حل الدولتين الفاشل دبلوماسيًّا هو أفضل حل لدينا
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
قد ينجح حل الدولتين في حلة جديدة.
تبدد منذ أمد بعيد التفاؤل الذي قوبلت به اتفاقات أوسلو للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين قبل ثلاثة عقود وحل محله تشكك وعبوس من الساسة والدبلوماسيين لدى أية إشارة إلى «عملية السلام». فهم منذ سنين مرغمون على إبداء التقدير لهذه الرؤية، في حين أن كثيرا منهم استسلم عمليا للتعامل مع حل الدولتين بوصفه مرادفا للفشل وقناعا للتقاعس.
ولكن حل الدولتين يظهر الآن وجهه في العلن من جديد. ففي غداة هجمة حماس العابرة لحدود غزة، والهجوم الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني، يعيد الرئيس جو بايدن عملية السلام إلى الأجندة. فقد قال «حينما تنتهي هذه الأزمة، لا بد من رؤية لما هو قادم. وفي رأينا، أنها يجب أن تكون حل الدولتين» وأضاف قائلا إن «معنى هذا هو جهد مرتب من جميع الأطراف، الإسرائيليين والفلسطينيين والشركاء العرب، وزعماء العالم، من أجل وضعنا على طريق السلام».
وكرر وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن ذلك في تل أبيب الأسبوع الماضي حينما وصف الدولتين لشعبين بوصفها «المسار الأفضل، وربما المسار الوحيد».
وكثيرا ما استعمل الساسة الأمريكيون والأوروبيون الدعوة إلى الرجوع إلى عملية السلام بوصفها مخرجا لتلافي التناول المباشر لتعميق حكم إسرائيل القمعي للأراضي المحتلة. لقد أساء بنيامين نتانياهو ـ أطول رؤساء وزراء إسرائيل في الحكم ـ استغلال هذا العزوف عن الوقوف في وجه حكومته إذ عملت على قتل احتمال قيام دولة فلسطينية قادرة بتوسيعه المستوطنات وإحكامه قبضة الاحتلال.
فليس من المفاجئ أن قوبلت دعوة بايدن بحماسة فقاعية في عواصم أخرى. ولكن مهما تكن تسميتك ـ وقد يؤثر البعض تسمية التقسيم أو الفصل ـ فإن الرئيس محق في لفته الأنظار إلى حل الدولتين لسبب وجيه مهم، هو أنه من الصعب أن نرى نتيجة أخرى تتحقق في المدى القريب، وأن الحاجة ماسة إلى إقامة حدود لفلسطين مستقلة منعا للاستعمار الإسرائيلي الطاحن في الضفة الغربية.
لقد أثارت سياسات نتانياهو وانهيار أي عملية سلام ذات معنى الجدال حول إقامة بلد واحد للإسرائيليين والفلسطينيين، أو ما يعرف بحل الدولة الواحدة. ولكن حتى في ظل انهيار حاد للدعم الجماهيري الإسرائيلي لفلسطين مستقلة، فإن 10% فقط من الإسرائيليين اليهود هم الذين يؤيدون دولة واحدة تتساوى فيها الحقوق للجميع. فمن شأن إقامة بلد واحد يتساوى فيه تقريبا اليهود والعرب أن يمحو الأغلبية اليهودية الواضحة في قلب مشروع تقرير المصير الصهيوني، وأغلبية الإسرائيليين الكاسحة لن تقبل ذلك في المستقبل المنظور.
مما يعني أن التركيز على أي شيء عدا حل الدولتين هو الآن بمثابة إلهاء عن الواقع المنذر القائم على الأرض، والحاجة إلى إيقاف فرض إسرائيل على الفلسطينيين ما تطلق عليه منظمة بيت سليم الإسرائيلية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية بـ»الأبارتيد». أو ما هو أسوأ وأضل سبيلا. فبعض اليمين الإسرائيلي يبدو ظامئا إلى تكرار نكبة 1948، حين قامت القوات الإسرائيلية بسوق أكثر الشعب الفلسطيني وطردهم من بيوتهم وبلدهم.
