فرنسا.. سطو على بنادق صيد وأسلحة بمارسيليا ونانتير تستعد لتشييع نائل
تاريخ النشر: 1st, July 2023 GMT
أعلنت الشرطة الفرنسية، السبت، عن توقيف 471 شخصا عبر التراب الفرنسي الليلة الماضية، فيما عاد الهدوء الحذر إلى ضاحية نانتير التي تستعد لتشييع الفتى القتيل نائل، وذلك بعد مواجهات بين المحتجين والشرطة الفرنسية تم خلالها إحراق سيارة.
وتزامنا، وصل لواء التدخل والبحث، وهو قوة أمنية خاصة في الشرطة، وصل إلى ضاحية نانتير.
ونشرت فرنسا 45 ألف شرطي وبعض المركبات في الشوارع، اليوم السبت، بعد تعرض مدن فرنسية لأعمال شغب لليلة الرابعة على التوالي بسبب مقتل مراهق برصاص فرد شرطة في إشارة مرورية.
Paris is the new Bakhmut? ???? pic.twitter.com/saMuLxBiJl
— Kim Dotcom (@KimDotcom) June 30, 2023المواجهات امتدت الليلة الماضية إلى مدينة غراس جنوب فرنسا حيث تجمع عشرات الشبان مسلحين بقُضبان حديدية.
من جهتها، شهدت مرسيليا عمليات نهب شملت مستودع أسلحة سُرقت منه بنادق صيد، ا دفع عُمدة المدينة لمناشدة السلطات الفرنسية إرسال قوات أمن إضافية لحفظ النظام العام ومواجهة أعمال العنف والسرقة.
أشخاص يحطمون زجاج مطعم "ماكدونالدز" في مدينة #كريتيل الفرنسية، ضمن الاحتجاجات على مقتل نائل#العربية pic.twitter.com/zwLmHqHEP7
— العربية (@AlArabiya) July 1, 2023ولا تزال حادثة قتل الشرطة الفرنسية للشاب الجزائري نائل (17 عاما) تتفاعل في باريس. ويتجسد الغضب في صور دمار وخراب طال ضواحي العاصمة، فيما تم فرض منع التجوال الليلي وتوقيف المواصلات العامة في عموم البلاد هذه الليلة. كما رصد مراسل "العربية" و"الحدث" استعدادات أمنية مكثفة في شارع الشانزليزيه بباريس، وذلك خشية ازدياد أعمال الشغب في البلاد.
الشرطة الفرنسية توقف 341 شخصا في جميع أنحاء #فرنسا#العربية pic.twitter.com/xaky4ch8g7
— العربية (@AlArabiya) July 1, 2023من جهته، دان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استغلال موت المراهق في تأجيج العنف واستهداف مؤسسات الدولة.
وقال ماكرون خلال اجتماع خلية الأزمة أمس الجمعة: "هناك استغلال غير مقبول لموت المراهق، وهو ما نشجبه جميعًا، وفي هذا الوقت يجب أن يكرس للتأمل والاحترام. في مواجهة ذلك، أدين بشدة أولئك الذين يستغلون هذا الوضع لمحاولة خلق الفوضى واستهداف مؤسساتنا. المسؤولية التي يتحملونها كاملة. وأنا أدين بشدة هذا العنف غير المبرر الذي لا شرعية له".
كما دعا ماكرون أولياء الأمور إلى تحمل مسؤوليتهم في ضبط أبنائهم وإبقاءهم في المنزل. وأضاف: "ثلث الأشخاص الذين تم اعتقالهم الليلة الماضية كانوا من الشباب، وأحيانًا صغارا جدا. تقع على عاتق الوالدين مسؤولية إبقائهم في المنزل. ولذا فمن المهم لراحة البال للجميع أن يمارس الوالدان المسؤولية الكاملة وأدعو إلى الشعور بالمسؤولية لدى الآباء والأمهات لا يمكن للدولة أن تحل محلهم".
