إن الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر، والذي لم يسلم من أرواح المدنيين أو منشآتهم، هو أكثر من مجرد رد على الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر... إذا حكمنا من خلال حجم الرد الإسرائيلي، فإن التغيير في الواقع السياسي على وشك أن يتكشف أمامنا.


وقد تردد صدى هذا الادعاء بصوت عالٍ في العواصم الغربية، التي سارعت إلى إعلان دعمها ودعم الجهود الرامية إلى طرد حماس من غزة.

...اليوم، نقف أمام أزمة إنسانية مروعة، ومعركة عسكرية دامية، وأمام آفاق مشروع سياسي مختلف.

وقد تحقق إسرائيل طموحها وتقضي على الجماعة المسلحة كما نعرفها، إلا أن القضية والحقوق الفلسطينية باقية، مع وجود حماس في الصورة أو بدونها.... وسوف تظل إسرائيل في خطر، كما يتضح من حجم الهجوم الأخير الذي شنته حماس، على الرغم من سنوات الحصار والمراقبة التي تفرضها إسرائيل.

ولا بد من تقديم ثلاث ملاحظات مهمة هناأولًا، قد يكون نتنياهو وحماس عدوين، لكنهما حليفان في الجهود الرامية إلى إفشال مشروع السلام في المنطقة.ثانيًا، لن يخرج أي منهما منتصرًا في هذه الحرب... فقد تخسر حماس غزة، في حين لا يخاطر نتنياهو بخسارة رئاسة الحكومة الإسرائيلية في أعقاب فشل السابع من أكتوبر، فحسب، بل قد يذهب أيضًا إلى السجن بتهم الفساد الموجهة إليه قبل الحرب.وأخيرا، وعلى الرغم من كونها مميتة، فإن هذه الحرب سوف تبث الحياة في مشروع السلام.

كان طرد ياسر عرفات ومقاتليه من لبنان بمثابة نهاية لفتح كمنظمة عسكرية، لكن عرفات عرف كيف يلعب بأوراقه السياسية؟.

لقد تمكن من العودة إلى فلسطين كزعيم للسلطة الفلسطينية، لا أقل من ذلك، بعد اتفاقيات أوسلو...واليوم قد يعيد التاريخ نفسه، حتى في ظل أسوأ أزمة إنسانية خلال الخمسين سنة الأخيرة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وبعد أسابيع قليلة ستنتهي الحرب وتصمت الجبهات.... وبعد ذلك، سوف يحين وقت السياسة.

وبينما كانت السماء تمطر بالقنابل فوق غزة، ألقى إسماعيل هنية بنفسه قنبلة مجازية عندما أعلن عن استعداد حماس لقبول السلام في هيئة حل الدولتين.... هنية يدرك جيدًا ما يمكن أن تخبئه الحرب بعد ذلك.

حماس ليست قوية بما يكفي لصد إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة، ناهيك عن عدم وجود أي دعم من حلفائها، ويريد هنية أن تكون لحماس جبهة سياسية يمكنها أن تجني ثمار هجمات 7 أكتوبر.

ولكن يتعين عليه هو وخالد مشعل أن يتغلبا أولًا على عقبة كبيرة: ألا وهي أن زعماء حماس في غزة لا يعترفون بأي دور يلعبه أقرانهم في الخارج... حتى أنه تم تسريب أنه تم إقصاء رجال هنية ومشعل من الأدوار القيادية منذ عام 2017 عندما سيطرت القيادة العسكرية برئاسة يحيى السنوار على الحركة.

واليوم أصبحت حماس محاصرة، وهو ما قد يعني ضمان مقعد لقيادتها في الخارج على أي طاولة مفاوضات محتملة في المستقبل... ومع ذلك، حاولت الحركة من خلال هجومها الأخير القضاء على أي مفاوضات من هذا القبيل في مهدها.

لكن التحدي ينشأ هنا.... لقد أدرجت الولايات المتحدة حماس على قائمتها للإرهاب، وبالتالي فإن أي تعهد أميركي بمشروع سلام من شأنه أن يجبر واشنطن على التراجع عن موقفها.

لقد مُنع عرفات ذات مرة من دخول الولايات المتحدة أو الاجتماع مع مسؤولين أميركيين، وظهر بدلا منه مثل عبد الشافي وعشراوي خلال مؤتمر مدريد.

