جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-17@00:44:51 GMT

دروس مستفادة من غزة

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

دروس مستفادة من غزة

 

سالم كشوب

أحداثُ السابع من أكتوبر الماضي أعادت إلى ذاكرة الكثيرين مأساة إنسانية لشعب عانى منذ أربعينات القرن الماضي، ولا يزال، من تكالب العالم الغربي ضد حقه المشروع في العيش في أرضه بسلام شعب محاصر تُمارس عليه أبشع القوانين والإجراءات في أطول سجن بشري شهده العالم، وبالتالي لا نستغرب ردة فعله في التعبير عن حقه في دفع الظلم والقهر الذي يعانيه وعايشته أجيال من الشعب الفلسطيني التي رغم كل الجراح والآلام لا تزال تدافع عن حقها في وطنها الأصلي، وهي تدافع عن أمة عربية كانت سابقا تعرف بنجدة المظلوم والوقوف ضد الظالم، ولكن ظروف التخاذل والتحالف الغربي في زرع كيان محتل مسموح له بممارسة كل الجرائم الإنسانية هو ما عاناه هذا الشعب الأبي الصامد، الذي رغم الظروف كلها يقف شامخا مدافعا بكل عزة وكبرياء عن حقه المشروع.

أحداث طوفان الأقصى مهما اختلف المحللون في أسبابها، فقد حملت لنا العديد من الدروس والعبر لمن أراد أن يتعلم من دروس التاريخ، وأول هذه الدروس انكشاف زيف وادعاءات الغرب بالديمقراطية ونبذ العنف، وهو ما شاهدناه من وقوف الدول الغربية مع العدو المحتل في جرائمه وصمت المنظمات الدولية في حرب الإبادة والجرائم التي مورست ضد الأبرياء في غزة، والتي لم تسلم منها المدارس والمستشفيات وأماكن العبادة؛ وبالتالي سياسة الكيل بمكيالين من تشدق بهذه القوانين عندما تتعلق القضية بالدول العربية وسياسة الصمت عندما يكون الحديث عن الكيان المحتل أصبحت ظاهرة للعيان.

ما يحز في النفس مشاهد الإبادة الجماعية المتعمدة للأبرياء العزل وعدم القدرة على إدخال عبوة ماء أو دواء للأبرياء في هذا السجن الذي يقبعون فيه، وكذلك نبرة التهديد والوعيد من هذا الكيان لمن يحاول أن يتدخل لإنقاذ هؤلاء الأبرياء في ظل الدعم الكبير واللامحدود من الدول الغربية، وتوافد رؤساء تلك الدول والتعبير عن تضامنهم وتأييدهم لإجرام الكيان المحتل.

وفي المقابل لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مُهمًا ومؤثرًا في كشف إجرام العدو المحتل وهزائمه الكبيرة التي تكبدها في أرض المعركة، وأظهرت مدى قوتها وتأثيرها الكبير متفوقة على وسائل الإعلام التقليدية، كما أظهرت شجاعة الفلسطيني وإيمانه بعدالة قضيته من جانب ومشاهد الهروب الجماعي لمواطني هذا الكيان المحتل إلى المطارات؛ لأنهم بالأساس ليسوا أصحاب قضية عادلة، وإنما مزدوجو الجنسية، وجُنِّسُوا في مكان اُحْتُلّ وبالتالي لن يدافعوا عن وطن ليس بوطنهم وأرض ليست بأرضهم، ولا يملكون إلا الضعف والجبن والغدر.

أحداث طوفان الأقصى أعطتنا درسًا بعدم الاعتماد والرهان على من أحدث الخراب في بعض الدول العربية من أجل وقف إرهاب العدو المحتل، فمن ساهم في إضعاف قدرات بعض الدول العربية وجعلها تعاني ويلات الحروب والدمار لن يكون في يوم من الأيام طرف في نصرة القضية الفلسطينية، وإنما فقط يمارس مسرحيته الهزلية المتكررة، والتي للأسف لا يزال يصدق فصولها البعض.

ختامًا.. نرجو النصر المبين للأشقاء في فلسطين، وأن يعيشوا بسلام واستقرار، وأحداث التاريخ تؤكد أن الوطن واستقراره هو الأهم دون الاهتمام ببعض شعارات الديمقراطية وبيع الوهم، وأن نحمد الله على مختلف النعم التي نعيشها في حياتنا؛ فدقيقة من الأمن والاستقرار والطمأنينة تعادل الكثير، والعبرة بمن تجرع مرارة الحروب والاغتراب بعد تصديقه للوهم الذي التي نشره ممن يقتات على حساب الشعوب.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل تعلّم الجولاني من دروسَ العراق؟

تناول مايكل إيفانز، الكاتب الصحافي المتخصص في الشؤون الدفاعية والعسكرية، كيفية استخدام أبو محمد الجولاني، زعيم "هيئة تحرير الشام"، دروساً من التاريخ الحديث لفرض سيطرته على دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد.