وزير العدل الفرنسي إيريك موريتي، بدوره، قال إنه تم إصدار قرار حكومي يطالب السلطات القضائية بتشديد العقوبات على المتسببين في أحداث، مشدداً على أنه يجب على أولياء الأمور تحمل مسؤولياتهم الأسرية وإلا يمكن أن يتعرضوا للمساءلة القانونية.
هذا وأكدت الخارجية الفرنسية في بيان لها أن اتهام المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لقوات الشرطة في فرنسا بالعنصرية أو التمييز المنهجي لا أساس له من الصحة. وأشارت إلى أن فرنسا وقوات إنفاذ القانون التابعة لها تكافح العنصرية وجميع أشكال التمييز وأوضحت الوزارة بأنه لا يوجد أي مجال للتشكيك في هذا الالتزام.
وتسببت أعمال العنف التي أُضرمت خلالها النيران في بعض المباني والسيارات، بالإضافة إلى نهب بعض المحال، في وضع الرئيس إيمانويل ماكرون في أكبر أزمة خلال فترة رئاسته منذ احتجاجات السترات الصفراء التي اندلعت في 2018.
واندلعت الاضطرابات في جميع أنحاء البلاد في مدن مثل مرسيليا وليون وتولوز وستراسبورغ وليل بالإضافة إلى باريس، حيث قُتل نائل م. (17 عاما)، وهو من أصل جزائري-مغربي، برصاص الشرطة يوم الثلاثاء في ضاحية نانتير.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News فرنسا شغب في فرنسا مقتل نائل ماكرون باريسالمصدر: العربية
كلمات دلالية: فرنسا ماكرون باريس
إقرأ أيضاً:
ماكرون دون مظلة؟!
كثيراً ما كان يطمح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منذ استلامه الحكم منتصف العام 2017، أن يضع بلاده على خارطة الدول المؤثرة في المشهد العالمي، على شاكلة الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين، غير أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن.
صحيح أن فرنسا تعتبر من اللاعبين الدوليين الكبار وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، لكن تأثيرها السياسي والعسكري يأتي في مرتبة متأخرة لا تمكنها من صناعة السلام العالمي أو حتى قيادة أوروبا وحلف «الناتو» بديلاً عن غياب أو تراجع أميركي في لعب هذا الدور.
منذ ولايته الرئاسية الأولى، حاول ماكرون جاهداً قيادة القاطرة الأوروبية ولعب دور سياسي وعسكري أكبر من الذي تلعبه ألمانيا القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا، وملء الفراغ الذي أحدثه انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في حزيران 2016.
في أيلول 2018 وخلال خطاب ألقاه في باريس، دعا ماكرون إلى إنشاء جيش أوروبي موحد، رداً على تصريحات نظيره الأميركي ترامب، التي قال فيها: إن بلاده لا يمكنها حماية أوروبا مجاناً وإن على الأخيرة حماية نفسها بأموالها وليس بالمال الأميركي.
منذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة، لم تتمكن فرنسا من إنشاء جيش أوروبي موحد، والسبب أن الأولى غير قادرة على ممارسة دور القيادة في ظل إمكانيات سياسية واقتصادية صعبة، إذ إن توفر هذا الدور يتطلب أولاً إرادة سياسية فرنسية موحدة وهذا لم يحصل، وثانياً إنفاق الكثير من المليارات على تطوير الأسلحة والقدرات العسكرية الفرنسية والأوروبية وهذا أيضاً متطلب غير ناضج بعد.
ثم إن الحرب الروسية على أوكرانيا منذ ثلاثة أعوام، كشفت هشاشة الاتحاد الأوروبي على المستويَين السياسي والعسكري، إذ لم تتمكن الدول الأوروبية من إرسال العتاد العسكري الكافي لأوكرانيا حتى تقيها شر الحرب، ولولا الدعم الأميركي لكانت كييف محتلة من جانب روسيا.
حرب أوكرانيا أثبتت أن أوروبا غير قادرة الاعتماد على نفسها في مواجهة أي مخاطر وتهديدات كبرى، وأنها بحاجة فعلاً إلى المظلة الأمنية الأميركية التي ظلت تدعمها منذ الحرب العالمية الثانية وحتى هذه اللحظة، لكن ثمة تغيرات كبرى تحدث في هذا المربع من العالم.
