بقلم: فالح حسون الدراجي ..

في صباح يوم ربيعي من أيام نيسان عام 1974، أيقظني أخي وصديقي الراحل كريم العراقي، وهو يقول: ألم تسمع؟

قلت: لا والله كرومي ماذا حصل ..؟!

قال: ثمة عملية فدائية فلسطينية كبيرة حصلت في العمق الاسرائيلي، فيها رهائن، وجنود قتلى واخبار متضاربة أخرى .. أرجو أن ترتدي ملابسك بسرعة لنذهب ونستوضح الأمر .

.

تلقيت الخبر، وكدت أطير من الفرح، كيف لا، ونحن بذلك العمر الشبابي المتحمس للثورة، وحرية الشعوب، ونصرة الإنسان المظلوم أينما كان، فضلاً عن أنها أول عملية فدائية في التاريخ تحصل بالعمق الاسرائيلي، لاسيما وقد جاءت بعد ستة أشهر من حرب تشرين 1973.. لذلك ارتديت ملابسي، وغادرنا بدون فطور الى مقهى الزهاوي، في شارع الرشيد، حيث يحضر لهذه المقهى يومياً عدد كبير من المثقفين والشعراء، والسياسيين، والمحللين، والعاملين في أجهزة الانصات ومتابعة الأخبار في الصحف والاذاعات ووكالة الأنباء العراقية، وحتماً سيكون لدى هؤلاء معلومات وأخبار مهمة حول العملية، قد لا تنشر في وسائل الاعلام العراقية الرسمية.

وبعد ساعة واحدة فقط من دخولنا المقهى، عرفنا معلومات عديدة عن هذه العملية، ناهيك من التحليلات الدقيقة التي أتحفنا بها بعض أصحاب الشأن والتخصص، لاسيما وأن (بيئة) مقهى الزهاوي، بيئة غنية بالجدل الثقافي والسياسي وتبادل الافكار والمعلومات التي تساعد في صياغة الوعي الثوري لدى رواد المقهى، لاسيما الشباب الجديد مثلنا ..

وبعد ساعات معدودة اتضحت الصورة تماماً، وباتت جلية أمام العالم. إذ تبين أن هذه العملية التي أرعبت تل أبيب، و جعلت جولدا مائير تلطم على راسها في (الكنيست) وأفقدت وزير الدفاع موشيه دايان صوابه .. هي عملية فدائية قام بها ثلاثة شبان ينتمون للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

/ القيادة العامة / ، وقد سُميت باسم (الخالصة)، نسبة لقرية الخالصة الواقعة في سهل الحولة شمالي فلسطين، والتي أصبحت بعد الاحتلال مستوطنة باسم (كريات شمونة).. حيث اقتحم الشباب الثلاثة هذه المستوطنة وسيطروا على مدرسة وبناية تتكون من 15 شقة، واحتجزوا عدداً من الرهائن الإسرائيليين، بعد معركة قتلوا فيها جنديين من قوة إسرائيلية كانت مرابطة في الموقع.. اما الأبطال الثلاثة فهم :

1- ياسين موسى فزاع الموزاني (أبو هادي)، مواليد 1947 في العمارة جنوب العراق/ وهو قائد هذه العملية الفدائية ..

2-منير المغربي من مواليد عام 1954 في فلسطين .

3- أحمد الشيـخ محمود، من مواليد عام 1954 في حلب / سوريا ..

وقد استشهد الفدائيون الثلاثة داخل مستوطنة كريات شمونة في نفس اليوم.. أما كيف جرت العملية، وكيف انتهت، فالمعلومات التي نشرت، تشير الى ان قائد العملية (العراقي) ياسين موسى الموزاني قد تقدم بطلب الإفراج عن مائة فدائي أسير ومعتقل في سجون إسرائيل، وكان من بين هؤلاء الأسرى، الفدائي الياباني كوزو اوكاموتوا ، المحكوم عليه بالسجن المؤبد بعد مشاركته في عملية مطار اللد الفدائية عام 1972.. وإذا لم ينفذ الاحتلال طلبهم، فإنهم سيفجرون المبنى بما فيه.

