رسالة من غزة :هل أكون أنا الشهيدة التالية؟
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
السلام عليكم..
الأصدقاء والصديقات في غزة دُرة التاج، ضفتنا الأبية، قدسَنا التي تستحق التضحية، أبناء الوطن في فلسطين والشتات.
الأشقاء الأعزاء في كافة أنحاء الوطن العربي، أبناء العروبة والآباء.. تحية لكم من قلب الحدث.
أبعث إليكم جميعًا برسالتي هذه التي ربما تكون الأخيرة، وعافية الله أوسع لنا ولكم.
لقد دخلنا المرحلة الثالثة من الحرب، مضى شهر على الخراب والدمار الذي طال غزة، شهر ولم يرفَّ جفن للحكومات العربية ذات الجيوش والعتاد! مجرد شعارات وشجب واستنكار لا يُسمن ولا يُغني من جوع، بالنفط العربي تسير أسراب الطائرات الأمريكية الحديثة في سماء غزة لتحصد مزيدًا من الأرواح البريئة كل لحظة، لم تعطِ هذه الطائرات للطيور فرصة للتحليق في السماء، لقد احتلتها كما احتلت الأرض، هاجرت أسراب الطيور بعيدًا لتبحث عن الأمان، لكنها حتمًا ستعود يومًا ما، مصائد الطائرات والدبابات والبوارج البحرية تحصد الأطفال والنساء والرجال والشيوخ على مرأى ومسمع من العالم حتى أربى عدد الشهداء على عشرة آلاف شهيد.
قلبي موجوع يا إخواني، والله قلبي موجوع، أبكي بصمت على الدوام مع كل شهيد يسقط، تتحجر دموعي عند رؤية الأطفال، ينقبض قلبي، تزداد ضرباته دون حول لي ولا قوة لفعل شيء، أنظر للأطفال من حولي فأشيح بوجهي سريعًا عنهم وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لو داهمني التفكير بفقدهم.
هو الدعاء يلازمني في صحوتي ونومي وصومي وصلاتي.
أردد باستمرار: اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي.
أتعلمون؟ أنا لا أخشى الموت مطلقًا فكلَّ أربعة دقائق تستشهد امرأة في غزة! هذا ليس قولي؛ وإنما هو قول وزارة الصحة الفلسطينية، ربما سأكون أنا المرأة التالية. أخشى من طبيعة الموت، أحدث نفسي كل لحظة وأنا أنظر لسقف المنزل الذي أتواجد فيه: ربما سأبقى مدة طويلة تحت ركام البيت كما بقي البعض منذ بداية الحرب لو سقط صاروخ علينا، أنا لا أحب العتمة ولا الأماكن المغلقة، كيف سأقضي ساعاتي تحت ردم المنزل؟! ربما سيُقطّع الصاروخ جسدي إربًا إربًا أو يَحترق جسمي فلا تبدو لي أي ملامح بينما أصطفُّ أمام طابور الخبز الطويل الطويل كل صباح. هل تعلمون أنهم دمروا المخابز أيضا؟!
أتعلمون؟ لقد نجوت مرة وأنا أقف على بسطة الخضار، كنت أمسك كيسًا في يدي ألتقط الحبة تلو الأخرى من الخيار الذي جئت لأشتريه؛ لأنه مطلب الأطفال، وقع صاروخ مباغت على مقربة مني فنجوت بكرم الله، لم تكن المرة الأولى التي أنجو فيها، فلقد نجوت قبلها من صاروخ مشابه وأنا أحمل الهواتف المحمولة بيدي، كنت ذاهبة لشحنها في مجمع تجاري قريب (مول) (تعرض للدمار فيما بعد)، حدث قصف شديد جدًا بجواري بينما كنت أتحدث عن تطورات الوضع في غزة لإحدى القنوات الفضائية الإخبارية.. بأعجوبة نجوت، امتلأ وجهي برماد القصف، تكسر الزجاج فوق رأسي، كانت المرة الأولى التي يُستخدم فيها الحزام الناري، أتساءل: ماذا لو مت وأنا أسير لشراء الطعام في شارع مكتظ باللاجئين الجدد، وحدي في مكان غير مسقط رأسي؟! بالتأكيد سيقلني المسعفون إلى مستشفى قريب، ويُكتب على كفني الذي حضر من إحدى الدول العربية: شهيدة مجهولة الهوية، وربما يُكتب أيضا: غير واضحة المعالم بسبب القنابل الحارقة. وخلال ساعة سيُتّخد القرار بدفني بشكل جماعي مع أناس لا أعرفهم، لن أحظى بقبلة أو نظرة وداع من أبي أو أخي أو أختي، أو حتى ابني الوحيد، لن يعلم زوجي الذي تقطعت بيني وبينه السُبل -وما زال يقطن شمال غزة- عن وفاتي قبل مُضي أسبوع وربما أكثر؛ فلا اتصالات ولا إنترنت. لن يضع أبي يده على رأسي كما يفعل عندما أمرض، سيصلي عليّ رجال لا أعرفهم ولا يعرفونني.
