عالم فيزياء نظرية سويسري: توسع الكون قد يكون سرابا
تاريخ النشر: 30th, June 2023 GMT
في دراسة نظرية جديدة مثيرة للجدل، توصل البروفيسور لوكاس لومبريزر Lucas Lombriser، عالم الفيزياء النظرية بجامعة جنيف University of Geneva، إلى أن توسع الكون هو في الواقع وهم، وفق الباحث.
كما اقترح في دراسته إعادة التفكير في ألغاز الطاقة المظلمة والمادة المظلمة في الكون، التي يعتقد العلماء أنها تمثل حوالي 95% من إجمالي طاقة الكون والمادة ولكنها تظل محاطة بالغموض.
من ناحية أخرى، وبحسب التقرير الذي نشره موقع لايف ساينس LiveScience، يوم 20 يونيو/ حزيران الجاري، فقد توقعت الدراسة أن تؤدي الطاقة المظلمة إلى انفجارات كبيرة متعددة.
وكانت الدراسة التي تبحث في مشكلة الثابت الكوني قد نشرتها دورية "كلاسيكال آند كوانتم غرافيتي" Classical and Quantum Gravity، في الثاني من يونيو/ حزيران الجاري.
تم وصف توسع الكون بالاستناد إلى النموذج القياسي للانفجار العظيم من قبل العالم البلجيكي جورج لوميتر (غيتي إيميجز) أسوأ تنبؤ في تاريخ الفيزياءتم وصف توسع الكون -وهو المفهوم الذي يستند إليه النموذج القياسي للانفجار العظيم- في عام 1927 من قبل عالم الفيزياء الفلكية البلجيكي جورج لوميتر Georges Lemaître، ثم تم تسليط الضوء عليه في عام 1929 من قبل عالم الفلك الأميركي إدوين هابل Edwin Hubble.
ووفقًا لقانون هابل-لوميتر Hubble-Lemaître، تتحرك المجرات بعيدًا عن بعضها البعض بسرعة تتناسب مع مسافتها، وبالتالي كلما كانت المجرة بعيدة عنا بدا أنها تتحرك مبتعدة بشكل أسرع.
ويعرف العلماء أن الكون يتوسع بسبب الانزياح الأحمر، وهو تمدد الطول الموجي للضوء باتجاه الطرف الأكثر احمرارا من الطيف بينما يتحرك الجسم المنبعث منه بعيدًا عنا، فالمجرات البعيدة لها انزياح أحمر أعلى من المجرات القريبة منا، مما يشير إلى أن هذه المجرات تتحرك بعيدا عن الأرض.
في الآونة الأخيرة، وجد العلماء دليلا على أن تمدد الكون ليس ثابتا، ولكنه في الواقع يتحرك بشكل متسارع، حيث يتم التقاط هذا التوسع المتسارع من خلال مصطلح يُعرف بالثابت الكوني cosmological constant، وهو ثابت فيزيائي وضعه العالم ألبرت أينشتاين حتى تتفق معادلاته مع مفهوم أن الكون ثابت وساكن غير متمدد، وهو ما ثبت خطؤه وقد تم إلغاء هذا الثابت فيما بعد، غير أن بعض القياسات الحديثة تقترح أن لهذا الثابت قيمة غير صفرية.
لقد كان الثابت الكوني مصدر إزعاج لعلماء الكون، لأن التنبؤات بقيمته التي قدمتها فيزياء الجسيمات تختلف عن الملاحظات الفعلية بمقدار 120 مرتبة، لذلك تم وصف الثابت الكوني بأنه "أسوأ تنبؤ في تاريخ الفيزياء".
يقول لومبريزر إن الكون لا يتمدد ولكنه مسطح وثابت (غيتي إيميجز) حل مشكلة الثابت الكونيغالبا ما يحاول علماء الكونيات حل التناقض بين القيم المختلفة للثابت الكوني من خلال اقتراح جسيمات جديدة أو قوى فيزيائية، لكن لومبريزر يعالجها بإعادة تصور ما هو موجود بالفعل.
يقول لومبريزر في لقاء معه لموقع لايف ساينس عبر البريد الإلكتروني "في هذا العمل، وضعنا زوجا جديدا من النظارات للنظر إلى الكون وألغازه التي لم يتم حلها من خلال إجراء تحويل رياضي للقوانين الفيزيائية التي تحكمه".
وفي تفسير لومبريزر الرياضي، يقول إن الكون لا يتمدد ولكنه مسطح وثابت -كما اعتقد أينشتاين ذات مرة- وبدلاً من ذلك فإن التأثيرات التي نلاحظها والتي تشير إلى التمدد يتم تفسيرها من خلال تطور كتل الجسيمات -مثل البروتونات والإلكترونات- بمرور الوقت.
لكن كتل الجسيمات -كما يرى لومبريزر- تنشأ من حقل يتخلل الزمكان، حيث يتم تحديد الثابت الكوني بواسطة كتلة المجال، ولأن هذا المجال يتقلب، فإن كتل الجسيمات التي يولدها تتقلب أيضًا، إذ لا يزال الثابت الكوني يتغير بمرور الوقت.
