اضطرت القوة الأمنية المؤقتة في أبيي إلى تعديل طرق انتشارها وترتيبات إمدادها بما يتماشى مع الواقع الجديد.

الخرطوم: التغيير

قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام إن النزاع المسلح في السودان تسبب في تعطيل المؤشرات المشجعة للحوار بين السودان وجنوب السودان بشأن الوضع النهائي لمنطقة أبيي التي يتنازع البلدان بشأن السيادة عليها.

وأشار جان بيير لاكروا، إلى تعليق العملية السياسية بشأن تحديد وضع المنطقة، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة- بالتنسيق الوثيق مع الاتحاد الأفريقي- على استعداد لدعم استئناف الحوار وهي ترصد الوضع بحثا عن الظروف التي قد تسمح بذلك.

إحاطة لمجلس الأمن

وقدم لاكروا إحاطة لمجلس الأمن، الاثنين، حول أنشطة قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا)، بما في ذلك دعم القوة للآلية المشتركة للتحقق من الحدود ومراقبتها.

كما قدم إحاطة حول آخر التطورات السياسية والأمنية والإنسانية، بما فيها تأثير القتال الدائر في السودان على الوضع في أبيي.

وقال لاكروا إن الشركاء في المجال الإنساني سجلوا تدفق 9 آلاف شخص لجأوا إلى أبيي هربا من القتال في السودان. كما لاحظت البعثة أيضا زيادة في تداول الأسلحة في أبيي، وهو وضع ربما تفاقم بسبب الوضع في السودان، حسبما قال.

كذلك خلق الصراع صعوبات اقتصادية لسكان أبيي بسبب تعطل تدفق السلع الأساسية، والتي يأتي الكثير منها من الشمال.

واضطرت القوة الأمنية المؤقتة أيضا إلى تعديل طرق انتشارها وترتيبات إمدادها بما يتماشى مع الواقع الجديد.

وقال لاكروا إن القوة الأمنية يسرت تقديم المساعدة الإنسانية إلى ما يقدر بنحو 220 ألفا من الأشخاص المستضعفين في الأجزاء الوسطى والجنوبية من أبيي، بما في ذلك النازحون بسبب الاشتباكات القبلية والقتال في السودان.

قلق إزاء استهداف حفظة السلام

وقال لاكروا إن آلية الرصد المشتركة للحدود مستمرة في المراقبة الأرضية في المنطقة الحدودية على الرغم من توقف الدوريات الجوية بسبب القيود المفروضة على المجال الجوي.

كما أعرب عن القلق إزاء استهداف أفراد القوة الأمنية المؤقتة، مشيرا إلى تعرض حفظة السلام التابعين للبعثة إلى إطلاق نار، في ثلاث حوادث مختلفة، على مدى الأشهر الستة الماضية، مما أدى إلى إصابة عدد من حفظة السلام.

وقال لاكروا إن المصابين حالتهم مستقرة وهم يتماثلون للشفاء، مؤكدا أن سلامة حفظة السلام تعد أولوية قصوى، وأوضح أن التحقيقات في تلك الهجمات مستمرة.

كما تسببت الأزمة في السودان في تأخير استكمال إعادة تشكيل القوة الأمنية المؤقتة لأبيي من قوة يأتي أفرادها من بلد واحد (إثيوبيا) إلى قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات.

وتوقع لاكروا وصول بقية القوات والمعدات وأن تصل البعثة إلى قدرتها التشغيلية الكاملة، بحلول الربع الأول من عام 2024.

الوسومأبيي الأمم المتحدة السودان اليونسفا جنوب السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أبيي الأمم المتحدة السودان جنوب السودان حفظة السلام فی السودان

إقرأ أيضاً:

تحوّل العقيدة القتالية للجيش: نحو عقيدة ردعية هجومية تحمي السيادة وتحفظ السلام

تحوّل العقيدة القتالية للجيش: نحو عقيدة ردعية هجومية تحمي السيادة وتحفظ السلام
أعلن رئيس مجلس السيادة اليوم أن الجيش بصدد القيام بمراجعة جذرية لعقيدته القتالية الدفاعية الموروثة من الاستعمار البريطاني، والتي بناءً عليها قامت القوات المسلحة بوضع خططها التدريبية والتسليحية والعملياتية وبناء علاقاتها الخارجية خلال قرن من الزمان، وتبعاً لها تخوض القوات المسلحة حرب البقاء والوجود في مواجهة الغزو الأجنبي.