لقد تم الاتفاق إلى حد كبير على الخطوط الأساسية لحل الدولتين على مدار العقود، حتى لو أن نتيجته ظلم عميق للفلسطينيين من أوجه لا حصر لها. فابتداء، لن تتألف دولتهم إلا من 22% من فلسطين التاريخية ـ أي المنطقة التي حكمها البريطانيون في وقت التصويت في الأمم المتحدة على التقسيم سنة 1947 ـ برغم أن العرب اليوم يشكلون قرابة نصف سكان المنطقة المنقسمة إلى إسرائيل والضفة الغربية وغزة. وثمة ملايين كثيرة أخرى من أصل فلسطيني في المنفى.
غير أنه على الرغم من ذلك كله فإن من شأن فلسطين ذات سيادة حقيقية أن تحقق تحسنا هائلا بعد عقود من الاحتلال والهيمنة الإسرائيلية، وتمنح الفلسطينيين للمرة الأولى حكما حقيقيا. أما القضايا التي لا يحلها حل الدولتين من قبيل كيفية تقسيم القدس وضمانات الأمن الإسرائيلي وما يمكن عمله في حالة اللاجئين الفلسطينيين في البلاد المجاورة فكلها قضايا صعبة، لكنه غير مستعصية على الحل.
وهناك حماس ـ والجماعات الحليفة من قبيل الجهاد الإسلامي ـ التي ربما كان لهجمتها المريعة العابرة لحدود غزة أثر غير مقصود تمثل في لفت نظر العالم من جديد إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لكن حماس لم تكن العقبة الأساسية أمام صفقة حل الدولتين في الماضي، ومن المستبعد أن تكون لحماس القوة للاعتراض على اتفاقية إذا ما تفاوض عليها زعيم فلسطيني ذو مصداقية من قبيل زعيم فتح مروان البرغوثي السجين في الوقت الراهن في إسرائيل بتهمة الإرهاب.
لقد كانت العقبة الحقيقية هي نتانياهو، الذي يتولى السلطة على مدى قرابة نصف الوقت المنصرم منذ توقيع اتفاق أوسلو. فقد قال لسنين إنه لن يسمح بدولة فلسطينية، وشرع يقتل اتفاقية السلام منذ البداية. وبعد ثلاثة عقود بات أقرب من تحقيق هدفه مما كان من ذي قبل.
إن من تكتيكات إسرائيل المعيارية أن تلقي اللوم على الفلسطينيين في فشل مفاوضات السلام السابقة. وهذه رواية تلائم عملية معقدة تتجاهل ـ ضمن ما تتجاهل ـ الدور الذي يعتقد كثيرون أن نتانياهو واليمين الإسرائيلي قاموا به في اغتيال رئيس الوزراء إسحاق رابين سنة 1995 بعد توقعيه اتفاقية أوسلو، فكانت تلك أول أزمة كبيرة أمام عملية السلام. إذ اتهمت (لِيس) أرملة رابين وآخرون في اليسار نتانياهو ـ وكان زعيم المعارضة ـ بتحريض القاتل القومي اليهودي بعد قيادته مظاهرات هتف فيها المتظاهرون قائلين «الموت لرابين» وبخروجه على رأس جنازة تهكمية لرئيس الوزراء.
ولكن بغض النظر عن توزيع اللوم، لم يرغم أحد إسرائيل على مضاعفة عدد المستوطنين اليهود في الأراضي المحتلة منذ توقيع اتفاقية أوسلو إلى ما يزيد عن أربعة أمثال ما كانوا عليه. في عام 1993، كان في الضفة الغربية 110 ألف مستوطن خارج القدس الشرقية المحتلة. والآن يوجد قرابة نصف مليون وتريد الحكومة مضاعفة ذلك الرقم.
