جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-26@06:23:23 GMT

الصديق بين الأمس واليوم والغد

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

الصديق بين الأمس واليوم والغد

 

سلطان بن ناصر القاسمي

 

نجتاز جميعًا مراحل مُتعددة في حياتنا، تتراوح بين الطفولة والشباب والنضج، وفي كل مرحلة من هذه المراحل، نجتمع بأصدقاء مُختلفين، وتتميز كل مرحلة بخصوصياتها الفريدة وكيفية التعامل معها.

تلك المراحل تمنحنا الفرصة لاكتساب خبرات جديدة، وفي بعض الأحيان تقدم لنا تحديات نحتاج إلى التغلب عليها، وبالتالي، يتجلى دور الأسرة بوضوح في توجيهنا خلال هذه المراحل المختلفة، حيث يجب علينا أن نفهم توجيهاتهم والفوائد المترتبة على ذلك، ومع ذلك، ينبغي للأسرة أيضًا أن تكون قريبة من اختيارات أبنائها فيما يتعلق بأصدقائهم، وهذا يتطلب أن تكون العلاقة بين الأبناء وأصدقائهم مبنية على التفاهم والثقة، كما ينبغي أيضًا مراعاة الفروق بين الأبناء الذكور والإناث فيما يتعلق بعلاقاتهم والتفاعل مع الأصدقاء، نظرًا للتباينات الجنسية في تلك العلاقات.

تأتي مرحلة الطفولة بسهولة تحكم وسيطرة على هذه العلاقات من قبل الأسرة؛ سواءً كان الأبناء أولادًا أم بناتًا، وبالتالي، يترتب على ذلك تأثيرها على سلوك الأبناء في المنزل والمجتمع والمدرسة، حيث تقتصر أساسًا على اللعب والاستمتاع دون الخروج إلى العالم الخارجي، وهذه المرحلة من وجهة نظري، لا تختلف كثيرًا بين الأولاد والبنات.

وفيما يتعلق بأخطر المراحل، تأتي مرحلة الشباب والمراهقة، إنها مرحلة تشكل تحديًا كبيرًا لأولياء الأمور، حيث تتراوح بين الطفولة البريئة والرشد البالغ بالتعقيد، ويعقب ذلك التغييرات الاجتماعية المتسارعة التي تستدعي تعديل آراء ومواقف المراهقين، وكما وصفها الأستاذ الدكتور طارق الحبيب، فإن هذه المرحلة تُشكل تحديًا كبيرًا للعديد من الأسر؛ حيث تحاول الأسرة الحفاظ على السيطرة والتوجيه فيما يتعلق بعلاقات أبنائها مع أصدقائهم، إلّا أن بيئة المدرسة والمجتمع لديها آراءها وتأثيرها الخاص في تشكيل تلك العلاقات.

ومع الأسف، قد يجد بعض الأبناء أن أصدقائهم يؤثرون في توجيههم ويعاندونهم بشأن قرارات الأسرة، وهنا تظهر العديد من التحديات والسلوكيات غير الصحية، وبالتالي، يصبح من الصعب التحكم فيها لاحقًا.

نصيحتي لأولياء الأمور هي أن يتبنوا لغة الحوار والمرونة في التعامل مع مشكلة توجيه أبنائهم خلال مرحلة المراهقة، كما يجب أن ندرك أن ما يتمسك به الأبناء في هذه المرحلة ليس إلا أفكاراً ومعتقدات مؤقتة من قبل أصدقائهم، ولهذا، يجب أن نتجنب استخدام العنف والضرب في التعامل معهم، حيث إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى المكابرة وزيادة تمسكهم بتلك المعتقدات بشكل أكبر، وأيضا يجب أن نسعى لفهم تحديات هذه المرحلة والعمل على مواجهتها بذكاء وتوجيه الأبناء نحو السلوكيات الإيجابية والصحية.

ومن خلال العديد من التجارب التي نعيشها ونسمع عنها، يتبين أن الأخطاء التي يرتكبها الشباب والأبناء في مرحلة المراهقة غالبًا ما تكون مجرد أوهام يضعها أصدقاؤهم السيئين في ذهنهم، وعليه، يجد الأبناء الذين يمرون بهذه المرحلة أن الاعتقاد بأخطائهم والمصارعة من أجلها ليست سوى طور عابر في مرحلة عمرية، وبناءً على ذلك، يمكن أن يكون التدارك للأخطاء والعودة عنها أفضل بكثير من المضي في الخطأ، وذلك وفقًا للقول المأثور الذي يقول: "أن تأتي متأخرًا خيرًا من ألا تأتي على الإطلاق."

إن مرحلة المراهقة تمثل فترة من التغييرات النفسية والسلوكية الكبيرة، وتتطلب تكييفًا لنمط تفكير الشباب الجديد وتغييرات في نمط سلوكهم، ونطلب من الله حفظهم من التأثر بأصدقاء السوء، وعليهم أن يكونوا حذرين ومنفتحين على توجيهات والديهم، كما يجب عليهم وضع هذه التوجيهات في اعتبارهم وتجاوز ما تدفعه لهم عواطفهم وانغماسهم في علاقات سلبية. كما إن تجنب العنف والعقوبات القاسية يمكن أن يساعد في تجنب تصاعد المشكلات والحفاظ على العلاقة الإيجابية بين الأهل وأبنائهم.

