لجريدة عمان:
2025-03-26@07:02:24 GMT

حرب غزة ودور الصين في الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

قد تكون حرب إسرائيل -حماس أول تَحَدٍّ دبلوماسي كبير للصين في الشرق الأوسط في التاريخ القريب.

منذ تدشين مبادرة الحزام والطريق قبل عشرة أعوام تزايد نفوذ الصين في المنطقة بسرعة. وبلغ ذروته في مارس الماضي بتوسط بكين في التقارب السعودي-الإيراني.

لكن على مر السنين ظلت الصين حريصة على الابتعاد عن التعقيدات الجيوسياسية للمنطقة والحفاظ على علاقات متوازنة وودية مع كل القوى الرئيسية بما في ذلك إيران وإسرائيل والدول العربية.

إسرائيل خصوصًا أصبحت شريكًا استراتيجيًّا رئيسيًّا للصين في المنطقة ومصدرًا للتقنيات المتقدمة والبالغة الأهمية لسباقها التقني مع الولايات المتحدة.

لكن الحرب بين إسرائيل وحماس على أي حال تجدد التشظِّيات الإقليمية القديمة وتجعل من الصعب لبكين الحفاظ على توازناتها. وعلى الرغم من بنائها علاقة وطيدة مع إسرائيل منذ أعوام التسعينيات، فإن تاريخ الصين كقائدة لعالم عدم الانحياز جعلها دائما داعمة قوية للقضية الفلسطينية.

فالصين لا تصنِّف رسميا حزب الله أو حماس كمنظمتين إرهابيتين. وفي الماضي أدانت باستمرار إسرائيل لانتهاكها القانون الدولي ودعت مرارًا إلى حل الدولتين داخل حدود 1967. لكن تأييدها للفلسطينيين ظل خطابيًّا أساسًا ولم يؤثر على روابطها التجارية المزدهرة مع إسرائيل.

هذه المرة موقف الصين إزاء أحداث 7 أكتوبر قد يؤثر سلبًا وبقدر كبير على علاقتها مع إسرائيل. وبعد أسبوعين من الصمت أدلى الزعيم الصيني شي جين بينج بتصريح عادي دعا فيه إلى وقف إطلاق النار وذكر أن إقامة «دولة فلسطين المستقلة» عبر حل الدولتين يمثل التسوية الجوهرية للنزاع.

كما امتنع عن إدانة حماس بوضوح أو وصفها بالمنظمة الإرهابية. أما بيان وزارة الشؤون الخارجية الصينية فلم يذكر حتى حماس بل فقط أدان «كل أشكال العنف والهجمات على المدنيين». وفي الأثناء انتقد وزير الخارجية وانج يي إسرائيل «لتجاوزها الدفاع عن النفس» ودعا إلى وقف «العقاب الجماعي لأهل غزة».

استثار الموقف الصيني ردود أفعال حادة في أوساط المسؤولين ووسائل الإعلام في إسرائيل. وعبّرت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن خيبة أملها «العميقة» من عدم إدانة الصين لحماس.

إذا خاطرت الصين بإغضاب إسرائيل، فذلك لأنها ترى رهانات أوسع نطاقا في الصراع الحالي يتجاوز المسألة الفلسطينية-الإسرائيلية. بكين ترى في الأزمة فرصة لتمييز موقفها عن موقف الغرب المؤيد لإسرائيل وتعزيز سمعتها في جنوب العالم الذي تتعاطف العديد من بلدانه بشدة مع القضية الفلسطينية.

منذ بداية الأزمة شددت عدة بلدان في الشرق الأوسط وما ورائه من انتقادها لازدواج المعايير الذي يعتمده الغرب، فيما يخص احترام القانون الدولي، مشيرة إلى الضغوط الغربية لدعم أوكرانيا بعد اندلاع الحرب مع روسيا. وفي الأمم المتحدة بدت الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية معزولة عندما صوّتت ضد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار وأيّدته روسيا والبرازيل والصين وبلدان غير غربية أخرى.

الانقسامات الدولية حول الأزمة الراهنة عززت سردية الصين بالحاجة إلى إعادة تشكيل النظام العالمي الذي يقوده الغرب. لقد سعت في السنوات الأخيرة إلى الترويج لنفسها كقيادة بديلة في المشهد الدولي وتقدمت للتوسط في نزاعات عديدة بما في ذلك حرب أوكرانيا. كما دشنت مبادرات عالمية حول التنمية والأمن والحضارة بهدف تحدي النظام العالمي بقيادة الغرب.

الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من بين النزاعات التي اقترحت لها الصين عدة خطط سلام ومبادرات وساطة منذ أوائل العشرية الأولى من هذا القرن. وقبل زيارة محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية إلى بكين في يونيو جدَّد تشين جانج وزير الشؤون الخارجية السابق عرضه لتسهيل إجراء محادثات سلام. وعقب هجوم حماس دعا وانج يي وزير الخارجية الحالي إلى عقد مؤتمر سلام دولي وبعثت بكين ممثلها الخاص تشاي جون إلى المنطقة.

رغم هذه الجهود تبدو الصين بلا حول ولا قوة في التصعيد الحالي بخلاف إصدار بيانات قليلة. ولم تحقق أي من مبادرات التوسط السابقة التي اقترحتها بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تقدما يذكر. وبالنظر إلى عدم استعداد بكين لإدانة حماس من المستبعد أكثر من ذي قبل أن تكون هناك وساطة صينية في الأزمة القائمة.

بعد سنوات قليلة من الضجة الإعلامية حول تزايد نفوذ الصين في الشرق الأوسط يسلط التصعيد الحالي في غزة الضوء على افتقارها إلى ثقل سياسي في المنطقة.

فمواقفها أضعفت العلاقات الصينية-الإسرائيلية دون أن تعزز بقدر مهم من علاقاتها مع الدول العربية. بل أكد الصراع مجددًا الهيمنة الجيوسياسية للولايات المتحدة.

لقد مر أسبوعان تقريبا قبل أن يصدر الرئيس شي جين بينج بيانا حول الأزمة في حين كان القادة وكبار الدبلوماسيين الغربيين يزورون إسرائيل والشرق الأوسط على مدار أسبوع. وأرسلت الولايات المتحدة حاملتي طائرات إلى البحر الأبيض المتوسط ردّا على الجدل الذي ثار مؤخرا حول انسحابها من المنطقة وأعدت حوالي 2000 فرد من قواتها لانتشار محتمل في المنطقة. كما تبحث إرسال حزمة دعم عسكرية جديدة بقيمة 14 بليون دولار لإسرائيل.

أيضا نقلت بريطانيا وفرنسا والدنمارك وألمانيا حاملات طائرات وسفنًا إلى شرق المتوسط. بل حتى خارج القوى الغربية تبدو روسيا حاليًّا أكثر إقداما من الصين في تشكيل الجدل في المنابر الدولية كالأمم المتحدة.

إذا لم تُبدِ الصين رغبة تذكر في المساعدة على التخفيف من تصاعد الأزمة بخلاف إصدار بيانات فاترة وقليلة ربما أيضًا لأنها لا تجد مصلحة في القيام بذلك.

أثناء زيارة وزير الخارجية الصيني وانج يي إلى واشنطن في 26-28 أكتوبر ضغطت الولايات المتحدة على الصين لتوظيف علاقتها مع إيران وبلدان الشرق الأوسط الأخرى في تهدئة التوترات الإقليمية ومنع تمدد الحرب. لكن من منظور بكين الصراعُ الفلسطيني-الإسرائيلي حربٌ صنعها الغرب. وما لم تتحول الحرب إلى صراع إقليمي أوسع نطاقًا لن تتأثر مصالحها الجوهرية المتمثلة أساسا في أمن الطاقة وحرية الملاحة، إلا بشكل هامشي فقط على الأقل حتى الآن.

بل الأزمة تفيد الصين في السياق الأوسع نطاقًا لتنافسها مع الولايات المتحدة. فالحرب في غزة تصرف انتباه الولايات المتحدة بعيدا عن منطقة المحيطين الهندي والهادي وتقوض جهود واشنطن للتطبيع الإسرائيلي في الشرق الأوسط وتزيد السخط الإقليمي من الغرب.

وفي حين من المستبعد أن تكون الصين لاعبا رئيسيا في الأزمة الحالية، على الأوروبيين العمل على ألا يكون دورها مقوِّضا.

الاستقطاب العالمي الحالي حول المسألة الفلسطينية-الإسرائيلية يخدم السرديتين الصينية والروسية عن انقسامٍ بين الغرب وبلدان جنوب العالم. والارتباط مع الصين في الأزمة الراهنة من شأنه أن يزيل هذه الثنائية «الزائفة» التي تراهن عليها الصين.

