عربي21:
2025-04-24@10:03:47 GMT

طوفان الأقصى والواقع الجديد (3)

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

يمر اليوم أكثر من شهر على القصف الهمجي لقطاع غزة، بينما لم تزل المواقف العربية تتراوح بين التصريح الخجول والتصريح الخذول؛ بما لا يؤشر على أدنى مؤازرة حقيقية أو تعاطف إنساني، إن لم يكن تعاطف الدم والدين، على الرغم من أعداد الشهداء التي فاقت عشرة الآلاف، 70 في المئة من الأطفال والنساء، والدمار الهائل الذي أصاب القطاع من جهاته الأربع.

ولا أدري كيف يتخيل هؤلاء الساقطون من العروبة والإسلام ما سيكتبه عنهم التاريخ، وما سترويه الأجيال المتعاقبة عن مواقفهم الجبانة المتخاذلة من هذه الأحداث الجسام التي لا يمكن وصفها بأقل من جريمة الحرب والإبادة الجماعية على أعينهم وأعين العالم المنافق ومسمعهما..

صحيح أن بعض الدول العربية كان لها مواقف معقولة مما يجري كالجزائر وتونس وقطر، إلا أن حجمها السياسي وقدراتها العسكرية، وموقعها الجغرافي؛ لا تمنحها الفرصة لاتخاذ موقف يتسم بالتحدي والصلابة، بينما ثمة دول مطبعة تمتلك قدرات عسكرية ووزنا سياسيا نسبيا وقفت موقف المتفرج أو المشارك المصطف في جانب العدو، كموقف مصر المتخاذل الهش الذي عرته المعركة، وكشفت ظهره فوق ما كان قبل المعركة، وربما كانت مصر هي الدولة العربية الوحيدة القادرة على التدخل -بثقلها التاريخي- دبلوماسيا أو عسكريا؛ لو كان فيها قيادة محترمة وجيش على أهبة الاستعداد، لا يعمل في بيع الطماطم والبطاطا، ولا يعمل مزارعا في المزارع الفاشلة التي صرفا عليها مئات الملايين من الجنيهات عبثا..

لو كانت مصر تحت قيادة مخلصة شجاعة؛ لما كان لغزة أن تتعرض لكل هذا القصف الجنوني المدفوع بفصول التوراة المحرفة التي استدعى نتنياهو بعضها في حديثه حين تلا ما يأتي من سفر التثنية وغيره، وهو يخاطب العالم اليهودي والمسيحي مبررا قتل الأطفال والنساء: "احرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار".. "اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة".. "احرقوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار"، إضافة إلى فصول أخرى لا يتسع المجال لذكرها.. ومصر والدول العربية في واد والجماهير العربية في واد آخر؛ فإذا كان ما يدعونه من أن الشعب هو مصدر السلطات كما في معظم الدساتير؛ فأين هي دولنا العربية من المواقف الجريئة فقط؟ لا نريد لهم أن يتورطوا في حرب هم ليسوا أكفاء لها، فقط نطالبهم بأن يهددوا.. بأن يصرخوا.. بأن يفتحوا الحدود.. لكن كيف يكون ذلك، ومهمتهم الأولى حراسة الحدود مع الكيان الغاصب؟!

المواقف العربية أقل ما يقال فيها أنها مواقف ذل وعار، فهي أقرب إلى مواقف المشاركين في الحرب منها إلى مواقف الحياد، إن لم يكن الانتصار لدم الأخ والجار القريب الذي يشارك أخاه العربي دينه وعروبته وتاريخه ومصيره المشترك
وفي الأثناء يقول وزير الخارجية المصري سامح شكري بأن بلاده تمتلك خطوط اتصالات قائمة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" منذ زمن طويل بموجب الاتفاق بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وأن مصر "تستخدم هذه الاتصالات الآن؛ لتتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن خروج الرعايا الأجانب".. ولا تقطر من جبينه قطرة حياء وهو يقول بأن مصر تستخدم هذه الاتصالات للتوصل إلى اتفاق بشأن خروج الرعايا الأجانب، أما الفلسطينيون؛ فهم لا يستحقون مجرد المحاولة لإيقاف ما يتعرضون له من مذبحة ممنهجة لم تحرك لسانه بكلمة عن دماء الأطفال والنساء؛ فالأجانب لهم قداسة، ودم الفلسطينيين رخيص في عرفه وعرف نظامه.

