يعتبر سوء التغذية في مراكز رعاية مرضى السرطان حالة معقدة جدا ولا ترتبط فقط بفقدان الوزن، ولكن تتمثل أيضًا بنقص العناصر الغذائية الحيوية وتدهور الصحة العامة وتأثيرها العميق على نتائج العلاج وجودة حياة المرضى.

قالت سلمى المحروقية – اختصاصية تغذية علاجية بمركز السلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان: يؤدي السرطان وعلاجاته إلى فقدان كتلة الجسم، بما في ذلك العضلات، مما يؤدي إلى ضعف جسدي ويؤثر على مستوى أداء المهام اليومية، بالإضافة إلى نقص المغذيات الدقيقة، وغالبًا ما يتضمن سوء التغذية نقصًا في الفيتامينات والمعادن الأساسية، مثل فيتامينات " د وسي وب 12 والحديد"، التي يمكن أن تؤثر سلبًا على وظائف الجهاز المناعي والصحة العامة، وغالبا ما يشكو مرضى السرطان الذين يعانون من سوء التغذية من التعب الشديد، مما يؤثر على جودة حياتهم وقدرتهم على الالتزام بخطط العلاج، ويؤدي سوء التغذية إلى إضعاف جهاز المناعة، مما يجعل المرضى أكثر عرضة للإصابة بالعدوى ويعيق عملية الشفاء، إضافة إلى ذلك قد يعاني المرضى الذين يعانون من سوء التغذية من تأخر التئام الجروح، مما يزيد من خطر حدوث مضاعفات بعد الجراحة، وغالبا ما يؤدي سوء التغذية إلى ضعف الإدراك، مما يؤثر على قدرة المريض في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن علاجه ورعايته.

"

وأوضحت المحروقية أن سوء التغذية قد ينتج من عدة عوامل، أبرزها" الآثار الجانبية للعلاج، مثل العلاج الكيميائي والإشعاعي التي تؤدي إلى أعراض مثل الغثيان والقيء وفقدان الشهية، مما يجعل من الصعب على المرضى الحفاظ على التغذية الكافية، وقد يعطل بعض من علاجات السرطان حاسة التذوق والشم لدى المريض، مما يؤدي إلى النفور من الطعام، وغالبًا ما تؤدي مشاكل الجهاز الهضمي المرتبطة بالسرطان، بما في ذلك الإسهال والإمساك وصعوبة البلع، إلى إعاقة تناول الطعام وامتصاص العناصر الغذائية، بالإضافة إلى أن العبء العاطفي والنفسي لتشخيص السرطان من الممكن أن يسبب الاكتئاب والقلق والتوتر، مما يقلل من الشهية وتناول الطعام.

وأكدت المحروقية أن علاج سوء التغذية في مؤسسات الرعاية الصحية يتطلب نهجًا شاملاً ومتعدد التخصصات تتمثل في المسح المبكر لخطر الإصابة بسوء التغذية لمنع المضاعفات المرتبطة بسوء التغذية، حيث يتم فحص المرضى عند دخولهم للترقيد، مما يمكّن المهنيين الصحيين من تحديد الأفراد المعرضين لخطر سوء التغذية على الفور لاتخاذ الإجراءات المناسبة، ويتم تزويد المرضى بتقييمات غذائية مناسبة وإرشادات متخصصة لتلبية احتياجاتهم التغذوية والحفاظ على حالتهم الغذائية والصحية، ومراقبة الآثار الجانبية لعلاجات السرطان، مثل الغثيان والتغيرات في حاسة التذوق، لتحسين قدرة المرضى على تقبل الطعام، وتقديم الدعم المعنوي لمساعدة المرضى على التكيف مع التحديات العاطفية والنفسية لمرضى السرطان،وهو ما يؤدي إلى تحسين شهيتهم وجودة حياتهم بشكل عام، ويعد التقييم المنتظم ومراقبة الحالة الغذائية للمريض أمرًا ضروريًّا لضبط التدخلات التغذوية حسب الحاجة.