لكن في نهاية المطاف، اضطر الأميركيون إلى الجلوس مع عرفات لأنه لم يكن من الممكن تحقيق السلام أو المفاوضات بدونه....لا شك أن حركة حماس ليست مثل حركة فتح، ولكن لا يزال من المستحيل تجاهلها، كما أن التنازل عنها من شأنه أن يعزز موقف السلطة الفلسطينية في المفاوضات المحتملة.

وحتى ذلك الحين، الطريق مليء بالفخاخ..... وقد تعهدت إسرائيل بإبادة الحركة التي يبلغ قوامها 35 ألف مقاتل، لكن مثل هذا الهدف مستحيل عسكريا دون أن يتكبد الجانبان خسائر مروعة في صفوف المدنيين وغيرها من الخسائر.

فهل توافق حماس على الخروج من المشهد للحد من الخسائر في الأرواح بين المدنيين ومقاتليها؟

فضلًا عن ذلك، فحتى لو وافقت حماس على نزع سلاحها، فلن تكون أي دولة عربية على استعداد لضم الحركة تحت جناحيها وتحمل المخاطر المحتملة التي تصاحب مثل هذه الخطوة.

وقد يتفق طرفا الصراع أخيرًا، الواقعان بين المطرقة والسندان، على تسوية لا يوجد من هو في وضع أفضل للانخراط فيها من السلطة الفلسطينية.... وهكذا ستشرق الأضواء من جديد في نهاية أنفاق غزة المظلمة.

أما آفاق السلام والتسلح، فهذا موضوع لوقت آخر......

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: احمد ياسر فلسطين اخبار فلسطين غزة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو حماس طوفان الاقصي واشنطن أوروبا الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

نزوح الآلاف وسط قصف إسرائيلي بجنوب غزة

قصفت القوات الإسرائيلية مناطق عدة في جنوب قطاع غزة، الثلاثاء، وفر آلاف الفلسطينيين من منازلهم فيما قد يكون جزءا من الفصل الأخير من العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة خلال الحرب المستمرة منذ نحو 9 أشهر.

وقال مسؤولون بقطاع الصحة، الثلاثاء، إن 8 فلسطينيين قتلوا وأصيب العشرات، في حين قال الجيش الإسرائيلي إن اثنين من جنوده قتلا في اشتباك جرت الاثنين.

وقال قادة في إسرائيل إن القوات على وشك إنهاء عمليات القتال العنيف مع حركة حماس، التي تدير قطاع غزة منذ عام 2007، وستتحول قريبا إلى عمليات أكثر استهدافا.

وقال مسعفون إن 17 فلسطينيا قتلوا، الثلاثاء، عندما قصفت دبابة إسرائيلية شارعا في حي الزيتون المكتظ بالسكان بمدينة غزة في شمال القطاع.

وأظهرت لقطات نُشرت على بعض حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية مشهدا في سوق محلية اختلطت فيها الدماء بخبز متناثر على الأرض. ولم يتسن لرويترز على الفور التحقق من هذه اللقطات.

وكان الجيش الإسرائيلي أمر سكان عدة بلدات وقرى شرق خان يونس بإخلاء منازلهم، الاثنين، قبل عودة الدبابات إلى المنطقة التي انسحب منها الجيش قبل أسابيع.

وقال سكان ووسائل إعلام تابعة لحماس إن الآلاف ممن لم يستجيبوا لهذا الأمر اضطروا إلى الفرار من منازلهم تحت جنح الظلام عندما قصفت الدبابات والطائرات الإسرائيلية القرارة وعبسان ومناطق أخرى وردت أسماؤها في أوامر الإخلاء.

وتساءل تامر، وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 55 عاما نزح 6 مرات منذ السابع من أكتوبر "وين نروح"؟

وقال لرويترز عبر تطبيق للتراسل: "كل مرة الناس بترجع لبيوتها، وبتحاول تعيد بناء حياتها ولو فوق أنقاض بيوتهم، بيرجع الاحتلال بالدبابات بيدمر اللي بقي من هاي البيوت والأماكن".

وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته قصفت مناطق في خان يونس أُطلق منها نحو 20 صاروخا، الاثنين. وأضاف أن الأهداف تضمنت منشآت لتخزين الأسلحة ومراكز للعمليات.