يمكن أن تشكل حرب إسرائيل- حماس أيضا فرصة لاستكشاف مجالات التعاون البناء مع الصين في المنطقة والتي لدى الأوروبيين وبكين مصلحة مشتركة في استقرارها. وسيكون تنسيق رؤيتيهما حول استقرار الشرق الأوسط في الأجل الطويل بالغ الأهمية خلال السنوات والعقود القادمة مع تعاظم النفوذ الجيو-اقتصادي للصين في المنطقة.

يمكن أن تكون الصين خصوصا شريكا مفيدا في ارتباط إقليمي أوسع نطاقا بما في ذلك مع إيران التي لديها معها علاقات وثيقة ومتطورة.

بذلك قد تكون التوترات الحالية لحظة مواتية لمطالبة الصين بأداء دور أكثر مسؤولية وشفافية في الشرق الأوسط. ويمكن للأوروبيين بعد توسطها بين إيران والسعودية تشجيعها على أداء دور بناء في استقرار المنطقة. لكن عليهم في الوقت ذاته أن يظلوا واقعيين مع أنفسهم حول استعداد بكين للتعاون فقط طالما كان ذلك مفيدًا للمصالح الصينية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط فی المنطقة فی الأزمة الصین فی

إقرأ أيضاً:

واشنطن تدفع بحاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط

أعلن مسؤول أمريكي أن البنتاغون يُرسل مجموعة حاملة طائرات أخرى إلى الشرق الأوسط، مع تصاعد التوترات في المنطقة عقب استئناف الهجمات الإسرائيلية على حماس في قطاع غزة.

أنهت الهجمات وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين

يتجدد القتال على جبهات عدة في الشرق الأوسط. وشنّت القوات الأمريكية في المنطقة موجات من الغارات الجوية على ميليشيا الحوثي اليمنية، التي بدأت بإطلاق صواريخ على إسرائيل بعد انهيار وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين في غزة هذا الأسبوع.

ويوم السبت، أطلق مسلحون صواريخ من لبنان على إسرائيل لأول مرة منذ شهور، ما استدعى غارات جوية إسرائيلية على عشرات الأهداف لحزب الله. ويأتي تصاعد القتال بعد أن نفذت إسرائيل غارات جوية على غزة لعدة أيام وأرسلت قوات برية أواخر الأسبوع.

????????????SECOND U.S. AIRCRAFT CARRIER SENT AS MIDDLE EAST ERUPTS

The Pentagon is sending the USS Carl Vinson to join the Harry S. Truman in the Middle East, boosting firepower as war spreads beyond Gaza.

Trump says the Houthis will be “completely annihilated” and warned Iran of… https://t.co/8EhW119Bym pic.twitter.com/S1uCpX31TI

— Mario Nawfal (@MarioNawfal) March 22, 2025

وفي ظل هذه الخلفية، تُرسل الولايات المتحدة مجموعة حاملة الطائرات "يو إس إس كارل فينسون" إلى الشرق الأوسط من موقعها الحالي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وقال المسؤول إن حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان، ستبقى في المنطقة، وسيتداخل دورها مع حاملة الطائرات كارل فينسون لعدة أسابيع على الأقل.

وسيمنح هذا الانتشار الولايات المتحدة قوة نيران إضافية ضد الحوثيين، ويضمن وجودا ًمستمراً لحاملة الطائرات في المنطقة. وصرح الرئيس ترامب يوم الأربعاء بأن الهجمات على الحوثيين ستتصاعد، وأن الجماعة ستُباد "تماماً". كما قال إن الولايات المتحدة ستحمّل إيران مسؤولية أي هجمات حوثية، وهددها بعواقب غير محددة.

وسبق لوكالة أسوشيتد برس في وقت سابق، إعلان نشر حاملة الطائرات.

وشن الحوثيون هجمات صاروخية شبه يومية على إسرائيل هذا الأسبوع، بما في ذلك هجوم خلال الليل. وقد اعترضتها الدفاعات الإسرائيلية. 