من جهتها قالت انتصار اليافعية أخصائية اجتماعية في دائرة الرعاية النفسية والتأهيلية بمركز السلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان: فعّل المركز دور الأخصائي الاجتماعي على المستوى الإكلينيكي /الطبي، وهي خدمة يتميز بها المركز نظرًا لالتزامه بتقديم رعاية متكاملة لمرضى السرطان، ويعتبر الأخصائي الاجتماعي أحد أعضاء الفريق المتكامل "متعدد التخصصات" الذي يقدم الرعاية اللازمة للمريض، إذ يعد حلقة الوصل بين المريض وأعضاء الفريق المتكامل، ويوفر لهم المعلومات ويتبادل معهم التوصيات من أجل تحسين جودة حياة المرضى وإزالة العقبات التي تعرقل علاجهم وحياتهم." مشيرة أن دورهم يضمن تجربة خروج سلسة وناجحة للمرضى، والتأكد من أن المنزل آمن لاستقبال المريض، وأن الأسرة مستعدة لرعايته بالشكل الصحيح.

وأكدت اليافعية دور الأخصائي في دعم المرضى وأسرهم حيث يقوم بالمسح والتقييم الشامل لجميع المرضى بالمركز، بهدف فهم حالتهم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والعملية، ومن ثم تحديد الاحتياجات التي قد يواجها المرضى وأسرهم في مختلف جوانب حياتهم، ويسهم هذا في توفير قاعدة معلوماتية أولية عن كل مريض للفريق المعالج يمنحه فهمًا أعمق لحالة المريض، ومعرفة طرق تثقيف المرضى بالإمكانيات والمصادر الداعمة لهم في المجتمع، إضافة إلى ذلك يقدم الأخصائي الدعم النفسي والاجتماعي خلال مراحل التشخيص والعلاج للمرضى وأسرهم الاستشارة والمساندة الاجتماعية النفسية المتخصصة للمرضى الذين يمرون بظروف صعبة نتيجة للتشخيص والعلاج، ومساعدتهم في التعامل مع التحديات والمشاعر الناجمة عن المرض والعقبات الاجتماعية والاقتصادية والعملية، كما يسهم بوضع خطط علاجية مختصة بذلك."

وقالت: إننا نسعى إلى فهم احتياجات المرضى وأسرهم ومعرفة الإمكانيات والفرص المتوفرة والخيارات الممكنة بهدف توفير الدعم المناسب لهم، وبناءً على المعطيات المتوافرة، نقدم لهم المعلومات ونوجههم نحو المصادر الأنسب للاستفادة من خدماتها، وتوفير الدعم للمرضى من خلال المؤسسات المعنية مثل: المنظمات الاجتماعية والمؤسسات الخيرية والمؤسسات الحكومية، كما نسهم في عملية تكيُّف المرضى وتأهيلهم خلال العلاج وبعد انتهائه، ومساعدتهم في التأقلم مع الحياة اليومية وفهم إمكانياتهم وقدراتهم الحالية وطرق العودة إلى المجتمع، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي اللازم لاستعادة حياتهم الطبيعية، إذ نقوم بإعداد برامج تأهيلية مختصة، بناء على الملاحظات وتحليلها لاحتياجات المرضى، في مجالات عدة مثل العناية بالذات للتعامل مع آثار العلاج الكيماوي، والتوجيه لخيارات السكن والنقل خلال مرحلة العلاج والتمكين المهني، وغيرها من البرامج التي تستعين بالرعاية المجتمعية ومبادرات المؤسسات المختلفة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سوء التغذیة ما یؤدی

إقرأ أيضاً:

حصار جماعة نصرة الإسلام في مالي يفاقم الأزمة الإنسانية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في قلب منطقة الساحل المالي، وفي ظل صراع مستمر منذ سنوات، يواجه المدنيون في شمال ووسط مالي واقعًا مريرًا بفعل الحصار الذي تفرضه جماعة نصرة الإسلام. هذه الجماعة، التي تسيطر على العديد من المناطق، لا تكتفي بفرض قوانينها الصارمة على السكان، بل تسببت في موجة تهجير واسعة النطاق، إذ أصبحت حياة الملايين مهددة بين جدران الحصار ونيران العنف المستمر.