وبدلاً من أن يستجيب الصهاينة لهذا المطلب، قاموا بتعزيز قواتهم في المستعمرة، ثم شنّوا هجوماً كبيراً على البناية التي يحتجز فيها الرهائن، رغم أن الفدائيين أعلموا السلطات مسبقاً، بانهم زرعوا عبوات ناسفة في ممرات المبنى وأبوابه، وفي أماكن مختلفة أيضاً، لكن القوة المهاجمة تجاهلت هذه التحذيرات، وقامت بشن هجومها.. وجرت معركة عنيفة بين الطرفين، بعدها نفد عتاد الموزاني ورفيقيه، فاضطروا لتنفيذ انذارهم، بتفجير المبنى كله، وقد أسفرت هذه العملية عن استشهاد الفدائيين الثلاثة ومقتل 19 إسرائيلياً، مع جرح 15 آخرين، إضافة إلى الخسائر المادية.
وهنا اود أن أشير الى أني شخصياً ضد قتل وإراقة دماء المدنيين الأبرياء، مهما كانت عناوينهم، لكن الامر مختلف هنا، إذ كان المفترض بالسلطات الصهيونية ان تستجيب لمطلب المجموعة الفدائية، وهو دون شك مطلب انساني يتلخص باطلاق سراح مناضلين فلسطينيين، وأجانب أسرى متعاطفين مع القضية الفلسطينية، لم يكونوا قتلة او مجرمين او جواسيس قط، فيحفظوا بذلك حياة المدنيين، لكن غرور القيادات الصهيونية أدى الى هذه النتيجة الدموية، والتي ظلت اسرائيل تئن من جراحها كثيراً، خاصة وقد كانت القيادات الصهيونية تصور لمواطنيها بأنهم في امان تام، ولايمكن لاحد ان يتعرض لهم، فجاءت هذه العملية لتكون وصمة عار في جبين عصابة الاحتلال.

لقد كانت عملية الخالصة أول خطوة في الطريق الطويل، إذ سيأتي الأبطال الآخرون – بعد الموزاني ورفيقيه- ويقومون بست عمليات فدائية خلال أقل من سنة، بنفس طابع عملية الخالصة، وإن اختلفت في الأسلوب، لكنها جميعاً بنفس خط (الخالصة) العسكري.. وهكذا بقيت عملية الخالصة وأبطالها في قلب كل عملية فدائية من نفس النوع والطبيعة، وفي ضمير كل فدائي، فلسطينياً كان أو عربياً، أو ثورياً أممياً ..

لقد استقبلت الشعوب العربية بشارعها الشعبي، ومواطنيها، واعلامييها، وشعرائها وفنانيها بفرح وفخر هذه العملية التي زلزلت الأرض تحت أقدام الصهاينة، ولو كان المقال يتسع، لنقلت للقارئ حتماً بعض ما سطرته الصحف العربية، وما صرح به الزعماء والقادة العرب بدءاً من القذافي وليس انتهاء بالرئيس حافظ الاسد، وهم يتباهون ويفخرون بالعملية وابطالها.. اضافة الى ما قاله الاعلام العالمي بمختلف اتجاهاته، وهو ينقل باعجاب شجاعة الفرسان الثلاثة خصوصاً بسالة ورباطة جأش قائد العملية (العراقي) ياسين الموزاني، ناهيك من حالة التخبط والهلع التي وقع الاعلام الصهيوني بها، وهو المرعوب أصلاً من جحيم كارثة (الخالصة) ..

ولعل أروع جائزة حظي بها الشهداء الثلاثة هي تلك الأغنية الباهرة التي غنتها الكبيرة فيروز، والتي كتبها الشاعر اللبناني الكبير طلال حيدر، بعنوان: “وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان” والتي لحّنها الفنان الفذ زياد الرحباني وقصة الأغنية كما رواها الشاعر طلال حيدر، وأعاد (الرحباني) سردَ تفاصيلها، قائلاً: اعتاد الشاعر طلال حيدر شُرب فنجان قهوته الصباحي و المسائي على شرفة منزله المطلّة على غابة تقع على مقربة من منزله..وفي صباح ربيعي لاحظ دخول ثلاثة شبان إلى الغابة صباحاً، وخروجهم منها مساءً، و تكرر الحال، وكلّما دخلوا و خرجوا سلّموا عليه. وكان طلال يتساءل: ماذا يفعل هؤلاء الشبان داخل الغابة من الصباح إلى المساء؟ إلى أن أتى اليوم الذي ألقى الشبان التحية على طلال حيدر في الصباح ودخلوا الغابة، وفي المساء خرج طلال حيدر ليشرب قهوته لكنه لم يرَهم يخرجون من الغابة، فانتظرهم، لكنهم لم يخرجوا، فقلق عليهم، إلى أن وصله خبر يقول: إنّ ثلاثة شبّان عرب قاموا بعملية فدائيّة وسط الكيان الصهيوني، و عندما شاهد صور الشبّان الثلاثة في الصحف، فوجئ أنّ هؤلاء الذين استشهدوا هم أنفسهم الشبان الذين اعتاد أن يتلقى التحية منهم في الصباح و المساء .. والذين دخلوا الغابة ولم يخرجوا منها أبداً. هكذا مضى الموزاني ورفيقاه نحو (كريات شمونة) عبر حدود لبنان الجنوبية ونفذوا العملية الجسورة.. حيث تقول الأغنية التي تغنت الكبيرة (فيروز) فيها بالشهداء الأبطال : ” وحدن بيقطفو اوراق الزمان .. بيسكروا الغابي .. بيضلهن متل الشتي يدقوا على بوابي.. على بوابي.. يا زمان يا عشب داشر فوق هالحيطان .. ضويت ورد الليل ع كتابي ..

