شريان الحياة لأهل غزة... معبر رفح الذي تتجاذب إسرائيل ومصر وحماس مفاتيحه
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
إعداد: طاهر هاني | لارا بولنز إعلان اقرأ المزيد ما هو معبر رفح؟
يسمح معبر رفح للفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة -وهو منطقة مزقتها الحرب منذ سنين- بالتواصل مع العالم الخارجي واقتناء المستلزمات الضرورية للعيش.
يقع المعبر بين قطاع غزة ومصر ويمتد على مسافة تقدر بـ 12 كيلومترا. وهو أحد المعبرين اللذين يسمحان لسكان غزة بالتواصل مع العالم الخارجي.
ويقول لرونزو نافون، مدرس علم الاجتماع ومتخصص في القضايا المتعلقة بالحدود والنزاعات بجامعة ستراسبورغ بفرنسا "نظريا، السلطات الفلسطينية والمصرية هي التي من المفروض أن تدير معبر رفح. لكن إسرائيل لديها كلمتها فيما يتعلق بمسألة العبور من منطقة إلى أخرى".
وأضاف "هذا المعبر ليس مثل باقي المعابر الأخرى المتواجدة في العالم. فهو يتميز بنوع من الانتقائية. إذ يمكن أن يفتح أو يغلق في أية لحظة. معبر رفح لا يشبه مثلا المعابر الحدودية المتواجدة في فضاء شنغن. فهي خفية، لا تراها ويمكنك عبورها بسيارتك في أي وقت ليلا أو نهارا. عكس معبر رفح".
بقي معبر رفح مفتوحا العام الماضي خلال 245 يوما وفق الأمم المتحدة و138 يوما في 2023. ويعد نقطة استراتيجية بالنسبة للفلسطينيين لعبور الأسخاص ومرور السلع والبضائع والمساعدات الإنسانية. لكن بسبب الحصار المفروض على غزة منذ 2007، يتم فتح المعبر بشكل متقطع.
ما أهمية معبر رفح؟تعتمد غالبية سكان غزة على معبر رفح من أجل العيش. لكن منذ فرض إسرائيل الحصار البري والجوي والبحري على القطاع في 2007، تقلصت تحركات الفلسطينيين بشكل كبير وتدهورت ظروف معيشتهم.
في أوقات السلم، يعج معبر رفح بالأشخاص الذين يتنقلون بين غزة ومصر محملين بالسلع من كل الأنواع. يشتري أهل غزة الوقود والأدوية ومواد البناء ومواد أخرى وكل المستلزمات الأساسية. أما بالنسبة للعائلات التي فرقتها الحدود، فيعتبر معبر رفح المنفذ الوحيد لها، يشرح لرونزو نافون.
اقرأ أيضاكيف تتحكم إسرائيل بدخول الـمساعدات عبر معبر رفح؟
الدخول والخروج من غزة ليس بالأمر السهل. كل شخص يحتاج إلى تصريح من قبل السلطات المصرية أو الإسرائيلية. أما الذين يريدون مغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح، فعليهم تسجيل أنفسهم لدى سلطات حماس قبل أسابيع من السفر. أما الذين يستطيعون دفع تكاليف التصريح، فبإمكانهم أن يطلبونه من السلطات المصرية.
ووفق مكتب الأمم المتحدة المكلف بتنسيق الشؤون الإنسانية، هذه الإجراءات تفتقد إلى الشفافية. "فغالبا ما ينتظر المسافرون أياما عدة أو شهرا كاملا أو شهرين قبل العبور من غزة نحو مصر أو بالعكس. الأمر الذي يسبب إرهاقا شديدا للناس"، يقول لرونزو نافون.
كيف تغيرت الحدود مع مرور السنين؟أطلق لرونزو نافون، المتخصص في مسائل الحدود والنزاعات اسم "الحدود المتنقلة" على معبر رفح نتيجة للعديد من النزاعات المسلحة التي أثرت على المنطقة. من بينها الحرب العربية الإسرائيلية التي وقعت في 1948 وحرب الأيام الستة في 1967 وحرب الاستنزاف في 1970 وحرب أكتوبر "يوم كيبور" في 1973.
بعد حرب 1967، احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة وتوسعت وكادت أن تصل حدودها إلى غاية قناة السويس" يقول لرونزو نافون، الذي أضاف أن "الجيش الإسرائيلي انسحب من شبه جزيرة سيناء في 1982 بعد ثلاث سنوات على التوقيع على معاهدة سلام مع مصر".
