يواجه الاقتصاد المصري خلال الفترة الراهنة عددا من التحديات الأصعب في تاريخه، فبعد الخروج شبه الآمن من تداعيات فيروس كورونا التي كانت محل اشادة من المؤسسات الدولية خصوصا صندوق النقد الدولي بما حققته الدولة المصرية ونفذته الحكومة بأساليب فاقت التوقعات، إلا أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والتي ألقت بظلالها علي الاقتصاد العالمي وليس اقتصادنا المحلي بمفرده.

ومع اختدام الصراع الحالي في منطقة الشرق الأوسط عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما تلاه من التأثير الاقتصادي ليس لمصر وحدها، لتشمل دول منطقة الشرق الأوسط أجمع؛ وهو ما أوردته تقارير مجموعة البنك الدولي من التحذير بعدم قدرا الاقتصاد العالمي على تحقيق معدلات نمو مقبولة بنهاية العام الجاري لتسجل أقل من 2.4% منها 1.3% لدول منطقة الشرق الأوسط وخصوصا الدول المنتجة للنفط.

حكومة الدكتور مصطفي مدبولي خصوصا المجموعة الاقتصادية والبنك المركزي المصري لم تكن بعيدة عن تلك الصراعات أو التحديات الأكثر صعوبة؛ إذ قررت لجنة السياسيات النقدية والمالية في اجتماعه المنتهي أمس سلسلة من القرارات والاجراءات؛ حيث ركزت علي العمل المتوازي علي تعويض الفقد من الموارد بسبب تداعيات الاحداث العالمية.

ركزت القرارات التي اتخذتها الحكومة علي تحقيق الضبط المالي لكافة بنود الاقتصاد وترشيد الانفاق العام باعتباره أمرا لا مفر منه في ظل احتدام الأزمة الحالية؛ والعمل علي الصرف علي الضروريات فقط و استكمال عددا من البرامج التمويلية من بينها برنامج الطروحات الحكومية و طرح سندات دولية بقيمة مستهدفة خلال العام المالي الجاري تقدر بـ 3 مليارات إلي 5 مليارات دولار لتعويض الفجوة التمويلية المطلوبة للخزانة العامة.

وكشفت قرارات الحكومة عن توسيع نطاق الاجراءات الحكومية المتعلقة بتسيرات المحاسبة الضريية و التوسع في الخدمات المالية الرقمية بما يحقق الكفاءة المثلي ويرشد الانفاق العام.

وقال المهندس حازم شريف، الباحث الاقتصادي، إن  اجتماع لجنة السياسات النقدية والمالية برئاسة المهندس مصطفى مدبولي رئيس الوزراء بالتعاون مع المصرفي حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري ومشاركة وزراء المجموعة الاقتصادية من بينهم الدكتور محمد معيط وزير المالية والدكتورة هالة السعيد وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي والمهندس أحمد سمير، وزير الصناعة والتجارة؛ هو اجتماع طبيعي ومنطقي لمناقشة تداعيات الأحداث الراهنة التي تشهدها المنطقة.

وقال " شريف" في تصريح خاص لـ صدى البلد، إن الاجتماع المنتهي قبل ساعات ركز علي كيفية ادارة الحكومة لملف الاقتصاد والتحديات الإقليمية والدولية التي انعكست على الأوضاع المحلية، وأدوات المعالجة العاجلة بما ينعكس علي استمرار تقديم الخدمات للمواطنين وتوفير السلع والخدمات لهم رغم الظروف و الموجات التضخمية التي تعاني منها الأسواق الدولية والناشئة.

وأضاف أن التكليفات التي وجه بها رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي لوزراء المجموعة الاقتصادية تضمنت الاستمرار في تقديم كافة التيسيرات و الحوافز للمستثمرين وممولي الضرائب والمتعاملين مع المنظومة الجمركية، لسداد المستحقات الضريبية وتقديم الاقرارات و تيسير عمليات الافراج الجمركي عن البضائع ومنع تكدسها في الموانئ بخلاف التنسيق مع الجهات الحكومية المختلفة لتبسيط اجراءات الاستثمار والعمل علي الترويج للفرص الاستثمارية الواعدة لجذب المستثمرين.

وأشار " شريف" إلى أن رئيس الحكومة أكد علي استمرار الدولة في كافة الملفات التنموية لتوفير الموارد من النقد الأجنبي خصوصا مع برنامج الدولة الطموح للطروحات الحكومية واستثمارات السندات الدولية بأنواعها المختلفة سواء اليورو والباندا و الساموراي وكذلك الصكوك، لتنويع مصادر التمويل المطلوب وتغطية الفجوات التمويلية.