وبمرور الوقت، ينمو الأبناء ويتطورون من مرحلة المراهقة إلى مرحلة النضج، حيث يمكن للعديد منهم أن يستفيدوا من تلك الفترة لبناء علاقات أقوى وتطوير أنفسهم بشكل شامل.

إن تجارب الشباب التي تتضمن الصداقة مع أصدقاء سيئين يمكن أن تكون درسًا قيمًا في توجيههم نحو اختيار الأصدقاء الصالحين والنضج في تفكيرهم وسلوكهم.

ومن القصص الجميلة والواقعية التي مرت علي وعايشتها هي لبعض الشباب الذين كانوا مزعجين لوالديهم في تربيتهم وكثرة تحمل مشاكلهم وذلك بسبب اقترانهم بأصدقاء السوء، لنجدهم بعد ذلك يبنون أسراً صالحة والأبناء صالحين ملتزمين ومتفوقين دراسياً وعملياً .

وفي نهاية المطاف.. يبقى الصديق رفيقًا مهمًا في حياتنا، وإن فهم دور الصداقة على مراحل الحياة المختلفة وتقدير أهميتها يمكن أن يساعدنا في تطوير علاقات صحية وبناءة، كما يجب على الأسرة أن تلعب دورًا حيويًا في توجيه أبنائها نحو اختيار أصدقاء جيدين وتعزيز قيم الحوار والمرونة في التعامل معهم، حيث إن فهم أهمية الصداقة وكيفية تأثيرها على مراحل حياتنا يمكن أن يساعدنا جميعًا في بناء علاقات صحية وناجحة تستمر معنا طوال حياتنا.

 

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

للعام الثالث.. "سوبر مامي" في معرض الكتاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

للعام الثالث على التوالي، تشارك الدكتورة غادة عبد الرحيم، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، في معرض القاهرة الدولي للكتاب، بنصائحها للأمهات من أجل تنشئة سليمة، عبر كتابها "سوبر مامي" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب. 
في الكتاب، تعيد غادة عبد الرحيم تقديم منهج التربية الحديثة للأطفال في شكل "روشتات نفسية" للأمهات مكتوبة بصياغة تناسب جميع المستويات، وبأسلوب علمي مدعوم بصورة تعبيرية ونماذج علمية، تضع أقدام الأمهات على الطريق الصحيح لخلق جيل قوي وواعي.
وجاءت فكرة الكتاب من التجربة الشخصية لمؤلفته، فهي أم لثلاثة أطفال من الذكور، أنجبت أولهم وهي لا تزال شابة في سن العشرين، ما جعلها أمام تحد كبير، بين كونها في مقتبل العمر تحمل آمالا عملية وطموحات أكاديمية، وبين كونها أصبحت أمًا ولديها مسئوليات كبيرة، مع هذا، قررت القيام بالدورين معا. 
تقول: "كان الغالب عليَّ هي أمومتي، وكان أمامي تحدي أكبر في أن أكون مجرد أم عادية، أو أن أصبح "سوبر مامي"، ما دفعتني للاتجاه إلى دراسة علم النفس، والذي استفدت منه كثيرا في تربية الأبناء". 


وأكدت مؤلفة "سوبر مامي"، أن الأمومة لا تقتصر فقط على المأكل والمشرب للطفل، ولكنها تشارك في باقي اختيارات حياته، والتي تبدأ باختيار المجتمع المحيط به ونوعية المدرسة التي سيلحق بها "وهنا كانت هناك تحديات كبيرة، ساعدني في تخطيها دراستي في علم النفس التي ساهمت كثيرا في تربية أبناني بشكل صحيح". 
تضيف: "في الوقت الحالي، فإن الأم الآن هي "سوبر مامي" بالمعنى الحقيقي، فهي تعمل وتذاكر وترعى الأبناء في نفس الوقت، بينما عليها مواجهة تحديات عدة ومتنوعة في هذا العصر المليئة بوسائل التكنولوجيا وكم هائل من المعرفة الرقمية". 

مقالات مشابهة

  • مدير صندوق مكافحة الإدمان: علاج قضية الإدمان يحمي من مشكلات مجتمعية وأمنية
  • السكرتير المساعد بالفيوم يشهد لقاء خدمة المواطنين بيوسف الصديق
  • محافظ المنيا يعلن افتتاح مسجد أبو بكر الصديق بمركز أبو قرقاص
  • من العنف إلي ضمير أبلة حكمت.. من المسئول عن انهيار القيم؟
  • عضو «القومي للطفولة»: الفطام غير التدريجي يسبب صدمة للرضيع
  • أمريكا بين الأمس واليوم
  • افتتاح مسجد أبوبكر الصديق بقرية التل في بني سويف بتكلفة 5.5 مليون جنيه
  • للعام الثالث.. "سوبر مامي" في معرض الكتاب
  • أمس واليوم.. قوات الاحتلال تعتقل 22 فلسطينيًا في الضفة الغربية
  • ما هو جرح الأم المتوارث للأبناء ويؤثر على علاقتك بها؟