واستهدفت الصواريخ التي أُطلقت من لبنان بلدةً في شمال إسرائيل، في حدثٍ غير مألوف بعد أشهر من الهدوء على تلك الحدود. وصرح الجيش الإسرائيلي بأنه اعترض الصواريخ من لبنان وردّ بقصف العشرات من منصات إطلاق الصواريخ ومراكز القيادة ومستودعات الأسلحة والبنى التحتية الأخرى التابعة لحزب الله، بناءً على توجيهات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "بالتصرف بقوة".

مسؤولية نشاط مسلح

وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس بأنه أصدر تعليماته للجيش بالرد، وأن إسرائيل ستواصل تحميل لبنان مسؤولية أي نشاط مسلح ينطلق من أراضيه.

"US is sending 2nd aircraft carrier to Middle East, a rare and provocative move Trump intensifies bombing campaign against Houthis in Yemen." Other factor for 2nd carrier, potential limitations posed by nations hosting US bases over strikes against Iran. https://t.co/1zfQI4drHQ

— Kabir Taneja (@KabirTaneja) March 22, 2025

وقال: "تتحمل حكومة لبنان مسؤولية جميع عمليات إطلاق النار من أراضيها".

ونفى حزب الله مسؤوليته عن الهجمات من لبنان، حيث قاتل إسرائيل قبل أن يُجبر على وقف إطلاق النار في الخريف الماضي.

وتزايدت المخاوف من أن تُشعل الهجمات المتجددة على غزة شرارة القتال على جبهات أخرى خفت حدتها في الأشهر الأخيرة. وشنّت إسرائيل موجة غارات جوية قاتلة ضدّ مقاتلي حماس في غزة هذا الأسبوع، مُدّعيةً أن الحركة لم تُلبِّ مطلب إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم هناك، وأعقبتها توغلات برية وتهديد باحتلال دائم للأراضي.

وأنهت الهجمات وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين، والذي أدى إلى إعادة 33 رهينة إسرائيلياً أو جثثهم مقابل إطلاق سراح أكثر من 1700 أسير فلسطيني. وتقول حماس إن إسرائيل لم تف بالتزاماتها ببدء مفاوضات على  إعادة الرهائن المتبقين مقابل إنهاء دائم للحرب.

ويُعتقد أن حوالي 24 رهينة لا يزالون على قيد الحياة في غزة، إلى جانب جثث 35 آخرين.

وبعد وقت قصير من الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر(تشرين الأول)  2023 على جنوب إسرائيل، بدأ حزب الله والحوثيون وجماعات إسلامية مسلحة أخرى مهاجمة إسرائيل تضامنًا مع الفلسطينيين.

ورغم أن القتال بين إسرائيل وحزب الله نشأ على هامش حرب إسرائيل ضد حماس في غزة، إلا أنه تجاوز ذلك الصراع في شدته في سبتمبر (أيلول)، حيث شنت إسرائيل موجة من هجمات سرية على حزب الله وحملة قصف استهدفت ترسانته وقيادته.

ووقّعت إسرائيل ولبنان اتفاقاً في نوفمبر (تشرين الثاني) لإنهاء القتال، الذي عصف بالحزب ودمر مساحات شاسعة من جنوب لبنان والعاصمة. وفي ذروته، شرد الصراع أكثر من مليون لبناني، إلى جانب عشرات آلاف الإسرائيليين.

وحذر رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يوم السبت من تجدد القتال، قائلاً إنه قد يجر البلاد إلى حرب جديدة مدمرة، وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية.

كما حذرت قوة حفظ السلام للأمم المتحدة في البلاد، والمعروفة بيونيفيل، من تصاعد العنف. وقالت: "نحض بشدة جميع الأطراف على تجنب تعريض التقدم المحرز للخطر".

مقالات مشابهة

  • زعيم الشرق الأوسط
  • ترامب: نحقق تقدمًا جيدًا بشأن الصراع في الشرق الأوسط
  • وزير الخارجية يبحث مع نظيره البلغاري التطورات في الشرق الأوسط
  • Inforte تستحوذ على Shifra
  • سيناتور مؤيد لترامب يلتقي رئيس وزراء الصين في بكين
  • مايك والتز: إذا امتلكت إيران أسلحة نووية سينفجر الشرق الأوسط
  • تقرير: توقعات بارتفاع إنتاج الغاز في الشرق الأوسط
  • سناتور أميركي يلتقي رئيس وزراء الصين في بكين
  • واشنطن تدفع بحاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط
  • كيا الأردن تحقق إنجازًا استثنائيًا في تجربة العملاء في الشرق الأوسط