أعلن مرصد "نانوغراف" (NANOGrav) -يوم الخميس 29 يونيو/حزيران، الساعة 13:00 بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة (غرينتش -4)- عن تمكن العلماء من اكتشاف أدلة على وجود موجات للجاذبية تتذبذب بمعدلات تتراوح بين سنوات وعقود.

وموجات الجاذبية، المعروفة أيضا باسم الموجات الثقالية، هي تموجات في نسيج الزمان-المكان (الزمكان) تنتج عن وجود جسم ذي كتلة ومتسارع في الفضاء.

ووفقا لنظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين، يؤدي وجود هذا الجسم إلى تشويه الزمكان من حوله، مما ينتج عنه هذه التموجات.

موجات جاذبية أقوى وأطول

واليوم، تعود موجات الجاذبية إلى السطح من جديد بعد أن أعلن مرصد "نانوغراف" عن اكتشافها مجددا باستخدام تقنية مختلفة تماما.

وتتبع هذه الطريقة التغيرات في المسافات بين الأرض والنجوم المراقَبة الموجودة في المجرات المجاورة، وتعرف باسم النجوم النابضة. وتكشف هذه الطريقة الجديدة عن الكيفية التي يتمدد ويضغط بها الفضاء نتيجة لعبور موجات الجاذبية خلاله.

وتتميز هذه الموجات المكتشفة حديثا بقوتها وطولها الأكبر ألف مرة من تلك التي تم اكتشافها في عام 2015. إذ إن أطوالها الموجية تصل إلى عشرات السنين الضوئية، وذلك على النقيض من الموجات المكتشفة عام 2015 التي لا تتجاوز العشرات أو المئات من الكيلومترات.

وطبقا للبيان الصحفي الذي نشره مرصد "نانوغراف"، فقد لوحظت إشارات موجات الجاذبية تلك في بيانات جمعها المرصد على مدى 15 عاما، وشملت تعاونا ضخما ضم تلسكوبات من أوروبا والهند وأستراليا والصين، والتي أفاد كل منها -بشكل مستقل- عن رصد تلك الموجات.

موجات الجاذبية هي تموجات في نسيج الزمكان تنتج عن وجود جسم ذي كتلة ومتسارع في الفضاء (غيتي إيميجز) "وبالنجم هم يهتدون"

يقول الدكتور ستيفن تايلور من جامعة "فاندربيلت" (Vanderbilt University)، الذي شارك في قيادة البحث، وهو الرئيس الحالي للتعاون "تعد هذه النتائج أدلة رئيسة على وجود موجات جاذبية ذات ترددات منخفضة جدا".

على نقيض موجات الجاذبية عالية التردد التي استطاع مرصد "ليغو" رصدها عام 2015 بسهولة، يمكن فقط رصد الموجات المنخفضة التردد باستخدام مراصد كشف أكبر بكثير من الأرض. وإعمالا لذلك، حوّل العلماء مجرة درب التبانة إلى هوائي ضخم يمكنه استشعار موجات الجاذبية، وذلك عن طريق استخدام نجوم غريبة تسمى النجوم النابضة (Pulsars).

وجمعت جهود مرصد "نانوغراف" خلال 15 عاما بيانات من 68 نجما نابضا لتشكيل نوع من أنواع الكاشفات تعرف باسم "مصفوفة توقيت النجوم النابضة" (A pulsar timing array).

والنجم النابض هو بقايا مكثفة جدا لنواة نجم ضخم بعد انفجاره كمستعر أعظم (سوبرنوفا). وتدور النجوم النابضة بسرعة عالية، مما يجعلها تكنس أشعة الراديو في الفضاء ولذا تبدو "نابضة" عند رؤيتها من الأرض.

ومن أسرع النجوم النابضة تلك المعروفة باسم "نابضات الميللي ثانية" (Millisecond pulsars)، وتدور مئات المرات في الثانية الواحدة، ولها نبضات مستقرة جدا، مما يجعلها مفيدة جدا كساعات دقيقة للتوقيت الكوني.

النجم النابض هو بقايا مكثفة جدا لنواة نجم ضخم بعد انفجاره كمستعر أعظم (غيتي إيميجز) ساعات كونية دقيقة

الجدير بالذكر أن نظرية النسبية العامة لأينشتاين تتنبأ بدقة بالكيفية التي تؤثر بها موجات الجاذبية على إشارات النجوم النابضة. إذ تؤثر موجات الجاذبية على توقيت كل نبضة بطريقة صغيرة وقابلة للتنبؤ، حيث تؤخر بعض النبضات وتقدم الأخرى، وذلك من خلال ما تحدثه من تموج (تمدد وانضغاط) في الفضاء.

وتؤثر تلك التغيرات على أزواج النجوم النابضة بطريقة تُرى في الكيفية التي يبعد (يترابط) بها نجمي كل زوج من النجوم النابضة في الفضاء.

ومكنت الاكتشافات الحديثة لمرصد "نانوغراف" العلماء من التأكيد على نمط ترابط أزواج النجوم النابضة الذي تنبأت به النسبية العامة. كما مكنت العلماء من اكتشاف أول دليل على وجود موجات للجاذبية ذات فترات تتراوح بين سنوات وعقود.

