لجريدة عمان:
2025-04-11@03:21:42 GMT

رسالة من غزة :هل أكون أنا الشهيدة التالية؟

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

السلام عليكم..

الأصدقاء والصديقات في غزة دُرة التاج، ضفتنا الأبية، قدسَنا التي تستحق التضحية، أبناء الوطن في فلسطين والشتات.

الأشقاء الأعزاء في كافة أنحاء الوطن العربي، أبناء العروبة والآباء.. تحية لكم من قلب الحدث.

أبعث إليكم جميعًا برسالتي هذه التي ربما تكون الأخيرة، وعافية الله أوسع لنا ولكم.

لقد دخلنا المرحلة الثالثة من الحرب، مضى شهر على الخراب والدمار الذي طال غزة، شهر ولم يرفَّ جفن للحكومات العربية ذات الجيوش والعتاد! مجرد شعارات وشجب واستنكار لا يُسمن ولا يُغني من جوع، بالنفط العربي تسير أسراب الطائرات الأمريكية الحديثة في سماء غزة لتحصد مزيدًا من الأرواح البريئة كل لحظة، لم تعطِ هذه الطائرات للطيور فرصة للتحليق في السماء، لقد احتلتها كما احتلت الأرض، هاجرت أسراب الطيور بعيدًا لتبحث عن الأمان، لكنها حتمًا ستعود يومًا ما، مصائد الطائرات والدبابات والبوارج البحرية تحصد الأطفال والنساء والرجال والشيوخ على مرأى ومسمع من العالم حتى أربى عدد الشهداء على عشرة آلاف شهيد.

قلبي موجوع يا إخواني، والله قلبي موجوع، أبكي بصمت على الدوام مع كل شهيد يسقط، تتحجر دموعي عند رؤية الأطفال، ينقبض قلبي، تزداد ضرباته دون حول لي ولا قوة لفعل شيء، أنظر للأطفال من حولي فأشيح بوجهي سريعًا عنهم وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لو داهمني التفكير بفقدهم.

هو الدعاء يلازمني في صحوتي ونومي وصومي وصلاتي.

أردد باستمرار: اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي.

أتعلمون؟ أنا لا أخشى الموت مطلقًا فكلَّ أربعة دقائق تستشهد امرأة في غزة! هذا ليس قولي؛ وإنما هو قول وزارة الصحة الفلسطينية، ربما سأكون أنا المرأة التالية. أخشى من طبيعة الموت، أحدث نفسي كل لحظة وأنا أنظر لسقف المنزل الذي أتواجد فيه: ربما سأبقى مدة طويلة تحت ركام البيت كما بقي البعض منذ بداية الحرب لو سقط صاروخ علينا، أنا لا أحب العتمة ولا الأماكن المغلقة، كيف سأقضي ساعاتي تحت ردم المنزل؟! ربما سيُقطّع الصاروخ جسدي إربًا إربًا أو يَحترق جسمي فلا تبدو لي أي ملامح بينما أصطفُّ أمام طابور الخبز الطويل الطويل كل صباح. هل تعلمون أنهم دمروا المخابز أيضا؟!

أتعلمون؟ لقد نجوت مرة وأنا أقف على بسطة الخضار، كنت أمسك كيسًا في يدي ألتقط الحبة تلو الأخرى من الخيار الذي جئت لأشتريه؛ لأنه مطلب الأطفال، وقع صاروخ مباغت على مقربة مني فنجوت بكرم الله، لم تكن المرة الأولى التي أنجو فيها، فلقد نجوت قبلها من صاروخ مشابه وأنا أحمل الهواتف المحمولة بيدي، كنت ذاهبة لشحنها في مجمع تجاري قريب (مول) (تعرض للدمار فيما بعد)، حدث قصف شديد جدًا بجواري بينما كنت أتحدث عن تطورات الوضع في غزة لإحدى القنوات الفضائية الإخبارية.. بأعجوبة نجوت، امتلأ وجهي برماد القصف، تكسر الزجاج فوق رأسي، كانت المرة الأولى التي يُستخدم فيها الحزام الناري، أتساءل: ماذا لو مت وأنا أسير لشراء الطعام في شارع مكتظ باللاجئين الجدد، وحدي في مكان غير مسقط رأسي؟! بالتأكيد سيقلني المسعفون إلى مستشفى قريب، ويُكتب على كفني الذي حضر من إحدى الدول العربية: شهيدة مجهولة الهوية، وربما يُكتب أيضا: غير واضحة المعالم بسبب القنابل الحارقة. وخلال ساعة سيُتّخد القرار بدفني بشكل جماعي مع أناس لا أعرفهم، لن أحظى بقبلة أو نظرة وداع من أبي أو أخي أو أختي، أو حتى ابني الوحيد، لن يعلم زوجي الذي تقطعت بيني وبينه السُبل -وما زال يقطن شمال غزة- عن وفاتي قبل مُضي أسبوع وربما أكثر؛ فلا اتصالات ولا إنترنت. لن يضع أبي يده على رأسي كما يفعل عندما أمرض، سيصلي عليّ رجال لا أعرفهم ولا يعرفونني.

