مخاطر وأسئلة أخلاقية في عالم الآلات.. هل الإنسانية مرحلة عابرة في تطور الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 1st, July 2023 GMT
تكثر الأسئلة بخصوص مخاطر الذكاء الاصطناعي المحتملة وتهديداته للبشرية بـ"الفناء"، فهل من صدقية لهذا السيناريو الكارثي الذي لا يزال -لو صح حقا- يلوح في الأفق البعيد؟
يبدأ الكابوس المستوحى من عدد كبير من أفلام الخيال العلمي عندما تتفوق الآلة بقدراتها على البشر وتخرج عن نطاق السيطرة.
وقال الباحث الكندي يوشوا بنجيو -وهو أحد عرابي التعلم الآلي- في تصريح حديث "منذ اللحظة التي ستكون لدينا آلات مصممة لكي تستمر سنواجه مشاكل".
ودعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) قبل شهور قليلة بلدان العالم إلى تطبيق توصيتها بوقف تطوير هذه البرامج 6 أشهر، محذرة من مخاطر كبيرة على البشرية، ومشددة على الحاجة لتطوير ذكاء اصطناعي "أساسه الأخلاق".
اللحظة الحاسمةوبحسب الفيلسوف السويدي نيك بوستروم، ستأتي اللحظة الحاسمة عندما تعرف الآلات كيف تصنع آلات أخرى بنفسها، مما يتسبب في "انفجار في الذكاء".
ويرى بوستروم مؤلف كتاب "الذكاء الخارق" في حوار سابق مع الجزيرة نت أن أدمغة الآلة إذا تفوقت على أدمغة الإنسان في الذكاء العام فإن هذا الذكاء الخارق الجديد يمكن أن يحل محل البشر باعتباره الشكل المهيمن للحياة على الأرض.
ووفق نظريته التي سميت "نظرية مشبك الورق"، يطرح بوستروم سيناريو افتراضيا يقول فيه إنه إذا جرى برمجة الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال لتطوير إنتاج مشبك الورق ومنح الموارد فقد يقوم بتحويل المواد الأخرى إلى مشابك ورقية على حساب القيم والأولويات الأخرى، فمثلا قد يستهلك كميات هائلة من المواد الخام والطاقة لتعزيز الإنتاج حتى لو أدى ذلك للإضرار بالإنسان والبيئة أو حتى إبادة البشر.
الفيلسوف نيك بوستروم المدير المؤسس لمعهد مستقبل الإنسانية في جامعة أكسفورد (مواقع التواصل)وتعد رؤية بوستروم بشأن مخاطر الذكاء الاصطناعي مؤثرة للغاية في الأوساط العلمية، وقد ألهمت كلا من رئيس شركتي "تسلا" (Tesla) و"سبيس إكس" (Space X) الملياردير إيلون ماسك والفيزيائي ستيفن هوكينغ الذي توفي في عام 2018.
الأسلحة القاتلةوتبدو صورة المقاتل الآلي ذي العينين الحمراوين من فيلم "تيرميناتور" (Terminator) -والذي أرسله ذكاء اصطناعي مستقبلي لوضع حد لكل مقاومة بشرية- حاضرة في أذهان الكثيرين بصورة كبيرة.
لكن وفق خبراء حملة "أوقفوا الروبوتات القاتلة" (Stop Killer Robots)، فإن هذا ليس الشكل الذي ستسود به الأسلحة المستقلة في السنوات المقبلة، وفق ما ذكروا في تقرير صادر عام 2021.
وبفضل التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي تتسارع وتيرة الأسلحة التي يمكنها تحديد العدو بشكل ذاتي ومستقل، ثم تتخذ قرارا ميدانيا قد يتضمن قتل البشر دون وجود ضابط يوجه الهجوم أو جندي يسحب الزناد، بحسب تقرير سابق للجزيرة.
ومن المتوقع أن تصبح تلك الآلات بمرور الوقت أساس الحروب والعمليات العسكرية الجديدة، ويطلق عليها اسم أنظمة الأسلحة المميتة الذاتية/ المستقلة، لكن مناهضيها يسمونها "الروبوتات القاتلة".
احتمالات أقل سوداويةبدورها، تطمئن اختصاصية الروبوتات كيرستين دوتنهان من جامعة واترلو في كندا -في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية- بأن "الذكاء الاصطناعي لن يمنح الآلات الرغبة في قتل البشر".
