تمويل التعليم العالي وتحدياته في عُمان (3)
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
د. ماهر بن أحمد البحراني
تتعدد مصادر تمويل التعليم العالي في سلطنة عُمان حيث تعتمد مؤسسات التعليم العالي الحكومية على التمويل الحكومي بصورة كلية، أما مؤسسات التعليم العالي الخاصة فإنها تعتمد على مساهمة المستثمرين والقروض التي تحصل عليها من جهات التمويل الحكومية والخاصة، كما تعتمد على الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة على شكل دعم مالي يعادل 50% من رأس مال الجامعة وبحد أقصى 3 ملايين ريال عماني، كما تقدم دعمًا ماليًا للجامعات يقدر بـ17 مليون ريال عماني يُنفق على الأبنية والتجهيزات التي تحتاجها الجامعات الخاصة، وهي: جامعة صحار، وجامعة نزوى، وجامعة ظفار، وجامعة البريمي، وجامعة الشرقية، وجامعة مسقط، كما تُقَدَّم الأراضي المناسبة للجامعات والكليات الخاصة.
وتعتمد هذه المؤسسات الخاصة على البعثات الداخلية التي تخصصها الحكومة للطلبة العمانيين للدراسة بهذه المؤسسات، وهو يعتبر دعمًا غير مباشر للجامعات والكليات الخاصة، وأيضا تعتمد على الرسوم الدراسية التي تفرضها على الطلبة الملتحقين بها على نفقتهم الخاصة.
وعند معرفة مقدار المبالغ التي تُصرف على قطاع التعليم من المؤسسات التعليمية الحكومية والبعثات الحكومية لمؤسسات التعليم العالي الخاصة والبعثات الخارجية، نلاحظ حجم هذه المبالغ والتي بلغت 2.007 مليار ريال عماني في العام 2020، كما بلغت إيرادات هذه المؤسسات بالعام نفسه 9.2 مليون ريال عماني؛ حيث نرى مقدار الصرف مقابل الإيرادات التي تعد ضئيلة؛ إذ تُمثل الإيرادات 0.45% من إجمالي المصروفات لقطاع التعليم، وارتفعت هذه النسبة إلى 1.7% في عام 2022، حيث بلغ الإنفاق 1.943 مليار ريال عماني، وبلغت الإيرادات 33.968 مليون ريال عماني، ويعد هذا مؤشرًا جيدًا يدل على كفاءة التحصيل ونتيجة لتوجه الدولة حول تحويل الإيرادات جميعهن للخزانة العامة للدولة، كما أن زيادة اهتمام القطاع التعليمي على تعزيز الإيرادات لكي يكون رافدًا جيدًا لإيرادات الدول ولتخفيف العبء على موازنة الدولة. ونتيجة لكثير من العوامل تعدد تحديات تمويل التعليم العالي في سلطنة عمان، وسوف نذكر بعضها على سبيل المثال، وليس الحصر وهي:
1. زيادة الطلب للالتحاق بالتعليم العالي من قبل الطلبة في ظل قلة الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي الحكومية؛ بسبب قلة الموارد المالية المتاحة؛ حيث إن ارتفاع الطلب من قبل الطلبة للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي الحكومية والبعثات الداخلية والخارجية على نفقة الحكومة يفوق قدرة الحكومة على تمويل العدد الكبير الذي يقدر عدد خريجي دبلوم التعليم العام بأكثر من 57 ألف طالب سنويا، ويتم قبول بمعدل حوالي عدد 30 ألف طالب سنويا، أي يوجد حوالي أكثر من 25 ألف طالب سنويا بدون حصولهم على أي تعليم بعد دبلوم التعليم العام، وهذا يتطلب الوقوف عليه، وكيف يمكن استيعاب أكبر عدد ممكن في برامج أخرى أو زيادة الطاقة الاستيعابية.
2. الاعتماد الكامل من مؤسسات التعليم العالي الحكومية على التمويل الحكومي، مع عدم إمكانية هذه المؤسسات في البحث على مصادر تمويل أخرى؛ بسبب الأنظمة والقوانين التي تجبرها على تحويل هذه الإيرادات إلى وزارة المالية بدون استفادة هذه المؤسسات من حصيلة إيراداتها، ويجب وضع برنامج قصير المدى من أجل مساعدة هذه المؤسسات في تنويع مصادرها من خلال برامج متعددة لزيادة إراداتها وترشيد الإنفاق في بعض البنود بموازنات هذه المؤسسات.