المواقف العربية أقل ما يقال فيها أنها مواقف ذل وعار، فهي أقرب إلى مواقف المشاركين في الحرب منها إلى مواقف الحياد، إن لم يكن الانتصار لدم الأخ والجار القريب الذي يشارك أخاه العربي دينه وعروبته وتاريخه ومصيره المشترك، فقد كانت مصر وبلاد الشام منطقة تشارُك دائم في الحرب والسلم عبر التاريخ، لم يكن لفلسطين أن تنفصل عن جسم مصر في يوم من الأيام، واليوم تسلمها مصر لمصيرها القاتم دون أدنى ردة فعل تتسم بالرجولة. ولا يمكننا تجاهل حديث الرئيس المصري الذي قال: "مصر لم تقم بإغلاق معبر رفح منذ اندلاع الحرب في غزة"، وأن "التطورات على الأرض وتكرار القصف الإسرائيلي للجانب الفلسطيني للمعبر حال دون استمرار عمله".

وهنا يقفز السؤال المركزي حول وزن مصر في عهد السيسي ومدى قدرتها على إثبات وجودها كدولة محورية ذات كيان مستقل؛ فعجزها عن فرض إرادة صغيرة بإلزام العدو بالسماح الآمن لإدخال المواد الطبية والتموينية والوقود للمستشفيات يؤشر على انعدام دورها الإقليمي والدولي؛ فهي تتربص كالتائه الخائف الذي يخشى على قفاه من صفعة تأتيه في أي وقت؛ فيضحّي بمصر ومكانتها وسمعتها من أجل بضعة ملايين قد تفقدها مصر المنهكة اقتصاديا فيما لو اتخذت موقفا مقبولا في الحد الأدنى.

يقفز السؤال المركزي حول وزن مصر في عهد السيسي ومدى قدرتها على إثبات وجودها كدولة محورية ذات كيان مستقل؛ فعجزها عن فرض إرادة صغيرة بإلزام العدو بالسماح الآمن لإدخال المواد الطبية والتموينية والوقود للمستشفيات يؤشر على انعدام دورها الإقليمي والدولي؛ فهي تتربص كالتائه الخائف الذي يخشى على قفاه من صفعة تأتيه في أي وقت؛ فيضحّي بمصر ومكانتها وسمعتها
يأتي الموقف العربي المتخاذل في ظل محرقة لا تتوقف، واجتياح بري تتصدى له المقاومة بتحد وشجاعة وعنفوان عز مثيله في أي بقعة من العالم، بينما تنتفض الشعوب العربية كالأسود التي تحيط بها همجية القوة العسكرية وإغلاق الحدود؛ ولو فتحت الحدود لوجدت طوفانا عربيا بشريا بالملايين يقتحمون أرض فلسطين من جهاتها الأربع؛ لكن قدرنا أن تحيط بفلسطين أنظمة خانعة مستسلمة جبانة، كل ما يعنيها أن تبقى على كراسيها وإن كانت تلك الكراسي من قش، لا وزن لها ولا قيمة.

في المقابل فإن صمود أهل قطاع غزة ومقاومته تؤشر على انتصار كبير على الرغم مما تتعرض له من تدمير، ومحاولة للاجتياح والتهجير، وقتل ممنهج على سمع العالم المتآمر وبصره. وهنا لا بد من أن نشير إلى أن غزة وإن تكبدت عشرات الآلاف بين شهيد وجريح إلا أنها بخاصة وفلسطين بعامة أمة ولادة سرعان ما تعوض الشهيد بعشرة مشاريع شهادة؛ ففي غزة وحدها معدل الولادة سنويا يقدر بـ55 ألف طفل، وفي شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي كان عدد النساء اللواتي سيلدن 5500 امرأة حامل، ولا ندري كم منهن استطعن الولادة بأمان، وكم منهن استشهدن هنّ وأجنّتهن، لكن كل ما نعرفه أن غزة قادرة على الصمود وأن كل جيل يأتي للحياة يكون أكثر قوة وتحديا وإصرارا على الانتصار، كيف لا؟ ولا يوجد بيت في القطاع إلا وفيه شهيد أو جريح أو أسير..!!

