نتائج الحرب تحدد مستقبل غزة.. ماذا يعني نتانياهو بحديث السيطرة الأمنية؟
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
بحديثه عن أن "إسرائيل ستتولى لفترة غير محددة المسؤولية الأمنية الشاملة" في قطاع غزة بعد الحرب، يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خالف جميع السيناريوهات التي دار الحديث عنها بكثرة خلال الأيام الماضية، كما تشي كلماته بأنه لا ينحاز إلى نظرة الولايات المتحدة بشأن مستقبل القطاع "بعد حماس".
وربط نتانياهو، في مقابلة له مع شبكة "إيه بي سي نيوز" الأميركية، الاثنين، "تولي المسؤولية الأمنية بالإرهاب"، وقال: "عندما لا نتولّى هذه المسؤولية، فإن ما نواجهه هو اندلاع إرهاب حماس على نطاق لا يمكننا تخيله".
لكن المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، قال لشبكة "سي.إن.إن" إن الرئيس الأميركي، جو بايدن، يعارض عودة الاحتلال الإسرائيلي، لأنه ليس "جيدا لإسرائيل، ولا للشعب الإسرائيلي".
وتحدث وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، مع زعماء في المنطقة عن الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه إدارة غزة بعد الحرب، وقال كيربي "مهما ستصبح عليه الأمور، فلا يمكن أن يكون كما كان في السادس من أكتوبر. ولا يمكن أن يكون الأمر كما كان لحماس".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، قال ردا على سؤال بشأن الجهة التي يفترض بها أن تحكم قطاع غزة بعد الحرب، "أولئك الذين لا يريدون مواصلة السير على طريق حماس"، دون أن يشير صراحة إلى الجهة التي قد تتولى إدارة القطاع المحاصر، في حال حقق الجيش الإسرائيلي أهدافه بـ"تفكيك حماس".
وفي إجابته على سؤال للحرة، اعتبر المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، أوفير جندلمان، أن هناك بعض الخطط والتصورات لمستقبل القطاع، مشيرا إلى أنه بعد "تطهير القطاع من وجود حماس" يجب أن تكون هناك سيطرة أمنية إسرائيلية كي لا تستطيع حماس أن ترفع رأسها من جديد.
وأضاف: "أريد أن أذكر، أن هذا التنظيم يريد قتل كل إسرائيلي أينما كان، ولذا لابد لنا من القيام بكل الإجراءات المطلوبة من أجل القضاء على هذا التنظيم الإرهابي بأكمله. إذا احتاج هذا إلى إجراءات أمنية بعد الحرب، فنحن سنقوم بها، وهذا هو حقنا في الدفاع عن النفس".
ومع دخول الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة شهرها الثاني، لا تلوح في الأفق أي بوادر تقود إلى "التهدئة"، وعلى العكس، تشير تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى أنهم استمرار العمليات العسكرية من الجو والبر، حتى تحقيق "الأهداف".
وعلى رأس المسؤولين وزير الدفاع، يوآف غالانت، الذي قال في آخر تصريحاته إن "إسرائيل مقبلة على أيام قتال عدة، في ختامها سيتم تحقيق 3 أهداف: حماس لن تكون إطارا عسكريا وسلطويا في قطاع غزة، ولن يأتي أي تهديد منها إلى اسرائيل، وسيتمتع جيش الدفاع بحرية نشاط كاملة، دون قيود على تفعيل القوة".
وتتوافق كلمات غالانت إلى حد كبير مع إعلان نتانياهو، وتتماشى أيضا مع نظرة المعارضة الإسرائيلية لمستقبل "غزة ما بعد حماس"، ووفق زعيمها يائير لابيد فإن "السيطرة الأمنية يجب أن تكون لإسرائيل في غزة بعد اليوم الثاني من انتهاء الحرب".
وأعرب لابيد عن اعتقاده بأن "السلطة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة القادرة على تولي السيطرة على قطاع غزة بعد تحقيق النصر على حماس"، مضيفا أن "السيطرة الأمنية في الفترة المقبلة يجب أن تكون بيد جيش الدفاع، وإلا فلن نتمكن من مطالبة سكان بئيري وسديروت بالعودة إلى منازلهم".
