لجريدة عمان:
2025-02-23@23:16:44 GMT

«الصاروخ بيضوي أخت السما»

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

يقول لي أصدقائي في غزة هذه الأيام: إنهم عاجزون لغويا عن وصف ما يحدث. من يتابع منهم الأخبار التي ينقلها مدير قناة الجزيرة ومراسلها من غزة وائل الدحدوح يقترحون تنويعات على ما بات بالنسبة لهم مبتذلا، وغير قادر على الوصف. يطل علينا مراسلو غزة الإخباريون؛ ليقولوا لنا مع كل يوم جديد منذ السابع من أكتوبر: «القصف الإسرائيلي الذي تتعرض له غزة الآن غير مسبوق ولم نشاهد مثله من قبل» كل يوم نستمع للجملة نفسها ولا نشعر أن شيئا ما يتغير، ربما تلمع غزة وأهلها في مخيلنا كمكان للموت فحسب.

يقترح أحد أصدقائي أن نغيّر اللغة عما حدث اليوم في غزة. إذ إن ما يحدث الآن غير مسبوق عشر مرات!، فيقول ماذا لو قلنا «الصاروخ بيضوي أخت السما!».

أحاول كعادتي فهم ما يحدث. ربما وبسبب من التفاؤل القاسي لم أكن أتخيل أن يصبح الجسد الفلسطيني وهو مقطع لأشلاء مشاعيًا على الهواء مباشرة. كنتُ أعرف عن كل معاناة أهل غزة بحكم علاقاتي هناك، وربما كنت أقاوم فكرة الاستسلام لعبثية الحياة بحجة أن الناس يجهلون حقيقة ما يجري هناك! لكن ماذا عما يحدث الآن؟ كيف يمكن أن يقتل أكثر من عشرة آلاف إنسان بهذا البرود! كيف يمكن أن أفهم هذا؟ أن أفسره؟ لأنني عاجزة فحسب عن التفكير في إمكانية كل هذا الشرور. أتذكر الفيلم التسعيني بطولة ميشيل فايفر عندما أضاعت طفلها ذا الثلاث سنوات، فعاشت أسرتها كابوس هذا الفقدان طيلة عقد كامل، غيرت منها ومن زوجها ومن أبنائها الآخرين، ترعبني فكرة أن الطفل ضاع في إحدى ضواحي شيكاغو الجديدة والثرية وبدا لي ذلك مرعبا، لكن ماذا عن كل أطفالك لا يضيعون، بل يتم حرقهم وتفجير رئاتهم بالسلاح الحراري أو تهشيم جماجمهم، ماذا عن أطفال تجد رؤوسهم أو أحد أطرافهم وتشعر بالامتنان لذلك؛ لأن أطفالا آخرين في غزة أصبحوا أشلاء مطحونة بدون مبالغة، كيف سيبدو الأمر حينها؟ أُصابُ بالذعر وأنا أفكر بذلك. قبل شهرين فُجعنا بغرق طفل في إحدى استراحات الباطنة، تفاجأت بأنه ولد الجيران المحاذي لبيت عائلتي، رأيتُ بنفسي خيمة العزاء! وبكيتُ كثيرا رغم أنني لا أعرفه ولا أعرف أي أحد في ذلك البيت، ثم التفتُ لعائلتي وقلت: لن نحجز أية استراحة بعد الآن، وإن فعل أحدكم شيئا كهذا أرجوكم لا تخبروني أبدا!

هل فهمتم ما يحاول عقلي القيام به؟ تقديم مقاربات! يحاول جاهدا الاقتراب من فظاعة ما يحدث لناس غزة كلهم!، أحاول أن أتخيّل الكارثة وهي في أشد حضور لها، في تحققها المباشر والدامي، في اعتمادها على العظام واللحم والدماء لأناس جائعين ومحاصرين في مكان ضيق للغاية! أهلع... أهلع... أهلع حقا.