وأوضح أن الاقتصاد المصري رغم التحديات الراهنة إلا أنه يمتلك من القدرات والمصادر المتنوعة لانطلاقه، مؤكدا أن الوضع الحالي يتطلب وجود إرادة جادة وحقيقية لترشيد الحكومة للنفقات علي البنود غير الضرورية بما يضمن توفير مليارات الجنيهات واعادة استثمارها في مخصصات أولي لتقليل الأعباء على الخزانة العامة.

كان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، رأس اليوم، اجتماع "المجلس التنسيقي للسياسات النقدية والمالية"، وذلك بحضور حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، وأحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، ورامي أبو النجا، نائب محافظ البنك المركزي، ومحمد الإتربي، عضو المجلس من ذوي الخبرة، والدكتور حسين عيسى، عضو المجلس من ذوي الخبرة.

وقال المستشار سامح الخِشن، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، إن الاجتماع استعرض تأثيرات الأحداث العالمية والإقليمية -بما في ذلك الحرب الروسية الأوكرانية والحرب في غزة- على الاقتصاد العالمي، حيث تمت الإشارة إلى أن هذه الأحداث أثرت سلبًا على معظم الاقتصادات العالمية، وظهر ذلك جليًا في ارتفاع أسعار السلع لاسيما المنتجات البترولية.

وأوضح "الخِشِن"، أن الاجتماع تناول كذلك سُبل التحوط اللازمة لحماية الاقتصاد المصري من الآثار السلبية التي تُخلِّفها هذه الأحداث العالمية والإقليمية، وتعزيز قدرته على مقاومة هذه الصدمات الخارجية، لاسيما أن مصر جزء من العالم وأي اضطراب عالمي يؤثر علينا بشكل أو بآخر؛ نظرًا للارتباط الوثيق بين سلاسل الإمداد والتوريد العالمية.

وأضاف أن الاجتماع بحث كذلك سيناريوهات التعامل مع الأزمات العالمية والإقليمية الحالية وتأثيراتها المحتملة على النواحي الاقتصادية، خاصة قطاعي السياحة والبترول.

وتم التأكيد على أن الحرب في غزة لها آثار سلبية على السياحة، كما أنها تتسبب في موجات من زيادة الأسعار للسلع المختلفة.

وتابع المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، أن اجتماع "المجلس التنسيقي للسياسات النقدية والمالية" استعرض جهود العمل على زيادة معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر، في ظل وجود طلبات لضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية، موضحًا أن هذا من شأنه تعزيز الموارد الدولارية.

وقال المستشار سامح الخِشِن إن الاجتماع تابع تنفيذ إجراءات تحسين بيئة الاستثمار، كما تم استعراض الحوافز المُخصصة لعدد من القطاعات المستهدف توسيع نطاق الأعمال بها خلال المرحلة المقبلة.

وفي سياق متصل، أوضح "الخِشِن" أن الاجتماع تابع تنفيذ إجراءات الإصلاح الهيكلي ضمن المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الدولة المصرية، كما تمت متابعة تطورات برنامج الطروحات الحكومية وموقف تقييم الشركات المُقرر طرحها الذي يتم بالتعاون مع "مؤسسة التمويل الدولية"، مضيفًا أنه تم التأكيد خلال الاجتماع على أن الحكومة تعمل من أجل تحقيق تمكين أكبر للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، تنفيذا لما جاء في "وثيقة سياسة ملكية الدولة".

وأشار المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، إلى أن الاجتماع تابع أيضًا تنفيذ إجراءات ترشيد الإنفاق العام التي وافق عليها مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: اجتماع لجنة السياسات النقدية اجراءات الحكومة استثمارا استثمارات إجراءات الاستثمار اقتصاد العالمي اقتصاد العالم إقتصادات العالم النقدیة والمالیة البنک المرکزی مجلس الوزراء أن الاجتماع

إقرأ أيضاً:

مستشار حكومي يكشف عن إجراءات لإنعاش قطاع التأمين في العراق

الاقتصاد نيوز _ متابعة

أكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، اليوم الجمعة، أن هناك توجهاً حكومياً جاداً لتحريك قطاع التأمين في العراق.

