عقوبة المماطلة في سداد الديون.. دار الإفتاء تحذر
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤالا يقول “يقوم بعض الأشخاص بالاستدانة، وأخذ أموال الناس بقصد السلف، وعند حلول موعد السداد يماطلون في السداد مع قدرتهم على السداد، فما حكم ذلك شرعًا؟”.
وأجابت دار الإفتاء، على السؤال، بأن من أفضل الأعمال وأحسنها وأجلِّ الطاعات وأعظمها أن يسعى الإنسان لتفريج الكربات وقضاء الحاجات وإقالة العثرات؛ تقربًا إلى الله عزَّ وجلَّ لنيل الرضا ورفع الدرجات؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وذكرت أن إقراض المحتاج رفقًا به وإحسانًا إليه دون نفعٍ يبتغيه أو مقابلٍ يعود عليه هو من قبيل تنفيس الكربات التي يضاعف الله بها الأجر والثواب؛ مصداقًا لقول المولى تبارك وتعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: 245]، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 11].
وشددت على أن تقاعس المقترض والمدين عن السداد مع القدرة عليه منهي عنه شرعًا؛ وذلك بما تقرر بما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ».
وأوضحت، أن مطل الغني؛ أي: تأخيره أداء الدَّين من وقتٍ إلى وقتٍ، والمطل: منع أداء ما استحق أداؤه، وهو حرام من المتمكن، فيحرم على الغني الواجد القادر أن يمطل بالدين بعد استحقاقه، ولو كان غنيًّا ولكنه ليس متمكنًا جاز له التأخير إلى الإمكان، وفي الحديث: الزجر عن المطل.
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (10/ 227، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال القاضي وغيره: المطل منع قضاء ما استحق أداؤه؛ فمطل الغني ظلم وحرام، ومطل غير الغني ليس بظلم ولا حرام؛ لمفهوم الحديث، ولأنه معذور، ولو كان غنيًّا ولكنه ليس متمكنًا من الأداء لغيبة المال أو لغير ذلك: جاز له التأخير إلى الإمكان وهذا مخصوص من مطل الغني، أو يقال المراد بالغني المتمكن من الأداء فلا يدخل هذا فيه] اهـ.
وأهابت دار الإفتاء، بمن يقترض من أخيه لتفريج كربة وقضاء حاجة أن يحسن الأداء؛ فلا يليق مقابلة إحسان المقرض للمقترض إلَّا أن يقابل بالإحسان؛ قال تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: 60]، وفي الحديث: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ قَضَاءً» رواه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن" واللفظ له، وفي حديث آخر: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى» رواه ابن ماجه في "السنن". وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الاستدانة أموال الناس السلف موعد السداد دار الإفتاء الله ع
إقرأ أيضاً:
حكم قضاء الصلاة الفائتة .. دار الإفتاء توضح
كشفت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي عن حكم قضاء الصلوات التي فاتت المسلم قبل توبته إلى الله تعالى، مؤكدة وجوب قضاء جميع الصلوات الفائتة باتفاق الأئمة الأربعة.
واستدلت الدار بما رواه الإمام البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اقضوا الله الذي له، فإن الله أحق بالوفاء»، وكذلك بما رواه الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك».
وأوضحت الإفتاء أن من وجب عليه القضاء لعذر النسيان مع سقوط الإثم عنه، فالعامد الذي ترك الصلاة عمدًا يكون أولى بالقضاء، مع استمرار بقاء الإثم عليه حتى يتوب ويقضي ما فاته.
وأشارت إلى ما ذكره الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" بأن من قال بعدم وجوب القضاء بغير عذر قد شذ عن جماعة العلماء، واصفًا هذا القول بالخطأ والجهل، محذرة من الانسياق وراء الأقوال الشاذة التي تخالف صريح النصوص الشرعية وإجماع الأمة.
وأضافت الدار أن على من فاته أداء الصلاة، سواء كانت المدة قليلة أو طويلة، أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، ويبدأ فورًا في قضاء ما فاته.
ونصحت دار الإفتاء بأن يحرص المسلم على أداء صلاة قضاء مع كل صلاة حاضرة، أي أن يصلي فرض الحاضر ومعه قضاء فرض آخر، كما يمكن أن يكتفي بذلك عن أداء السنن الرواتب، حيث إن أداء الفريضة له ثواب أعظم من أداء النوافل.
وشددت الدار على ضرورة الصبر والمثابرة في قضاء الفوائت، وعدم التهاون أو التكاسل، موضحة أن الالتزام بذلك يعكس صدق التوبة وإخلاص العبد في العودة إلى طريق الله.
واستشهدت الدار بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحا فليقض معها مثلها»، رواه أبو داود عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، موضحة أن هذا الحديث يدل على استحباب قضاء الفائتة مع الحاضرة للاستفادة من فضيلة الوقت.
وأكدت دار الإفتاء أن المسلم يستمر في قضاء الفوائت حتى يغلب على ظنه أنه أتم ما عليه، وفي حال أدركه الموت قبل إتمام القضاء، فإن الله عز وجل يعفو عنه برحمته وفضله إن شاء الله تعالى، مشيرة إلى أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.