لوفيغارو: متى يدرك بوتين أنه هو من يصنع مصائبه بنفسه؟
تاريخ النشر: 1st, July 2023 GMT
تساءلت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هل كان يعيش في برج عاجي منفصلا عن الواقع، عندما وصف تمرد مجموعة فاغنر بأنه "طعنة في ظهر روسيا وشعبها"، مشبها ذلك "بالضربة التي تعرضت لها روسيا عام 1917، أثناء مشاركتها في الحرب العالمية الأولى، حين سرق منها النصر، وأصبحت مسرحا للمؤامرات والمشاجرات والسياسات من وراء ظهر الجيش والشعب، مما أدى إلى تدمير الجيش وانهيار الدولة وخسارة مساحات شاسعة من أرضها وحرب أهلية مأساوية في النهاية.
وفي عموده بالصحيفة، تساءل رينو جيرار: كيف لرئيس روسيا أن يقارن فكريا بين الأحداث الدرامية والتاريخية لثورة 1917 وظاهرة التمرد الصارخ لفيلق صغير من المرتزقة هو من ساهم في خلقه؟ مشبها بوتين بفرانكنشتاين في خوفه من مخلوقه بريغوجين الذي صنعه بيديه من الصفر في مختبرات الكرملين.
ورأى الكاتب أن الأيديولوجيا التي أعمت الرئيس الأميركي جورج بوش الابن عندما قرر غزو العراق عام 2003، معتقدا أنه يفعل الخير، هي نفسها التي تعمي بوتين الذي انتهى به المطاف إلى تصديق ما يقوله من أنه يقوم بعمل جيد بغزوه لأوكرانيا، وتساءل الكاتب هل سيدرك الرئيس الروسي في النهاية أنه هو من يصنع المصائب لنفسه؟
وخلص رينو جيرار إلى أن بوتين عندما ذهب إليه رئيس وكالة المخابرات المركزية، بيل بيرنز في خريف عام 2021، لثنيه عن ارتكاب خطأ غزو أوكرانيا، كانت بلاده في ذروة عزها، تبيع غازها للأوروبيين الذين يستثمرون فيها بالمقابل، وتبدو على قدم المساواة مع أميركا، وهي محترمة، ولها أصدقاء وأفضل العلاقات مع دول العالم، ومع الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.
وختم الكاتب بحث الغرب على الاستمرار في حماية أوكرانيا من جنون الكرملين دون الابتهاج بالمصيبة الروسية، لأن مصلحته على المدى الطويل هي ألا تغرق روسيا أبدا في الفوضى أو في الفلك الصيني، بل أن تنضم إلى الأسرة الأوروبية التي ربطتها بها ثقافتها منذ القرن الـ18.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
نهاية أم مخرج سياسي.. ماذا حول صفقة "إقرار بالذنب" التي اقترحها الرئيس الإسرائيلي بشان نتنياهو؟ "تفاصيل"
في تطور سياسي وقانوني لافت داخل إسرائيل، دعا الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ إلى دراسة إمكانية إبرام صفقة "إقرار بالذنب" مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه تهمًا بالفساد قد تضع مستقبله السياسي والشخصي في مهب الريح. هذه المبادرة تعيد إلى الواجهة تساؤلات كبيرة حول مصير نتنياهو وحجم التحديات السياسية والقانونية التي تواجهها إسرائيل في ظل أوضاع داخلية وإقليمية متأزمة.
خلفية القضية: نتنياهو في قفص الاتهام
يُحاكم نتنياهو منذ سنوات بتهم تتعلق بالرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال في عدة ملفات فساد معروفة في الأوساط الإسرائيلية. رغم محاولات مستمرة للطعن في الاتهامات واللجوء إلى الاستراتيجيات السياسية للبقاء في الحكم، إلا أن الضغوط القضائية تزايدت مع الوقت.
وظهرت فكرة صفقة الإقرار بالذنب عدة مرات في السنوات الأخيرة، لكنها كانت تصطدم برفض نتنياهو التام لأي تسوية تعني انسحابه من المشهد السياسي، الذي يعتبره خط دفاعه الأساسي. القبول بهذه الصفقة يعني الإقرار بوصمة عار قانونية تمنعه من تولي أي منصب رسمي مستقبلًا، وهي خطوة لم يكن مستعدًا لها حتى الآن.
تفاصيل صفقة الإقرار بالذنبوفقًا لما نشرته صحيفتا "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس"، تتضمن الصفقة خروج نتنياهو من الحياة السياسية مقابل عدم دخوله السجن. الصفقة تعتمد على إقرار نتنياهو جزئيًا أو كليًا ببعض المخالفات، بعد تعديل لائحة الاتهام لتقليل خطورة الجرائم المزعومة.
مقابل ذلك، ستسقط النيابة العامة بعض التهم أو تقبل بعقوبة مخففة، ما يجنبه المحاكمة الطويلة واحتمال السجن الفعلي. هذه الاستراتيجية القانونية، المعروفة عالميًا باسم "صفقة الإقرار بالذنب"، تتيح إنهاء القضايا الجنائية بسرعة لكنها غالبًا ما تكون محفوفة بالجدل السياسي والأخلاقي.
السياق الدولي: مذكرات اعتقال إضافية تلاحق نتنياهولا تقتصر التحديات القانونية لنتنياهو على المحاكم الإسرائيلية فقط. ففي نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
وجاء في بيان المحكمة أن هناك أسبابًا منطقية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات استهدفت السكان المدنيين واستخدما التجويع كسلاح حرب. كما أشارت المحكمة إلى أن الجرائم شملت القتل والاضطهاد وأفعالًا غير إنسانية أخرى.
الكشف هذه الأوامر ضاعف من الضغوط على نتنياهو داخليًا وخارجيًا، وساهم في تعقيد حساباته السياسية والقانونية.
احتمالات المستقبل: إلى أين يتجه المشهد الإسرائيلي؟دخول الرئيس هرتسوغ على خط الأزمة يعكس قلق المؤسسة السياسية من تداعيات استمرار محاكمة نتنياهو على استقرار الدولة. فالخيار بين محاكمة رئيس وزراء حالي أو سابق وسجنه، أو التوصل إلى تسوية سياسية قانونية تخرجه بهدوء من المشهد، يحمل في طياته آثارًا سياسية واجتماعية عميقة.
ورغم أن إبرام صفقة الإقرار بالذنب قد يبدو مخرجًا مناسبًا للعديد من الأطراف، إلا أن قبول نتنياهو بها لا يزال بعيد المنال. فنتنياهو، الذي يَعتبر نفسه ضحية ملاحقات سياسية، قد يفضِّل المضي قدمًا في المعركة القضائية حتى النهاية، آملًا في البراءة أو في انقلاب سياسي لصالحه.
أما إسرائيل، فهي تجد نفسها أمام مفترق طرق: هل تواصل السير في طريق المواجهة القانونية بكل تبعاته، أم تلجأ إلى تسوية مكلفة سياسيًا لكنها تتيح طي صفحة من أكثر الفصول إثارة للانقسام في تاريخها الحديث؟
تطرح مبادرة الرئيس هرتسوغ سؤالًا وجوديًا على إسرائيل: ما هو ثمن العدالة وما هو ثمن الاستقرار السياسي؟ بغض النظر عن النتيجة، فإن مصير بنيامين نتنياهو سيكون علامة فارقة في مسار السياسة الإسرائيلية للسنوات المقبلة.