وذكر الجيش أنه اتخذ إجراءات قبل الضربات لضمان عدم تعرض المدنيين للأذى من خلال إتاحة فرصة لهم للمغادرة، في إشارة إلى أوامر الإخلاء. واتهم الجيش حماس باستخدام البنية التحتية المدنية، والسكان، دروعا بشرية، لكن الحركة تنفي ذلك.

وقالت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، المتحالفة مع حماس إن مسلحيها أطلقوا صواريخ باتجاه عدة مستوطنات إسرائيلية قرب السياج الحدودي مع غزة، ردا على "جرائم العدو الصهيوني بحق أبناء شعبنا الفلسطيني".

إلى ذلك، قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة، الثلاثاء، إن 1,9 مليون شخص هم اليوم نازحون في القطاع، مضيفة أنها "تشعر بقلق عميق" إزاء التقارير التي صدرت عن أوامر إخلاء جديدة في خان يونس. 

وقالت سيغريد كاغ أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: "لقد تم تهجير أكثر من مليون شخص مرة أخرى، وهم يبحثون يائسين عن المأوى والأمان".

وأضافت: "هناك اليوم 1,9 مليون شخص نزحوا في جميع أنحاء غزة ... أشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تفيد بأن أوامر جديدة بالإخلاء صدرت في منطقة خان يونس". 

الفصل الأخير في رفح

وقالت إسرائيل، التي تزداد الضغوط الدولية عليها لتخفف الأزمة الإنسانية في غزة، اليوم الثلاثاء إنها ربطت خط كهرباء بمحطة لتحلية المياه في القطاع لتوفير المزيد من مياه الشرب.

وذكر الجيش الإسرائيلي أن إنتاج مياه الشرب سيقفز بأربعة أمثاله ليصل إلى 20 ألف متر مكعب يوميا. ورغم أن هذه الكمية ليست كافية لتزويد سكان غزة بالمياه، يقول مسؤولون إسرائيليون إنها كمية كبيرة.

وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي: "سيغير هذا الأمر قواعد اللعبة تماما فيما يتعلق بالتعامل مع مشكلات الصرف الصحي الملحة والوصول إلى موارد المياه"، مضيفا أن هذا يأتي في إطار جهد إنساني أكبر يدفع وزير الدفاع يوآف غالانت إلى بذله.

اشتعل فتيل الحرب عندما اقتحم مسلحون من حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر في هجوم مباغت، أسفر وفقا للإحصائيات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 250 رهينة، بينهم مدنيون وعسكريون واقتيادهم لغزة.

وأسفر الهجوم الجوي والبري والبحري الإسرائيلي المضاد عن مقتل نحو 38 ألف فلسطيني حتى الآن وفقا لوزارة الصحة في غزة، كما تسبب في دمار واسع بالقطاع الساحلي المكتظ بالسكان.

ولا تفرّق إحصائيات وزارة الصحة في غزة بين المسلحين وغير المسلحين، لكن المسؤولين يقولون إن معظم القتلى من المدنيين. وتقول إسرائيل إن 320 من جنودها قتلوا في غزة وإن ثلث القتلى الفلسطينيين على الأقل من المسلحين.

وقال شهود ومسعفون إنه يوجد ضمن المناطق الخاضعة لأوامر الإخلاء مستشفى غزة الأوروبي، الذي يخدم خان يونس ورفح وإن المسؤولين الطبيين مضطرون إلى إجلاء المرضى والعائلات الذين لجأوا إلى المستشفى.

وقال المتحدث الرسمي باسم الصحة العالمية، ريك بيبركورن، "قرر موظفو المستشفى والمرضى الإخلاء بالفعل"، مضيفا أنه لا يزال هناك 3 مرضى فقط. إننا نناشد أن يتم إنقاذ المستشفى الأوروبي، ولا يتعرض لأضرار".

واتجه بعض السكان غربا نحو منطقة المواصي القريبة من الشاطئ، المكتظة بخيام النازحين. ونام البعض في الشوارع لأنهم لم يتمكنوا من العثور على مأوى.

وسبق أن أشارت إسرائيل إلى أن عمليتها في رفح، الواقعة جنوب قطاع غزة والمتاخمة للحدود مع مصر، تقترب من نهايتها.

