دراسة: الصيد الجائر يدفع أسماك قرش الشعاب المرجانية نحو الانقراض
تاريخ النشر: 1st, July 2023 GMT
تشير دراسة عالمية حديثة إلى أن الصيد المفرط يدفع أسماك قرش الشعاب المرجانية نحو الانقراض، وأظهرت الدراسة انخفاضا حادا في أعداد أسماك القرش من أكثر الأنواع شيوعا في جميع أنحاء العالم بنسبة تتراوح بين 60% و73%، وهو ما يشكل خطرا أكبر بكثير على هذه المفترسات البحرية مما كان يعتقد سابقا.
ووفقا للدراسة التي نُشرت في مجلة "ساينس" (Science) في 15 يونيو/ حزيران الماضي، فإن الصيد الجائر كان من أهم الأسباب التي تدفع أسماك قرش الشعاب المرجانية إلى الانقراض.
البحث هو نتيجة مشروع "غلوبال فينبرينت" (Global FinPrint)، الذي جمع أكثر من 22 ألف ساعة من مقاطع الفيديو من الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم عبر أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأستراليا والأميركيتين.
وجد فريق مكون من أكثر من 150 عالما أن 5 من أكثر أنواع قرش الشعاب المرجانية شيوعا انخفضت أعدادها، وكانت غائبة تماما في 14% من الشعاب المرجانية التي تم توثيقها سابقا.
وحسب البيان الصحفي المنشور على موقع "فيز.أورغ" (Phys.org) قال المؤلف الرئيسي كولين سيمبفيندورفر من جامعة جيمس كوك (James Cook University) وجامعة تسمانيا (University of Tasmania) الأستراليتين إنه لم يكن يُعتقد قبل الدراسة أن أسماك قرش الشعاب المرجانية -على عكس أنواع القرش الأخرى التي تعيش في أعماق المحيطات- لا تسير على ما يرام.
وأضاف "لكن عندما جلست وألقيت نظرة على النتائج الإجمالية، كان الأمر مذهلا للغاية".
في هذه الدراسة، استخدم العلماء محطات الفيديو البعيدة تحت الماء، وهي عبارة عن كاميرات بها كمية صغيرة من الأسماك الزيتية معلقة على الذراع لسحب أسماك القرش ومراقبتها.
وقاموا بمسح 391 من الشعاب المرجانية في 67 دولة وإقليما باستخدام 22 ألفا و756 كاميرا، مما أدى إلى إنتاج محتوى فيديو رقميا تقدر مدته بما يوازي 3 سنوات.
ووجد الباحثون أن الشعاب المرجانية ذات التجمعات السكانية من الأحياء المائية الأكثر صحة كانت في البلدان ذات الدخل المرتفع، في حين أن البلدان منخفضة الدخل كان لديها نتائج أسوأ بشكل عام.
وقال الباحث مايكل هايثوس من جامعة فلوريدا الدولية (lorida International University) "في تلك المناطق التي توجد فيها مناطق محمية بحرية قوية وطرق جيدة حقا لفرضها، لديك تجمعات قوية من أسماك القرش".
تساعد هذه النتائج في تحديث القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، مع إضافة المزيد من الأنواع لحالة "المهددة بالانقراض"، وهي خطوة مهمة نحو إجراءات الحفظ.
يقول سيمبفندورفر إن العامل الأكبر في الانخفاض كان الصيد الجائر، سواء كان استهداف أسماك القرش لزعانفها أو لحومها، أو قتلها عن غير قصد.
وأوضح سيمفيندورفر أن أسماك قرش الشعاب المرجانية تحافظ على الحيوانات العاشبة تحت السيطرة. عندما تصبح الحيوانات العاشبة أكثر شيوعا، فإنها تأكل المزيد من الطحالب التي تحبس الكربون لاستخدامه في عملية التمثيل الضوئي.
وقال "إن عزل الكربون في الشعاب المرجانية من دون أسماك القرش أقل بكثير مما هو عليه في الشعاب المرجانية بأسماك القرش"، مما يعني أن هناك تأثيرا على ظاهرة الاحتباس الحراري.
كشف الباحثون عن بعض "نقاط الأمل" في بعض الدول النامية تضم محميات بحرية فعالة، مثل جزيرة سيبادان في ماليزيا، ولايتهاوس ريف في بليز، مما يوفر أملا في إعادة إكثار هذه الأنواع في المناطق المنهكة.
وتشير النتائج إلى أنه يمكن استعادة بعض مجتمعات أسماك القرش في الشعاب المرجانية مع توفير الحماية المناسبة، لكن يجب حل المشاكل البشرية والإيكولوجية لتحقيق ذلك.
وتوصي الدراسة بإنشاء مناطق حماية بحرية فعالة مستندة إلى العلم يتم فيها تقييد أو حظر ممارسات الصيد الضارة، كما يجب تعزيز إدارة الموارد الطبيعية وحمايتها في الدول المنخفضة الدخل، التي غالبا ما تفتقر إلى الموارد اللازمة للإدارة المستدامة وحماية التنوع البيولوجي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
هل يدفع العالم ثمنَ غطرسة أمريكا والكيان الإسرائيلي؟ بابُ المندب خطُّ نار عالمي
بقلم ـ عبدالملك محمد عيسى*
تتصاعدُ حدةُ الصراع في المنطقة مع كُـلّ يوم جديد، حَيثُ تتشابك المِلفات السياسية والعسكرية والاقتصادية في معركة إقليمية مفتوحة بين محور المقاومة من جهة وأمريكا والكيان الإسرائيلي وحلفائهما الإقليميين من جهة أُخرى.