"بعد سيناريوهات"ولم يأت إعلان نتانياهو "الاستثنائي" بخصوص "غزة بعد الحرب" من فراغ، بل سبقته عدة سياقات، كان في مقدمتها السيناريوهات المتكررة، التي انتشرت عبر وسائل الإعلام الغربية ودار الحديث عنها بكثرة، مستعرضةً احتمالات "مستقبل غزة بعد حماس".
كما جاء في أعقاب تصريح لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال فيه إنه "يتعين أن تلعب السلطة الفلسطينية دورا مركزيا فيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة".
وخلال لقاءه برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في مدينة رام الله بالضفة الغربية، أشار بلينكن إلى أن أكثر حل منطقي هو أن تتولى "سلطة فلسطينية فعالة ومنشَّطة" إدارة القطاع في نهاية المطاف، مؤكدا أن "دولا أخرى ووكالات دولية من المرجح أن تلعب دورا في الأمن والحكم في هذه الأثناء".
وأضاف، في وقت سابق أيضا، أن "الوضع الراهن الذي تتولى فيه حماس المسؤولية في القطاع المكتظ بالسكان لا يمكن أن يستمر، لكن إسرائيل لا تريد إدارة غزة"، مردفا بالقول: "بين هذين الوضعين توجد مجموعة متنوعة من البدائل المحتملة التي ندرسها بعناية الآن، كما تفعل دول أخرى".
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي، شلومو غانور، أن النتائج المترتبة على "نهاية الحرب" في غزة ستقود نحو السيناريو الأكثر قربا للتنفيذ على أرض الواقع.
وبعد انتهائها يجب أن نرى النتائج، ومدى تحقيق إسرائيل الأهداف التي حددتها، بتفكيك البنية "الإرهابية العسكرية والحكومية لحماس"، وإعادة المختطفين الإسرائيليين والرعايا الأجانب، ووقتها يمكن الحديث عمن يتسلم "حكم القطاع"، وفق حديث غانور لموقع "الحرة".
ويشير إلى متطلبات عدة يجب أن تضمنها إسرائيل عند الحديث عن الجهة التي ستحكم القطاع، تتعلق بـ"ضمان عدم تكرار الاعتداء على الأراضي الإسرائيلية، وتأمينها الحدود من ناحية قطاع غزة".
ويجب أن يكون القطاع "معزولا عن السلاح تماما"، وبعدها يمكن الحديث عمن سيتولى إدارة شؤون غزة للمدى "القريب والبعيد"، من حيث إعادة الإعمار والسيطرة على الأمور المعيشية للسكان، ووضع حلول سياسية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حسبما يؤكد غانور.
ماذا يريد نتانياهو؟يعتقد منير الجاغوب القيادي في حركة "فتح" الفلسطينية أن "إسرائيل وبإعلان نتانياهو تكون قد ردّت على الخيارات التي طرحتها الولايات المتحدة الأميركية".
وتطرقت واشنطن خلال الأيام الماضية إلى فكرة "عودة السلطة" لغزة، وتحدثت في بعض الأوقات عن "لجان أممية" وقوات أمن دولية، بحسب الجاغوب.
ويقول لموقع "الحرة": "من الواضح أن نتانياهو يريد قطع الخط على واشنطن، بإعلانه أنه سيدخل إلى غزة من أجل احتلال القطاع، والبقاء فترة من الزمن".
وفي جميع الأحوال لن تقبل السلطة الفلسطينية أن "تعود إلى غزة على ظهر طائرة أو دبابة إسرائيلية"، كما يوضح القيادي في "فتح".
ويوضح: "إذا قبلت تولي السلطة سيكون ذلك ضمن اتفاق شامل لكل الأراضي المحتلة من الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية"، وهو ما أبلغ به بلينكن عند لقائه مع عباس، وفي أثناء وصوله إلى العاصمة الأردنية عمّان لحضور اجتماع وزراء الخارجية العرب، حسب الجاغوب.