وتقول إسرائيل إن توسيع عملياتها العسكرية لرفح كان الهدف منه القضاء على عدد من مسلحي حماس الذين يعتقد أنهم يختبئون في المدينة.

وقال مسؤولوها إنه بعد انتهاء المرحلة المكثفة من الحرب ستركز القوات على عمليات أصغر نطاقا، تستهدف منع حماس من إعادة ترتيب صفوفها.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إن إسرائيل تقترب من هدفها المتمثل في تدمير القدرات العسكرية لحركة حماس. وأضاف أن العمليات الأقل كثافة ستستمر.

وأضاف: "إننا نتقدم نحو نهاية مرحلة القضاء على جيش حماس الإرهابي، وسنستمر في ضرب فلوله".

وتواصل حركتا حماس والجهاد الإسلامي شن هجمات على القوات الإسرائيلية الموجودة في قطاع غزة وتطلقان الصواريخ من وقت لآخر على إسرائيل.

وتقول حماس إن نتانياهو فشل في تحقيق أهداف الحرب وإن الحركة مستعدة للقتال لسنوات.

"سنتوقف دون نقاش"

وتعثرت جهود مصرية وقطرية، تدعمها الولايات المتحدة، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وتقول حماس إن أي اتفاق يجب أن يفضي إلى إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة. وتقول إسرائيل إنها ستوافق فقط على وقف مؤقت للقتال حتى يتسنى لها القضاء على حماس.

وردا على تصريحات غير محددة المصدر، أوردتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أفادت بأن إسرائيل قد تكون مستعدة لإنهاء الحرب دون تحقيق أهدافها، قال نتانياهو إن ذلك "لن يحصل".

وقال رئيس الوزراء: "لن نستسلم للرياح الانهزامية"، وفق بيان صادر عن مكتبه. وأضاف أن "الحرب ستنتهي عندما تحقق إسرائيل كل أهدافها، بما في ذلك القضاء على حماس وتحرير كل الرهائن".

وفي سياق متصل، قال نائب زعيم حزب الله، نعيم قاسم، الثلاثاء، إن الجماعة اللبنانية لا تستطيع القول ما إذا كانت ستوقف الأعمال العدائية ضد إسرائيل إذا انتهت الحرب في غزة دون وقف رسمي لإطلاق النار.

وقال قاسم لوكالة أسوشيتد برس من المقر السياسي لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، إنه "إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة، فسوف نتوقف دون أي نقاش".

ويحذر نائب زعيم حزب الله من أنه حتى لو كانت إسرائيل تعتزم شن عملية محدودة في لبنان لا تصل إلى حد حرب واسعة النطاق، فلا ينبغي لها أن تتوقع أن يظل القتال محدودا.

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، يجري تبادل إطلاق نار شبه يومي بين حزب الله والجيش الإسرائيلي عبر حدود لبنان الجنوبية.

وقال حزب الله، الثلاثاء، إنه أطلق عشرات الصواريخ من نوع كاتيوشا على ثكنة كريات شمونة "ردا على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة (..)".

مقالات مشابهة

  • لماذا أعلنت واشنطن لاءاتها بشأن ترتيبات ما بعد حرب غزة وما مدى واقعيتها؟
  • الموساد: إسرائيل تدرس رد حماس على اقتراح وقف إطلاق النار في غزة
  • إسرائيل تدرس رد حماس بشأن صفقة الأسرى وإنهاء الحرب
  • جيش الاحتلال يشتكي من نقص الذخائر ويريد هدنة في غزة
  • "سي إن بي سي": نزوح جديد في خان يونس نتيجة رد إسرائيل على صواريخ حماس
  • معضلة إسرائيل القادمة.. من يدير قطاع ​​غزة بعد الحرب؟
  • خلال ندوة لـ مركز الحوار.. أستاذ علوم سياسية: الحرب في غزة ستنتهي خلال 10 أيام
  • نزوح الآلاف وسط قصف إسرائيلي بجنوب غزة
  • نتنياهو وغزة بعد الحرب .. تقرير يكشف فرقا بين المعلن والخفي
  • نتنياهو: إسرائيل تتقدم إلى نهاية مرحلة القضاء على جيش حماس في غزة