ملامح العقيدة الجديدة بحسب البرهان هي: انتقالٌ من عقيدة دفاعية تقليدية إلى عقيدة هجومية ردعية تجمع بين العمل التقليدي واللا تماثلي (Asymmetric). العقيدة الجديدة للجيش،ـ تفترض قيام الجيش ببناء قوة قادرة على ضرب مصادر الخطر استباقاً، وزيادة قدراته التقنية والاستخبارية، مع الاحتفاظ بقدرات لا تماثلية لمواجهة الحروب الهجينة الحديثة.
إن تصريحات الفريق أول ركن البرهان، قائد الجيش، في هذا الصدد تُعتبر الأهم في تاريخ التحولات داخل القوات المسلحة، وأتت في سياق الدروس المُستفادة، والحكمة واجبة التعلُّم لكل السودانيين، سواء على مستوى الدولة أو المواطنين، ومن نافلة القول أن مراجعة العقيدة القتالية للجيش لا يجب أن ينفصل عن مصيرية وضع فلسفة أمن قومي لا يمكن التهاون فيها مستقبلاً.

أضاف البرهان على ذلك أن الهدف من تغيير عقيدة الجيش ليس فقط مجابهة التحديات الخارجية التي تواجه الأمن القومي السوداني حالياً، والتي تتطور كنتيجة لرفض أبوظبي ومن ورائها القبول بأن تٌهزم، بل لتحقيق الردع مع المحيط العدائي تجاهنا، والذين ظنوا بسبب غفلتنا عن أمننا القومي، أن السودان، الدولة والاُمّة، سهل الابتلاع والهضم.

إن نجاح القوات المسلحة في إنجاز هذا التحول التاريخي والكبير والمُعقّد، له مطلوبات كثيرة -داخلياً وخارجياً- وبذات الدرجة من التعقيد، ولن يكون الطريق أمامها مُعبّداً بالورود، فالسودان يُدافع عن بقائه كدولة في مواجهة الغزو الخارجي من أبوظبي، ومن تمثلهم، وحلفائها من منظومة شبكات عسكرية ولوجستية ودبلوماسية وإعلامية، ومختلف أدوات حروب الجيل الرابع، كلها حُشدت لتقسيم السودان، وتسييل دولته، وتفكيك مؤسساته، وتفتيت مجتمعاته.
كل ما واجهه السودان ويتعرض له اليوم، على امتداد مساحته وحدوده الطويلة مع سبع دول مضطربة – باستثناء مصر وإريتريا – يثبت أن الاعتماد على الدفاع السلبي جريمة بحق بقاء الدولة. ففي عالم تنهشه الفوضى وتسوده النزاعات، الدفاع لا يؤجل سوى السقوط، بينما الهجوم الاستباقي وحده يصنع البقاء ويحمي السلام.

في جوار متفجر بالمطامع، وفي إقليم يموج بالتناحر والتصارع، يصبح الانتظار ضرباً من الانتحار المؤجل. ومع انهيار النظام الدولي القديم، وصعود سباق البقاء بالقوة، لم يعد الهجوم خياراً؛ بل صار قدراً لا مفر منه لحماية الأمن القومي وردع الأطماع قبل أن تكتمل.

هذا التوجه ليس جديداً في تاريخ الجيوش والدول. روسيا، على سبيل المثال، كسرت جمود منظومة الردع التقليدي الموروث من زمن الحرب الباردة، ففي عام 2024، قامت بمراجعة عقيدتها النووية، مخفضةً عتبة استخدام السلاح النووي، ومعززةً قدرتها على استخدام القوة التقليدية، سواء عبر منظومات الطيران المُسيّر الانتحاري المعدل، أو منظومات الصواريخ الفرط صوتية التي أصبحت رائدة عالمياً فيها، مما ضمن لها الردع الفعّال ضد أي تهديد يطال سيادتها أو وحدة أراضيها.

كذلك الصين، بعد أن عاشت “قرن الإذلال الوطني” (1839–1949)، أدركت أن الدفاع السلبي لا يحمي الأمن القومي. فتبنت أولاً عقيدة “حرب الشعب”، ثم طورتها لاحقاً إلى “حرب الشعب في الظروف الحديثة”، وصولاً إلى “الحروب الذكية” القائمة على التكنولوجيا المتقدمة والقدرات السيبرانية. هذا التطور العقائدي منح الصين قاعدة صلبة للنهضة الاقتصادية والعسكرية، ورسّخ مكانتها كقوة عالمية.

