قالت دار الإفتاء المصرية، إنه رُوي في الختان أحاديث -إن صحت- إنما يُستدل بها على عظيمِ حرص الشريعة الإسلامية على حماية جسد المرأة وصيانته عن العبث به والتمثيل بخِلقته، وعِظَمِ جريمة التعدي عليه والتنكيل به، ووجوبِ تقييد هذا الفعل ما أمكن، لا مشروعيته أو الأمر به.

تشهير كلٍّ من الزوجين بالآخر بعد الطلاق .

. الإفتاء توضح الحكم حكم إخراج زكاة المال لإغاثة الشعب الفلسطيني.. الإفتاء تجيب

واستشهدت الإفتاء بما روي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأم عطية حين سألته عن الختان: «إِذَا خَفَضْتِ فَأَشِمِّي وَلَا تَنْهِكِي؛ فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجْهِ، وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ» أخرجه الطبراني في "المعجم"، والبيهقي في "السنن"، وعن أمِّ عطيةَ الأنصارية رضي الله عنها: أن امرأةَ كانَت تَخْتُنُ بالمدينةِ، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَنْهِكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ، وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْلِ» أخرجه أبو داود في "سننه"، وقال: هذا حديث ضعيف.

أوضحت الإفتاء، أن هذا الفعل وإن لم يأت النص النبوي بالنهي عنه مباشرة؛ مراعاةً لما جرت به الأعراف المستقرة، إلا أنه جاء بتقييده إلى الحدّ الذي يتضمن النهي عنه.

وتابعت الإفتاء: ويمكن القول بأنَّ المسلك الذي اختاره التشريع الإسلامي في النهي عن ختان الإناث بتقييده إلى الحدّ الذي يوصّل إلى تركه، دون التصريح بالنهي المباشر عنه، رعايةً منه للعادات والأعراف المجتمعية المستقرة، هو ذات المسلك الذي اختاره في تحريم الرق بتجفيف المنابع، والحث على العتق لكل رقيقٍ تابع.

وعلى هذا الفَهم تواردت نصوص الفقهاء: فنَصُّوا على أنَّ ما ورد في الختان من رواياتٍ لا يصحّ الاستدلال بها على مشروعيته.

كما لا يصح الاستدلال على مشروعية الختان للإناث بما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ» وذلك فيما أخرجه أبو يوسف في "الآثار"، والشافعي وأحمد في "المسند"، وعبد الرزاق الصنعاني وابن أبي شيبة في "المصنف".

وبيان ذلك: أنَّ التعبير عن مختلِفَيْن باسمِ الغالِب منهما إذا كان بين مَدْلُولَيْهِمَا عُلْقَةٌ أَو اختلاط؛ هو في اللغة العربية من باب التغليب، ومن ذلك: قولهم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: العمران، والأب والأم: الأبوان، والتمر واللبن: الأسودان، والشمس والقمر: القمران.

قال العلامة بدر الدين العيني: [فذكر الختانين بطريق التغليب؛ كالعمرين والقمرين].

ختان الإناث من العادات التي انتشر فعلها في بعض المجتمعات

وذكرت الإفتاء، أن غاية الأمر في ختان الإناث أنه من العادات التي انتشر فعلها في بعض المجتمعات دون بعض؛ ظنًّا منهم أنَّ فيه صيانةً للمرأة ونفعًا لها؛ حتى إن كثيرًا من البلدان الإسلامية لا تعرف الختان ولا تفعله؛ كبلاد الخليج العربي، والشمال الأفريقي، وكثير من أهل مصر، ومن هنا نجد الفقهاء حين ذكروه فرَّقوا بين نساء المشرق والمغرب، فدلَّ هذا على أنَّ المسألة مرتبطة بجانب الوجود (أي: الحقائق الطبية، والرصد والتتبع).

قال العلامة بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية": [وفي "الدراية": ذكر الختانين بناءً على عادة العرب؛ فإنهم يختنون النساء]، وقال العلامة أبو الحسن العدوي في "حاشيته على كفاية الطالب": [وهو في نساء المشرق، لا نساء المغرب].

وأردفت: ومن ذلك يُعلم: أن ختان الإناث لا موجب له من الشرع، وأن ما ورد فيه من أحاديث إنما دلت على تقييده بُغية الوصول إلى منعه، وبيان عظيم شره، والتحذير من انتهاك جسد المرأة بهذه العادة، في سياقٍ يؤكد عدم جواز الادعاء بأن فعلها عبادة، بل هو سقف معرفي، وصل إليه حينذاك العقل البشري، فإذا ما ارتفع هذا السقف المعرفي، وترتب عليه تغير المدرك العقلي، أو تغيرت أحوال الناس واختلفت البيئات، لزم أن يتغير بناءً على ذلك ما استقر لدى هذه المجتمعات من تلك العادات، وهذا ما أقره الشرع في قواعده والأصول واستحسنه، وتواردت نصوصه على أنَّ الأحكام المترتبة على العادات تتغير بتغيرها.