ولنا في قوله تعالى: "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون"؛ فالكيان يألم ألما شديدا؛ جراء قتلاه وأسراه والدمار الذي أحدثته صواريخ المقاومة، في تل أبيب وعسقلان وسيديروت وكيسوفيم وأسدود وكل مستوطنات غلاف غزة التي أفرغت من سكانها؛ فشكل ذلك عبئا كبيرا على الكيان المحتل الذي يتخبط فيما آلت إليه الأوضاع الميدانية والسياسية التي تنخر في جسم الكيان وتعرضه لأكبر حالة انقسام داخلي يبشر بسقوط نتنياهو وحدوث أزمات داخلية، هذا ناهيك عن عملية طوفان الأقصى بحد ذاتها، التي جردت الكيان من كبريائه المزعوم وهيلمانه الكاذب.

ويكفي أن نتابع ما يجري في الكيان من مماحكات ومشكلات ذات صلة بالأسرى لدى حركة حماس؛ الذين قتل منهم تحت القصف نحو 60 أسيرا حتى اليوم. وهو ما أدى إلى توترات وارتباكات وأكاذيب كلها تصب في مطلب واحد ألا وهو إسقاط نتنياهو وإخراجه بعيدا عن الساحة السياسية ومحاكمته ورفضه من جموع الصهاينة بكل أطيافهم العرقية والأيديولوجية باستثناء بعض حلفائه من اليمين المتطرف.

أما الاجتياح الذي بدأ في قطاع غزة، فلا أظنه سينجح، ولا أراه قادرا على الصمود، فالمقاومة أعدت له ما يلزم من الطاقات البشرية والأسلحة المؤاتية، ومهما بلغت التضحيات فغزة منتصرة، والعدو إلى خسار وبوار، بإذن الله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة مصر الإسرائيلي الفلسطينيون مصر إسرائيل فلسطين غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى مواقف لم یکن

إقرأ أيضاً:

"بص يا كبير" أولى أغنيات ألبوم مروان موسى الجديد "الرجل الذي فقد قلبه"

 

كشف الرابر مروان موسى عن ألبومه الغنائي الجديد "الرجل الذي فقد قلبه"، والمقرر ظهوره للنور  5 مايو المقبل على مختلف المنصات الموسيقية مع SALXCO UAM | VIRGIN RECORDS.


يتكون الألبوم من خمسة أجزاء يعكس خلالها مروان المراحل الخمس للحزن من حالة الإنكار والغضب والمساومة والإكتئاب إلى القبول، وينقل الجمهور في رحلة مشاعر شخصية للتحول من الفقدان إلى الشفاء.

 "بص يا كبير" أولى أغنيات ألبوم مروان موسى الجديد "الرجل الذي فقد قلبه"

"الرجل الذي فقد قلبه" ألبوم باللغة العربية، إلا أنه يتجاوز اللغة، مقدما سردًا عميقًا يلامس المشاعر ويعبر كل الحدود عاكسًا طموح مروان موسى في ترك بصمة خاصة على الساحة العالميّة.


قال مروان موسى:" لم يولد هذا الألبوم بين ليلة وضحاها، بل نحته الزمن والحزن والإرادة، واستغرق وقتل طويلا لأن كل كلمة ونغمة عكست مشاعر حقيقية"، مضيفا "هذا المشروع يتكون من خمسة أجزاء، ويجسد كل جزء مراحل الحزن ويترجم خريطة العواطف التي واجهتها بعد فقدان والدتي، ليس مجرد حديث عن الفقدان، بل مُحاولة بحث عن القوّة للوقوف مجددا وتقديم يد المساعدة لأي شخص قد يحتاجها، بخاصة للجيل الأصغر سنًا إذ أردتهم أن يعلموا أن أصعب وأقسى اللحظات في الحياة لا تدوم إلى الأبد".

