعد جريمة من جرائم الإبادة الجماعية.
وأشار أبو لحية، إلى أنه أول أمس طل بنيامين نتنياهو بخطاب يمثل استمرارا لنغمة التحدي والاستهانة بالقانون الدولي، فقد خلا من أي إشارة إلى التهدئة أو فتح المعابر، بل حمل لغة تصعيدية تكرّس منطق القوة والإفلات من العقاب.
وتابع: "الأدهى من ذلك أن محكمة العدل الدولية قررت منح إسرائيل مهلة جديدة حتى يناير القادم للرد على الدعوى الجنائية المقدمة من جنوب إفريقيا، وهو تساهل غير مبرر، ويطرح علامات استفهام كبرى حول ازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا الإبادة والعدالة الدولية، مع أنه كان يتعين عليها أن تصدر إجراءات وأوامر تجبر اسرائيل للتوقف عن جرائمها وحثها على فتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة، وهذا ما لم نره مع الأسف الشديد بل استجابت المحكمة للطلب الإسرائيلي لاعطائها كل هذا الوقت من اجل تحضير ردها القانوني حول اتهامها بجريمة الإبادة الجماعية وكأن ما يحدث في غزة يحتاج لكل هذا الوقت".
وأردف: "وفي ظل تفاقم الكارثة، يتعين على المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص الأمم المتحدة والدول ذات التأثير، أن تتحرك فورا وبشكل حازم لوقف جريمة التجويع الجماعي، وممارسة ضغوط حقيقية، بما في ذلك الضغوط السياسية والقانونية وحتى عبر التهديد باستخدام القوة وفقا لميثاق الأمم المتحدة، وذلك لإجبار إسرائيل على فتح المعابر فورا، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط، وإعادة الكهرباء والماء والغاز إلى القطاع، بما يضمن الحد الأدنى من مقومات الحياة".
واختتم: "ما يحدث في غزة اليوم ليس فقط أزمة إنسانية، بل جريمة مستمرة وامتحان قاس لمصداقية القانون الدولي ولضمير العالم الحر، الصمت لم يعد خيارا، والتساهل مع الجريمة هو تواطؤ لا يغتفر".
وجاء هذا التقرير الذي تم ذكره سابقا، على قناة «القاهرة الإخبارية» تحت عنوان "تأثيرات نفسية مريرة.. أسر فلسطينية تعيش وسط الجثث المدفونة تحت الأنقاض في غزة"، حيث سلط الضوء على الواقع اليومي للعائلات التي اضطرت للعودة إلى منازلها المدمرة، أو العيش فوق أنقاضها، رغم إدراكهم أن أجساد ذويهم لا تزال تحت الركام، في مشهد يحاكي فصولا من الفقد والوجع.
11 ألف مفقود تحت الركاموتشير التقارير الواردة من داخل قطاع غزة إلى أن أكثر من 11 ألف شخص لا يزالون في عداد المفقودين، من بينهم المئات يعتقد أنهم استشهدوا تحت الأنقاض، وبينما تمكن بعض الأهالي من استخراج جثامين ذويهم خلال فترات التهدئة، فإن مصير الآلاف ما يزال مجهولا.
وتقدر الأمم المتحدة كمية الأنقاض المتراكمة بأكثر من 50 مليون طن، وهو ما يتطلب أكثر من عقدين لإزالتها، في ظل غياب الإمكانيات ونقص حاد في المعدات الثقيلة، إلى جانب استمرار القصف والحصار.
وبعد مرور نحو خمسين يوما على الإغلاق الكامل للمعابر، يعيش قطاع غزة أوضاعا إنسانية هي الأخطر منذ بداية العدوان، فقد أدى الحصار المشدد إلى تراجع المخزون الغذائي إلى مستويات غير مسبوقة، تنذر بحدوث مجاعة حقيقية في ظل عدم وجود أي بوادر لفتح المعابر أو إدخال مساعدات إنسانية.
وتزامنا مع تدهور الوضع المعيشي، شهدت الأسواق المحلية ارتفاعات جنونية في أسعار السلع الأساسية، حتى باتت خارج متناول الغالبية العظمى من السكان، فقد وصل سعر كيلو السكر إلى 50 شيكل، والدقيق إلى 30 شيكل، بينما تجاوز سعر كيلو الباذنجان 30 شيكلا، ووصل البندورة إلى أكثر من 20 شيكلا، وسط عجز المواطنين عن تأمين احتياجاتهم اليومية.
وهذا الانفلات في الأسعار يحدث في ظل غياب شبه تام للرقابة الحكومية، ما فاقم من معاناة السكان الذين فقدوا مصادر دخلهم، ويعتمدون بشكل شبه كلي على المساعدات الخارجية التي توقفت بفعل الحصار.
ولا تقتصر الكارثة على الحصار فقط، بل إن العمليات العسكرية البرية التي يشنها جيش الاحتلال، تركزت في مناطق كانت تعد سلة غذائية رئيسية للقطاع، ما أدى إلى تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وتعطيل سلاسل التوريد المحلية، لتفقد غزة آخر مصادرها الذاتية في تأمين الغذاء.
وفي ظل انعدام الإنتاج المحلي واستمرار الحصار، لا يملك سكان القطاع أي بدائل حقيقية، وبدون تدخل فوري وفعال من المجتمع الدولي، فإن الأوضاع مرشحة لمزيد من الانهيار الإنساني والمعيشي.