كما أن الولايات المتحدة، القوة الغربية الأبرز، عرفت مبكراً أن الدفاع التقليدي وحده لا يكفي لحماية المصالح القومية في عصر التحولات العنيفة. فعقب هزيمتها في حرب فيتنام عام 1975، أدركت أن الاعتماد على الردع النووي والدفاع التقليدي ضد الجيوش النظامية لم يعد كافياً، وأن طبيعة الصراعات باتت هجينة وغير متماثلة. فأعادت بناء عقيدتها العسكرية لتتبنى مبدأ “الضربات الاستباقية” والحروب الشبكية، ودمجت بين القدرات التقليدية والعمليات الخاصة والقدرات السيبرانية والإعلامية، لتؤسس ما عرف لاحقاً بالحرب الهجينة والردع النشط. هذا التحول العقائدي منحها القدرة على التعامل مع التهديدات قبل أن تكتمل قوتها، ومكنها من الحفاظ على تفوقها العالمي لعقود.

في السياق السوداني، بناء عقيدة هجومية ردعية مدروسة بالضرورة لا يعني التوسع العبثي أو العدوانية المطلقة، بل يعني حماية السيادة الوطنية بأدوات القوة الذكية: القدرة على المبادرة الاستراتيجية، الرد الانتقامي الرادع، وكسر أطماع الخصوم قبل أن تتحول إلى واقع.
إن القوة العسكرية الفعّالة ليست مجرد أداة قتال، بل هي الإطار الضامن للاستقرار السياسي والشرط الأولي لأي مشروع تنموي وتحول صناعي. فالتنمية الاقتصادية والتحول الصناعي يتطلبان بيئة آمنة ومستقرة، قادرة على حماية التوافقات السياسية الوطنية دون تدخل أو ابتزاز خارجي، توافقات يمكن أن تتطور وتتوسع باستمرار.

ما فشلت في فهمه النخب المدينية السودانية، ومجموعات ديسمبر، هو أنه لا حقوق ولا حريات، ولا تحول ديمقراطي، ولا نهضة صناعية، يمكن أن تتحقق في ظل تهديد بقاء الدولة وسيادتها عبر كيانات مسلحة تعبّر عن مشاريع استتباع أجنبي. بل إن بعض القوى الموجودة اليوم ضمن معسكر بقاء الدولة، لا تدرك بعد متطلبات حماية السيادة والوحدة الوطنية.

تصريحات رئيس مجلس السيادة اليوم تُعبّر بوضوح عن أننا بصدد مرحلة جديدة لبناء جيش يمتلك قوة هجومية ردعية، في عالم لا مكان فيه للضعفاء الذين ينتظرون أن يرحمهم الطامعون. القوة الحاسمة وحدها تصنع السلام الحقيقي، وتحفظ وحدة الدول واستقلالها، وتضمن ازدهار مجتمعاتها.

Ahmad Shomokh

#ربيع_الدولة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مسؤول أممي يدعو العالم لمنع كارثة إنسانية شاملة في غزة
  • مسؤول أممي ينتقد استهانة العالم بتعديات “إسرائيل” على القانون الدولي بغزة
  • التقرير معنا لا ضدنا.. الإمارات تكسر صمتها بشأن اتهامات الجيش السوداني
  • الخارجية الصينية تطلق تصريحات بشأن واشنطن وسوريا والهند وباكستان
  • مسؤول أممي ينتقد عجز مجلس الأمن والاستهانة بالقانون الدولي الإنساني
  • توضيح هام من شرطة المرور بشأن اللوحات المؤقتة فئة (ب)
  • مسؤول أممي رفيع: لم يبق شيء لنقدمه إلى أهالي غزة
  • السودان.. الحرب المنسية وخطر الغياب الدولي
  • تحوّل العقيدة القتالية للجيش: نحو عقيدة ردعية هجومية تحمي السيادة وتحفظ السلام
  • قائد سابق في جيش الاحتلال: الدمار بغزة هدفه إعطاءُ انطباعٍ بانتصارٍ لم يتحقّق .. مسؤول أممي: الفلسطينيون يموتون جُوعًا