تَوقِيع الدَّراويش على هَامِش الرُّوزْنامة
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
( صَدئَة حُرُوف اَلحُزن
فتتجَمَّد فِي جَوْف الثَّلْج الكلمات
وترَكب خُيِّل الرِّيح يَا طَبشُوراً
فِي زمن الزَّيْف
وترْحل تتْرك أطْفالا فِي (كَلَّمَا)
وَأمَّا تَبكِي وجع التِّيه
وأنْتَ اَلذِي كُنْت بِجَوف القاعة
تَقُول لِطغاة الأرْض
يَا مِن سرقْتم اِسْم اَلرَّب
(فبزمْزم) الغضب الطِّفْل سيثْأر
اِسْمع مَنِي يَا جَلَّاد القهْر
يَا فِرْعوْن العصْر
يَا قَارُون الفقْر
ويَا هامان الذُّلِّ ستقْتل
[] [] [] [] []
لَيْل الخرْطوم فِي رَمَضان والشَّهْر الصِّيَام على أَبوَاب النِّهايات ، يَبدُو على شِفاهه اليابسة بَعْض مِن بلل خَلفِه الإبَريِّ بِطعْمه اَلمُعبق بِالتَّوابل والْبهار.
لَيْل يَلهَث مِن التَّعب وَمِن التَّرف يمضى مُثقَلَاً مُتَرددَاً يَرفَع قُدُماً لِيرجِّعه...فهاهم اَلعُسعس،يبثُّون اَلعُيون فِي كُلِّ رُكْن مِن الأرْكان المحيطة بِدَار اِتِّحاد اَلكُتاب السُّودانيِّين بِالْخرْطوم ( 2 ) الدَّار اَلذِي يَدفَع إِيجاره شَركَة زَيْن..تِلْك كانتْ زِيارَتي اَلأُولى لَهَ بَعْد اِنْتقالهَ مِن الدَّار القديمة اَلذي أَعرِفه ويعْرفني وحضرتْ بِهَ أَكثَر مِن ( مُسَامرَة ) رمضانيَّة ، إِلَّا أنَّ هذَا الدَّار اَلجدِيد فِيه شَيْءٌ مَا هَذِه اللَّيْلة لا أَدرِيه . .مَكتَبٌ خَشبِي وثَلاثَة كَراسِي جلس بِهَا ثَلاثَة أَشخَاص أعْلى رُؤوسِهم عَلقَت ورقةٍ مَكتُوب عليْهَا جَلسَة مُسَامرَة رمضانيَّة ، ووزَّعتْ مجْموعات الكراسيِّ على بُعْد أَمتَار مِن المنَصَّة فَوْق النُّجيْلة..دَخَلت الداَّر والْمتحدِّث الأوَّل قد غاص فِي لُجَّة حديثة أو لَعلَّه فِي خواتيمهَا .. بَدأَت اَلوُجوه أَمامِي عَمَّة وجْلابيَّة وَبسْمَة بَيْضاء هَاشَّة بَاشَّة، فَذَاك هو الروائ القاص إِبْراهيم إِسحَاق ، يَجلِس والصَّفُّ الأوَّل قُابَلة طَاوِلة المتحدِّثين...بدَا من على المنصة ُ مرتَدِياً جِلابِيَّة (على اَللَّه) ومن كان عليه لا خاب..كانت بَيجِية اللَّوْن وَعَليهَا خُطُوط بِنْيَة نَازِلة مِن الأعْلى لِلْأسْفل،ويَعتَمِر طاقيَّته مِن نَفْس القُمَاش فِي أَناقَةٍ سُودانيَّة خَالِصة كان ذَلِك المتحدِّث هُو كَمَال الجزوليّ فقدْنَا اَلوجِيع، وَيجلِس بِجواره شاعرنَا الكتْيابي ، تَحدَّث فِينَا بِتلْك اللَّيْلة حديثًا لَمَّ اِسْمع مِثلَه مِن قَبْل ، مِن نُقطَة مَا مُعَلقَة مَا بَيْن اَلذِي تَرَاه وَالذِي لا تَرَاه ، تَكدُّس الصَّوْتِ وتكثِّف وَدَار دَائِرة فِي الفضَاء وصارَيتَوسَّع كان اَلحدِيث كَأنَّه حديث النَّفْس لِلنَّفْس، هوَ يُحكَى جُزْء مِن حِكايَات السِّجْن والْمسْجونين ، والْأسْئلة بَيْن الفيْنة واَلأُخرى تُطِل بِرأْسِهَا وَتتقفِز فِي وَجهِك مِن أَماكِن لَا تتوقَّعهَا ، فَتدهِشك وَتفرِض عليْك أن تَمتَحِن أفْكارك ومُعْتقداتك ، ثُمَّ تَهزُّك وتهْزءُ مِنْك وتحرَّضك لِلرَّكْض خَلْف الإجابات ..هُو جاء مِن مِظَلة الفكْر المارْكسيِّ الصَّارم ..ذَلِك الفكْر اَلذِي يُفتَرَض بِأنَّ الأشياء كُلَّ الأشْياءَ يُفَسرهَا اَلبُعد المادِّيُّ وِيمنْطقهَ بِالْمحْسوس الْملْموس من اَلْحَواس فهِو العيَار والْمعْيار ، وَلَكنَّ فُجَاءَة يظْهِر لَك نَافِذة تمدُّ تتسربُ مِنهَا الأشْياء وَتقِف أمامك لتسخَّر مِنْك ، وَتأتِيك مِن أَبوَاب غَيْر الأبوَّابَ ،وحواسِّك تتخلى عنك،فتعرِّيك أَمَام وهج اَلحُضوروالظهور... عن أي حديثٍ كان حديث السِّجْن ..