أوجدت تصرفات الجولاني فرصة للمشاركة، لكن الشكوك في نواياه ما تزال عالية

وسلط إيفانز الضوء على النهج البراغماتي الذي يتبناه الجولاني في الحكم، وقارنه بخطوات قديمة خاطئة مثل قرار اجتثاث حزب البعث الذي أقدمت عليه الولايات المتحدة في العراق في 2003، والذي كانت له عواقب وخيمة. نهج مدروس للحكم

وقال الكاتب في مقاله بموقع مجلة "سبكتاتور" البريطانية إن الجولاني، الذي يفضل الآن اسمه الحقيقي أحمد الشرع، فاجأ الكثيرين باختياره عدم تفكيك الهياكل المؤسسية للدولة السورية عند توليه السلطة. وبدلاً من تنفيذ تطهير شامل للخدمة المدنية التي دعمت سلالة الأسد التي استمرت 53 عاماً، دعا إلى استمرارية العمليات الحكومية. ودُعي الموظفون المدنيون إلى البقاء في مناصبهم لضمان الاستقرار والوظائف خلال هذه المرحلة الانتقالية الحرجة.
وعقد الكاتب مقارنة بين قرارات الجولاني والسياسات المثيرة للجدل التي تم إقرارها في العراق بعد سقوط صدام حسين. في عام 2003، نفذ بول بريمر، المسؤول الأمريكي في العراق بعد الحرب، سياسة شاملة لاجتثاث البعث، فقام بتفكيك الخدمة المدنية وحل الجيش العراقي.

'Provided pragmatism wins and ideology is contained, the lessons of the past in Iraq and Libya will guide the new Syrian leaders, as the world comes to terms with the downfall of what foreign secretary David Lammy called ‘a monster’.'

✍️ Michael Evans https://t.co/FkrcwQQe9R

— The Spectator (@spectator) December 11, 2024

وقد أدى هذا إلى خلق فراغ هائل في السلطة، مما أدى إلى الفوضى والبطالة على نطاق واسع، وعزل جزء كبير من السكان العراقيين. وأصبح البعثيون السابقون الساخطون والجنود المسرحون أرضا خصبة للتمرد، مما مهد الطريق لصعود جماعات متطرفة مثل داعش.
اختار الجولاني، الحريص على تجنب هذه الأخطاء، استراتيجية أكثر دقة. وفي حين يخطط لمقاضاة المسؤولين العسكريين والأمنيين المتورطين في جرائم حرب، بما يتماشى مع إطار قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، فإنه يؤكد على الحفاظ على الآلية الإدارية الأوسع سليمة. ويعمل هذا النهج البراغماتي على التخفيف من مخاطر السخط الجماعي والانهيار المؤسسي خلال فترة متقلبة من التغيير السياسي.


التعلم من أخطاء العراق

وأكد الكاتب أهمية الدروس التاريخية في تشكيل سياسات الجولاني. وتوفر لنا عواقب الغزو الأمريكي للعراق قصة تحذيرية. فعلى الرغم من تحذيرات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وقادة الجيش الأمريكي، أدى قرار بريمر بطرد كبار البعثيين وحل القوات المسلحة لصدام إلى شل أجهزة الحكم والأمن في العراق. وأدى عدم الاستقرار الناتج عن ذلك إلى سنوات من التمرد والعنف الطائفي وظهور تنظيم "داعش"، مع عواقب مدمرة على المنطقة.
في لحظة ثاقبة قبل غزو عام 2003، تصور اللواء البريطاني روبن بريِمز، قائد الفرقة المدرعة البريطانية الأولى، نهجاً مختلفاً. واقترح أن الجنود العراقيين غير الراغبين في القتال يمكنهم البقاء في ثكناتهم، مما يساهم في استقرار العراق بعد الحرب. لكن هذه الرؤية تم تجاهلها، وبدلاً من ذلك اتبع التحالف سياسات أدت إلى تنفير قطاعات رئيسة من المجتمع العراقي.
وقال الكاتب إن الجولاني ربما استوعب هذه الدروس، وأدرك أهمية الحفاظ على جهاز الدولة العامل لتجنب فوضى مماثلة.