برج الحمام مسوّر وعالي

هج الحمام بقيت لحالي

لحالي.. يا ناطرين التلج ما عاد بدكن ترجعوا.. ؟!

الى آخر الأغنية التي هزت القلوب والضمائر العربية.

فأي مجد عظيم نلته أيها العراقي الجنوبي الأسمر، ورفيقاك الشجعان حين تغنت بكم فيروز ؟!

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات عملیة فدائیة هذه العملیة

إقرأ أيضاً:

“حداء الإبل”.. لغة للتواصل بين الإبل وأهلها ضمن التراث الثقافي غير المادي السعودي

حضرت “الإبل” في حياة إنسان شبه الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ، ولم يستغنَ عنها حتى اليوم، فبعد أن كانت مظهراً لتميزه وثرائه، ومصدراً لرزقه وعطائه، وأداة لسفره وترحاله؛ حتى أضحت أيقونة ورمزاً من رموز تراثه الأصيل المستمد من تاريخه التليد.

ونتج عن هذا التواصل الإنساني مع الإبل، فن شعبي جميل يتناقله المجتمع جيلاً بعد جيل يسمى “الحداء”، وهو نوع من الشعر الخفيف الذي يقال لتطريب الإبل، وحثها على السير بتعابير شفهية تقليدية تمكّن الرعاة من مناداة إبلهم وجمعها والتواصل معها.

ويتوارث أبناء الجزيرة العربية “فن الحداء” للتواصل مع قطعان إبلهم من خلال بعض الأصوات والتعبيرات التي اعتادت الإبل على سماعها والاستجابة لها.

وبحسب المصادر التاريخية، فإن مضر بن نزار بن معد” هو أول من “حدا” للإبل ” بعد أن سقط من بعيره وانكسرت يده وصاح بصوته “وايداه! وايداه!”؛ وكان حسن الصوت؛ فأصغت إليه الإبل وجدّت في السّير؛ ومن هنا بزغت فكرة استعمال الحداء لنداء الإبل، ويذهب البعض إلى أن هذه الهمهمات ساعدت “الخليل بن أحمد الفراهيدي” على اكتشاف مفاتيح العروض والأوزان الشعرية.

ويقال: أن بداية “الحداء” كان عن طريق التدوية أو الدوّاة، وهو نداء الإبل بصوت رفيع، وجاء في بعض معاجم اللغة أن راعي الإبل إذا أراد أن يستحث إبله لتجيء إليه مسرعة؛ زجل بصوته وغنّى لها بكلمات مثل.

.

هَيد هيد، أو: هي دو هي دو.

أو: دوه دوه.

أو: ده ده بضم الدال.

أو: داه داه، وهذا ما زال مستعملاً إلى اليوم جنباً إلى جنب مع الرجز، ولم يلغ أحدهما الآخر، وهو يختلف من بيئة إلى أخرى.

ثم تطور الدُّوّاة من مجرد همس أو صوت أو مناداة على الإبل إلى غناء شعري له طرقه وأساليبه ومفرداته الخاصة، ودخلت فيه مع مرور الزمن المعاني والكلمات الشعرية المغناة، والأشطر الموزونة، فجمع عذوبة الصوت وسحر القافية المستمد من بيئة البدو وثقافتهم الأصيلة.