وإلى حين تحقيق الأهداف الإسرائيلية يجب على إسرائيل "المحافظة على مصالحها الأمنية"، وضمان ألا تكون منطقة جنوب قطاع غزة بوابة لتهريب الأسلحة من سيناء، واستخدامها ضد الإسرائيليين، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي غانور.
ويشير إلى وجود "حصار إسرائيلي محكم على غزة برا وبحرا وجوا"، لكن توجد منطقة واحدة لا تسيطر عليها إسرائيل هي "معبر رفح"، معتبرا أن "تكدس الأسلحة لدى حماس" جاء عبر تلك الحدود.
كما يرى أن تشديد الرقابة على المنافذ البرية المصرية المتصلة بقطاع غزة، سيضمن "عدم تهريب الأسلحة والعناصر المسلحة" من سيناء وإليها.
"أسباب داخلية"ويقول ألكسندر لانغلويس، وهو باحث أميركي يركز على شؤون الشرق الأوسط، إن "نتانياهو يتمتع بتاريخ طويل من تجاهل السياسة الأميركية الرسمية بشأن إسرائيل وفلسطين، وهو يتلاعب بانتظام بمخاوف الولايات المتحدة بشأن بلاده لتحقيق مكاسب سياسية".
وما سبق يحدث الآن، بحسب لانغلويس، مضيفا لموقع "الحرة" أن "إعلان نتانياهو يعكس محاولة لتلبية احتياجات الجناح اليميني في حكومته من خلال الإشارة إلى احتلال أعمق لغزة".
و"الأسوأ من ذلك"، حسب تعبير الباحث الأميركي، أنه "قد يتماشى مع توصيات سياسة وزارة الاستخبارات، التي تدعو إلى طرد السكان المدنيين في غزة إلى سيناء".
ويعتبر إسرائيليون اتفاق "أوسلو" خطأ تاريخيا، بحسب ما يقول القيادي في "فتح"، الجاغوب، مضيفا أن "اليمين الإسرائيلي كان قد اغتال إسحق رابين من أجل إفشال الاتفاق".
وفي عام 1996 عمل نتانياهو على خطة سميت بـ"خطة تعديل المسار" لإلغاء أوسلو وإعادة سيطرة إسرائيل على المناطق التي سلمتها للسلطة ومن ضمنها قطاع غزة، ويرى الجاغوب أن "الفرصة سانحة أمام نتانياهو الآن للسيطرة على القطاع".
ويوضح أنه، وبعد "فشل محاولة تهجير السكان ودفعهم للتوجه جنوبا يريد نتانياهو أن يعيد السيطرة على كل القطاع وصولا إلى رفح. له خطة احتلال سابقة، ويريد تطبيقها الآن ويقول لأميركا إن خططك مرفوضة"، كما يرى القيادي الجاغوب.
لكن المسؤول الإسرائيلي السابق، أيوب القرا، يشير إلى أن "الموضوع بكامله يرتبط فقط بقمع حماس واستغلال الظروف بعد ذلك لتغيير مجرى كل منطقة القطاع، بحيث تكون في يد قوية".
ولسنوات طويلة كان القرا في حكومة نتانياهو، ويقول لموقع "الحرة": "إسرائيل بعد انتهاء الحرب لن تكون معنية بالسيطرة على القطاع".
ويضيف: "حتى لو احتلته سيكون هناك فترة قصيرة لإعطاء السيطرة لمنظمة أو بلدية أو جهاز أو قوى محلية".
"إطالة أمد الصراع"وبعد حوالي 3 أسابيع من هجوم "حماس"، شن الجيش الإسرائيلي هجوما بريا على غزة، وأعلن الثلاثاء أنه "يتواجد في قلب غزة لأول مرة منذ عقود".
ويشكل هدف القضاء على حماس تحديا عسكريا كبيرا من المرجح أن يستغرق ما بين شهرين إلى ستة أشهر، وفقا ليعقوب أميدرور، الجنرال السابق ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي، الذي نقلت عنه الإذاعة الوطنية العامة "أن بي آر".
