الجزيرة:
2025-03-12@06:28:37 GMT

الديمقراطية وتنمية الإنسان

تاريخ النشر: 1st, July 2023 GMT

الديمقراطية وتنمية الإنسان

تنهمك الدول النامية وغالبية دول العالم الثالث بوضع خطط للتنمية في بلدانها سواءً أكانت غنية أو فقيرة في مواردها، ورغم أن بعضها حقق نجاحات عمودية في مجالات التصنيع أو الزراعة إلا أن أغلبها أغفل جوانب غاية في الأهمية تلك التي تتعلق بنوعية الإنسان وأدائه الإنتاجي والاجتماعي والسياسي ودوره في عملية التطور النوعي للبلاد في مختلف القطاعات.

وباستثناء مراكز المدن المهمة التي تتكثف  فيها الأنشطة الثقافية والسياسية والجامعية، فإن غالبية ما حولها من بلدات وقرى وتجمعات بشرية تعاني من إشكاليات معقدة في نظامها ووضعها الاجتماعي والوطني وما تمتلكه من ثقافة وتعليم، ناهيك عن ارتفاع مخيف في نسبة الأمية الأبجدية والحضارية رغم التقدم الهائل في وسائل التواصل والإنترنت، إذ ما يزال إهمال الدولة والإرث الاجتماعي الثقيل متكلساً في السلوك والعادات والتقاليد المرتبطة منها بالأديان والمذاهب أو بالأعراف الاجتماعية، ناهيك عما تفعله الأميّة والبطالة والفقر المدقع في تشويه وإلغاء مفهوم جامع للمواطنة والانتماء الموحد للوطن، حيث يُذيب الفقر وتدني المستويات المعيشية وانعدام العدالة كل هذه المفاهيم في المواطنة والانتماء والولاء بل يلغيها لصالح مفاهيم وتركيبات أخرى لا علاقة لها بالوطن والأمة.

إن عملية التحول للنظام الديمقراطي ليست قراراً تتخذه هيئة عليا في البلاد أو يتضمنه دستور دائم، بقدر ما هي نهج تربوي وسلوك اجتماعي، وليست ممارسات سطحية لا علاقة لها البتة بالفكر والنظام الديمقراطي، بل إن ما نشهده اليوم في بلداننا لا يتجاوز كونه ديمقراطيات فوقية تحاول اختزال هذا الفكر والنظام بعملية تبادل مواقع السلطة عن طريق الانتخابات التي تخضع لذات الأدوات التي استخدمتها النظم الشمولية في الشرق الأوسط والعالم الثالث في مجتمعات تعاني من ضعف في التعليم وأميّة بأشكالها المتنوعة تسود قطاعات واسعة من الأهالي في المدن وبشكل أوسع في الأرياف، وهي التي تنتج حينما تجتمع جميعها أمية وطنية.

ولا شك أن هناك عاملين مهمين يعملان على إضعاف واضمحلال الثقافة الوطنية التي هي القاعدة الأساسية للنظام الديمقراطي؛ وهذان العاملان يستخدمان كأدوات وسلالم لتسلق السلطة، وهما الشحن الديني أو المذهبي أو التكثيف العشائري، وفي الحالتين يتم مسخ النظام الديمقراطي وإضاعة فرصة لبلورة مفهوم جامع للمواطنة خاصة في البلدان متعددة المكونات العرقية والقومية والدينية والمذهبية، حيث تتلاشى فكرة المواطنة أمام الجهالة والضبابية في مفهومها الذي يُقزم البلاد ويختزلها في عرق أو قومية أو دين أو مذهب أو قبيلة أو فرد، وهي برأيي واحدة من امتدادات البداوة وتراكم التخلف والتجهيل المتعمد من قبل معظم الأنظمة التي تسلّطت على البلاد، وذلك من خلال عمليات غسل الأدمغة وتسطيح العقول الذي تعرض له المواطن طيلة عشرات السنين خاصةً في العراق منذ قيام مملكته مطلع القرن الماضي وحتى تقزيمها في حزب أو عرق أو دين أو مذهب؟

إن ما يواجه العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان وما ماثلهم في التكوين السياسي والاجتماعي اليوم ليس إرهاباً منظماً وتدخلات مخابراتية وسياسية أجنبية بقدر ما هو هذه الحاضنات الأمية والعقلية المسطحة التي أصبحت بيئة صالحة لانتشار الفساد والعصابات والمليشيات وأفواج من الإرهابيين والقتلة وتجار السياسة والمخدرات، تحت خيمة الولاء الديني والمذهبي والعنصري خارج أي مفهوم للانتماء الوطني الجامع خاصة في بلدان تعج فيها المكونات العرقية والقومية والدينية والمذهبية.

إن بلداننا اليوم بأمسّ الحاجة إلى تنمية الإنسان وتأهيله وطنياً أكثر من حاجتها إلى تنمية في مجالات أخرى، لأن تنميته وتأهيله هي القاعدة الأساسية التي ترتكز عليها كل تنمويات البلد، وبدونها لا يكتمل إعمار ولا تصنيع ولا إنتاج، إنها حقاً عملية إعادة تأهيل مجتمعاتنا بدءاً من رياض الأطفال وصعوداً حتى البرلمان!

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

قوات خاصة أوغندية تنتشر في جوبا وسط تصاعد التوترات بجنوب السودان

في ظل تصاعد التوترات السياسية والعسكرية في جنوب السودان، أعلنت أوغندا عن نشر قوات خاصة بالعاصمة جوبا لتعزيز الأمن والاستقرار، وسط مخاوف متزايدة من اندلاع حرب أهلية جديدة بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه الأول رياك مشار.

