الأمين العام للأمم المتحدة : الوضع في غزة صار ” كابوساً “
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
حيروت – وكالات
وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الاثنين، الوضع في غزة بالكابوس، معتبراً أن ما يحدث هو أكثر من أزمة إنسانية بل هو أزمة للإنسانية، ومحذرا في الآن نفسه من أن قطاع غزة أصبح “مقبرة للأطفال”.
وأضاف غوتيريش، خلال تصريحات صحافية بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، أن “العمليات البرية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية والقصف المستمر تضرب المدنيين والمستشفيات ومخيمات اللاجئين والمساجد والكنائس ومنشآت الأمم المتحدة التي تتضمن ملاجئ.
وتبنى غوتيريش من دون أي دلائل ما تدعيه حكومة الاحتلال الإسرائيلية وجيشها وحكومات غربية أن حركة “حماس ومسلحون آخرون يستخدمون المدنيين دروعاً بشرية ويواصلون إطلاق الصواريخ بلا تمييز على إسرائيل”، وقال إنه يجرى ارتكاب انتهاكات واضحة للقانون الإنساني الدولي، داعيا مرة أخرى إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.
وقال كذلك إن “الصراع المحتدم يهز العالم، ويهز المنطقة، والأكثر مأساوية أنه يدمر العديد من الأرواح البريئة”، مجدداً إدانته لعملية “طوفان الأقصى” واصفا إياها بـ”الإرهابية”. وكرر دعوته إلى الإفراج “الفوري وغير المشروط والآمن عن الرهائن المحتجزين في غزة”.
وأعرب عن قلقه البالغ “إزاء الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني الدولي التي نشهدها”، قائلاً: “اسمحوا لي أن أكون واضحا: لا يوجد طرف في نزاع مسلح فوق القانون الإنساني الدولي”، لكنه لم يسم إسرائيل بالاسم.
وركز على غزة حيث أشار إلى أنها أصبحت مقبرة للأطفال، قائلا: “تفيد التقارير بأن المئات من الفتيات والفتيان يُقتلون أو يُصابون كل يوم. وبحسب ما ورد، فإن عدد الصحافيين الذين قتلوا خلال فترة أربعة أسابيع أكثر من عددهم في أي صراع آخر خلال ثلاثة عقود على الأقل”. وأشار إلى أن الأمم المتحدة سجلت مقتل أكبر عدد من موظفيها العاملين في المجال الإنساني في غزة مقارنة بأي فترة مماثلة في تاريخ المنظمة.
الحاجة لوقف إطلاق النار
وشدد غوتيريس على “أن الكارثة التي تتكشف تجعل الحاجة إلى وقف إطلاق النار الإنساني أكثر إلحاحا مع مرور كل ساعة”، مطالباً بضرورة “وقف هذه المعاناة الجماعية اللاإنسانية وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية لغزة بشكل كبير”. وأشار إلى إطلاق الأمم المتحدة “نداءً إنسانيًا بقيمة 1.2 مليار دولار لمساعدة 2.7 مليون شخص، وهذا هو مجموع سكان قطاع غزة ونصف مليون فلسطيني في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية”.
ولفت إلى وصول بعض المساعدات المنقذة للحياة إلى غزة من مصر عبر معبر رفح، ووصفها بأنها هزيلة مؤكدا أنها لا تلبي الاحتياجات الكبيرة. وأكد أن “معبر رفح وحده لا يملك القدرة على التعامل مع شاحنات المساعدات بالحجم المطلوب.” وكشف أن الأمم المتحدة تمكنت خلال الأسبوعين الأخيرين من إدخال قرابة 400 شاحنة إلى القطاع فقط، مضيفاً: “وهذا لا يصل إلى عدد الشاحنات التي كان يجرى إدخالها قبل الحرب يوميا والتي كانت تصل إلى 500 شاحنة”.
وأشار إلى أن ذلك “لا يشمل الوقود. ومن دون الوقود، سيموت الأطفال حديثو الولادة في الحاضنات والمرضى الذين يحتاجون إلى أجهزة دعم الحياة. لا يمكن ضخ المياه أو تنقيتها”. وحذر من أن “مياه الصرف الصحي غير المعالجة قد تبدأ قريبا بغمر الشوارع، ما سيؤدي إلى انتشار الأمراض. وتقطع السبل بالشاحنات المحملة بالإغاثة الحرجة”.
الطريق إلى الأمام
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بوقف فوري إنساني لإطلاق النار، مشدداً على ضرورة اتخاذ عدد من الخطوات وبشكل فوري، بما فيها “احترام جميع الأطراف لجميع التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، وهذا يعني إطلاق سراح الرهائن في غزة من دون قيد أو شرط، وحماية المدنيين والمستشفيات ومرافق الأمم المتحدة والملاجئ والمدارس”.
