البوابة نيوز:
2024-09-19@02:49:45 GMT

حول مفهوم النخبة

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

ترتبط المجتمعات الإنسانية في كل مراحل التاريخ بالنخبوية، وتبقى المساواة المطلقة في كل الأحوال حلمًا من الأحلام. حيث تكون هناك دائمًا أقلية من الحكَّام (النخبة) تنفرد بالسلطة وبيدها زمام الأمور، وتستحوذ أيضًا على أغلب المناصب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والإعلامية والدينية، في الوقت الذي يتم فيه تغييب أغلبية الشعب عن صنع القرار أو المشاركة فيه.

ولا يوجد تجمع بشري يخلو من نخبة موجودة فيه تمتلك قدرات ومواصفات وإمكانيات خاصة تميزها عن غيرها، قد يكون النطاق الاجتماعي قبيلة أو قرية أو مجتمعًا علمانيًا أو ليبراليًا أو إسلاميًا أو مسيحيًا.. إلخ. 

ومصطلح «النخبة» Elite وفقًا لقاموس كامبردج لعلم الاجتماع هو أن النخبة: هي الفئة المسيطرة على موارد الطاقة المتركزة في المؤسسات الكبرى، على سبيل المثال رأس المال، والسلطة، ووسائل الإكراه، والاتصال الجماهيري، والمعرفة، والكاريزما، وكذلك قدرة مجموعات النخب العمل بشكل جماعي. وتظهر النخب في جميع المجتمعات المنظمة، وعلى وجه الخصوص في الدول البيروقراطية القوية. لذلك يُعَدُّ الجزء الأكثر وضوحًا من النخبة الوطنية هي النخبة السياسية (القادة).

كما تشير كلمة «النخبة»؛ في الدراسات السوسيولوجية الوصفية؛ إلى تلك الفئة المالكة للقوة، والمال والمؤهلات، والامتيازات. وينتمي إلى هذه الفئة السياسيون ورجال الدين، والمثقفون، والمجرمون، والناجحون، ويمكن التعبير عن هذا المعنى على نحو آخر؛ فنقول إن «النخبة» هى فئة يمكن النظر إليها بوصفها تتميز عن الأنواع الأخرى من الفئات الاجتماعية بامتلاكها نوعًا ما من القوة. وهناك نوعان من «النخبة»: واحدة تشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في الحكومة، أي «النخبة الحاكمة، أو الطبقة الحاكمة، والأخرى لا تشارك في الحكم، وإنما تمتهن العلم أو الفنون وهي نخب غير حاكمة. وبذلك نجد أن النخبة تتحكم في السلطة؛ ليس فحسب في مجالها الخاص، بل أيضًا في مجال الشؤون العامة.

تتميز النخبة بأنها على درجة عالية من الثقة بالنفس والحصافة والقدرة على رؤية مواضع ضعف الآخرين وحساسيتهم، واستغلال ذلك لمصلحتها الخاصة، بينما تكون الجماهير عادةً مرتبكة ومحاصرة في شبكة من المشاعر والأحكام المسبقة، وهذا يبرر وجود مجتمع منقسم إلى قسمين: الأول تسوده المعرفة، والثاني تسوده المشاعر، بحيث يكون الفعل قويًا وحكيمًا. بهذا المعنى، تتمتع النخبة بالوصاية الكاملة على كافة قضايا المجتمع التي تواجهها، بمعنى يسود الموقف الذاتي لهذه النخبة أو تلك المجموعات النخبوية، وليس تعبيرًا عن الواقع الموضوعي. لذلك تعتقد النخب أن لديهم الحقيقة المطلقة، ومِنْ ثَمَّ لديهم الحق في الرفض أو الإثبات المطلق.

  إن امتلاك الثروة تؤهل للوصول للمكانة النخبوية في حال ارتباطها بالسلطة والأشخاص الأقوياء، ولكن امتلاك الثروة وحدها لا تضمن الوصول للمكانة النخبوية، لأنه من الممكن أن يتحول الرأسمالي إلى مجرد مستثمر إذا لم يتمكن من توجيه رأسماله لحشد عشائري وحزبي من أجل الدعم والوصول إلى حالة النفوذ السياسي.