ومما يُذكر في قوة تأثير الحداء في الإبل ” أن أبا جعفر المنصور سأل حدّاءً، فقال له: ما بلغ من حُسن حدائك؟ قال: تُعطّش الإبل ثلاثاً فتُدنى من الماء، ثم أحدو فتتبع كلها صوتي، ولا تقرب الماء”.

وقد أصّلت المعاجم العربية وأمهات كتب التراث العربي لـ “حداء الإبل”، كما تحتوي على كمٍّ هائلٍ من الحكايات والقصص والمرويات والأراجيز المرتبطة به، وحفظت كتب التراث الشعبي مجموعة كبيرة من المرويات الشفاهية لأحديات العرب المتأخرين على ظهور إبلهم وصهوات جيادهم، ولعل من أحدث الكتب التي تناولت هذا الباب ديوان: “الرجز والحداء” الذي ألّفه الباحث في الموروث الشعبي “إبراهيم الخالدي”، ووثّق من خلاله رحلة الحداء الطويلة في تاريخ الأدب العربي؛ انطلاقاً من بدايته الأسطورية حتى عهد البداوة الأخير التي انتقل بها الحداء من الارتباط الوثيق بالإبل، إلى علاقة مميزة بالخيل وإن لم تنقطع صلته برفيقه القديم “الجمل”، وتؤكد هذه الدراسة تماهي “الحداء” الواضح مع بحر “الرجز”، وهذا البحر السهل أتاح الترنم بالحداء لغير الشعراء؛ حتى صار الحداء أغنية العرب جامعة.

وأشار “الخالدي” في تصريح له لوكالة الأنباء السعودية “واس” “إلى أن وجود الحادي من أساسيات القوافل المرتحلة في الصحراء، وأهم أدوات الرعاة الحاذقين، وأجمل فنون الغزاة المحاربين”.

وأكمل: “إن جرجي زيدان ذكر أن مقاطع الشعر المستعملة للحداء تشبه مشي الجمال الهوينا، ولو ركبت ناقة، ومشت بك الهوينا لرأيت مشيها يشبه وزن هذا الشعر تماماً.

” و “الحداء ” أقرب ما يكون إلى النظم البسيط المكون من بيتين بقافيتين، وبصوت يردده اثنان، وأحياناً عندما تكون الدّلو التي يستخرج بها الماء من الآبار كبيرة جداً، يردده أربعة بصوت جهوري، يصل أحيانا في هدأة الليل أو الفجر إلى أماكن بعيدة، ولا يتقيد بلحن واحد، بل تتعدد ألحانه وطريقة أدائه من بيئة إلى أخرى، وتكون ألفاظه شجيّة، تخلب ألباب الإبل، ومعانيه ذات أبعاد تتعلق بشؤون حياة الرُّعاة اليومية، وتشمل كلمات الحداء الشعرية ببساطتها وخفتها وعدد كلماتها القليلة، التنظيم، والقوانين، وطرق السقاية، وأهداف الرحيل، وحياة البادية عامة، وما يجول في نفس الرُّعاة من همّ وشجن.

اقرأ أيضاًالمنوعات“المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض” تحذر من زيادة خطر الإصابة بحمى الضنك

ويؤكد رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لدراسات الإبل “ذود”، الدكتور محمد العتيبي: “أن الحداء كان معروفاً منذ العصر الجاهلي، وعادة ما يقال للإبل عند وردها إلى الماء، أو عند سيرها إلى المرعى أو أثناء الترحال من مكان إلى آخر، وهو عبارة عن ترنيمات قصيرة مؤثرة في جمع الإبل وسيرها وانتظام عودتها إلى مُرُحِها “.

وللحداء مناسبات مختلفة فمنها: “حداء الرحيل”، و “حداء السفر”، وحداء سقي الإبل الذي يسمى “العوبال”، وهناك حداء الأوبة المسمى عند العامة “الهوبال” وهو خاص بجمع الإبل وسوقها إلى مرحها أو مكان رعيها، وهناك “حداء السواني” ويغنى للإبل التي تجذب الماء من البئر لتنشط في سيرها.