مروان موسى يكشف عن ألبومه الجديد "الرجل الذي فقد قلبه" مع  SALXCO UAM وVIRGIN RECORDS  


كما أضاف مروان موسى:" سجلت الألبوم في عدة دول حول العالم بين مصر وهولندا وألمانيا وتايلاند وإنجلترا ولوس أنجلوس، وكل بلد كانت لها بصمتها الخاصة على أغنيات الألبوم، وأنا كنت صبورًا، واخترت بعناية الموسيقى وجميع المُتعاونين على هذا الألبوم الذين بإمكانهم ترجمة المشاعر التي لم أستطع دائمًا توظيفها في كلمات، وأنا فخور جدًا بهذا العمل، ومُتحمّس كثيرًا ليسمعه العالم، وأتمنّى أن يجد كلّ مستنع أغنية تعبر عنه في هذا الألبوم عندما يحتاجها تمامًا كما يعبر هذا الألبوم بالكامل عنّي".


ومهد مروان موسى لصدور الألبوم عبد إطلاقه أغنيته المصورة "بص يا كبير"، وهي بمثابة تعبير عاطفي يتناول الفراق والذكريات والفوضى العقلية وتنقل مشكلات الثقة والإنفصال العاطفي ومحاولة محو الذات، وتحمل التوتر في جوهرها، عقل مُجهد وقلب متعب خالٍ من المشاعر.


تعكس "بص يا كبير" هيك مروان موسى الفنية المميزة والتي جعلت منه واحدًا من أكثر الأصوات جاذبيّة في المنطقة. واعتمد مروان في الفيديو كليب على تصوير سينمائي متميز لتعزيز الجانب العاطفي للأغنية، إذ نراه في عدد من المشاهد وهو يتصارع مع إنعكاسه ويقف وحيدًا تحت سماء واسعة، ما يظهر العزلة والصراع الداخلي في قلب الأغنية سواء من خلال لقطات شاملة تؤكّد على وحدته أو صور مُشوّهة لشعوره بالحبس في غرفة. بإختصار، فإن هذا الفيديو هو مذكرات بصريّة تكشف عن الضعف والحيرة.

 

كرابر ومنتج وكاتب أغاني رائد، يواصل مروان موسى في رسم مستقبل الهيب هوب العربي بصوته المتميز وسرد قصصه بشكل جذاب، إذ يمزج التأثيرات المصريّة التقليديّة مع الراب المُعاصر، ما يخلق أسلوبًا فريدًا يتردّد صداه بعمق مع قاعدة معجبيه المتزايدة.

كثالث أكثر رابر عربي استماعا على الإطلاق على سبوتيفاي، بنى مروان موسى حضورًا لا يُمكن إنكاره عبر العالم، حيث جمع أكثر من 246.2 مليون إستماع على أنغامي و294 مليون مشاهدة على يوتيوب. تم تعزيز قاعدته الفنيّة العالميّة عندما لفتت أغنيته "بطل عالم" العالم، كما حصل على جوائز، بما في ذلك ثلاث جوائز رئيسيّة في جوائز الموسيقى الأفريقية لعام 2022.

مقالات مشابهة

  • مسير في السودة بعمران دعماً لفلسطين وتأكيد الجهوزية لمواجهة العدوان
  • "بص يا كبير" أولى أغنيات ألبوم مروان موسى الجديد "الرجل الذي فقد قلبه"
  • خريجو طوفان الأقصى بعزلة بني موهب في عمران ينظمون مسيراً راجلاً
  • مسيرات راجلة لخريجي دورات ” طوفان الأقصى ” في عدد من مديريات عمران
  • ما التحديّات التي تنتظر البابا الجديد؟
  • الرجل الذي فقد قلبه.. تفاصيل ألبوم مروان موسى الجديد
  • طوفان الأقصى كسر وهم القوة وسردية الاحتلال.. قراءة في كتاب
  • تعز تواكب “طوفان الأقصى”: تعبئة عامة ودورات صيفية وزخم تنموي يعزز الصمود المجتمعي
  • مناقشة جهود التحشيد وتنفيذ الدورات الصيفية ودعم القطاع الزراعي في تعز
  • طوفان الأقصى.. بيرل هاربر الفلسطينية التي فجّرت شرق المتوسط