أنا لا أبالغ! لقد حدث هذا مع العديد من الأقارب والأصدقاء والزملاء الذي استشهدوا ووروا الثرى دون أن يعرف عنهم أحد! ربما لن يُعرف مكان قبري ولن أفرح لزيارة من أهلي لمن أراد أن يضع باقة الورد الذي أحبه.
أخشى أن يتم إطلاق النار عليّ بدم بارد وأرتمي أيامًا وأسابيع على رصيف شارع كما شاهدنا مع من جاءوا إلى الجنوب من شارع الرشيد قبل أيام.
أسئلة تراودني كما تراود كل نساء غزة؛ فالموت أصبح أقرب إلينا من لمح البصر لقد أصبحنا الهدف الثاني بعد الأطفال، لذلك نحن جاهزات على مدار الساعة، نرتدي كامل الثياب وكأننا في حالة تأهب قصوى تنتظر الراحة الأبدية، حتى ننجو من الحياة الفانية إلى دار البقاء.
لا تنسونا إن ذهبنا، تحدثوا عنا لمن حولكم، قولوا لهم بأننا نساء نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا! لكنها فلسطين العصية الأبية عن الانكسار، كلنا فداء لها، ستكون أجسادنا هي الطريق المعبّد بالنصر وصولًا للمسجد الأقصى المبارك، صلوا علينا صلاة الغائب عند تحريره ولا تنسونا من صالح دعائكم.
عاشت فلسطين عربية حرة.
د. حكمت المصري.
صحفية وأكاديمية من غزة.
شهيدة مع وقف التنفيذ بإذن الله تعالى
د. حكمت المصري صحفية تكتب لجريدة عمان من قلب غزة
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
علماء يكتشفون دليلا جديدا على مصدر الأصوات الغامضة في المحيط الجنوبي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشف الباحثون بجامعة كولومبيا البريطانية في فيكتوريا عن مصدر الاصوات الغامضة المسجلة فى اعماق المحيط الجنوبى فى حالة من الابهار العلمى ، حيث تشير أبحاث حديثة إلى أن هذه الأصوات قد تكون شكلا من أشكال التواصل بين حيوانات غير معروفة وفقا لما نشرته مجلة إندبندنت.
تم تسجيل هذه الأصوات المعروفة باسم (Bio-Duck) من قبل علماء نيوزيلنديين في أوائل الثمانينات وهي تحتوي على أربع نغمات غريبة وقصيرة وقبل عشر سنوات، قال العلماء إنهم وجدوا أدلة على أن الأصوات صدرت عن حيتان المنك القطبية الجنوبية ولكن جمعية الصوتيات الأمريكية أبدت شكوكا في ما يتعلق بهذه النظرية ما أثار تجدد التكهنات حول المصدر الحقيقي لهذه الأصوات.
وقال روس تشابمان الباحث بجامعة كولومبيا البريطانية في بيان صدر يوم الخميس 21 نوفمبر إن الأصوات قد تكون "محادثة" بين عدة حيوانات مضيفا: ربما كانوا يتحدثون عن العشاء أو ربما كانوا يتحدثون مع الأطفال أو ربما كانوا ببساطة يعلقون على تلك السفينة المجنونة التي استمرت في الذهاب والإياب وهي وتجر خلفها خيطا طويلا.
وأطلق على الأصوات اسم "بايو-داك" أو "البط الحيوي" نظرا لتشابهها مع أصوات البط.
وتنوعت التكهنات حول مصدر هذه الأصوات بما في ذلك أنها قد تكون أصوات غواصة تحت الماء أو سمكة أو مخلوق بحري آخر.
وعلى الرغم من أن أبحاثا سابقة أجرتها الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي وجامعة ديوك وغيرهما ربطت الأصوات بحيتان المنك إلا أن التعرف عليها لم يكن حاسما نظرا لعدم وجود مشاهدات بصرية لهذه الحيتان أثناء إصدار الأصوات.
وقال تشابمان، خلال الاجتماع الافتراضي رقم 187 للجمعية الصوتية الأمريكية إن هناك أدلة الآن على أن الأصوات قد تم إنتاجها بواسطة عدة حيوانات تشارك في محادثة.
وفي البداية كان العلماء مشككين في أن نغمات "بايو-داك" كانت بيولوجية في الأصل (مرتبطة بالكائنات الحية) بسبب تكرارها المستمر ومع ذلك بعد تحليل البيانات اكتشفوا أن أصواتا مشابهة قد سُمعت في مناطق أخرى حول نيوزيلندا وأستراليا.
وتم تسجيل الأصوات باستخدام هوائي صوتي وهو جهاز يكشف الضوضاء البحرية من جميع الاتجاهات ما سمح للعلماء بتحديد أن الأصوات كانت تأتي من مواقع مختلفة في المحيط مع وجود عدة مصادر للأصوات ومن المثير للاهتمام أن الأصوات كانت تحدث في أوقات مختلفة فعندما كان أحد المصادر يصدر صوتا و كان الآخرون صامتين ما يشير إلى نوع من التناوب في التواصل.
وعمل تشابمان مع فريقه على تحليل البيانات من التسجيلات في الثمانينيات واكتشفوا أن البيانات تحتوي على منجم ذهب من المعلومات حول العديد من أنواع الأصوات في المحيط، بما في ذلك من الثدييات البحرية.