قال العلامة القرافي المالكي: [فإن الأحكام المرتبة على العوائد: تَتْبَعُ العوائد، وتتغير عند تغيرها]، وقال: [إنَّ إِجراءَ الأحكام التي مُدْرَكُها العوائدُ مع تغيُّرِ تلك العوائد: خلافُ الإِجماع، وجهالةٌ في الدّين، بل كلُّ ما هو في الشريعةِ يَتْبَعُ العوائدَ: يَتغيَّرُ الحكمُ فيه عند تغيُّرِ العادةِ إِلى ما تقتضيه العادَةُ المتجدِّدةُ، وليس هذا تجديدًا للاجتهاد من المقلِّدين حتى يُشترَطَ فيه أهليةُ الاجتهاد؛ بل هذه قاعدةٌ اجتهدَ فيها العلماء وأجمعوا عليها، فنحن نتبعهم فيها من غيرِ استئنافِ اجتهاد].

واختتمت الإفتاء قائلة: "ويضاف إلى ذلك: أنَّ حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد تمَّ تدوينها ونقل أحداثها إلينا كاملة بأدق ما فيها من تفاصيل، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه ختن بناته أو واحدةً منهن عليهن السلام، مثلما نقل عنه أنه ختن حفيديه الحسن والحسين عليهما السلام".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء دار الافتاء الختان الشريعة الإسلامية ختان الإناث النبی صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه ختان الإناث

إقرأ أيضاً:

ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟.. اختلفت عليه المذاهب الأربعة

يعتبر القنوت في صلاة الفجر أحد الموضوعات التي تثير خلافًا فقهيًا بين العدديد من العلماء، ما بين من يرى استمراريته سنة نبوية، ومن يعتبره مرتبطًا بظروف استثنائية كالنوازل، وهو ما الأمر الذي أوضحته دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي، وحسمت الجدل بين الآراء الفقهية.

حكم القنوت في الفجر

وأكدت دار الإفتاء أن القنوت في صلاة الفجر هو سنة نبوية مستمرة، عمل بها كثير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار، مستندة إلى حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا، ثُمَّ تَرَكَهُ ، وأَمَّا فِي الصُّبْحِ فَلَمْ يزل يقنت حَتَّى فَارق الدُّنْيَا»، وهو حديث صحيح رواه جماعة من الحفاظ وصححوه -كما قال الإمام النووي وغيره.

ووفقًا لهذا الحديث الذي ذكرته دار الإفتاء، الذي أخذ به الشافعية والمالكية في المشهور عنهم، فإن القنوت في صلاة الفجر مستحب مطلقًا، سواء كانت هناك نازلة أم لا، أما الفريق الآخر من العلماء، كالحنفية والحنابلة، فقد رأى أن القنوت في صلاة الفجر مرتبطًا بحدوث النوازل فقط، وهي الأزمات الكبرى التي تصيب الأمة، مثل الأوبئة، أو القحط، أو الحروب.

القنوت في النوازل

وتابعت الإفتاء:«أجمع العلماء على مشروعية القنوت في صلاة الفجر عند وقوع النوازل، كما اختلفت المذاهب حول تعميم القنوت في الصلوات الأخرى في أثناء النوازل؛ فالمالكية قصروا القنوت على صلاة الفجر، بينما رأى الشافعية تعميم القنوت على جميع الصلوات المكتوبة».

الاعتراض على القنوت

وأكدت أن الاعتراض على القنوت في صلاة الفجر، بحجة أنه غير صحيح، اعتراض لا محل له في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعيشها الأمة الإسلامية، مؤكدة أن القنوت في هذه الظروف يعد وسيلة للتضرع إلى الله لرفع البلاء وتحقيق النصر، استنادا إلى قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].

ودعت دار الإفتاء المسلمين إلى احترام التنوع الفقهي وعدم الإنكار على الملتزمين بالقنوت في صلاة الفجر، مؤكدة أن الدعاء والتضرع إلى الله تعالى يظلان من أهم أسباب رفع البلاء وحفظ الأمة.

مقالات مشابهة

  • فضل الدعاء عند المصافحة.. مستجاب ومقبول عند الله
  • حكم استثمار أراضي الوقف ببناء وحدات سكنية عليها
  • ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟.. اختلفت عليه المذاهب الأربعة
  • حكم السرقات والتعديات على مياه الشرب والصرف الصحي
  • أهمية العمل والحث على إتقانه في الشرع الشريف
  • حكم التسول في الشريعة الإسلامية.. الإفتاء توضح
  • بيان الأولوية بين شعيرة الأضحية والعقيقة
  • إمام الحرم: حرص النبي على أمته بلغ الغاية في بيان الشريعة
  • لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. حكم التكاسل عنهما
  • داعية إسلامي: الصلاة على سيدنا النبي سر فلاح المسلم وطريق النجاه والأمان