"نحن هنا اليوم كما كنا في 2012"

"جماعة نصرة الإسلام تسيطر على منطقتنا، وتفرض علينا ما تراه مناسبًا للبقاء على قيد الحياة". 

لكن إذا كنت تتعامل معهم، فأنت تصبح هدفًا للحكومة، حتى لو لم تكن من المتطرفين".

هكذا يصف أحد سكان منطقة ندورغولي، في حديثه لأحد منظمات حقوق الإنسان الدولية .

فما بين الرغبة في البقاء على قيد الحياة وعبور خطوط حمراء قد تُسهم في تصعيد الأوضاع، يصبح الخيار الوحيد هو الصمت، خشية الوقوع في قبضة الأطراف المتصارعة.

موجة تهجير غير مسبوقة

ومع تصاعد الهجمات وازدياد الحصار المفروض على المدن والقرى، ارتفعت أعداد المهجرين في المنطقة بشكل مذهل. ففي تقرير حديث للأمم المتحدة، تم الكشف عن أن ما يقرب من 5 ملايين شخص قد هُجروا من منازلهم في منطقة الساحل حتى أغسطس 2024. 

وهذه الزيادة بلغت 25% مقارنة بعام 2020، مما يجعلها واحدة من أكبر موجات التهجير في تاريخ المنطقة.

الوضع الإنساني في أسوأ حالاته

الصور القادمة من المناطق المتضررة تظهر معاناة المدنيين الذين يكابدون من أجل الحصول على أبسط مقومات الحياة. القرى والمدن المحاصرة تشهد نقصًا حادًا في الغذاء والماء، في وقتٍ تزداد فيه الحاجة للرعاية الصحية. الفقر واليأس يحومان في الأجواء، والسكان يعيشون بين أملٍ ضئيل في تحسن الوضع وواقع مرير يدفعهم للهروب بحثًا عن الأمان.

نداءات للضغط الدولي والتحرك العاجل

وفي هذا السياق، أطلق المسؤولون المحليون في مالي نداءات عاجلة للمجتمع الدولي للتدخل ووقف الأزمة الإنسانية التي تتفاقم يومًا بعد يوم. 

السيد سيما عيسى مايغا، نائب عمدة غاو، والذي تعرضت مدينته للحصار في عام 2024، قال في تصريح لمجلة "نيو هيومانيتيريان": "يجب أن يكون إنهاء الحصار على رأس أولوياتنا، فالأشخاص والبضائع يجب أن يتحركوا بحرية، خاصة على الطرق الرئيسية."

الوضع يقترب من الانفجار

تواجه منطقة الساحل في مالي كارثة إنسانية حقيقية، ورغم مرور أكثر من عقد على بداية الصراع، لا يزال الوضع في تدهور مستمر.

وهذه الأزمة لا تحتاج فقط إلى حلول سياسية، بل إلى تحرك عاجل من قبل المنظمات الدولية والمحلية لمساعدة المدنيين في النجاة من الحصار المميت.

وإذا استمر هذا الوضع، فإن المنطقة قد تجد نفسها على حافة الانفجار.

مقالات مشابهة

  • رحيل متطوع الأقصر محارب السرطان بعد رحلة معاناة مع المرض الخبيث
  • الأغاني المفضلة تخفض القلق لدى المرضى بالخرف
  • دعاء الشفاء في شهر رجب.. مكتوب وقصير
  • دراسة جديدة: السمنة تزيد من خطر مضاعفات السرطان لدى الأطفال
  • «تداوي» الإنسانية تعالج 3595 مريضاً مجاناً
  • محمد العدل: أسباب نفسية وراء ألم العضل الليفي (فيديو)
  • حصار جماعة نصرة الإسلام في مالي يفاقم الأزمة الإنسانية
  • تفاصيل زيارة أحمد مراد وتامر حبيب لدعم محاربين السرطان بمستشفي شفا الأورام
  • انقطاع الكهرباء يفاقم من معاناة سكان أم درمان
  • دعم مصابي السرطان والناجين منه عبر مسيرة «لنحيا»