جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-07@16:41:38 GMT

الصديق بين الأمس واليوم والغد

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

الصديق بين الأمس واليوم والغد

 

سلطان بن ناصر القاسمي

 

نجتاز جميعًا مراحل مُتعددة في حياتنا، تتراوح بين الطفولة والشباب والنضج، وفي كل مرحلة من هذه المراحل، نجتمع بأصدقاء مُختلفين، وتتميز كل مرحلة بخصوصياتها الفريدة وكيفية التعامل معها.

تلك المراحل تمنحنا الفرصة لاكتساب خبرات جديدة، وفي بعض الأحيان تقدم لنا تحديات نحتاج إلى التغلب عليها، وبالتالي، يتجلى دور الأسرة بوضوح في توجيهنا خلال هذه المراحل المختلفة، حيث يجب علينا أن نفهم توجيهاتهم والفوائد المترتبة على ذلك، ومع ذلك، ينبغي للأسرة أيضًا أن تكون قريبة من اختيارات أبنائها فيما يتعلق بأصدقائهم، وهذا يتطلب أن تكون العلاقة بين الأبناء وأصدقائهم مبنية على التفاهم والثقة، كما ينبغي أيضًا مراعاة الفروق بين الأبناء الذكور والإناث فيما يتعلق بعلاقاتهم والتفاعل مع الأصدقاء، نظرًا للتباينات الجنسية في تلك العلاقات.

تأتي مرحلة الطفولة بسهولة تحكم وسيطرة على هذه العلاقات من قبل الأسرة؛ سواءً كان الأبناء أولادًا أم بناتًا، وبالتالي، يترتب على ذلك تأثيرها على سلوك الأبناء في المنزل والمجتمع والمدرسة، حيث تقتصر أساسًا على اللعب والاستمتاع دون الخروج إلى العالم الخارجي، وهذه المرحلة من وجهة نظري، لا تختلف كثيرًا بين الأولاد والبنات.

وفيما يتعلق بأخطر المراحل، تأتي مرحلة الشباب والمراهقة، إنها مرحلة تشكل تحديًا كبيرًا لأولياء الأمور، حيث تتراوح بين الطفولة البريئة والرشد البالغ بالتعقيد، ويعقب ذلك التغييرات الاجتماعية المتسارعة التي تستدعي تعديل آراء ومواقف المراهقين، وكما وصفها الأستاذ الدكتور طارق الحبيب، فإن هذه المرحلة تُشكل تحديًا كبيرًا للعديد من الأسر؛ حيث تحاول الأسرة الحفاظ على السيطرة والتوجيه فيما يتعلق بعلاقات أبنائها مع أصدقائهم، إلّا أن بيئة المدرسة والمجتمع لديها آراءها وتأثيرها الخاص في تشكيل تلك العلاقات.

ومع الأسف، قد يجد بعض الأبناء أن أصدقائهم يؤثرون في توجيههم ويعاندونهم بشأن قرارات الأسرة، وهنا تظهر العديد من التحديات والسلوكيات غير الصحية، وبالتالي، يصبح من الصعب التحكم فيها لاحقًا.

نصيحتي لأولياء الأمور هي أن يتبنوا لغة الحوار والمرونة في التعامل مع مشكلة توجيه أبنائهم خلال مرحلة المراهقة، كما يجب أن ندرك أن ما يتمسك به الأبناء في هذه المرحلة ليس إلا أفكاراً ومعتقدات مؤقتة من قبل أصدقائهم، ولهذا، يجب أن نتجنب استخدام العنف والضرب في التعامل معهم، حيث إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى المكابرة وزيادة تمسكهم بتلك المعتقدات بشكل أكبر، وأيضا يجب أن نسعى لفهم تحديات هذه المرحلة والعمل على مواجهتها بذكاء وتوجيه الأبناء نحو السلوكيات الإيجابية والصحية.