ولم يستطع “الحداء” الاستمرار في لغته الفصيحة وفق ما ورد في كتاب “الحداء” للباحث محمد العجيري، خصوصاً بعد أن ترك اللغة من تمسكوا بلهجاتهم الجديدة المولّدة، فتحول الحداء من اللغة الفصيحة إلى اللغات الدارجة لأهل الأمصار، ويوضح المؤلف أن هذا الإرث لم يتم تأليفه من قبل مجموعة معينة من الأفراد، بل انتقل من جيل إلى جيل، وخضع للحذف والإضافة حسب الاحتياجات البيئية للأفراد المستخدمين له، حتى وصل إلينا على الشكل الذي هو عليه، ولن يتوقف عن التعديل حتى يصل إلى مراحل التسجيل.

ومن أمثلة أحديات بدو الجزيرة العربية التي قالوها بلهجتهم العامية ما يسمى بالهوبال وهو ينقسم إلى حداء ورجز، فأما الحداء فهو الذي يغنّى أثناء انتظار الدّلو وهو يصدر من قاع البئر إلى حين الإمساك بها، ومن أمثلة ذلك قولهم: “سق القعود وهِمّه يسقي خواته وأمّه”، “الله عليك قليّب يجمع خبيث وطيب”، “إن زولمن والتمن زهاب أهلهن تمّن “، “يا مرحبا وارحابي بأم السنام النابي”، ” يا شمّخ العشاير يا مجوزات الباير”، “صب القلص لشعيلة كم درهمت من ليلة”، “ملحا جليلة واخر وإن جاء الدَّحم تستاخر”، “يا مرحباً وأهليني بأم الدلال الزيني”، ” برقٍ يلهله قبله ينبت شتيل وربله” “.

وأما الرجز فهو خاص بالإمساك بالدّلو وتفريغ الماء في الحوض ومن أمثلته قولهم: “يا غليّم رده يا غليّم رده” فإذا ارتوت الإبل وأرادوا أن يحثّوها إلى مزيد من الشرب، قالوا: ” يا الإبل واخذي علّة وقودي ويا قاك الله.

ياو – ياو”.

وقد سجل فن “حداء الإبل” ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي السعودي في منظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، كأبرز الموروثات التي ما زالت حيّة في التراث الشعبي.

وتحظى الإبل بمنزلة كبيرة في وجدان المجتمع العربي عامة، والمجتمع السعودي على وجه الخصوص؛ بصفتها إحدى أهم موروثاته الثقافية، حيث تلقى اهتماماً من الدولة -أيدها الله-، التي اعتمدت بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – ” نادياً للإبل” يعنى بكل ما من شأنه الاهتمام والحفاظ على موروث الآباء والأجداد، وترسيخ مكانتها في نفوس الأجيال الناشئة.

ولأجل هذا الارتباط الوثيق بين الثقافة المحلية والإبل؛ بادرت “وزارة الثقافة” بتسمية هذا العام 2024 بـ “عام الإبل”؛ باعتبارها قيمة ثقافية، وركيزة من ركائز الحفاظ على الهوية الوطنية الأصيلة، والتراث العربي الأصيل، وتعريف العالم كله بهذا المكون التاريخي الذي أصبح وجهة سياحية، وثروة ثقافية، وتراثية، وسعياً منها إلى تحقيق العديد من المكتسبات في كل ما من شأنه الحفاظ على الموروث وتنميته بطرق مدروسة وبما يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني.

مقالات مشابهة

  • “حداء الإبل”.. لغة للتواصل بين الإبل وأهلها ضمن التراث الثقافي غير المادي السعودي
  • إجتماع أكادير يضع حداً لهلوسة “ماركا” حول تحديد ملعب نهائي مونديال 2030
  • الأمير تركي بن طلال يُعلن إطلاق موسم الصيف تحت شعار “صيّف في عسير..تراها تهول”
  • أشكال القصة القصيرة خلال أربعة عقود في كتاب “القصة القصيرة في سورية” للدكتور الناقد ياسين فاعور
  • السفير عُمَر عبد الحميد عَدِيْل “من نبلاء الدبلوماسية السُّودانية”
  • تأملات في مواقف “تقدم” (٢)
  • “السايح” يبحث مع سفير المملكة المتحدة سبل دعم العملية الانتخابية
  • بالفيديو.. البطل المغربي مراد زاهر يكشف ل”مراكش الآن” تفاصيل تنظيم مسابقة “NPC” بمراكش
  • الدويري: عملية جنين تعكس تقدما نوعيا في عمل المقاومة
  • "الجهاد الإسلامي" عملية جنين رد على جرائم الاحتلال