لقد استغل بناء المستوطنات ما كان يعتزم أن يكون حلا إداريا مؤقتا في اتفاقية أوسلو التي قسمت الضفة الغربية مناطق سيطرة إلى أن يتم التوصل إلى اتفاقية سلام نهائية. استغلت إسرائيل منطقتها ـ قرابة 60% من الضفة الغربية تعرف بالمنطقة ج لتوسيع المستوطنات وإقامة قواعد عسكرية ومد طرق تحيط بالمنطقتين التابعتين للإدارة الفلسطينية. فكانت النتيجة خليطا من التقسيمات شبيها بنظام البنتوستان لمواطن السود في جنوب أفريقيا.
وقد تكثفت حديثا عملية استيلاء المستوطنين الإسرائيليين بإرغامهم الفلسطينيين على ترك أرضهم في المنطقة ج بمساعدة من الجيش وتشجيع من اليمينيين المتطرفين في حكومة نتانياهو.
ولو أن بايدن يريد تغيير هذه الديناميكية، فسوف يقتضي ذلك من الولايات المتحدة الوقوف في وجه إسرائيل. ولقد وصف أهارون ديفيد ميلر ـ الذي عمل مع ستة وزراء الخارجية الأمريكية مستشارا في محادثات السلام بين العرب وإسرائيل ـ المفاوضين الأمريكيين بأنهم يقفون في صف إسرائيل بدلا من أن يكونوا وسطاء محايدين يعملون من أجل الوصول إلى نتيجة عادلة.
فقد كتب في 2005 يقول «منذ وقت طويل للغاية، عمل المسؤولون الأمريكيون المشاركون في عملية صنع السلام العربية الإسرائيلية، وأنا منهم، بمثابة محامين لإسرائيل ينسقون مع الإسرائيليين على حساب مفاوضات السلام الناجحة. لو أن الولايات المتحدة تريد أن تكون وسيطا صادقا وفعالا في القضية العربية الإسرائيلية، فمن المؤكد أنه ليس أمامها إلا خدمة عميل واحد هو السعي إلى حل يلبي احتياجات ومطالب كلا الطرفين».
وقد يكون هذا طلبا كبيرا. فقد قضى بايدن أغلب فترته الرئاسية وهو يحاول اجتناب المواجهة مع القادة الإسرائيليين بعد أن احترق رئيسه السابق، أي الرئيس باراك أوباما، بتعاملاته مع نتانياهو. وفي ظل سباق رئاسي آخر مقبل ضد دونالد ترامب، من الصعب أن نتخيل بايدن منفقا أغلب رأسماله السياسي على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ومع ذلك فلعل هجمة حماس كانت حكما بنهاية حكم نتانياهو. ولا أحد يعلم من وماذا سوف يأتي بعده. ولا يحظى الإسرائيليون أو الفلسطينيون بنعمة الزعامات صاحبة الرؤى في الوقت الراهن. لكن ربما انتهت صلاحية الوهم المتغطرس بأن إسرائيل يمكن أن تدير الاحتلال بحبس الفلسطينيين في غزة أو البانتوستان في الضفة الغربية وتجاهلهم فيما هم هناك.
ولو أن الأمر كذلك فلا بد من خطة أخرى. وحل الدولتين، مهما بلي وتعرض للازدراء، لا يزال يبدو الحل الوحيد المطروح على الطاولة.
كريس مكجريل. يكتب لجارديان، وعمل من قبل مراسلا لها في واشنطن وجوهانسبرج والقدس.
عن الجارديان البريطانية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الضفة الغربیة عملیة السلام حل الدولتین ما کان
إقرأ أيضاً:
إسرائيل النازية تبيد الفلسطينيين بـ«الفيتو» الأمريكى
مئات الشهداء والمصابين فى محارق مروعة ببيت لاهيا شمال غزة
تطاير أشلاء الضحايا.. وعجز فى انتشال المفقودين تحت الأنقاض
صرخات الأطفال ونحيب النساء يشق ليل غزة الحالك والغارق فى حمامات الدم بأطنان الفسفور الأبيض والأسلحة الأمريكية المحرمة دوليا تصهر أجساد البراءة وتمزق أرواحهم جثثا ملقاة على الأرض، وأحياء تحت الأنقاض، وسط عجز الأهالى عن انتشالهم.