حرب أوكرانيا أثبتت أن أوروبا غير قادرة الاعتماد على نفسها في مواجهة أي مخاطر وتهديدات كبرى
ترامب خلال فترة رئاسته الأولى، ظل «يتحركش» بأوروبا ويهددها حتى يقبض ثمن الحماية التي يؤمنها لها، وماكرون اكتفى بالكلام والتوعد ولم يحدث أن وضعت فرنسا خطة متكاملة لقيادة أوروبا، سواء عبر بناء جيش موحد أو حتى توحيد الجهود لتمكين التحالف العسكري بين دول «الناتو».
لم تكن تصريحات ماكرون الأخيرة بشأن استخدام المظلة النووية الفرنسية لحماية أوروبا جديدة، إذ سبق له أن تحدث في هذا الموضوع مرات كثيرة، وحديثه الأخير يبدو أنه موجه للاستهلاك الإعلامي والغرض منه تلميع صورته أمام الرأي العام الفرنسي، وخارجياً القول: إن هناك رجلاً قوياً يمكنه الوقوف أمام روسيا وحضورها في أوروبا وعقيدتها النووية.
من الصعب على باريس؛ إذا غابت واشنطن عسكرياً عن أوروبا، أن تقوم بدور «سوبرمان» والتلويح بالسلاح النووي ضد روسيا، والسبب أنها أولاً: تمتلك حوالى 290 رأساً نووياً مقارنة بترسانة روسيّة تفوقها عدداً بعشرات المرات، حوالى 6375 رأساً نووياً.
ثانياً: يمكن القول، إن فرنسا تركز على الردع النووي وحماية حلفائها في العمق الجغرافي الأوروبي، بينما تستخدم روسيا سلاحها النووي جزءاً من إستراتيجيتها العسكرية لحماية مصالحها والتلويح بالسلاح للتأثير في المشهد العالمي.
ثالثاً: هناك فرق كبير بين القوتين الروسية والفرنسية لصالح الأولى، وعلى الرغم من تأثيرات الحرب على الاقتصاد الروسي، إلا أن روسيا ماضية بقوة في تحديث وبناء أسلحتها، ونلحظ أنها تُنوّع من إدخال طائرات جديدة وأخرى مُسيّرة وصواريخ باليستية قصيرة وطويلة المدى إلى ترسانتها العسكرية حتى تلبي احتياجاتها الإستراتيجية والأمنية.
النتيجة أن أوروبا دون أمريكا لن تكون قادرة على حماية مصالحها الإستراتيجية بالطريقة المطلوبة
النتيجة أن أوروبا دون أمريكا لن تكون قادرة على حماية مصالحها الإستراتيجية بالطريقة المطلوبة، وإن حاول الرئيس الفرنسي دفع نظرائه الأوروبيين إلى الاعتماد على أنفسهم، فإن ما ينقص أوروبا هو الإرادة السياسية للمضي في وحدة حال حقيقية تؤدي في النهاية إلى إحداث فرق جوهري في القوة العسكرية.
ماكرون يُذكّر الاتحاد الأوروبي كثيراً أن عليه الاعتماد على نفسه، ويُذكّر نفسه هو الآخر أن عليه التقدم خطوات للأمام حتى يحقق الأمن والسلام لأوروبا، وفي نفس الوقت يبقي الباب مفتوحاً للترحيب بالحليف الإستراتيجي الأميركي حتى يظل حامي أوروبا.
أخيراً مهما تحدثت أوروبا وماكرون عن بداية عهد جديد للتعاون الأوروبي، تظل أوروبا بحاجة إلى الولايات المتحدة حتى تدعمها في مواجهة التحديات والمخاطر الأمنية في الفضاء الأوروبي والعالمي، وتدرك أن عليها مغازلة ترامب ودفع الكثير حتى يصل الجميع إلى نقطة التلاقي.
(نقلا عن صحيفة الأيام الفلسطينية)