أنا لا أبالغ! لقد حدث هذا مع العديد من الأقارب والأصدقاء والزملاء الذي استشهدوا ووروا الثرى دون أن يعرف عنهم أحد! ربما لن يُعرف مكان قبري ولن أفرح لزيارة من أهلي لمن أراد أن يضع باقة الورد الذي أحبه.

أخشى أن يتم إطلاق النار عليّ بدم بارد وأرتمي أيامًا وأسابيع على رصيف شارع كما شاهدنا مع من جاءوا إلى الجنوب من شارع الرشيد قبل أيام.

أسئلة تراودني كما تراود كل نساء غزة؛ فالموت أصبح أقرب إلينا من لمح البصر لقد أصبحنا الهدف الثاني بعد الأطفال، لذلك نحن جاهزات على مدار الساعة، نرتدي كامل الثياب وكأننا في حالة تأهب قصوى تنتظر الراحة الأبدية، حتى ننجو من الحياة الفانية إلى دار البقاء.

لا تنسونا إن ذهبنا، تحدثوا عنا لمن حولكم، قولوا لهم بأننا نساء نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا! لكنها فلسطين العصية الأبية عن الانكسار، كلنا فداء لها، ستكون أجسادنا هي الطريق المعبّد بالنصر وصولًا للمسجد الأقصى المبارك، صلوا علينا صلاة الغائب عند تحريره ولا تنسونا من صالح دعائكم.

عاشت فلسطين عربية حرة.

د. حكمت المصري.

صحفية وأكاديمية من غزة.

شهيدة مع وقف التنفيذ بإذن الله تعالى

د. حكمت المصري صحفية تكتب لجريدة عمان من قلب غزة

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

رأي.. بشار جرار يكتب عن قمة ترامب - نتنياهو الثانية في شهرين والأجندة الرباعية!

هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

قد يكون استدعاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحليفه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الأطول خدمة في تاريخ إسرائيل، من تداعيات فضيحة "سِجْنَلْ جيت"! ثمة ما استدعى لقاء وجاهيا في البيت الأبيض ما كان بالإمكان إنجازه عبر دائرة تلفزيونية مغلقة أو اتصال هاتفي عالي الموثوقية في مكافحة التنصت. ستُبدي الأيام ربما اعتبارًا من السبت المقبل، ما قد يكون السبب الأول للقاء الثاني في شهرين، والرابع لنتنياهو منذ بدء كارثة السابع من اكتوبر 2023.

إيران، لا التعريفات الجمركية، ولا حتى غزة أو سوريا، هي التي دفعت لهذا اللقاء الذي تم ترتيبه على عجل بين الجانبين، ربما بضغط من ترامب نفسه الذي أعلن قبل شهر مهلة شهرين لإبرام اتفاق مع طهران، وإلا كان "آخر العلاج الكيّ" بمعنى الذهاب إلى الحرب، منفردًا أو ثنائيًا أو حتى بمشاركة أطراف لا تخطر على بال كثيرين، لكنها بالتأكيد لا تغيب عن هواجس القائمين على "تشخيص مصلحة النظام" في إيران التي صارت بعد احتضان باريس لخميني عام 1979 جمهورية إسلامية خاضعة لنظام "ولاية الفقيه"، وليست "امبراطورية" الشاه شاه محمد رضا سليل أسرة بهلوي العريقة، المتطلعة إلى عودة قريبة إلى الحكم، بثورة شعبية داخلية لا مجرد دعم دولي، أمريكي على وجه الخصوص.

تبدو مهلة ترامب مستندة إلى تأكيد نتنياهو بأن الضربة الصاروخية لا الجوية كما يرجّح لتفادي إشكالات قانونية، بعد أول ولربما آخر مواجهة إيرانية إسرائيلية مباشرة، حيث تباهت وزارة الدفاع الإسرائيلية ورئاسة الحكومة العام الماضي بأنه تم اختراق والقضاء على الدفاعات الجوية الإيرانية، بحيث صار ظهر منشآتها النووية والحيوية الاستراتيجية مكشوفا بالكامل، الأمر الذي يتطلب إما ترميما داخليا وهذا مشكوك بأمره فنيا، وإما -وهو الأرجح- اللجوء إلى روسيا والصين وربما كوريا الشمالية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهنا تولّدت ما تعرف بـ "نافذة الفرصة" لاقتناص الهدف واغتنام فرصة دبلوماسية قد لا تعوض للتفاوض تحت الضغط العسكري وطائلة القصف الذي لا ينفع الرد عليه من الناحية الاستراتيجية.