ولم تمض ساعات قليلة على الفيتو الأمريكى فى مجلس الأمن رفضا لوقف التطهير العرقى للشعب الفلسطينى صاحب الأرض إلا واستقبلت تل أبيب الضوء الاخضر الأمريكى لتواصل القضاء على ما تبقى من حياة فى سلسلة مجازر فى القطاع تركز معظمها فى بيت لاهيا شمالا.
ويتم نقل الحالات الخطيرة على الأكتاف إلى داخل مستشفى كمال عدوان فى بيت لاهيا للتعامل معها، فى ظل واقع صحى صعب ومترد؛ جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلى المتكرر والحصار المطبق بينما تسارع الكوادر العاملة، وعلى رأسها الطواقم الطبية، فى انتشال جثث الشهداء من مكان المجزرة وتعالج الجرحى ميدانيا، فى ظل عدم وجود مركبات إسعاف لنقلهم.
وقصفت مدفعية إسرائيلية البلدة تزامنا مع سماع أصوات إطلاق نار كثيف، وتدخل الحرب على قطاع غزة يومها الـ412، فى وقت يتجه فيه الاحتلال الإسرائيلى لتعزيز سيطرته العسكرية على قطاع غزة المحاصر وسط مؤشرات ملموسة إلى بدء تطبيقه الحكم العسكرى، فضلاً عن التأسيس لتطلعات المستوطنين وخططهم للاستيطان فى القطاع.
وأعلنت وزارة الصحة فى غزة أن الاحتلال الإسرائيلى ارتكب 5 مجازر ضد العائلات وصل منها للمستشفيات 88 شهيداً و176 مصاباً على الأقل حتى الآن.
وظهرت المبانى وهى مدمرة بالكامل، وتحول بعضها إلى أكوام من ركام وحطام يملأ الشوارع، بينما تعرضت مبان أخرى لتصدعات وتشققات كبيرة جراء القصف الإسرائيلى، ما يجعلها غير صالحة للسكن.
أكد شهود عيان لـ«الوفد» أن عشرات المنازل فى محيط مستشفى كمال عدوان سويت بالأرض وعشرات المنازل الأخرى تضررت بشكل كبير جدا بفعل القصف الإسرائيلى المدمر. وأضافوا أن هذه المنازل تعود لعائلات المدهون، وخضر، وأبو وادى، وشقورة، ونصار.
وأوضح الشهود أن عشرات الشهداء والمفقودين ما زالوا تحت الأنقاض، وتقوم مجموعات من الأهالى بانتشالهم بأيديهم العارية وبمعدات بسيطة جدا، فى ظل غياب منظومة الدفاع المدنى قسرا.
وقصف طيران الاحتلال الإسرائيلى خيمة نازحين فى منطقة البصة بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة. وشن غارة على مدينة غزة شمالى القطاع. ونسف عدداً من المبانى السكنية غرب مدينة رفح جنوبى قطاع غزة.
وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكرى لحركة حماس أنها استهدفت دبابة إسرائيلية من نوع «ميركافاه» بقذيفة «تاندوم» بالقرب من منطقة الصفطاوى غرب معسكر جباليا شمال القطاع.
وأعلن الاحتلال الإسرائيلى أنه اعترض قذيفة صاروخية واحدة أطلقت من جنوب قطاع غزة، وذلك فى أعقاب دوى صفارات الإنذار فى منطقة كرم أبو سالم المحاذية لقطاع غزة.
وأكدت سرايا القدس أنها قصفت بالاشتراك مع كتائب الشهيد أبو على مصطفى عناصر الاحتلال الإسرائيلى وموقع «أبو عريبان» فى محور «نتساريم» بوابل من قذائف الهاون الثقيلة.
وأكدت حركة المقاومة حماس فى بيان، إن مجزرة بيت لاهيا تأكيد لاستمرار حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى ونتيجة للفيتو الأمريكى الوقح، وإفشال قرار مجلس الأمن بوقف العدوان.