ومن خلال العديد من التجارب التي نعيشها ونسمع عنها، يتبين أن الأخطاء التي يرتكبها الشباب والأبناء في مرحلة المراهقة غالبًا ما تكون مجرد أوهام يضعها أصدقاؤهم السيئين في ذهنهم، وعليه، يجد الأبناء الذين يمرون بهذه المرحلة أن الاعتقاد بأخطائهم والمصارعة من أجلها ليست سوى طور عابر في مرحلة عمرية، وبناءً على ذلك، يمكن أن يكون التدارك للأخطاء والعودة عنها أفضل بكثير من المضي في الخطأ، وذلك وفقًا للقول المأثور الذي يقول: "أن تأتي متأخرًا خيرًا من ألا تأتي على الإطلاق."

إن مرحلة المراهقة تمثل فترة من التغييرات النفسية والسلوكية الكبيرة، وتتطلب تكييفًا لنمط تفكير الشباب الجديد وتغييرات في نمط سلوكهم، ونطلب من الله حفظهم من التأثر بأصدقاء السوء، وعليهم أن يكونوا حذرين ومنفتحين على توجيهات والديهم، كما يجب عليهم وضع هذه التوجيهات في اعتبارهم وتجاوز ما تدفعه لهم عواطفهم وانغماسهم في علاقات سلبية. كما إن تجنب العنف والعقوبات القاسية يمكن أن يساعد في تجنب تصاعد المشكلات والحفاظ على العلاقة الإيجابية بين الأهل وأبنائهم.

وبمرور الوقت، ينمو الأبناء ويتطورون من مرحلة المراهقة إلى مرحلة النضج، حيث يمكن للعديد منهم أن يستفيدوا من تلك الفترة لبناء علاقات أقوى وتطوير أنفسهم بشكل شامل.

إن تجارب الشباب التي تتضمن الصداقة مع أصدقاء سيئين يمكن أن تكون درسًا قيمًا في توجيههم نحو اختيار الأصدقاء الصالحين والنضج في تفكيرهم وسلوكهم.

ومن القصص الجميلة والواقعية التي مرت علي وعايشتها هي لبعض الشباب الذين كانوا مزعجين لوالديهم في تربيتهم وكثرة تحمل مشاكلهم وذلك بسبب اقترانهم بأصدقاء السوء، لنجدهم بعد ذلك يبنون أسراً صالحة والأبناء صالحين ملتزمين ومتفوقين دراسياً وعملياً .

وفي نهاية المطاف.. يبقى الصديق رفيقًا مهمًا في حياتنا، وإن فهم دور الصداقة على مراحل الحياة المختلفة وتقدير أهميتها يمكن أن يساعدنا في تطوير علاقات صحية وبناءة، كما يجب على الأسرة أن تلعب دورًا حيويًا في توجيه أبنائها نحو اختيار أصدقاء جيدين وتعزيز قيم الحوار والمرونة في التعامل معهم، حيث إن فهم أهمية الصداقة وكيفية تأثيرها على مراحل حياتنا يمكن أن يساعدنا جميعًا في بناء علاقات صحية وناجحة تستمر معنا طوال حياتنا.

 

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كيف يمكن للمثالية المفرطة أن تفسد إجازتك؟

بالنسبة للكثيرين، تُعد العطلة المنتظرة فرصةً لكسر الروتين والتطلع إلى مغامرات جديدة. قد تكون رحلةً لاستكشاف أماكن بعيدة، أو لحظات دافئة تجمع العائلة، أو حتى استراحةً ضرورية من ضغوط العمل. لكن بالنسبة للمثاليين والساعين للكمال، قد تتحول الإجازة إلى ساحة توتر بدلًا من مساحة استرخاء. فهم يضعون معايير عالية لأنفسهم، ويشعرون بالذنب حيال أي خلل بسيط، مما يجعلهم غير قادرين على الاستمتاع بالحاضر. وبينما تمتلئ العطلات بالمفاجآت، يجد المثاليون والكماليون صعوبة في تقبلها، فتتحول الإجازة من وقت ممتع إلى تحدٍّ نفسي مرهق.

لماذا نسعى إلى العطلة المثالية؟

في مقال لها على موقع "سيكولوجي توداي" تتناول إيمي مورن، الأخصائية الاجتماعية والمعالجة النفسية، أسباب سعي البعض وراء الإجازة المثالية، وتقول:

"السعي للكمال خلال العطلات يعني محاولة خلق نسخة مثالية منها، سواء كان ذلك عبر اختيار ديكورات متقنة، أو تنظيم تجمعات مثالية، أو الالتزام الصارم بالتقاليد. وغالبًا ما يعكس هذا النهج قضايا أعمق، مثل الحاجة للسيطرة، والخوف من الأحكام، أو محاولة إخفاء الشعور بالنقص. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تسهّل الأمر، إذ تُغرقنا بصور لعطلات مثالية، مما يعزز توقعات غير واقعية".