3. تعدد جهات الإشراف على مؤسسات التعليم العالي الحكومية، والذي يؤدي إلى تعدد البرامج الدراسية والمؤسسات في المحافظات نفسها بالسلطنة، على الرغم من صدور مراسيم تنظيم الجهاز الإداري للدولة في عام 2020 ودمج مؤسسات الدولة ما زالت مؤسسات التعليم العالي الحكومية بدون جهة مركزية للإشراف عليها، وما زالت مبعثرة بدون توجه استراتيجي وبدون خطة استراتيجية بعيدة المدى.
4. التكاليف العالية التي تتطلبها هذه المؤسسات للبناء والتجهيز، بسبب تبعيتها لنظام المناقصات الحكومية الذي تخضع له كل مؤسسات الدولة الحكومية، حيث إن ذلك يتطلب توحيدًا في الإجراءات لمؤسسات التعليم العالي، وتوحيد متطلبات الأبنية والتجهيزات لمؤسسات التعليم العالي الحكومية.
5. النقص في الكوادر البشرية العمانية من أعضاء هيئة التدريس المطلوبة هذه المؤسسات، وما يتطلبه ذلك من المبالغ المالية اللازمة من تأهيل وتدريب الكوادر البشرية العمانية من أجل تحقيق التعمين في هذه المؤسسات، وهذا يتطلب توحيد الجهود في إعداد برنامج وطني تشرف عليه الحكومة في تأهيل الكوادر العمانية في مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة.
6. تحديات الجودة وما يتبعه من ضرورة الالتزام بها لتحقيق الكفاءة اللازمة، وما يتبعه ذلك من التكاليف المالية لتحقيق الجودة، يجب وضع الأسس والإجراءات اللازمة وتوفير القدرات المالية والبشرية لتحقيق الجودة المنشودة لمؤسسات التعليم العالي الحكومية.
يُتبع،،
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
التعليم العالي: عقد ورشة العمل الثانية لتعزيز تواجد "المعاهد العليا المتميزة
عقدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ورشة العمل الثانية لتعزيز تواجد "المعاهد العليا المتميزة" في التصنيفات الدولية، وذلك تنفيذًا لتوجيهات الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وبالتعاون مع بنك المعرفة المصري، بحضور الدكتور جودة غانم رئيس قطاع التعليم وأمين المجلس الأعلى لشؤون المعاهد، والأستاذة علا لورانس مستشار بنك المعرفة المصري، والدكتور سامي ضيف، رئيس الإدارة المركزية للتعليم الخاص، وممثلي المعاهد الحاصلة على تقييم (+A).
في بداية الاجتماع، أشار الدكتور جودة غانم إلى متابعة توجيهات الدكتور أيمن عاشور بتحسين تواجد المعاهد العليا في التصنيفات الدولية، بالتعاون مع بنك المعرفة المصري، الذي أصبح الآن واحدًا من أقوى المنصات الرقمية عالميًا في مجال نقل المعرفة، إلى جانب دوره في دعم الباحثين، مؤكدًا ضرورة حرص المعاهد على الاستفادة من الخدمات المختلفة التي يقدمها البنك في دعم قدرات أعضاء هيئة التدريس والباحثين بالمعاهد، وتعزيز جودة العملية التعليمية بها، بما يساعدها في استيفاء المعايير المطلوبة للتقدم للتصنيفات الدولية المرموقة، لافتًا لأهمية الورش المنعقدة مع بنك المعرفة المصري لرفع الوعي بأهمية التصنيفات الدولية وأُطر التقدم إليها، وتحقيق تقدم ملموس للمعاهد العليا المتميزة على مستوى مؤشرات التصنيف، وكذلك متابعة تقييم العمل باستمرار لقياس انعكاسها على نجاح المعاهد في تحسين ترتيبها داخل التصنيفات الدولية.