ومن بين الأشياء التي فعلتها، قرأتُ كتاب «دفاعا عن الجنون» لممدوح عدوان، يصف عدوان الفلسطيني بالهندي الأسمر، هندي أسمر مهدد. أستدعي على الفور قصيدة محمود درويش الشهيرة «خطبة الهندي الأحمر:

«إذًا، نحْنُ منْ نَحْنُ في المسيسبّي. لَنَا مَا تَبَقّى لنا مِن الأمْسِ / لكنّ لَوْنَ السّماء تغيّر، والْبحر شَرْقا تغيّر، يا سيّد الْبيض! يا سيِّدَ الخَيْل، ماذا تُريدُ مِنَ الذّاهِبِينَ إلى شَجَرِ اللّيْل؟ /عالِيَة رُوحُنَا، والمراعي مُقَدَّسةٌ، والنّجو مْكلامٌ يضيءُ.. إذا أنْتَ حَدَّقْتَ فيهَا قَرأْتَ حكَايتَنَا كُلَّهَا».

ما الذي يقوله عدوان ودرويش معا، مقاربة أخرى يا إلهي!! لكن هنالك دما آخر وقصة أخرى وكارثة جديدة، ولغة مستعصية لا تتجاوز كل يوم ما بين الترويسة التالية «ما يحدث غير مسبوق»، ربما سيكتب عدوان شيئا آخر مع مرور الوقت، سأصبر سأواصل القراءة، حتى وصلتُ إلى المقالة المعنونة بـ«اعتراف» وهي مرافعة قدمها ممدوح عدوان أمام محكمة «الشعب الدولية» حول جرائم الحرب التي اقترفتها إسرائيل عام ١٩٨٢ في لبنان وقد عقدت هذه المحاكمة في طوكيو عام ١٩٨٣. وتأمل معي عزيزي القارئ أرجوك هذه المقاطع المتفرقة من هذه الشهادة. أولا: «إنني مقتنع تماما بأن المصالح الإمبريالية هي التي تقف وراء الدعم الأمريكي والأوروبي الغربي للصهيونية. هذه مسألة متعلقة بصانعي القرار السياسي وبكبار الرأسماليين والاحتكاريين. ولكن ماذا عن المواطن العادي؟» ثانيا: «وبالنسبة إلى كثير من الأوروبيين تبدو مشكلة فلسطين تعبيرا عن أزمة ضمير. في الماضي كان اليهود، وخاصة في أوروبا، عرضة للاضطهاد. والأوروبي في أعماقه ليس مستعدا للعودة إلى قبول اليهود ولا للتسامح مع نفسه حول ذلك الماضي. وهو يريد أن يغسل ضميره وأن يبقي على صورته نظيفة ونقية وفي مرآته هو بأرخص الأسعار. وبدلا من أن يتعامل مع اليهود بإنسانية ويقيم مجتمعات ديمقراطية حقيقية يستطيع اليهود أن يعيشوا فيها بأمان يرى أن من الأفضل والأسهل أن يشجع الصهيونية التي ستأخذ اليهود إلى الحلبة الفلسطينية وحيث سيساعدهم على أن يكونوا الأقوى والمنتصرين».

ألا يثير في نفوسكم الرعب من أن خطبة عدوان هذه التي قدمت في فبراير عام ١٩٨٣ نستخدمها هي ذاتها اليوم على جرائم يرتكبها الكيان نفسه؟ أربعون سنة بالضبط تفصل بين ما حدث آنذاك وما يحدث الآن في هذه اللحظة وما زلنا نتوسل اللغة ذاتها، السردية نفسها. لغتنا التي يبدو أنها ماتت معنا من هول ما يحدث! لكن الضربة القاضية بالنسبة لي كانت في هذا المقطع تحديدا: «لقد حاولنا أن نطور قدراتنا ولكن إسرائيل كانت تجبرنا على تكريس كل شيء لدينا لكي نتجنب الإبادة، وحاولنا أن نطور حياتنا ولكن إسرائيل كانت تجبرنا على تكريس كل شيء لكي نتجنب الاجتثاث، يصر عدوان إذن على تسمية ما تقوم به إسرائيل بالإبادة! أتذكرنا في الأيام الأولى مع بداية هذا العدوان ونحن نلح عبر رسائلنا العاجزة في وسائل التواصل الاجتماعي، كأننا نتوصل لهذه الحقيقة للمرة الأولى قائلين للعالم انتبهوا للغتكم لا يمكن تسمية ما يحدث بغير «الإبادة» وكأننا وصلنا للذروة الآن! الآن فقط! بينما يعيش الفلسطينيون هذه الذروة منذ بداية القرن العشرين! الذروة نفسها عاجزة عن اختراع لغة موازية للكارثة، وكل ما تفعله هو توسل المقاربات، والادعاء بأن تسمية الأشياء يحدث للمرة الأولى أخيرا.