تحديات وفرص

في دمشق، قد يخشى العديد من الموظفين الحكوميين الموالين للأسد الانتقام ويترددون في العودة إلى العمل. ومع ذلك، فإن تأكيدات الجولاني على الاستمرارية قد تشجعهم على استئناف أدوارهم. وفي الوقت نفسه، فإن السعي إلى تحقيق العدالة ضد أقرب حلفاء الأسد يعكس الحملة الأمريكية للقبض على شخصيات رئيسية من نظام صدام. وسيكون هذا التوازن الدقيق ــ محاسبة الأفراد على الفظائع مع الحفاظ على سلامة المؤسسات ــ حاسماً في تحديد استقرار سوريا في المستقبل.
وسلط إيفانز الضوء على الآثار الأوسع نطاقاً لأفعال الجولاني. إن الفترة الانتقالية في دمشق تقدم فرصة محورية للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتشكيل مسار سوريا. ويتعين على الدول العربية والقوى الغربية وإسرائيل أن تبحر في هذه اللحظة بعناية، وأن تزن إمكانات التعاون مع القيادة الجديدة في مواجهة مخاطر تجدد الصراع. بالإضافة إلى ذلك، فإن سقوط الأسد له عواقب بعيدة المدى على داعميه، روسيا وإيران، اللتين أصبح نفوذهما في سوريا الآن مهدداً.


براغماتية مقابل أيديولوجيا

وأضاف الكاتب أن براغماتية الجولاني لا تمحو ماضيه النضالي أو ميوله الأيديولوجية. وفي حين نال نهجه موافقة حذرة من بعض الأوساط، فما زال من غير الواضح ما إذا كان قادراً على الحفاظ على هذا التوازن بين الحكم العملي والالتزام الأيديولوجي؛ فالاستقرار في الأراضي التي كانت تحت سيطرة الأسد سابقاً ستتوقف على قدرة الجولاني على قمع الاتجاهات المتطرفة داخل صفوفه مع تعزيز الثقة بين الشعب السوري.

Cautiously optimistic and useful take on #Syria by @MikeEvansTimes in the @spectator: if al-Shar’a has learned the lessons of Iraq, then at least someone has. Hope for the best and prepare for the worst, as usual in international politics.https://t.co/qZOSjc9bXs

— Eliot Wilson (@EliotWilson2) December 11, 2024

وتابع الكاتب "المجتمع الدولي يواجه أيضاً منعطفاً حاسماً. أوجدت تصرفات الجولاني فرصة للمشاركة، لكن الشكوك في نواياه ما تزال عالية".
ولفت إيفانز النظر إلى أن الاستجابة العالمية ستلعب دوراً حاسماً في تشكيل مستقبل سوريا. وإذا سادت البراغماتية وتم احتواء التطرف الأيديولوجي، فهناك إمكانية للتقدم. ومع ذلك، فإن الفشل في اغتنام هذه اللحظة قد يدفع سوريا إلى المزيد من الاضطرابات.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "في حال تمكن الجولاني من الوفاء بالتزامه بالاستقرار والمساءلة، فقد تصبح دمشق رمزاً للصمود في مواجهة عقود من الاستبداد. وعلى العكس من ذلك، إذا تغلبت الأيديولوجية على البراغماتية، فقد تصبح سوريا قصة تحذير أخرى في سجلات تاريخ الشرق الأوسط".

مقالات مشابهة

  • التحديات التي تواجه لقاحات كورونا الجديدة
  • البرلمان العربي يشيد بالجهود والإنجازات التي حققتها سلطنة عمان في مجال حقوق الإنسان تحت قيادة السلطان هيثم
  • الجامعة العربية تدين خطة توسيع الاستيطان الإسرائيلي في الجولان
  • مجموعة دول غرب أفريقيا "الإيكواس" تمنح مهلة أخيرة للدول الثلاث التي شب انقلابيوها عن الطوق
  • الجامعة العربية تدين موافقة الحكومة الإسرائيلية على خطة توسيع المستوطنات في الجولان المحتل
  • الجامعة العربية تدين العدوان الإسرائيلي المتواصل على أراضي الجولان السوري المحتل
  • هل يشكل تراجع معدلات الإنجاب خطرا على الدول العربية؟
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته
  • متحدث الدفاع المدني في غزة: المجازرُ التي ارتكبها الكيانُ الصهيونيُّ في غزةَ لم يحدُثْ مثلُها في القرن الـ 21
  • هل تعلّم الجولاني من دروسَ العراق؟