وهذا الاختلاف يرجع إلى تغير كتلة الجسيمات بمرور الوقت، وليس توسع الكون، إذ تؤدي هذه التقلبات الميدانية إلى انزياح أحمر أكبر لعناقيد المجرات البعيدة مما تتنبأ به النماذج الكونية التقليدية. وهكذا، يظل الثابت الكوني صحيحًا لتنبؤات النموذج.
وحول هذا الاكتشاف الذي وصف بـ"المذهل" يقول لومبريزر "لقد فوجئت بأن مشكلة الثابت الكوني تختفي ببساطة في هذا المنظور الجديد للكون".
يقترح لومبريزر إعادة التفكير في ألغاز الطاقة المظلمة والمادة المظلمة في الكون (ناسا) الكون المظلمالجانب الآخر المهم أيضًا في دراسة لومبريزر، هو معالجتها لبعض المشكلات الملحة الأخرى في علم الكونيات، بما في ذلك طبيعة المادة المظلمة، هذه المادة غير المرئية التي تفوق عدد جسيمات المادة العادية بنسبة 5 إلى 1، لكنها تظل غامضة لأنها لا تتفاعل مع الضوء.
اقترح لومبريزر أن التقلبات في المجال، مثل التقلبات في كتلة المجال، يمكن أن تتصرف أيضًا مثل ما يسمى بمجال الأكسيون Axion field، حيث تكون الأكسيونات جسيمات افتراضية والتي تعد واحدة من المرشحين المقترحين للمادة المظلمة.
ويمكن لهذه التقلبات أيضا التخلص من الطاقة المظلمة، القوة الافتراضية التي تمد نسيج الفضاء، وبالتالي تدفع المجرات بعيدًا بشكل متسارع.
ووفقا لمنظور لومبريزر هذا، يمكن تفسير تأثير الطاقة المظلمة، وذلك من خلال اتخاذ كتل الجسيمات مسارا تطوريا مختلفا في أوقات لاحقة في الكون، وبالتالي يقول لومبريزر "في هذه الحالة ليست هناك حاجة من حيث المبدأ للطاقة المظلمة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
اكتشاف أكبر خزان مائي في الكون يكفي لملء محيطات الأرض.. أين مكانه؟
أسرار عدة يطويها الفضاء الخارجي بين طياته التي لا حصر لها، إذ تمكن مؤخرًا علماء الفلك من تحديد خزان مائي ضخم مخفي في زاوية بعيدة من الكون، حيث يدور هذا الاكتشاف حول نجم شبه نجمي يبعد عن الأرض أكثر من 12 مليار سنة ضوئية.
تفاصيل اكتشاف الخزان المائيإن إمدادات المياه في هذا الجزء شديد البعد من الفضاء الخارجي الذي تم الوصول إليه هائلة، حيث تحتوي على ما يعادل نحو 140 تريليون مرة من إجمالي المياه الموجودة في محيطات الأرض مجتمعة، وفق موقع «earth» العالمي.
ويقع هذا المصدر بالقرب من ثقب أسود هائل يبلغ حجمه نحو 20 مليار مرة أكبر من شمسنا، حيث يحيط بالثقب الأسود نجم زائف يسمى «APM 08279+5255»، والذي يضخ كمية من الطاقة تعادل ألف تريليون شمس.
أكبر خزان مياه في الكونيقول علماء الفلك إن هذا الكوازار، وهو شبيه النجم أو النجم الزائف، يحتوي على أبعد وأكبر خزان معروف للمياه في أي مكان في الكون، فتوجد داخله كمية من المياه كافية لملء تريليونات من محيطات الأرض في الفضاء العميق.
وعلى تلك المسافة البعيدة، بدأ الضوء يسطع من هذا النجم الزائف الذي يُقدر عمره بعد فترة ليست طويلة من تشكل الكون نفسه، ويؤكد علماء الفلك أن هذا الكوازار يحتوي على أبعد وأكبر خزان معروف للمياه في أي مكان في الكون.
وقال أحد الباحثين إن البيئة المحيطة بهذا النجم الزائف تعد فريدة من نوعها لإنتاجها هذه الكتلة الضخمة من الماء، وهو ما يعتبر دليلًا علميًا آخر على انتشار الماء في جميع أنحاء الكون، حتى في أقدم العصور.
النجوم الزائفة (الكوازارات)اكتشف وجود النجوم الزائف لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، وذلك عندما كشفت التلسكوبات عن مصادر محيرة للسطوع الشديد في مناطق بعيدة من الفضاء، حيث تختلف هذه الأجرام السماوية عن أي نجم عادي، فهي تتألق بشدة من مركز المجرات البعيدة، وتتفوق في سطوعها على سطوع كل نجوم مجراتها مجتمعة.
وتساعد مراقبة النجوم الزائفة على فهم شكل الكون منذ زمن بعيد، حيث أن الضوء الذي نراه الآن بدأ رحلته منذ مليارات السنين في الماضي.