لكن قبل هذا التاريخ، "كان قطاع غزة تحت السلطة المصرية والحدود بين مصر وغزة مفتوحة نوعا ما" حسب نافون، الذي أكد أن "الحديث عن الحدود بدأ بشكل جدي بعد اتفاقيات أوسلو في 1993".
وفي 2005، شرعت إسرائيل في الانسحاب من غزة. في 2006، فازت حركة حماس بالانتخابات التشريعية وبسطت سيطرتها بالكامل على غزة في 2007.
يفسر لرونزو نافون، "منذ ذلك الوقت، أصبحت غزة معزولة عن العالم وقامت كل من تل أبيب والقاهرة بفرض قيود صارمة على الحدود مع غزة بسبب عدم وجود سلطة أمنية حقيقية من الجانب الفلسطيني، عدا حركة حماس".
ونتيجة لهذه القيود والحصار، تم بناء العديد من الأنفاق بين غزة ومصر بشكل سري. ما سمح للفلسطينيين وللسلع بعبور الحدود بشكل غير قانوني علما أن تاريخ اكتشاف إسرائيل للأنفاق السرية يعود إلى ما قبل 1983.
اقرأ أيضاغزة: بانتظار فتح المعبر
وفي 2011 عندما ظهرت حركات جهادية في صحراء سيناء، قامت السلطات المصرية بفرض رقابة صارمة على كل الذين يريدون السفر باتجاه المدن والبلدات القريبة من معبر رفح. أكثر من ذلك، شددت الإغلاق على كل شمال منطقة سيناء بعد مظاهرات الربيع العربي التي اندلعت في نفس السنة بمصر وتم إغلاق كل المنطقة الحدودية.
مدينة رفح بحد ذاتها سواء كان من الجانب المصري أو الفلسطيني معروفة عبر التاريخ بكونها مركزا لتهريب السلع بفضل الأنفاق التي بنيت فيها.
في 2015، غمرت السلطات المصرية عمدا المنطقة الحدودية بالمياه. كان هدفها تدمير جميع الأنفاق السرية التي تستخدم لتمرير السلع والأشخاص. وفي السنوات العشر الماضية، كان عدد الأيام الذي فتح فيها معبر رفح أقل بكثير من الأيام التي بقي مغلقا فيها.
ماذا وقع لمعبر رفح منذ هجوم 7 أكتوبر؟قبل هجوم حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والذي أجج الوضع الأمني في المنطقة، كانت كل أنواع المساعدات والسلع تدخل إلى غزة عبر معبر "كرم شالوم" الذي تديره إسرائيل. لكن منذ اندلاع الحرب، شددت تل أبيب قيودها وجعلت من معبر رفح الممر الوحيد للمساعدات الإنسانية.
من جهتها، أعلنت مصر في الأيام الأولى من بداية الحرب أن الحدود بقيت مفتوحة لكن لا يمكن استخدامها بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل. فعلى سبيل المثال في 10 أكتوبر/ تشرين الأول، قصف الجيش الإسرائيلي معبر رفح ثلاث مرات خلال يوم واحد.
القصف أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من المعبر. ما جعل من الصعب جدا إيصال المساعدات الإنسانية عبر الشاحنات التي لم تجد طريقا لها للوصول إلى غزة. فتوقفت عند الحدود المصرية. لكن في نهاية المطاف تمكنت من العبور إلى غزة في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
قبل الحرب، أشارت تقديرات للأمم المتحدة أن نحو 500 شاحنة كانت تدخل يوميا من معبر رفح إلى غزة. لكن منذ 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم تعبر سوى حوالي 400 شاحنة إغاثة إلى القطاع وفق مسؤول الطوارئ الصحية في المنظمة العالمية للصحة ميخائيل ريان الذي وصف كمية هذه المساعدات "بقطرة ماء في المحيط". فيما يعد الوقود ومحطات المياه من بين المواد المطلوبة بشدة لدى أهل غزة.
هذا، وبفضل وساطة قطرية واتفاق ثلاثي بين إسرائيل ومصر وحماس تحت رعاية أمريكية، تم السماح باستخدام معبر رفح لعمليات إجلاء محدودة من غزة.