وقال صالح في حديث لوكالة الأنباء العراقية تابعته "الاقتصاد نيوز"، إن "تفعيل قطاع التأمين في العراق ومعالجة غياب ثقافة التأمين كوسيلة للحماية المالية، يحتاج إلى النظر لعدة عوامل متشابكة منها يتعلق بحركة الاقتصاد الكلي، والأخرى بالثقافة المجتمعية بما في ذلك إعادة النظر بالتشريعات القائمة، ومنها على سبيل المثال أهمية توافر حوافز ضريبية للشركات والأفراد الذين يختارون التأمين ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لتقديم منتجات تأمينية مبتكرة تلائم احتياجات السوق".
وأضاف أنه "بناء على ذلك، أجد من الأهمية تصميم منتجات تأمينية تناسب الفئات المختلفة، مثل التأمين الزراعي والتأمين ضد الكوارث وتبصير المواطنين بأن هناك تأميناً الزامياً على حوادث السيارات، إذ أن هناك آلية معتمدة بهذا الشأن لا يعرف عنها الكثير، وهي جزء من ثقافة المجتمع الغائبة إزاء التأمين الالزامي في البلاد"، مبيناً أنه "يجب تعزيز ثقة المواطن بالمؤسسات المالية غير المصرفية، ومنها نشاط التأمين تحديداً، ما ينعكس على تطور قطاع التأمين بمجمله وتشابكاته في مجمل الاقتصاد الوطني".
وتابع أن "تفاوت القوة الشرائية للكثير من شرائح المجتمع يجعلهم يركزون على الاحتياجات الأساسية بدلاً من التخطيط المالي المستقبلي ولأسباب موروثة أيضاً بسبب سنوات من الحروب والصراعات والتبدلات الاجتماعية والاقتصادية التي أصابت المجتمع".
وأشار إلى أن "تراجع ثقافة التأمين هي العنصر الأساسي في عدم تطور هذا القطاع الحيوي جراء نقص المعرفة بفوائد التأمين وأهميته كوسيلة للحماية المالية، إذ غالباً ما يتم الاعتماد على الأسرة والمجتمع والعشيرة في مواجهة المخاطر بدلاً من اللجوء إلى الحلول التأمينية المناسبة التي يكفلها القانون".
وأكد "ضرورة بناء برامج توعوية متكاملة تستهدف الشباب وقطاعات العمل المختلفة وتحسين مستوى الخدمات بما يعزز الثقة بين الزبائن وشركات التأمين، بالإضافة إلى رفع عدد الخيارات المقدمة من شركات التأمين الحالية وتفعيل استخدام التكنولوجيا الرقمية لتحسين تجربة الزبائن في سهولة الوصول الى الخدمات التأمينية"، مشيراً إلى "أهمية إشاعة الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص في نطاق الحياة التأمينية وخدماتها ومؤسساتها وأجده يمثل المرحلة الثانية من الإصلاح المالي والاقتصادي الذي يتولاه البرنامج الحكومي".
ولفت إلى أن "هناك توجهاً حكومياً جاداً نحو تحريك قطاع التأمين بكونه الضامن لحياة الفرد والمجتمع مالياً، لما له من أثر إيجابي كبير على الاقتصاد الوطني عموماً وتطور السوق المالية خصوصاً من خلال تقليل المخاطر وتعزيز الاستقرار المالي في البلاد".


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • الحكومة تكشف تفاصيل أكبر قافلة مساعدات إنسانية لغزة عبر صندوق "تحيا مصر"
  • قرارات مجلس الوزراء
  • الحركة الشعبية – التيار الثورى الديمقراطى: الحكومة الموازية لا تخدم وحدة السودان ولا تساهم فى الإسراع لإنهاء الحرب
  • السيسي يؤكد أهمية حوكمة إجراءات الدعم لضمان وصوله إلى مستحقيه
  • خطة سوريا الجديدة الاقتصادية.. خصخصة الموانئ والمصانع لتعزيز النمو
  • عبدالله بن طوق لـ«الاتحاد»: الإمارات وجهة مفضلة للشركات العالمية
  • بعد انسحاب أمريكا.. الصحة العالمية تتخذ إجراءات طارئة
  • برلماني: مشاركة الحكومة في GEN Zيؤكد رغبتها في بناء شراكة مع الشباب
  • مستشار حكومي يكشف عن إجراءات لإنعاش قطاع التأمين في العراق
  • تطمينات غير مؤكدة عن انسحاب إسرائيل.. ميقاتي: الحكومة أبقت عجلة الدولة ومؤسساتها قائمة