وتقول إن "الروبوتات ليست شريرة (بذاتها)"، مقرة في الوقت عينه بأن مطوريها يمكن أن يبرمجوها لإلحاق الأذى.
ويتوقع الفيلسوف هو برايس في شريط فيديو ترويجي نشره مركز دراسة المخاطر الوجودية في جامعة كامبردج أنه "في أسوأ الأحوال يمكن أن يموت جنسنا البشري من دون خليفة لنا".
ومع ذلك، هناك "احتمالات أقل سوداوية" يمكن فيها للبشر المعززين بالتكنولوجيا المتقدمة البقاء على قيد الحياة، ويضيف برايس أن "الأنواع البيولوجية البحتة تنتهي بالانقراض".
وفي عام 2014 قال ستيفن هوكينغ إن جنسنا البشري سيعجز يوما عن منافسة الآلات، وأوضح هوكينغ لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" (BBC) أن هذا من شأنه أن "يمهد لفناء الجنس البشري".
أما جيفري هينتون الباحث الذي يحاول إنشاء آلات تشبه الدماغ البشري لحساب مجموعة غوغل فتحدث أخيرا بعبارات مماثلة عن "ذكاء خارق" يتفوق على البشر.
وأكد هينتون لقناة "بي بي إس" (BBS) الأميركية أنه من الممكن أن "تكون الإنسانية مجرد مرحلة عابرة في تطور الذكاء".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
وزير الاتصالات: إطار تنظيمى متوازن لحماية الدول العربية من مخاطر الذكاء الاصطناعى
أكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن هناك حراك وتحول غير مسبوق فى دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على الساحة الدولية خلال العامين الماضيين حيث بات يعيد تشكيل الاقتصادات ويحدث ثورة فى الصناعات ويغير المجتمعات بصورة مطردة؛ مشيرا إلى أن التكنولوجيات البازغة مثل الذكاء الاصطناعى وسلاسل الكتل والحوسبة الكمومية وإنترنت الأشياء لم تعد وعودا مستقبلية بل أضحت القوى الدافعة للعالم اليوم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتتداخل مع مختلف القطاعات بما فى ذلك الزراعة والصحة والتعليم والقطاع المصرفى وغيرها.
جاء ذلك فى كلمة الدكتور عمرو طلعت فى الجلسة الافتتاحية لدائرة الحوار العربية حول "الذكاء الاصطناعى فى العالم العربى تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية" التى تنعقد على مدار يومين تحت رعاية ورئاسة أحمد أبو الغيط الأمين العام الجامعة الدول العربية ورئيس لجنة التنسيق العليا للعمل العربى المشترك بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية؛ بحضور الدكتور إسماعيل عبد الغفار رئيس الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، والدكتور عبد المجيد عبدالله البنيان رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ومحمد اليماحى رئيس البرلمان العربى.
وأعرب الدكتور عمرو طلعت عن سعادته بالتواجد فى هذا المحفل العلمى المتميز فى رحاب جامعة الدول العربية التى تزخر بتاريخ حافل من التعاون السياسى والاقتصادى والاجتماعى وكذلك التكنولوجى الذى أصبح ركنا كينا فى القضايا التى تعيد تشكيل العالم وتمثل أولوية فى ملفات التعاون العربى المشترك؛ مثمنا على مبادرة عقد "دائرة الحوار العربى حول الذكاء الاصناعى فى العالم العربى" والتى تأتى بالتزامن مع الاحتفاء بمرور ثمانين عامًا على تأسيس جامعة الدول العربية حيث توفر منصة فريدة للتفاعل البناء وتبادل المعرفة بهدف صياغة رؤى مشتركة واستراتيجيات مستقبلية تعكس محورية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كممكن فاعل لكافة القطاعات فى الدول العربية.