وغادر نحو 600 شخص ممن يحملون جوازات سفر أجنبية وبعض موظفي منظمات إنسانية قطاع غزة عبر معبر رفح منذ مطلع شهر نوفمبر/ تشرين الثاني. فيما يتوقع أن يغادر عدد أكبر من الأشخاص في الأيام القليلة المقبلة.
من جهتها سمحت مصر بإجلاء حوالي 100 مصاب بجروح خطيرة من غزة برفقة عائلاتهم عبر معبر رفح لتلقى العلاج.
ولا يزال "الغموض يلف مصير فلسطيني غزة، لا سيما بعدما قالت إسرائيل بأنها ترغب في إرسالهم إلى صحراء سيناء للعيش هناك. ما جعل منظمات الإغاثة وسياسيون يدقون ناقوس الخطر"، حسب عالم الاجتماع نافون.
ووفق تقديرات الأمم المتحدة، 1.7 مليون غزاوي هم لاجئون. فهل ينتظرهم لجوء ثان في مصر؟
النص الفرنسي: لارا بولنس/ النص العربي: طاهر هاني
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج رفح الحرب بين حماس وإسرائيل غزة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني فلسطينيون إسرائيل حماس حدود للمزيد السلطات المصریة غزة عبر معبر عبر معبر رفح تشرین الأول قطاع غزة إلى غزة من غزة
إقرأ أيضاً:
أسوان تُحيي شريانًا سياحيًا مهجورًا: تطوير طريق إدفو/مرسى علم بعد عقدين من النسيان
في خطوة طال انتظارها لتعزيز التكامل السياحي بين محافظات الصعيد والبحر الأحمر، يولي اللواء دكتور إسماعيل كمال، محافظ أسوان، اهتمامًا بالغًا بمشروع رصف وتطوير طريق إدفو/مرسى علم الحيوي، الذي طالته يد الإهمال لأكثر من 22 عامًا. ويجري تنفيذ المشروع الطموح، الذي يمتد بطول 10 كيلومترات، بواسطة الهيئة العامة للطرق والكباري، بدعم مباشر من وزارة النقل بقيادة الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، وبالتنسيق الوثيق مع اللواء طارق عبد الجواد، رئيس الهيئة.
يأتي هذا المشروع الهام في إطار الجهود المتواصلة للدولة المصرية، وضمن استراتيجية الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرامية إلى تعزيز التدفقات السياحية وتحقيق التكامل الفعال بين مختلف المحافظات السياحية في البلاد.
وأكد محافظ أسوان على الأهمية القصوى لهذا الطريق، الذي ظل لسنوات طويلة يعاني من الإهمال وعدم الصيانة والتطوير. وأوضح أن رفع كفاءة هذا المحور الحيوي سيسهم بشكل مباشر في الربط السلس والمباشر بين مدن الغردقة ومرسى علم وإدفو، مما يدعم بقوة تنشيط سياحة اليوم الواحد ويزيد من فرص جذب المزيد من السائحين لزيارة المعالم السياحية والمواقع الأثرية الغنية التي تزخر بها "عروس المشاتى" أسوان.
من جانبه، أوضح المهندس عيد كرومر، رئيس الإدارة المركزية لفرع الهيئة العامة للطرق والكباري، أن نسبة التنفيذ في المشروع قد بلغت بالفعل 42% حتى الآن، بتكلفة تقديرية إجمالية تصل إلى 85 مليون جنيه. وشملت الأعمال الجارية تنفيذ الطبقة الرابطة بطول 3.5 كيلومتر، ورش طبقة التشريب بطول 4 كيلومترات، وتنفيذ طبقة الأساس بطول 5 كيلومترات. ويبدأ مسار الطريق من محطة إدفو الرئيسية ويمتد حتى قرية الرضوانية الواقعة بنهاية قرى وادي عبادي، وهو ما يضمن تحقيق السلامة المرورية الكاملة للمواطنين والأفواج السياحية التي تستخدم هذا المحور الحيوي بشكل يومي.
يمثل هذا المشروع خطوة محورية نحو إحياء محور سياحي هام ظل مهملاً لعقود، ومن المتوقع أن يسهم بشكل كبير في دفع عجلة التنمية السياحية والاقتصادية في محافظة أسوان والمحافظات المجاورة، بما يعود بالنفع على المواطنين والاقتصاد الوطني على حد سواء.