إعلان

نتخيل عطلتنا مثالية: طقس رائع، إقامة مريحة، وبرنامج يسير بسلاسة. لكن الواقع غالبا ما يحمل مفاجآت مثل التأخير أو الإرباك أو تغيّر المزاج. وعندما لا تتطابق التوقعات مع الواقع، قد نشعر بخيبة أمل، بدلًا من الاستمتاع بما هو متاح فعلًا.

كيف يوثر السعي للمثالية على الحالة النفسية؟

يمكن أن يكون للسعي وراء الكمال خلال العطلات آثار نفسية وعاطفية سلبية. فبينما يسهم التخطيط المعتدل في تعزيز الشعور بالسعادة، فإن المبالغة فيه قد تؤدي إلى توتر مفرط وقلق مستمر، بل وقد تتسبب في نشوب خلافات. إليك كيف يمكن لهذا النهج أن يؤثر على صحتك النفسية وعلاقاتك:

الساعون للكمال يميلون إلى تحميل أنفسهم أو الآخرين مسؤولية أي خلل بدلاً من تقبّل بعض الأمور ببساطة (بيكسلز) التخطيط المفرط يسبب التوتر بدلا من الاسترخاء

يرتبط السعي للكمال خلال العطلات بارتفاع مستويات التوتر والقلق، حيث يحاول الأفراد التوفيق بين أدوار متعددة مثل التخطيط والاستضافة والديكور، مما يجعل أي انحراف بسيط يبدو وكأنه فشل. كما أن التخطيط المفرط وتحميل الإجازة بجداول صارمة قد يحولها إلى عبء إضافي بدلًا من فرصة للاسترخاء، مما يجعل الشخص منشغلًا بالالتزامات بدلًا من الاستمتاع باللحظة.

فقدان العفوية والسحر الحقيقي للإجازات

أجمل اللحظات خلال الإجازات هي تلك غير المخطط لها، مثل العثور على مقهى مميز أثناء المشي في أحد الأزقة، أو الاستمتاع بمنظر غروب الشمس غير المتوقع. عندما يتم التخطيط لكل لحظة مسبقًا، فإن هذه اللحظات العفوية تصبح نادرة، ويفقد السفر عنصره العفوي والسحري الذي يجعله تجربة مميزة.

التأثير السلبي على العلاقات

السعي لعطلة مثالية قد يخلق توترًا داخل العائلة، حيث يشعر الشريك بالإهمال، ويتأثر الأطفال بالتوقعات العالية، وتتوتر الأجواء مع العائلة الممتدة. تنظيم كل تفصيل بدقة يرهق الجميع، ويؤدي إلى خلافات بسبب تضارب الرغبات والتوقعات.

الشعور بالذنب وعدم الرضا

حين لا تسير الأمور كما خُطّط لها، غالبًا ما يشعر المثاليون بالذنب أو الفشل، وكأنهم أخفقوا في تحقيق "العطلة المثالية". هذا الشعور يُفقدهم القدرة على تقدير اللحظات الجميلة المتاحة، ويدفعهم للتركيز على ما لم يحدث، مما يقلل من رضاهم عن التجربة بأكملها.

توضح جينيفر لاتشايكين، وهي معالجة مرخصة في قضايا الزواج والأسرة، أن الأشخاص الساعين للكمال يميلون إلى تحميل أنفسهم أو الآخرين مسؤولية أي خلل، بدلا من تقبّل أن بعض الأمور ببساطة خارجة عن السيطرة. وغالبًا ما يتسبب ذلك في خلق توقعات غير واقعية تؤدي إلى صراعات داخلية. قد يلومون أنفسهم لعدم الحجز المسبق عند نفاد تذاكر المتحف، أو يوجّهون الانتقاد لشركائهم لاختيارهم مطعمًا مزدحمًا، مما يرفع مستوى التوتر ويفسد متعة اللحظة.