وأوضح طلعت أن التطورات التكنولوجية أدخلت تحديات جديدة على الحكومات عالميا، من المنافسة الجيوسياسية فى السباق الرقمى إزاء الريادة فى قضايا الذكاء الاصطناعى وسد الفجوة الرقمية ودرء المخاطر السيبرانية بما يستوجب على الدول العربية التصدى لهذه التحديات برؤية موحدة تضمن حضورا دوليًا فاعلا يُعبر عن إرادة الشعوب العربية ويُعرب عن تطلعات الحكومات العربية؛ مؤكدا أن هذا المحفل يأتى تأكيداً لدور جامعة الدول العربية البناء كمنارة لتبادل الرؤى حول القضايا الأهم للشعوب العربية وفاعلاً رئيسياً فى تبنى استراتيجيات موحدة حول التكنولوجيات البازغة وبناء الوعى الجمعى للشعوب العربية بشأنها.
وأشار طلعت إلى رئاسة مصر للدورة الثامنة والعشرين لمجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات والمكتب التنفيذى للعامين القادمين؛ موضحا أن المجلس أقر خلال اجتماع الدورة الثامنة والعشرين فى يناير 2025 "الرؤية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعي" التى تهدف إلى الارتقاء بالأداء الحكومى والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعى فى تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين وتحقيق الريادة للدول العربية فى مجال الإبداع الرقمى والشركات الناشئة المعتمدة على الذكاء الاصطناعى، بالإضافة إلى رفع الوعى العام بهذه التكنولوجيا وتشجيع البحث والتطوير فى التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعى فى مختلف القطاعات وجذب الاستثمارات فى البنية التحتية الرقمية اللازمة لذلك؛ مضيفا أنه رغم التأثير الكبير للذكاء الاصطناعى التنموى إلا أن استخدامه الآمن الأخلاقى الفعّال ليس بهين ويُلزم بوضع إطار تنظيمى وسياج حوکمی متوازن لحماية الشعوب العربية من مخاطر الذكاء الاصطناعى السيبرانية والأخلاقية دون تقييد للإبداع الرقمى.
ولفت طلعت إلى المبادرة المصرية لمجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات بحتمية المضى قدماً نحو الانتهاء من صياغة الميثاق العربى الأخلاقيات الذكاء الاصطناعى والذى سيكون بمثابة نبراساً للدول العربية فى مسيرة تحقيق هذا التوازن المرجو بين تحفيز الابتكار والاستخدام الآمن المسئول وبين ضمان الشفافية وإرساء مبادئ المسائلة فى تصميم ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعى بما يعكس المعتقدات والأولويات والثقافة والرؤية العربية حول مخاطر الذكاء الاصطناعي؛ مشيرا إلى توافق مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات على وضع إطار عربى موحد لبناء القدرات البشرية وتنمية الوعى العام إزاء القضايا الخاصة بالذكاء الاصطناعى ودعم الشركات الناشئة العربية فى هذا المجال الحيوى فضلاً عن تعزيز الشراكات الدولية والتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية لضمان استمرارية المشاركة الفاعلة للدول العربية على الساحة الدولية وكذلك تحسين ترتيب الدول العربية فى المؤشرات الدولية للذكاء الاصطناعى.
ودعا طلعت الباحثين والخبراء والمطورين وصناع السياسات من الحكومات والقطاع الخاص إلى تبادل الرؤى من خلال فعاليات هذا المحفل للخروج بمقترحات عمل موضوعية لتنفيذ خارطة الطريق التى رسمتها الرؤية الاستراتيجية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعى؛ معربا عن تطلعه إلى توصيات دائرة الحوار العربى فيما يتعلق بمبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعى بما يسهم فى تبنى وثيقة عربية موحدة حول مبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعى بما تشمله من أطر وقواعد استرشادية تتماشى مع أولويات الدول العربية وخططها التنموية.
تجدر الإشارة إلى أن دائرة الحوار العربية تنعقد فعالياتها بتنظيم مشترك من قبل الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالمملكة العربية السعودية بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وبمشاركة الخبراء والمتخصصين فى مجالات الذكاء الاصطناعى لبحث ومناقشة أحدث التطبيقات والتطورات وتبادل الخبرات والأفكار حول التحديات الأخلاقية المترتبة على استخدام الذكاء الاصطناعى وتأثيره على المجتمع والاقتصاد فى العالم العربى.
شارك فى فعاليات دائرة الحوار العربية حول "الذكاء الاصطناعى فى العالم العربى تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية" الدكتورة هدى بركة مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنمية المهارات التكنولوجية، والدكتور أحمد طنطاوى المشرف على أعمال مركز الابتكار التطبيقى.