إن فكرة تمايز النخبة، أي عدم المساواة في قدرات الأفراد، هي فكرة تُعبر عن مبدأ ثابت لتوصيف حالة انقسام المجتمع، التي يُنْظَر إليها بوصفها مسألة حتمية لا مناص منها. ويستند التمييز بين فئة من الناس وأخرى فيما يتعلق بإمكاناتها، ونشاطاتها، إلى جملة من المؤشرات المتعلقة بالقدرات الجُسمانية والعقلية، مثل: المهارات والذكاء وغيرها مما يسمح به المجال العام لتمكين جماعة ما تمثل أقلية من احتلال مكانة اجتماعية عالية. 

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

هذا ما أعنيه من مفهوم الكيان السني في سوريا

أثار مصطلح الكيان السني في سوريا، الذي كررته مؤخرا، حفيظةَ البعض، دون أن يُجهد نفسه هذا البعض مؤونة الاطلاع على فقرة واحدة من فقرات حديثي في ندوة عُقدت في المركز الثقافي في إدلب، فللأسف الشديد الكثير يحاكمك على شخصيتك وربما على ما يُضمره لك من تحليل لشخصيتك، ولو كان بعيدا كل البعد عمّا قلته وقصدته، فضلا عن قراءة عملية متكاملة لما تقصده.

لم تكن المشكلة غالبا فيما يقوله الشخص، وإنما كانت المشكلة في الغالب في فهم الطرف الآخر لما يقال، وأنا الذي دعوت وأصررت على توحيد الأمة في كل خطاباتي منذ انضمامي للحركة الإسلامية خلال فترة شبابي، أجد أن بعضهم اليوم يسعى للاصطياد في المياه الصافية النظيفة، ولو كان متيقنا من أنه لن يعثر على شيء فيها.

مصطلح الكيان السني الذي أطلقته، للمرة المائة قصدت به دون أي خوف أو وجل أو جبن، العصبوية السنية التي نستطيع أن نشدُّ بها عصب الثورة في مواجهة عصابات طائفية منفلتة، ودول مارقة عن كل شيء، ولم أقصد به أبدا الكيان الجغرافي التقسيمي التجزيئي، الذي فهمه البعض ويصر على فهمه السقيم، ولكن للأسف ما يزال هذا البعض يصر على فهمه السقيم، فليس هناك من يجهل أن وقود الثورة السورية لـ13 عاما كان ولا يزال من السُنّة، الذين دفعوا أثمانا باهظة وفادحة، ممثلة بمليون شهيد ونصف مليون معتقل و14 مليون مهجر، وتدمير حواضر السنة، ولا يزال قادة الاحتلال الإيراني يتشدقون ويصرخون ويتبجحون بالطائفية، مصطلح الكيان السني الذي أطلقته، للمرة المائة قصدت به دون أي خوف أو وجل أو جبن، العصبوية السنية التي نستطيع أن نشدُّ بها عصب الثورة في مواجهة عصابات طائفية منفلتة، ودول مارقة عن كل شيء، ولم أقصد به أبدا الكيان الجغرافي التقسيمي التجزيئيويجيّشون كل حثالات الأرض الطائفية لسحق الشام وتدميرها وتشريد أهلها، فهل إن أطلق مثقف مثلي ناقوس خطر بضرورة العصبوية السنية، ويشد أزر المرابطين والمقاتلين في مواجهة عقيدة طائفية باطنية مجرمة، يدفع بها السكين عن رقبته، يُتهم ويُنال منه!

ما زلت أتذكر مؤتمرا صحافيا للسفير الأمريكي السابق في أفغانستان أواخر التسعينيات، حين سأله صحافي باكستاني: كيف لأمريكا أن تدعم زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني قلب الدين حكمتيار، وهو حزب متطرف؟ فردّ عليه السفير الأمريكي يومها بقوله: "إن عقيدة وأيديولوجية شيوعية لا يمكن دحرها إلّا بعقيدة إسلامية متشددة أقوى منها". ونحن هنا حين ندعو إلى العصبوية السياسية السنية، ندعو إلى عقيدة أقوى من الأيديولوجية الصفوية الطائفية، من أجل دفع السكين عن البقية الباقية من أهل السنة المهددين بالقتل والتشريد، بعد تصريحات المرشد ورئيسه ووزير خارجية إيران عن المعركة مع الحسينية واليزيدية، وعلى العراق أن يختار بين الحسين ويزيد.