وأضافت الحركة «العدو الصهيونى المجرم يواصل ارتكاب جرائمه، إمعاناً فى حرب الإبادة الوحشية ضد شعبنا الفلسطينى، مستنداً إلى غطاء أمريكى إجرامى، ودعم عسكرى وسياسى لا محدود، وآخره الفيتو الذى أفشل به أمس قراراً فى مجلس الأمن لوقف إطلاق النار فى غزة».
وحمّلت المجتمع الدولى والمؤسسات الأممية المسئولية عن استمرار هذه المجازر بحق أهل شمال قطاع غزة، وذلك نتيجةً للصمت والعجز عن تفعيل آليات الحماية من الإبادة والتطهير، والقيام بالدور القانونى والأخلاقى فى حماية شعبنا أمام هذه الانتهاكات غير المسبوقة.
ودعت حماس لحراك عالمى من كافة الأطراف، والضغط لوقف الإبادة الصهيونية بحق شعبنا، واتخاذ الإجراءات الكفيلة التى تردع الكيان عن مواصلة جرائمه، وخططه الممنهجة لتهجير الفلسطينيين.
وناشدت حماس وسائل الإعلام للاستمرار فى تركيز التغطية الإعلامية على ما يحدث فى شمال قطاع غزة، وتكثيف نقل المأساة الإنسانية المتصاعدة، والمجازر المروّعة، وحرب التجويع اللا إنسانية، التى يتعرّض لها المدنيون الأبرياء العزل على يد قوات الاحتلال الإسرائيلى.
وأعلن المستشار الإعلامى لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، «عدنان أبو حسنة» أن 7 مخابز فقط من أصل 19 مخبزا تدعمها المنظمات الإنسانية تعمل فى القطاع اعتبارا من 20 نوفمبر الجارى. وتتوزع المخابز فى دير البلح وخان يونس ومدينة غزة.
وحذر «أبو حسنة» من عدم اتخاذ إجراءات فورية لتحسين إدخال الوقود ومادة الطحين وتسهيل عمليات النقل ومنع العصابات من سرقة ما يدخل كفيل بأن يدفع القطاع إلى مجاعة حقيقية.
وأضاف: «تعمل المخابز الثلاثة فى جنوب وسط غزة بكامل طاقتها بينما تعمل المخابز الأربعة فى مدينة غزة بمستوى إنتاج 50% بسبب تحديات السلامة والأمن المتمثلة فى رفع الوقود عند معبر كرم أبو سالم وبعد تأخيرات فى تسليم الوقود من الجنوب».
فشل مساعى وقف بيع أسلحة «الإبادة الجماعية» لتل أبيب
فشلت جميع التحركات الرامية إلى دفع ثلاثة قرارات، والتى كانت ستوقف عملية بيع أسلحة أميركية لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار مؤخراً نتيجة معارضة من الحزبين الجمهورى والديمقراطى ولم يكن من المتوقع أن يتم تمريرها. حيث صوت مجلس الشيوخ الأمريكى بأغلبية ساحقة على رفض ثلاثة جهود قادها السيناتور التقدمى بيرنى ساندرز، حيث حصلت على نحو 20 صوتًا فقط من أصل 100 من أعضاء المجلس، حيث انضم معظم الديمقراطيين إلى كل الجمهوريين ضد التدابير. وتشمل قرارات بيع الأسلحة قذائف الدبابات، وقذائف الهاون، ونوع من معدات التوجيه الخاصة بالقنابل التى تُلقى فى غزة.
وفى تصريح سبق الجلسة أكد ساندرز إن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو «انتهك القانون الدولى والأمريكى، وانتهك حقوق الإنسان وعرقل المساعدات الإنسانية»، فيما لفت إلى أن القرارات لن تؤثر على أى من الأنظمة التى تستخدمها إسرائيل للدفاع عن نفسها من الهجمات الواردة، وركز بدلاً من ذلك على الأسلحة الهجومية. وأكد أمام مجلس الشيوخ أن حكومة رئيس الوزراء نتنياهو المتطرفة لم تشن حرباً ضد حماس فحسب. بل إنها شنت حرباً شاملة ضد الشعب الفلسطينى.