وأشار الدكتور جودة إلى إعلان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن تبنيها خطة شاملة تهدف إلى تطوير المعاهد العليا القائمة وإنشاء معاهد جديدة في عدد من المحافظات، وذلك في إطار سعيها لتحقيق توزيع جغرافي عادل للمؤسسات التعليمية وتلبية احتياجات المناطق التي تعاني من نقص في الخدمات التعليمية، ضمن رؤية استراتيجية تستهدف الارتقاء بجودة التعليم الفني والتكنولوجي وربطه بشكل مباشر بسوق العمل.
ومن جانبها، أكدت الأستاذة علا لورانس أن ورشة العمل الأولى التي تم عقدها مع "المعاهد العليا المتميزة" الحاصلة على تقييم (+A) حققت نتائج مثمرة، مشيرة إلى الاستجابة القوية من المعاهد المشاركة في الورشة الأولى.
وأوضحت أن بنك المعرفة تخطى كونه مجرد منصة معرفية تهدف إلى توفير الوصول لمصادر المعرفة، إلى كونه يقدم العديد من الخدمات في التدريب والتعليم، إلى جانب تعاونه مع العديد من الناشرين الدوليين البارزين.
وتناولت الورشة الثانية التركيز على آليات تعزيز النشر الدولي، وضرورة تأسيس مجلات علمية مُحكَّمة خاصة بالمعاهد العليا المتميزة، حتى تفتح الباب أمام التوسع في النشر العلمي المُحكَّم، تمهيدًا لرفع معدلات النشر الدولي بالمعاهد، باعتباره من أهم مؤشرات التصنيف العالمية. كما تم التشديد على دعم وتمكين أعضاء هيئة التدريس وتوفير فرص تدريبية لهم، لتحفيزهم على إنتاج أبحاث علمية متميزة قابلة للنشر في المجلات الدولية المعتمدة.
وأكدت الورشة أهمية ربط المعاهد العليا المتميزة بالصناعة واحتياجات سوق العمل، من خلال تفعيل الشراكات مع القطاعات الصناعية والإنتاجية، وتشجيع الأبحاث التطبيقية، والتوسع في البرامج الدراسية البينية والمهنية التي تلبي متطلبات التنمية المستدامة وتُعزّز فرص التوظيف.
واشتملت الورشة على عروض تفصيلية قدمها بنك المعرفة المصري حول آليات دعم المعاهد في مجالات النشر العلمي، وإتاحة المجلات العلمية الخاصة بها على المنصات العالمية، بما ينعكس إيجابيًا على نسب الاستشهاد والاقتباس، وهي من المعايير الجوهرية في التصنيفات.
وتم الاتفاق على تنظيم المزيد من الدورات التدريبية للمعاهد العليا المتميزة بالتنسيق مع بنك المعرفة المصري، لتسهيل خطوات إصدار المعاهد للمجلات العلمية، والتواصل مع كبرى دور النشر العالمية.
كما تم استعراض خطط العمل التي انطلقت عقب الورشة الأولى، ومنها الاجتماعات الفردية مع المعاهد لشرح آليات الوصول لخدمات بنك المعرفة بشكل تفصيلي، وتحديد الفرص التحسينية لكل معهد على حدة. وتم التأكيد على الإعلان الجيد عن البرامج التدريبية المتخصصة التي يقدمها بنك المعرفة المصري لأعضاء هيئة التدريس ومسؤولي التصنيفات بالمعاهد، للوصول لأكبر عدد من المشاركين وتوسيع نطاق الاستفادة منها.
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور أيمن عاشور كان قد عقد اجتماعًا سابقًا مع عمداء ورؤساء مجالس إدارة "المعاهد العليا المتميزة" التي حصلت على تقييم (+A) بنتائج لجنة تقييم المعاهد العليا، ووجه الوزير خلال الاجتماع بضرورة تكثيف العمل على تطوير العملية التعليمية، وتحديث اللوائح الدراسية، ومتابعة التقييم المستمر للبرامج، مع إدخال البرامج البينية والعابرة للتخصصات، وربط المعاهد بالصناعة، والتقدم للحصول على الجودة، والعمل على ضم المعاهد المتميزة لمنصة "ادرس في مصر"، وتحفيزها لاستقبال الطلاب الوافدين، وتكثيف جهودها لضمان التواجد الفعّال في التصنيفات الدولية.