قولوا لي بعد هذا كله: لماذا يموت الفلسطيني هكذا؟ وهل سنصر على استخدام كلمة «إبادة» في المرات القادمة التي يبدو أننا نؤمن أنها مصير الفلسطيني! هنالك مرات قادمة كثيرة أيها الميت، أو يا من توشك على الموت!

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ما یحدث

إقرأ أيضاً:

العاصفة آدم تضرب 8 دول عربية وهذا موقف مصر | ماذا يحدث؟

كثرت تساؤلات المواطنين  خلال فصل الشتاء، عن معرفة آخر مستجدات الطقس بشكل يومي، نظرًا لتغيراته المفاجئة وتأثيره المباشر على حياتهم اليومية.

عاصفة آدم تضرب 8 دول عربية 

انتشرت تحذيرات شديدة من العاصفة آدم التى ضربت حتى الآن 8 دول عربية بينهم سوريا ولبنان والأردن والسعودية والإمارات، حيث تستقبل هذه البلاد خلال الساعات القليلة القادمة موجة من الصقيع وانخفاض درجات الحرارة بشكل غير مسبوق.

وحذر لبنان مواطنيه من عاصفة قوية تضرب أنحاء الدولة لبنان والحوض الشرقي للمتوسط، وأطلقت عليه مصلحة الأرصاد الجوية اسم "آدم" "Adam"، ومن جانبها، أوضحت مصلحة الأرصاد، أن المنخفض الجوى آدم سيكون مصحوباً بكتل هوائية باردة تؤدى إلى انخفاض ملحوظ بدرجات الحرارة خاصة يومي السبت والأحد مع دخول الكتلة الأشد برودة، حيث تلامس الثلوج ارتفاع الـ٤٠٠ متر خاصة شمال البلاد، ومن المتوقع أن يستمر تأثيره بموجة صقيع حتى يوم الثلاثاء، ومن جانبه، أصدر فوج إطفاء بيروت، بياناً للمواطنين حذر فيه المواطنين من مغادرة المنازل إلا في الحالات الضرورية، وشدد على تأمين وسائل التدفئة الكافية، وضرورة متابعة نشرات الأحوال الجوية عبر وسائل الإعلام.

أما عن الأردن فتحذر من تدنى الرؤية بسبب الضباب والغبار وخطر التجمد والصقيع حيث حذرت إدارة الأرصاد الجوية من تدنى الرؤية بسبب الضباب والغبار، وخطر التجمد والصقيع فوق المرتفعات الجبلية العالية فى ساعات الليل المتأخرة، وخطر انزلاق المركبات على الطرق المبتلة، وقالت إدارة الأرصاد إن البرودة ستزداد اليوم مع تعمق أكثر للكتلة الهوائية الباردة والقطبية على المملكة، وانخفاض درجات الحرارة مع أجواء غائمة وماطرة فى الشمال والوسط، وأشارت إلى احتمال هطول زخات خفيفة ومتقطعة من الثلج، ولفترات قصيرة فوق المرتفعات الجبلية العالية، ومن جهته، حذّر الدفاع المدنى المواطنين من الاقتراب من جوانب الأودية ومناطق تشكل السيول.

وفي فلسطين أعلنت الأرصاد الجوية استمرار تأثير المنخفض الجوى مع انخفاض درجات الحرارة دون المعدل السنوى بـ4 إلى 6 درجات، وأمطار غزيرة وعواصف رعدية وبرد، مع توقع تساقط ثلوج على المرتفعات الجبلية العالية مساء اليوم.

وفي سوريا توقعت المديرية العامة للأرصاد استمرار انخفاض درجات الحرارة حتى اليوم دون المعدل بـ2 إلى 6 درجات، مع فرص لهطول أمطار وثلوج فوق المرتفعات التى تزيد على 1200 متر، كما توقعت الأرصاد هطول أمطار وعواصف رعدية وثلوج فى المناطق الجنوبية والشرقية والقلمون والسويداء، مع رياح شديدة تصل سرعتها إلى 50 كيلومترا فى الساعة.

 وفي قطر حذرت إدارة الأرصاد الجوية من ارتفاع معدلات الرطوبة النسبية، مع فرص لتشكل الضباب خلال ساعات الليل فى بعض المناطق، ودعت المواطنين للحذر.