وبينما تلوّح واشنطن بالمزيد من التصعيد سواء ضد غزة أَو ضد اليمن، على خلفية استهداف السفن في البحر الأحمر، تبدو المنطقة والعالم بأسره على شفا أزمة اقتصادية غير مسبوقة عنوانها الأبرز: (باب المندب خط نار عالمي).
ففي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتهديد ترامب المباشر لحركة حماس بإجبارها على إطلاق الأسرى الصهاينة لديها بالقوة، جاءت الضربة اليمنية الحاسمة بإسقاط طائرة أمريكية من طراز MQ-9 في أجواء الحديدة بأسلحة محلية الصنع لتؤكّـدَ أن اليدَ اليمنية باتت على الزناد في البحر والجو معاً، ولم يكن هذا التطور منفصلاً عن السياق العام، بل جاء في ضوء زيارة وزير الدفاع السعوديّ خالد بن سلمان إلى واشنطن، حَيثُ بحث مع نظيره الأمريكي بيت هيغسيث سبل تعزيز التعاون الدفاعي والتطورات الإقليمية، هذا التنسيقَ العسكري السعوديّ الأمريكي في ظل استهداف اليمن وتصنيفه “إرهابياً”، يعكس بوضوح أن واشنطن تفكّر في مغامرة عسكرية ضد صنعاء بمباركة الرياض.
الرسالة اليمنية واضحة إما وقف العدوان الإسرائيلي الأمريكي على غزة ورفع اليد الأمريكية عن اليمن أَو دخول العالم في أزمة اقتصادية كبرى تبدأ من باب المندب، هذا المضيق الاستراتيجي الذي يمر عبره نحو 12 % من حجم التجارة العالمية وتحمل مياهُه إمدَاداتِ الطاقة والبضائع نحو أُورُوبا وآسيا وأمريكا؛ فإغلاق باب المندب -ولو مؤقتاً- يعني ارتفاعًا صاروخيًّا في أسعار النفط والغاز وقفزة جنونية في تكاليف الشحن البحري؛ ما سيؤدي إلى موجة تضخُّم عالمية غير مسبوقة، وخَاصَّة أن الاقتصاد العالمي أصلاً هشٌّ بعد سلسلة من الأزمات، منها العقوبات الأمريكية على روسيا والصين وأُورُوبا وكندا والمكسيك والحرب في أوكرانيا، وتداعياتها على الطاقة والغذاء واضطراب سلاسل التوريد منذ أزمة كورونا.
أزمة باب المندب إذَا انفجرت ستضع الاقتصاد العالمي أمام سيناريو ركود تضخمي كارثي، حَيثُ ترتفع الأسعار بينما تتراجع معدلات النمو والإنتاج، وهذا يعني زيادة كلفة الطاقة على الصناعات في أُورُوبا وآسيا وارتفاع أسعار الغذاء والنقل والشحن عالميًّا وانخفاض القدرة الشرائية لدى المستهلكين واضطراب أسواق المال وتهاوي العملات.
ما لا تدركُه واشنطن أن سلاح العقوبات الذي تستخدمه ضد الصين وروسيا واليمن وإيران وغيرها يرتد عليها اليوم بشكل أقسى؛ إذ لم يعد العالم أحادي القطبية خاضعاً بالكامل للإملاءات الأمريكية، بل أصبحنا أمام تعددية قطبية اقتصادية تلعب فيها المقاومةُ دوراً جديدًا، لا يقتصرُ على الرد العسكري بل يمتد إلى الردع الاقتصادي عبر التحكم بمفاصل التجارة العالمية.
أي تصعيد أمريكي إضافي ضد غزة أَو اليمن، سيؤدي إلى خلط الأوراق في الاقتصاد العالمي وإجبار الأسواق على دفع ثمن غطرسة واشنطن وحمايتها المطلقة لجرائم الكيان الإسرائيلي، وَإذَا كانت الإدارة الأمريكية تعتقد أن اليمن دولة معزولة ضعيفةٌ فَــإنَّ باب المندب وحدَه كفيلٌ بإثبات العكس، وبأن اليد التي أسقطت MQ-9 قادرة على إغلاق المضيق وتحويله إلى ساحة لهب عالمي، وقد تم تجريبه طوال عام كامل.
بين صراع السياسة وصراع الاقتصاد سيدرك العالم أن الهيمنة الأمريكية باتت تهديداً مباشراً لاستقرار التجارة والاقتصاد الدوليين، وأن مشروع المقاومة الذي يدافع عن سيادة الشعوب وكرامتها أصبح صمامَ الأمان الحقيقي لاستقرار المنطقة والعالم لا العكس.
* أُستاذ عِلم الاجتماع السياسي المشارك جامعة صنعاء