التخطيط الجيد للعطلة ضروري لكنه لا يجب أن يكون صارما (بيكسلز) كيف تتخلص من المثالية أثناء الإجازات؟

إذا كانت المثالية تُثقل عطلتك، فأنت لست وحدك. الخبر الجيد أن التحرر منها ممكن عبر الوعي والممارسة. إليك طرقًا تساعدك على الاستمتاع بالعطلة بعيدًا عن ضغوط الكمال.

إعلان خطط بمرونة دون مبالغة

التخطيط الجيد للعطلة ضروري، لكنه لا يجب أن يكون صارمًا. اترك مساحة للعفوية، فبعض أجمل اللحظات تأتي دون ترتيب مسبق. عندما تتغير الخطط بسبب ظروف خارجية كالتأخيرات أو الطقس، لا تدع الإحباط يسيطر، بل تكيف مع الوضع وابحث عن بدائل ممتعة ليومك.

وزع المهام وشارك الآخرين المسؤولية

يميل الكماليون إلى الرغبة في التحكم بكل التفاصيل، لكن من المفيد تحدي هذا الميل بتفويض المهام للآخرين، كطلب المساعدة في الطهي أو تزيين المنزل. مشاركة المسؤوليات تخفف العبء وتعزز الروابط. تذكّر أن الآخرين قد لا ينفذون الأمور بطريقتك، وهذا طبيعي. عند السفر، شارك التخطيط لخلق تجربة جماعية مريحة ومتوازنة.

ركز على التجربة وليس على التفاصيل

بدلًا من الانشغال بالسعي للكمال، ركّز على الاستمتاع بالحاضر. لا بأس إن لم تلتقط الصورة المثالية أو فاتتك بعض المعالم السياحية، فالمتعة تكمن في اللحظة نفسها. تذكّر أن الكمال وهم، والنقص ليس فشلًا بل سمة بشرية. فحتى وجبة بسيطة أو زينة غير متقنة قد تصنع ذكريات جميلة تُضحكك لاحقًا. امنح نفسك مرونة، واسمح للخطط بالتكيّف مع الواقع.

السعي لعطلة مثالية قد يخلق توترًا داخل العائلة (بيكسلز) توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين

تجنب مقارنة عطلتك بصور مثالية على مواقع التواصل أو بما تُظهره الأفلام، فغالبًا ما تكون بعيدة عن الواقع. هذه المقارنات تُضعف تقديرك للحظة. بدلاً من ذلك، ركز على ما تملكه فعليًا واشعر بالامتنان له، فالسعادة الحقيقية تكمن في تقدير الواقع لا في ملاحقة الكمال الوهمي.

السعي للكمال قد يحوّل الإجازة إلى تجربة مرهقة بدلًا من فرصة للراحة، لكن تقبّل العفوية والمرونة يفتح الباب للاستمتاع الحقيقي. اجعل هدفك عيش اللحظة وتقديرها، فالجمال يكمن في التفاصيل البسيطة، لا في التخطيط الدقيق. اللحظات العفوية غالبًا ما تترك أعمق الأثر وأجمل الذكريات.

مقالات مشابهة

  • «الصديق المفترس».. الرئيس الأمريكي يسعى لتقويض نظام عالمي حافظ على السلام في أوروبا لأكثر من 80 عامًا
  • نتائج مثيرة بـ"الشاطئية الخليجية".. واليوم مباراة قوية بين الأحمر العماني والأخضر السعودي
  • بِرُّ الوالدين أمْرٌ إلهي
  • كيف يمكن للمثالية المفرطة أن تفسد إجازتك؟
  • مختصون: حماية الأحداث مسؤولية مشتركة .. والعقوبات البديلة ضرورة للإصلاح
  • دعاء لحفظ الأبناء وتحصين المنزل من كل شر.. ردده كل يوم
  • "الصديق المفترس".. كيف يهدد ترامب التحالف مع أوروبا؟
  • مع اقتراب امتحانات الثانوية العامة.. «مؤسس ائتلاف أولياء الأمور» تقدم نصائح للطلاب
  • بالتاريخ واليوم.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 للنظام الجديد والقديم
  • كيف نتجاوز معضلة القلق عند الطلبة؟