وشدد على ضرورة تنفيذها كلها بشكل فوري ومن دون “أن يكون أي من هذه النداءات مشروطا بالآخر.” كما أشار إلى الحاجة إلى المزيد من التمويل.
كما عبر عن قلقه البالغ إزاء تصاعد العنف واتساع نطاق الصراع. وتطرق إلى الوضع في بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة وقال: “إن الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وصلت إلى نقطة الغليان. وعلينا ألا ننسى أيضًا أهمية معالجة أخطار امتداد الصراع إلى المنطقة الأوسع. إننا نشهد بالفعل دوامة من التصعيد من لبنان وسورية إلى العراق واليمن. ويجب أن يتوقف هذا التصعيد”.
وشدد على ضرورة تحريك الجهود الدبلوماسية، وضرورة وقف خطابات الكراهية والأعمال الاستفزازية. وعبر عن قلقه البالغ إزاء تصاعد معاداة السامية ومعادة المسلمين في الكثير من دول العالم.
طفل يقتل كل 10 دقائق
أفادت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بأنّ “طفلاً واحداً يُقتل ويُصاب طفلان آخران بجروح كلّ 10 دقائق في قطاع غزة، في المعدّل”، وذلك خلال العدوان الإسرائيلي غير المسبوق المتواصل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقد أكّدت “أونروا” ذلك في منشور لها على صفحتها الرسمية على منصة “إكس”، اليوم الاثنين، وسط الحرب المستمرّة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وأهله لليوم الواحد والثلاثين على التوالي.
وإذ رأت الوكالة الأممية أنّ “حماية المدنيين في خلال النزاعات ليست مطمحاً ولا هدفاً مثالياً، بل هي واجب والتزام تجاه إنسانيتنا المشتركة”، شدّدت على “وجوب حماية المدنيين أينما وُجدوا”.
وتفيد البيانات الأخيرة التي نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية في غزة بأنّ 4104 أطفال سقطوا من بين 10.022 شهيداً منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فيما يتخطّى عدد الجرحى 25 ألفاً، معظمهم من الأطفال. ولفتت الوزارة كذلك إل أنّها تلقّت 2350 بلاغاً عن مفقودين تحت الأنقاض، من بينهم نحو 1300 طفل.
في سياق متّصل، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، اليوم الاثنين، من أنّ قطاع غزة يتحوّل إلى “مقبرة للأطفال”، مبيّناً أنّ مئات الفتيات والفتيان يُقتلون أو يُصابون بجروح في كلّ يوم.
وهذه ليست المرّة الأولى التي تستخدم فيها المنظمة الأممية أو إحدى وكالاتها تعبير “مقبرة للأطفال”، للإشارة إلى فداحة ما يُرتكَب في القطاع المحاصَر والمستهدَف في حقّ صغار الفلسطينيين، في خلال الحرب الإسرائيلية المستمرّة لليوم الواحد والثلاثين.
فمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كانت قد أفادت في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بأنّ “قطاع غزة يتحوّل إلى مقبرة للأطفال”. أضافت أنّ “الأطفال في غزة لا يموتون من جرّاء القصف فحسب، بل كذلك بسبب نقص الرعاية الطبية التي يحتاجون إليها”. وبالتالي دعت “يونيسف” إلى وقف فوري لإطلاق النار وإلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة من دون انقطاع.
ودعا غوتيريس، في إفادته الصحافية اليوم، إلى وقف فوري لإطلاق النار، مشدّداً على أنّ ذلك يصير “أكثر إلحاحاً” مع مرور الوقت. ورأى أنّ “الكابوس الذي يعيشه قطاع غزة ليس أزمة إنسانية”، إنّما الامر يتخطّى ذلك ليصير “أزمة للإنسانية”.
في الإطار نفسه، شدّدت “يونيسف” في تدوينات لها نشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الاثنين، على الحاجة إلى “وقف إطلاق نار إنساني فوري” بالإضافة إلى عملية إيصال مستدامة ومن دون عوائق للمساعدات المنقذة للحياة. وأوضحت أنّ الأطفال هم أكثر من يعاني في خلال الحروب، لافتة إلى أنّ كلّ طفل وطفلة يستحقان السلام أينما وُجدا.
وإذ أفادت “يونيسف” بأنّها ملتزمة بالبقاء والعمل على الأرض من أجل إيصال المساعدات للأطفال في قطاع غزة، أشارت إلى أنّ عملية إيصال المساعدات الإنسانية تمثّل تحدياً كبيراً في القطاع المستهدَف.