يأتي هذا التحرك في وقت حرج، حيث تواجه البلاد سلسلة من الاشتباكات الدامية والاعتقالات السياسية التي تهدد اتفاق السلام الهش الموقع عام 2018.

الشرطة العسكرية في جنوب السودان خلال عملية تمشيط في جوبا (الفرنسية)

وشهدت الأسابيع الأخيرة زيادة ملحوظة في أعمال العنف في مناطق متفرقة من جنوب السودان.

ووفقًا لتقارير وكالة أسوشيتد برس، فقد اندلعت اشتباكات عنيفة في بلدة الناصر بولاية أعالي النيل بين القوات الحكومية ومجموعات مسلحة، أسفرت عن مقتل ضابط وعدد من الجنود.

ووصفت هذه الاشتباكات بأنها الأعنف منذ شهور، مما زاد من المخاوف بشأن مستقبل اتفاق السلام.

إضافة إلى ذلك، تعرضت مروحية تابعة للأمم المتحدة أثناء تنفيذها مهمة إجلاء إنسانية لإطلاق نار كثيف، مما أسفر عن مقتل أحد أفراد الطاقم وإصابة اثنين آخرين.

ونددت الأمم المتحدة بالهجوم، معتبرة أنه يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، ويعكس انعدام الأمن المتزايد في البلاد.

إعلان التدخل الأوغندي

وفقًا لصحيفة الإندبندنت، فإن التدخل العسكري الأوغندي يعكس قلق كمبالا من تداعيات الأزمة المتفاقمة في جنوب السودان، خاصة أن أي تصعيد قد يؤدي إلى نزوح أعداد كبيرة من اللاجئين إلى أوغندا، مما يزيد الضغط على الموارد الوطنية ويهدد الاستقرار الداخلي.

في سلسلة منشورات على منصة إكس (تويتر سابقًا)، أكد نجل الرئيس موسيفيني ورئيس أركان الجيش الأوغندي، موهوزي كاينيروغابا، أن بلاده لن تتسامح مع أي محاولة لإضعاف سلطة الرئيس سلفاكير.

وأضاف "نحن في الجيش الأوغندي لا نعترف إلا برئيس واحد لجنوب السودان، وهو فخامة الرئيس سلفاكير… وأي تحرك ضده يُعد إعلان حرب على أوغندا".

يعكس هذا التصريح القوي التزام أوغندا بدعم حكومة سلفاكير، خاصة في ظل العلاقة الوثيقة التي تجمعه بالرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، الذي يُعد أحد أبرز الداعمين الإقليميين له.

مخاطر انهيار اتفاق السلام

على الرغم من أن اتفاق السلام الموقع عام 2018 أنهى حربًا أهلية دامية استمرت 5 سنوات وأودت بحياة أكثر من 400 ألف شخص، فإن التوترات السياسية والعسكرية المستمرة تهدد بانهيار هذا الاتفاق وإعادة البلاد إلى دوامة العنف.

خريطة جنوب السودان (الجزيرة)

ووفقًا لتقارير وكالة أسوشيتد برس، فإن عمليات الاعتقال السياسي التي نفذتها حكومة الرئيس سلفاكير ضد وزيرين وعدد من القادة العسكريين الموالين لمشار، إلى جانب المواجهات المسلحة الأخيرة، تعد ضربة قوية لجهود المصالحة، وقد تدفع البلاد نحو صراع جديد يهدد أمن واستقرار المنطقة بالكامل.

الدعوة لضبط النفس

في ظل هذه التطورات، دعت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى ضبط النفس وحثت جميع الأطراف على العودة إلى طاولة الحوار، محذرة من أن تصاعد العنف قد يؤدي إلى انهيار التقدم السياسي الذي تحقق خلال السنوات الأخيرة.

قوات حفظ السلام في جنوب السودان دعت للهدوء بعد مواجهات عسكرية بين الحكومة والمعارضة (رويترز)

كما أكدت مصادر لبي بي سي أن هناك ضغوطًا إقليمية ودولية متزايدة على قادة جنوب السودان للالتزام باتفاق السلام وتجنب التصعيد العسكري، خاصة أن عودة الحرب ستؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة في المنطقة.

إعلان

ومع استمرار تصاعد التوترات الأمنية والسياسية، يبقى مستقبل جنوب السودان غامضًا، إذ تظل البلاد متأرجحة بين إمكانية تعزيز السلام عبر جهود دبلوماسية مكثفة، وبين خطر الانزلاق نحو صراع مسلح قد تكون عواقبه مدمرة على البلاد والمنطقة بأسرها.

مقالات مشابهة

  • قوات سوريا الديمقراطية تندمج في مؤسسات الدولة وتعلن انتهاء مرحلة الانفصال.. خبير يعلق
  • قوات خاصة أوغندية تنتشر في جوبا وسط تصاعد التوترات بجنوب السودان
  • الأمم المتحدة: استمرار الاشتباكات والعنف في الكونغو الديمقراطية له تأثير مدمر على المدنيين
  • منتدى حقوقي يستنكر التراجعات الحقوقية التي شهدها المغرب
  • احتفالات شعبية بعد توقيع اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية في مؤسسات البلاد
  • موجة حارة تؤثر على البلاد تدريجيًا.. حالة الطقس اليوم الثلاثاء 11 مارس
  • لماذا يتكرر إجهاض الديمقراطية في السودان؟
  • في عملية لـ الجيش الكاميروني.. مقتل 4 عناصر من جماعة «بوكو حرام» بأقصى شمال البلاد
  • محلل سياسي: العراق يبدي قلقه من التوترات في سوريا ويدعو لوحدة البلاد
  • مقال بمقام الوثيقة الأممية لحقوق الإنسان خاصة للمرأة في بلادنا الحبيبة