مرة أخرى المقصود بالكيان السني هو العصبوية السنية التي دعا إليها ابن خلدون، وكل دارس علوم سياسية يعرف تماما أن لكل دولة عصبوية خاصة بها، وقد تسمت دول بأسماء عائلات وشرائح كما لا يخفى، ولا يزال من يحضر صلاة الجمعة في تركيا يسمع الدعاء بأن يحفظ الله الأناضول ولم تشكُ يوما المناطق التركية الأخرى من التقسيم، الذي يتخوف منه البعض اليوم من إطلاق الكيان السني العصبوي، ومن قبل قال النبي عليه الصلاة والسلام الأئمة من قريش، ولم ينقل من عشائر العرب وقبائلهم، أنه جرى تهميشها أو إقصاؤها بهذا الحديث، فالعاقل يدرك تماما أن ثمة عصبوية لكل بلد، وقد ثبت أن العصبوية الوحيدة للثورة السورية هي العصبوية السنية التي دافعت وقاتلت، ولا تزال مستعدة لدفع الثمن، والحفاظ على الثورة، ولذا فهي المؤتمن الوحيد عليها.

وينبغي التذكير بأن قرى مسيحية ودرزية وقرى شيعية عاشت مئات السنين وسط بحر سني في الشمال السوري، لم يتم التعرض لها، إلّا حين أقدمت القرى الشيعية كالفوعة وكفريا على استجلاب الاحتلالات الأجنبية والمليشيات الطائفية لقتل أهل السنة وتشريدهم، لكل دولة خطابات متعددة، فخطاب السلم يختلف عن خطاب الحرب، وما زلنا نتذكر خطاب بوش أول حرب العراق حين أطلق مصطلح الحرب الصليبية، وهو الذي لم يتعرض لواحد بالألف مما تتعرض له سوريا والسوريون، والأمر نفسه ينطبق على المحتل الإيراني والروسيفمشكلتنا لم تكن يوما مع طوائف، إنما مشكلتنا مع القتلة من هذه الطوائف.

أخيرا لكل دولة خطابات متعددة، فخطاب السلم يختلف عن خطاب الحرب، وما زلنا نتذكر خطاب بوش أول حرب العراق حين أطلق مصطلح الحرب الصليبية، وهو الذي لم يتعرض لواحد بالألف مما تتعرض له سوريا والسوريون، والأمر نفسه ينطبق على المحتل الإيراني والروسي، ولذا فإن خطابي وقت إبادة السنة سيختلف تماما حين يتم رفع السكين عن رقبتي.

أتفهم مصالح البعض وجبنه وخوفه وخشيته من الجرأة على قول الحق، والنطق بما أؤمن به، وما زلت أعرف كثيرا من النخب يقولون في الغرف المغلقة أكثر مما أقول به، ولكنهم يقولون لي: "لا نجرؤ على النطق بما تقوله"، فلكل حساباته، أما الشعب السوري فحساباته مع الولاء السني الذي ينبغي أن يشد عصبه ويشد ثورته إليها قبل أن تقع سربنيتسات، وحموات وتدمرات وحمصات وقصيرات جديدة..

مقالات مشابهة

  • بقرار من كامل الوزير.. صرف 750 جنيها منحة مدارس لهذه الفئة
  • "المجتمعات العمرانية" تحظر على العاملين بيع الوحدات 5 سنوات
  • الحراك الثقافي في الخليج وغزة: الخَلْجَنة جدار عازل ومراوحة مذهبية (1-2)
  • تعرف على أبرز 10 شركات آسيوية ناشئة تستقطب ملايين الدولارات
  • الحوثي: صاروخ ‎فلسطين2 أحدث تآكلاً في مفهوم الردع لدى الصهاينة
  • افتراق مفهوم السلام بين العرب وإسرائيل
  • هذا ما أعنيه من مفهوم الكيان السني في سوريا
  • تعرف على أسعار ومواصفات سيارة تويوتا كورولا موديل 2025
  • 120 شهرا بدلا من 180.. تخفيض المدة القانونية لاستحقاق المعاش لهذه الفئة
  • فئات العمالة غير المنتظمة المؤهلة للانضمام إلى مظلة التأمين الاجتماعي وفقًا لقانون التأمينات الاجتماعية