ويعتقد الباحث الأميركي لأنغلويس أن "نتانياهو يستخدم المشاعر العامة الأميركية تجاه إسرائيل لصالحه للتأثير على السياسة الأميركية الداعمة لحكومته، فضلا عن المصالح الإقليمية الإسرائيلية الأخرى".
وكان "لهذا النهج أهمية خاصة خلال مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة في ظل إدارة (الرئيس الأسبق باراك) أوباما عندما ألقى نتانياهو خطابه السيئ السمعة أمام الكونغرس الأميركي، بمواجهة أي اتفاق نووي مع إيران".
وبالنسبة للباحث الأميركي "لا تختلف تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلية الحالية عن المذكورة سابقا، في ظل إدارة أوباما".
ويضيف أنه "يحاول فعل كل شيء من أجل البقاء سياسيا. بمعنى إطالة أمد الصراع لتبرير منصبه على رأس الحكومة وسط جمهور إسرائيلي يريد رحيله بأغلبية ساحقة".
ورغم أن ما صدر جاء على لسان نتانياهو، يعتقد لانغلويس أن "إسرائيل جادة في تعميق احتلالها لغزة، وأن هذا هو الموقف السياسي الرسمي".
ويعتقد أيضا أن ما سبق "يتزامن مع تعميق الاحتلال للضفة الغربية من خلال الدعم الضمني والصريح للمجموعات الاستيطانية اليمينية، التي تقوم حاليا بتهجير المدنيين والمدن والقرى الفلسطينية".
لكن المسؤول الإسرائيلي السابق يرفض ذلك، ويقول إن "إسرائيل ستسعى بعد إنهاء الحرب في القطاع وتفكيك حماس إلى تسليم غزة لعائلة كبيرة أو سلطة أو جهة يمكن أن تغير الحالة السابقة بالكامل"، وأنه "قد يتم الاعتماد بذلك على الأموال المصادرة من حركة حماس في دول أوروبا".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة غزة بعد الحرب السیطرة على قطاع غزة یمکن أن لا یمکن إلى أن من أجل یجب أن
إقرأ أيضاً:
«إكسترا نيوز» تبرز ملف «الوطن» حول هدف إسرائيل في السيطرة على الشرق الأوسط
سلط برنامج «الصحافة» الذي تقدمه الإعلامية آلاء شتا، على قناة «إكسترا نيوز»، الضوء على أهم الموضوعات الصادرة في عدد اليوم من جريدة «الوطن»، من بينها «إسرائيل تواصل عدوانها على لبنان.. و«وول ستريت» و«تل أبيب» تورطت في حرب طويلة» و«الاحتلال الإسرائيلي يواصل إبادة الفلسطينيين و«الصحة العالمية»: الأوضاع في غزة «جحيم».
علقت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي على تقرير «الاحتلال الإسرائيلي يواصل إبادة الفلسطينيين و«الصحة العالمية»: الأوضاع في غزة «جحيم»، بأن موقف مصر تجاه ما يحدث في فلسطين كان يحمل في طياته العديد من الرسائل التي توجه للعالم، إذ أنها عملت على أخذ موقف ثابت وبناء وتمثل في محاولاتها لوقف إطلاق النار.
إسرائيل لا تعرف معنى المفاوضةولفتت إلى أن إسرائيل لا تعرف معنى المفاوضة، إذ أن لديها الأسلحة والذخائر التي تُمنح لها دون أي تكلفة، فضلا عن أن الأسلحة التي تأتي لها من أمريكا، متابعة: «الاحتلال الإسرائيلي مستمر في القصف على غزة ولبنان، إلى جانب أن كل التدمير الذي حدث في جنوب لبنان ليس فقط من حزب الله».
الاحتلال يهدف للسيطرة على الشرق الأوسط بأكملهوأشارت إلى أن الاحتلال يهدف للسيطرة على الشرق الأوسط بأكمله، موضحة أن مصر تعتبر أكبر عدو بالنسبة لإسرائيل، لذا فيجب على الدولة أخذ حذرها.