وفي عُمان أصدرت المديرية العامة للأرصاد تنبيها بشأن فرص تشكل الضباب والسحب المنخفضة التى تؤدى إلى تدنى الرؤية الأفقية فى عدة محافظات وأجزاء من المناطق الساحلية لبحر عمان الليلة الماضية وصباح اليوم.

 وفي السعودية أصدر المركز الوطنى للأرصاد إنذارات صفراء بشأن رياح شديدة وغبار وتدنى مدى الرؤية فى المناطق الشمالية والشرقية والعاصمة الرياض (وسط).

وفي الإمارات توقع المركز الوطنى للأرصاد طقسا غير مستقر من اليوم حتى الأربعاء متأثرا بامتداد منخفض جوى من الجنوب الغربي، وامتداد مرتفع جوى سطحى من الغرب تصاحبه كتلة هوائية باردة، وأشار مركز الأرصاد إلى أن البلاد ستشهد اليوم وغدا رياحا جنوبية شرقية وارتفاعا فى درجات الحرارة، ومن الاثنين إلى الأربعاء تدنيا فى مدى الرؤية الأفقية واضطرابا فى البحر.

ماذا عن مصر؟

كشفت الهيئة العامة للأرصاد الجوية حالة الطقس الأحد 23 فبراير 2025، حيث تشهد مصر استمرار الموجة الباردة التي تؤثر على مختلف المناطق، مع انخفاض واضح في درجات الحرارة، خاصة خلال الليل كما تتأثر الملاحة البحرية بسبب الرياح النشطة، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في البحرين الأحمر والمتوسط.

وسيشهد الأحد 23 فبراير 2025 انخفاض درجات الحرارة بشكل ملحوظ، حيث تسجل بعض المناطق درجات صغرى تصل إلى 6 درجات مئوية مع نشاط الرياح بسرعة تصل إلى 42 كم/س في بعض المناطق، مما يزيد الشعور بالبرودة، وفرص سقوط أمطار خفيفة إلى متوسطة على بعض المناطق الساحلية.

وسنشهد اضطراب الملاحة البحرية في البحرين الأحمر والمتوسط بسبب الرياح القوية وارتفاع الأمواج بين 2-3 أمتار وبالتالي السكان في المناطق الشمالية والصعيد مطالبون بارتداء ملابس ثقيلة بسبب الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، خاصة في الليل.

السائقون مطالبون بتوخي الحذر على الطرق السريعة بسبب الرياح النشطة التي قد تؤدي إلى انخفاض مستوى الرؤية.

وهناك عدة نصائح لمواجهة الطقس البارد يوم الأحد 23 فبراير 2025

1. ارتداء ملابس شتوية ثقيلة عند الخروج من المنزل، خاصة في ساعات الليل والصباح الباكر.

2. تجنب التعرض للرياح القوية، خاصة لكبار السن والأطفال.

3. القيادة بحذر على الطرق السريعة بسبب نشاط الرياح.

4. متابعة تحديثات الأرصاد الجوية باستمرار لمعرفة أي تغيرات مفاجئة.

وفي النهاية يشهد يوم الأحد 23 فبراير 2025 طقسًا باردًا على مختلف أنحاء البلاد، مع نشاط قوي للرياح واضطراب في الملاحة البحرية، وتستمر هذه الموجة الباردة لعدة أيام، لذا يُنصح الجميع بالاستعداد واتخاذ الاحتياطات اللازمة.

مقالات مشابهة

  • أضرار خلط الشاي مع القهوة.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول كوب واحد؟
  • ماذا يحدث لجسمك عند تناول التمر الهندي يوميا على الفطار؟
  • حد الرفاع.. ماذا يحدث في اليوم الأخير قبل بدء الصوم الكبير؟
  • تأثير مذهل: ماذا يحدث لجسمك عند تناول حبتين من القرنفل كل ليلة؟
  • ماذا يحدث لجسمك إذا تناولت ملعقة من السمسم يوميا؟
  • العاصفة آدم تضرب 8 دول عربية وهذا موقف مصر | ماذا يحدث؟
  • يعالج مرض خطير .. ماذا يحدث للجسم عند تناول الزعفران؟
  • ماذا يحدث لجسمك عندما تأكل بسرعة؟... اكتشافات ستغير سلوكك
  • بعد تحقيق سعر الذهب مستوى تاريخي.. ماذا يحدث في السوق العالمي اليوم؟
  • ماذا يحدث لجسمك عند تناول القرصيا؟