سودانايل:
2024-10-05@05:54:08 GMT

في إنتظار جودو السوداني

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

يقال،تبدأ الفلسفة بالدهشة... تبدأ الدراما بالمأساة التراجيديا والكوميديا السوداء..وأن الدهماء ليس لهم رأي رغم ديمقراطية المبدأ السياسي..في أثينا القديمة.
كل هذا الهرج والمرج وتضارب الأفكار..وحرارة الجدل الصاعد والجدل الهابط وما بين المنزلتين عند السفسطائيين ...كان هناك ،في بلاد اليونان القديمة، إبداعا وإنتاجا فكريا متميزا،من الفلسفة السقراطية والأفلاطونية والأرسطية والشكية والظنية وأصحاب الإيمان.


كان هنا المسرح ونظريات اعلامه..ارسطوفان وأسخالوس وسوفيكليس واوربييدس غيرهم..ومسرحيات وممثلين وجوقات موسيقية في عمر السبعمائة سنة قبل الميلاد.. وكذلك الفلسفة التي ازهدرت في عمرها العتيد في القرن الخامس قبل الميلاد...وقد ترك لنا كل ذلك إرثا إنسانيا عظيما لازالت البشرية تنهل منه تأخذ منه أيضا مرجعيتها التوثيقية حتي الآن.
أقول كل ذلك ،وفي الخاطر المتعب،الحالة السودانية!! تلك الحالة المأسوية التي أطلت علينا بوجهها الكئيب و رأسها الأغبر ...تلك المأساة والكوميديا السوداء والفوضي غير الخلاقةالتي نعيشها منذ أن فكر غيرنا في إجهاض ثورة ديسمبر المجيدة...سواء أكانوا داخل السلطة أم خارجها...لا فرق.
نعيش تلك الدهشة البلهاء التي لازالت مرسومة علي شفاهننا شفاه أطفالنا والأبرياء وهم يتسألون لم كل هذا الخراب والدمار والتلذذ بالقتل واغتصاب النساء؟
تري...هل ستفرز لنا تلك الحرب اللعينة إبداعا سو.انيا يغطف ويوثق ويستلهم من تلك المأسي أدبا وشعرا وإبداعا جديدا متميزا ،كما فعلت أثينا القديمة وكل دول أوروبا الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية...أم ستخمد
جذوة الإبداع فينا وتندثر مع ركام وخراب بيوتنا وشوارعنا العتيقة؟
في المسرحية العالمية المشهورة، للايرلندي صامويل بكيت،[ في إنتظار جودو]،كان هناك إسقاط إنساني وفلسفي وسياسي،علي واقع الحال الذي يعيشه إنسان ما بعد الحرب العالمية الثانية ..وضبابية المشهد الملتبس والمشوش البائس الفقير...وجود بائس ليس فيه خيار سوي الإصرار علي إنتظار ما لا يدري!!...وهذا هو بالضبط حالنا الآن. السودان برمته ينتظر الخلاص من تلك الغيبوبة البشعة الناتجة عن الحرب..عن العنف الوحشي.. الدمار الذي لا عقل له...ولكنه في ذات الوقت مجبرعلي إنتظار لكل ما لا يأتي..وتلك هي قمة المأساة وأسوأ حالات القلق الوجودي وعدم الاستقرار..
فإذا كانت ،مسرحية صامويل باكيت،تعتبر علامة فارقة في المسرح العالمي، فإن(الحالة) السودانية ،تعتبر علامة فارقه في تأريخه القديم والحديث،وفي الحياة السودانية حاضرا ومستقبلا. وليتنا نعرف...متي..وأين..ومن هو ( جودو السوداني) الذي يستحق انتظارنا حتي نرتب انتظارنا ونحسن استقباله. ..
د.فراج الشيخ الفراري
f.4u4f@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب

و انت عائد إلى بيتك ، فكر في ذلك الحارس ،الذي كان لا يستطيع ان يضع قدميه في عتبة صالونك .وانت عائد إلى بيتك ، فكر في نفس الحارس الذي كان لا يستطيع ان يمد يديه في صينية الغداء معك إلا بعد ان تغادر انت المكان .فكر كيف سلمته المفاتيح والخزائن في لحظة ما ، وهربت ،كي تعود ، لا تنسى تلك اللحظة.و انت عائد إلى بيتك، فكر في نفس الشخص الذي كنت لا تدفع له من المال إلا ما يسد الرمق ، لكن عندما وصلت مأمنك كم ترجيته ان يبقى في البيت ، وكنت تدفع له اضعاف الأضعاف ، لا تنسى ذلك الرجل .وانت عائد إلى بيتك فكر في ذلك الانسان ، وفكر في نفسك ،كيف كنت ،وكيف أصبحت ،كل ذلك تم بلمح البصر .و انت عائد إلى بيتك ، فكر في نفسك، كم كنت مخدوعا عندما كنت تمارس بلا خجل الاستعلاء العرقي والفكري ضد ابن بلدك .و انت عائد إلى بيتك ، فكر كيف يتساوى بني البشر في صفوف مفوضيات اللاجئين ، لا تنسى تلك الصفوف واحتفظ بتلك البطاقة الصفراء .و آنت عائد إلى بيتك ، فكر في تلك المدينة التي تنام وتصحى على اصوات الدانات ، مدينة الصمود.و انت عائد إلى بيتك، فكر في تلك المدينة ، التي فيها تاجر الخضار شهيد ، و مشتري الخضار شهيد ، وطباخة الخضار شهيدة.و آنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب.وانت عائد إلى بيتك ،فكر في اولئك الأبطال الصامدين، الذين ليس لديهم في الوطن سوى الأكفان ، لكنهم صمدوا .و انت عائد إلى بيتك، فكر في ذلك القائد الذي يقود سيارته بنفسه ويصدمها بسيارة المجرم ، فكر في ذلك الرجل .و انت عائد إلى بيتك، فكر في ذلك المناضل الفدائي الذي يقود سيارة اللاندكروزر بسرعة ١٨٠ درجة فوق حقل الالغام ، فكر في تلك اللحظة .و انت عائد إلى بلدك حاسب نفسك ، وتذكر كم كنت مخدوعا ، عندما كنت تظن بان الأشياء هي الأشياء .و انت عائد إلى بيتك، طهر نفسك من كل الأمراض ، وأعتبر نفسك ما كنت بالأمس انت ، انت اليوم انت .وانت عائد إلى بيتك ، لا تنسى هذه الأشياء / شاكر عبدالرسولإنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟ محاولات للفهم ..
  • الحركة الاسلامية السودانية وتفكيك الجيش القومي السابق والمؤسسة العسكرية السودانية
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • مبادرة لأساتذة الجامعات السودانية لدعم نازحي ومتضرري الحرب
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • وزيرة “القراية” السودانية الحسناء تسخر من “حكامة” الدعم السريع التي خلعت ملابسها الداخلية: (ح استف ليك مية دسته وانا جاية الخرطوم وارسلهم بصابونهم)
  • فوائد الفول السوداني..ما هي أبرز المعادن والفيتامينات التي يحتويها؟
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • مجلة أمريكية: التماثيل القديمة التي أعيدت مؤخرا إلى اليمن أصبحت الآن معارة لمتحف في نيويورك (ترجمة خاصة)
  • ثلاث محطات في مزرعة حيوان الحرب السودانية