حدَّثنَا عن خَالِد اَلكَد ومَا حصل لَه،وعن حُلْمٍ جاء لِيخْبِره بِوفاة والدَته قَبْل أن يُخْبِره أحد بوفاتها، وَإذَا همَا وخالِد اَلكَد والصَبَاح والمخبر جاء ليخبر عن صدق الروئ مع مَأمُور السِّجْن ، ثُمَّ يَنفَتِح اَلْباب على مِصْراعيْه ، وَيُحكَى اَلكَد قِصَّة وَفَاة أبيه الذِي رآها قَبْل فَترَة وتحقِّق ذاك اَلحُلم إِبَّان حَفْل تَخرجِه مِن اَلكُلية الحرْبيَّة . . . ألم أَقُل لَكُم أنَّ المرْحوم كَمَال الجزوليّ حَدثنَا بذَاك اليوْم حديثًا لَا كَكُل حديث.. فِي تِلْكم اللَّيْلة قال أَنهُ والشَّاعر عبد القادر الكتْيابي كَانُوا يَحضُرون مُنْتديات بأمَّدرْمان كانت تَتَحدَّث عن التَّنْويم المغْنطيسيِّ ، وهو ذَلِك الدِّهْليز الممْلوء بِالْعجائب والْمفاجآتِ ،والْخارج مِن بَاحَة عِلْم النَّفْس التَّحْليليِّ يَرفَع حَواجِب النَّاس بِالدَّهْشة ، ويقهقه في وجه (الهنود الحمر)..حدَّثنَا عن شَخْص مُتَشدد مُعتَرَض بِأنَّ هذَا العلم هو مِن عمل الشَّيْطان والسِّحْر ، فَتَحدَّى مُقدَّم المحاضرة أن يُنَومَه ،ولعله بعْد أن تَوضَّأ وَتَحصَّن بِآية اَلكرْسِي ، فَإذَا بِه يُنوِّم وَيَنام كالطِّفْل اَلرضِيع ، ويحْبو على خشية المسرح وَيرضِع اَلْهَواء كمَا يَرضَع اَلصغِير ثم يعْمل مِن العمل المدْهشات وَأَمام جميع اَلحُضور . . . جلْستنَا تِلْك كَانَت آخر جَلسَة مُؤْنِسة لِي فِي رَمَضان السُّودان ، وَآخَر عَهدِي بِكمال الجزوليّ ، رَحمَه اَللَّه ، فقد كان بَابَا عظيمًا لِلْفقراء وَمجْنَة لَهُم ضِد الظَّالمين والطُّغاة ، وَكَان رحيب الصَّدْر ، عفيف اللِّسَان ، عزيز النَّفْس والرُّوح ، رَحمَه اَللَّه بِمَا وَسَّع الرَّحْمة مِن رَحمَه ، واجْعَلْه فِي الجنَّة بِغَير حِسَاب . . . ولك التَّوْقيع فِي رُزْنامتك مِن دَراوِيش اللَّيْل ، فمثْلك ضَوْء لَا يَخبُو وَرَجاء لَا يُخيِّب . .
عبد الماجد عباس محمد نور
magidas2002magidas@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: حدیث ا
إقرأ أيضاً:
الحزب الناصرى: حديث الرئيس السيسي بقمة العشرين ألقى الضوء على تحديات الدول النامية
قال المستشار محسن جلال، نائب رئيس الحزب العربى الناصرى، إن مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في البرازيل، تأتي لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر والبرازيل، خاصة بعد توقيع اتفاقيات جديدة للتعاون، وإن هذه الشراكة تحمل أبعادًا اقتصادية وسياسية هامة تعود بالنفع على البلدين، وتساهم في تعزيز النمو الاقتصادى وتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف جلال، فى بيان للحزب، أن وجود مصر في حضرة دول ذات اقتصاديات كبرى، تمثل 80% من إجمالي الإنتاج العالمي، وتملك 75% من حجم التجارة العالمية، من شأنه تعزيز موارد العملة الصعبة، فضلاً عن الحصول على امتيازات، مثل استيراد منتجات بتكلفة منخفضة، والحصول على تمويلات لمشروعات مجتمعية أو تنموية، وكذلك تمكين مصر من الحصول على دعم وتعاون مع المؤسسات المالية الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في برامج تنموية لتعزيز اقتصادها ومواجهة التحديات الاقتصادية، فضلا عن تبادل الخبرات في جميع المجالات الاقتصادية والصناعية على الأخص.
وأوضح أن اقتراح الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال قمة مجموعة العشرين بشأن إنشاء مركز عالمي لتخزين وتوزيع الحبوب والمواد الغذائية على الأراضي المصرية يعكس رؤية استراتيجية لمواجهة أزمة الأمن الغذائي العالمية.
ولفت إلى أن هذا الاقتراح يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو تعزيز استقرار سلاسل الإمداد الغذائي وتوفير حلول مبتكرة لدعم الدول الأكثر تأثراً بالأزمات الغذائية.