وتابع ساندرز: «الكثير مما يحدث هناك تم بأسلحة أمريكية ودعم دافعى الضرائب الأميركيين»، مضيفا أن الولايات المتحدة قدمت أكثر من 18 مليار دولار من المساعدات العسكرية لإسرائيل وسلمت أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة والمعدات العسكرية، وأضاف «الولايات المتحدة الأمريكية متواطئة فى هذه الفظائع، ولابد أن ينتهى هذا التواطؤ».
وصوّت السيناتور إد ماركى، ديمقراطى من ولاية ماساتشوستس، لصالح القرارات، وقال فى بيان له إن «استراتيجية الولايات المتحدة المتمثلة فى منح حكومة نتنياهو شيكًا مفتوحًا للأسلحة الهجومية لا يمكن أن تستمر». وأضاف «لا يحق لأى دولة، حتى لو كانت حليفة مقربة مثل إسرائيل، الحصول على مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة دون الالتزام بالقانون الأميركى والدولى».
وصوت السيناتور مارتن هاينريش، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس، لصالح القرارات أيضًا، وقال فى بيان إن خفض التصعيد فى الحرب «لا يمكن أن يحدث إذا نظرنا إلى الاتجاه الآخر عندما يتعلق الأمر بكيفية استخدام أسلحة محددة وثمنها الاستثنائى».
وأعلن ديمقراطيون آخرون عن تصويتهم ضد القرارات. وفى ذلك أكد السيناتور كاثرين كورتيز ماستو، ديمقراطية من نيفادا إنها «ستقف دائمًا بفخر لدعم أقوى حلفائنا». وعلى نحو مماثل، قال السيناتور جاكى روزن، ديمقراطى من نيفادا إن «إسرائيل حليفتنا فى الشرق الأوسط، ويجب علينا أن نفعل كل ما فى وسعنا لمساعدتها فى الدفاع عن نفسها». كما صوّت جميع الجمهوريين الحاضرين ضد القرارات مبررين الأمر بأن الحد من قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها يساعد أعداءها بحسب معتقداتهم.
وخلال الحملة الرئاسية، انتقد التقدميون المناهضون للحرب بشكل ممنهج تعامل إدارة بايدن مع الحرب، ودفعوا إلى إنهاء الصراع وانتقدوا تحالف البيت الأبيض مع إسرائيل ونتنياهو.
وكان ساندرز قد قدم هذه الإجراءات فى سبتمبر الماضى بينما واصلت إسرائيل هجومها على غزة، والذى أسفر عن استشهاد 43 ألف شخص على الأقل. وبموجب القانون الأمريكى، لا يجوز تقديم المساعدة العسكرية لقوات الأمن الأجنبية التى ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان. ومع ذلك، رفضت إدارة بايدن إلى حد كبير وقف نقل الأسلحة إلى إسرائيل، على الرغم من الاتهامات المستمرة بارتكاب جرائم حرب من قبل خبراء حقوق الإنسان.
وهذه ليست المرة الأولى التى يقود فيها ساندرز مثل هذا الجهد، ولم يكن من المتوقع أن يتم تمريره. لكن المؤيدين كانوا يأملون أن يشجع الدعم الكبير فى مجلس الشيوخ حكومة إسرائيل، وإدارة جو بايدن على بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين فى غزة.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، دمر الجيش الإسرائيلى أكثر من 65% من المساكن والمدارس والمرافق الصحية. كما دُمرت جميع الجامعات الـ12 فى القطاع، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية وفا. وتقدر الأمم المتحدة أيضًا أن حوالى 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون فلسطينى قد نزحوا. كما أكد خبراء الأمن الغذائى العالمى أن المجاعة فى شمال غزة وشيكة.