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
العيسى في الأمم المتحدة: لا لربط الإرهاب بدين يعتنقه قرابة ملياري إنسان.. مواجهة “رهاب الإسلام” بترسيخ قيم التعايش السلمي
البلاد – جدة
أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، أن “رُهاب الإسلام” يأتي في مقدمة النماذج المُقلِقة لتصاعد خطاب الكراهية وممارساته الخطرة، وأنه لا يضر المسلمين وحدهم، بل يعزز التطرف والانقسامات داخل المجتمعات ذات التنوع الديني. وأشار العيسى إلى أن (رُهاب الإسلام) يُعد- وفق مفاهيم الكراهية- في طليعة مهدِّدات تحقيق المواطنة الشاملة، التي تنص عليها الدساتير المتحضرة والقوانين والمبادئ والأعراف الدولية، منبِّهًا إلى ما أدى إليه من أضرار وجرائم ضد المسلمين، لا تزال تمارس حتى اليوم بتصاعد مقلِق، وذلك وفق الإحصاءات الموثوقة، إضافة إلى عدد من حالات تهميش بعض المجتمعات المسلمة، وعرقلة اندماجها، أو منعها من الحصول على حقوقها الإنسانية. جاء ذلك في كلمة للدكتور محمد العيسى، خلال استضافته من الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مقرّها بنيويورك الجمعة؛ ليكون متحدثًا رئيسًا لإحياء اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام. وعقد العيسى في إطار استضافته من قبل الجمعية، مباحثات ثنائية مع رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، السيد فيليمون يانغ، تناولت ما بات يعرف بـ “رُهاب الإسلام”، وعددًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك. وتؤكد دعوة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي للحضور، وإلقاء كلمة الشعوب الإسلامية “حضوريًا”، في مقرّ الأمم المتحدة، ثقلَ الرابطة الدولي، وما تحظى به من احترام في كبرى المنظمات في العالم، وتأتي الدعوة اعترافًا بتأثير الرابطة في مكافحة “الإسلاموفوبيا” وخطابات الكراهية عمومًا، وبجهودها وتحالفاتها الدولية الواسعة في هذا السياق. وفي كلمته الرئيسة تحدَّث العيسى بإسهاب عن أسباب نشوء “رُهاب الإسلام”، كما شدّد على أن المسلمين الذين يناهزون اليوم نحو ملياري نسمة، يمثلون الصورة الحقيقية للإسلام، وهم يتفاعلون بإيجابية مع ما حولهم من العالم بتنوعه الديني والإثني والحضاري، منطلِقين من نداء الإسلام الداعي للتعارف الإنساني، كما في القرآن الكريم؛ إذ يقول الله تعالى:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا”. وشدَّد على أن “رُهاب الإسلام” ليس قضية دينية فحسب، بل هو قضية إنسانية تهدّد التعايش والسلم المجتمعي العالمي، مضيفًا: “وعندما نتحدث من هذه المنصة الدولية لا ندافع عن الإسلام وحده، بل ندافع كذلك عن المبادئ الإنسانية”.
وأضاف العيسى:” ولذلك نقول:” لا لجعل أتباع الأديان في مرمى الكراهية والعنصرية والتصنيف والإقصاء، ولا للشعارات الانتخابية المؤجِّجة للكراهية، ولا لمن يزرع الخوف ليحصد الأصوات، ولا للسياسات التي تبني مستقبلها على الخوف والانقسام، ولا للإعلام الذي يغذي العنصرية، ولا للمنصات التي تروج للفتنة، ولا للأكاذيب التي تزور الحقائق، وأيضًا لا لربط الإرهاب بدين يعتنقه قرابة ملياري إنسان، ولا للمتطرفين الذين يخطفون الدين، والإرهابِ الذي يشوه حقيقة الدين، وفي المقابل لا لمن يرفض أن يرى الحقيقة”.
وتابَع:” كما نقول أيضًا:” لا” للخوف من الآخر لمجرد اختلافه معنا في دينه، أو عرقه، فمن يتفق معك في الدين أو العرق، قد تكون لديه مخاطر على مجتمعه الديني أو العرقي تفوق أوهامك حول الآخرين”.
وحمَّل الشيخ العيسى المجتمعَ الدوليَّ مسؤولية بناء عالم يسوده التسامح والمحبة، مؤكِّدًا في الوقت ذاته أن على مؤسساته التعليمية والثقافية، مسؤولية أداء دور حيوي وملموس في تعزيز الوعي حاضرًا ومستقبلًا، وبخاصة عقول الصغار والشباب.