اختيار ترامب للإعلان الذي لا لبس فيه، وإلى يمينه "بيبي" ومن المكتب البيضاوي وليس في مؤتمر صحفي تم تعديل مكان انعقاده، أمر حافل بالإشارات سيما لطهران. الإعلان جاء مباشرا بأنه ليس عبر طرف ثالث، بل تفاوض مباشر وعلى مستوى عال. ثمة شيء ما قد تحقق للانتقال من التفاوض غير المباشر كما يصر وزير خارجية إيران على القول، إلى المفاوضات المباشرة ربما يكون على صلة بما تم تسريبه من "مصدر كبير" في إيران إلى التلغراف البريطانية بأنه قد تم قطع الدعم مع الحوثي تفاديا لحرب مع أمريكا. هي سياسة "النأي بالذات" بنكهة إيرانية هذه المرة! 

إن صح الخبر فتلك أخبار جيدة للمفاوض الأمريكي والإيراني على حد سواء! تشير المؤشرات إلى ذلك ميدانيا مع اقتراب عملية برية للشرعية والمعارضة أيضا ضد الحوثيين تركز على ثلاث جبهات هي العاصمة صنعاء وصعدة -معقل الحوثيين- والحديدة -ميناء التنظيم الوحيد على البحر الأحمر.

نتنياهو بطبيعة الحال لم يخف شكوكه بنظام ملالي، لكنه لم يملك سوى تأييد ترامب بأنه يرحب بتحقيق الهدف عبر المفاوضات لا الحرب، ما دام الأمر جليا، وهو عدم السماح لإيران أبدا بامتلاك قنبلة نووية. اللافت أن أيا من الجانبين لم يشر إلى الملف الصاروخي أو "سلوك إيران الخبيث في المنطقة" أو "محور الشر" بل سرعان ما تم التنقل مرارا عبر أسئلة من تمت دعوتهم من الصحفيين الأمريكيين والأجانب إلى المكتب البيضاوي -ولذلك معايير يبدو أنها مختلفة عن المكان المخصص للمؤتمرات الصحفية- إلى ملف غزة بالتركيز على ثلاث نقاط: تحرير الرهائن بالكامل، "إتاحة حق الاختيار" بمغادرة الغزيين للقطاع، وليس الترحيل القسري، وتولي "قوة سلام" أمريكية إعادة إعمار القطاع. 

اللافت كان انتقاد غير مباشر لرئيس الوزراء الراحل آرائيل شارون ودعم نتنياهو عندما تساءل ترامب عن "التخلي عن واجهة بحرية رائعة صارت أخطر مكان في العالم"! ربما في الأمر تفاصيل أخفاها الجانبان فيما يخص "اليوم التالي" إثر كشف النقاب عن مكالمة هاتفية رباعية أجراها ترامب قبل استقبال "بيبي" الإثنين في البيت الأبيض مع القمة الثلاثية في القاهرة التي جمعت الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني عبدالله الثاني. البيان الثلاثي أكد أن الحل سياسي وفق تمكين السلطة الفلسطينية "المتجددة" من العودة إلى حكم غزة ومسار حل الدولتين.. وقد امتنع الجانبان عن الرد على سؤال مباشر بهذا الخصوص.

بصرف النظر عن تفاصيل ما تم الاتفاق عليه وتقرر إرجاء إعلانه، فإن طبيعية ما كشفه الجانبان عن ملفي سوريا وتركيا وحرب التعرفات الجمركية التي وصفها ترامب بـ "يوم التحرير"، تشير إلى أن الشرق الأوسط مقبل على تغييرات عميقة لا تغيب عنها قوى كبرى كروسيا والصين والاتحاد الأوروبي وإن كان المفاوض المقاول والمطور العقاري، ترامب قد شغلهم والعالم كله بالجمارك. ولا صحة كما يقال في الأمثال العربية "الحكي ما عليه جمرك"!

بشار جرارباحث متخصص في قضايا محاربة الإرهاب وتعزيز حوار الأديانأمريكاإسرائيلإيرانرأينشر الثلاثاء، 08 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • فيفي عبده عن أزمة فريدة سيف النصر في العتاولة: أنا مظلومة
  • أحمد خالد صالح: بحاول أكون حقيقي في تمثيلي.. والفنان ملوش سقف
  • الليلة.. محمد رمضان يطرح أحدث أغانيه «هتجيلي»
  • نجوى كرم: أمي كانت حريصة على إسعاد والدي وأنا مثلها.. فيديو
  • جمعنا الحماس والقلق.. أبرز تصريحات أبطال مسلسل "لام شمسية" في "كلمة أخيرة"
  • الرسوم الجمركية الأميركية.. فرصة مصرية ومخاوف خليجية
  • هو طفلي الصغير وأنا نفسي الحقيقية معه.. يسرا تتغزل في زوجها |صور
  • مناوي يتحدث عن امور ستجر البلاد الى فوضى اخرى ربما تكون نهاية السودان
  • رأي.. بشار جرار يكتب عن قمة ترامب - نتنياهو الثانية في شهرين والأجندة الرباعية!
  • تحذير لـ «الحوت».. توقعات الأبراج وحظك اليوم الثلاثاء 8 أبريل 2025