وتعتبر أزواج الثقوب السوداء فائقة الضخامة أحد المصادر المحتملة لموجات الجاذبية المكتشفة حديثا. إذ تصل كتلة تلك الثقوب إلى ملايين أو مليارات أضعاف كتلة شمسنا. وعندما تدور تلك الثقوب السوداء الهائلة حول بعضها البعض، فإنها تنتج موجات جاذبية ذات تردد منخفض.

ويعتقد أن الثقوب السوداء فائقة الضخامة تقع في مراكز أكبر المجرات في الكون. فعندما تندمج مجرتان تنتقل الثقوب السوداء من مركز كل منهما وتدور حول بعضها البعض كنظام ثنائي حتى تتحد عند مركز المجرة الجديدة المتكونة.

تعتبر أزواج الثقوب السوداء فائقة الضخامة أحد المصادر المحتملة لموجات الجاذبية المكتشفة حديثا (غيتي إيميجز) موجات فائقة الضخامة

في الوقت نفسه، تتسبب هذه الحركة البطيئة في تشويه (تمدد وانضغاط) نسيج الزمكان، مما يولد موجات جاذبية تنتشر بعيدا عن المجرة الأصلية، تماما مثل انتشار موجات المياه على سطح بركة الماء. ومن ثم تصل تلك الموجات في نهاية المطاف إلى مجرتنا.

وتؤثر موجات الجاذبية الناتجة عن مثل تلك الثنائيات الضخمة على نسق نبضات النجوم النابضة، مما ينتج عنه ضجيج ذي طابع فريد، ظل العلماء يبحثون عنه لما يقرب من 20 عاما.

وفي هذا الصدد يقول لوك كيلي من جامعة كاليفورنيا في بيركلي ورئيس مجموعة الفلك في مرصد نانوغراف "لفترة ما، كان العلماء يعتقدون أن الثقوب السوداء فائقة الضخامة في مثل تلك الثنائيات تدور حول بعضها البعض إلى الأبد، دون أن تقترب من بعضها حتى تولد إشارة كتلك التي رصدناها".

ويختتم قائلا: "اليوم أصبح لدينا دليل دامغ على وجود مثل تلك الثنائيات الضخمة والقريبة. وعندما يصبح ثقبان أسودان على درجة كافية من القرب، لا شيء يمنعهما من الاندماج في غضون بضعة ملايين من السنين".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان

الخرطوم- في خطوة تمهيدية لإعلان تشكيل وزاري جديد، أقرت الحكومة السودانية، أول أمس الأربعاء، تعديلات على الوثيقة الدستورية، منحت بموجبها صلاحيات واسعة لرئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، بينما يتحدث خبراء قانونيون عن عدم جواز إدخال تعديلات على الوثيقة إلا بواسطة البرلمان.

وأكد البرهان، الأربعاء، خلال اجتماعه بالسفير الإيطالي المعتمد لدى السودان والمقيم بإثيوبيا ميشيل توماسي، عزمه تشكيل حكومة انتقالية برئاسة رئيس وزراء تكنوقراط، لا ينتمي لأي جهة أو حزب.

وقال وكيل وزارة الخارجية السفير حسين الأمين إن البرهان قدم شرحا للسفير الإيطالي عن المرحلة المقبلة التي "ستشهد تشكيل حكومة للفترة الانتقالية، كما سيتم تنظيم انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية".

التعديلات الدستورية تمنح البرهان سلطة تعيين رئيس وزراء مدني وإقالته (مجلس السيادة الانتقالي) تعديلات الوثيقة

عقد مجلسا السيادة والوزراء -المجلس التشريعي المؤقت- اجتماعا برئاسة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، وقد أجاز الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019- تعديل 2025، كما أجاز قوانين أخرى مهمة بينها قانون الإجراءات الجنائية- تعديل 2025، وقانون تشجيع الاستثمار.

وتم توقيع الوثيقة المعدلة في أغسطس/آب 2019، بواسطة المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، متضمنة هياكل وتقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين خلال الفترة الانتقالية، وأدخلت تعديلات عليها في أكتوبر/تشرين الأول 2020، أضيفت بموجبها اتفاق جوبا لسلام السودان بين الحكومة وأطراف العملية السلمية، باعتبارها "جزءا لا يتجزأ" من الوثيقة الدستورية.

وقالت مصادر مطلعة للجزيرة نت إن التعديلات عكفت عليها لجنة خاصة شكّلها مجلس السيادة، وقدمت مقترحات لاجتماع بين مجلسي السيادة والوزراء للنظر فيها وإجازتها.

إعلان

وشددت المصادر على أنّ التعديلات لم تمس جوهر والتزامات الدولة باتفاقية جوبا لسلام السودان، وركزت على المواءمة بين تلك الالتزامات وتكوين مجلسي السيادة والوزراء، والصلاحيات الممنوحة لهما بموجب هذه التعديلات.

ولم تكشف الحكومة تفاصيل التعديلات التي أجريت على الوثيقة الدستورية، واكتفى وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة خالد الإعيسر -في تغريدة على منصة إكس- بالتأكيد على أن التعديلات ستنشر في الجريدة الرسمية قريبا، ولم يرد الوزير على استفسارات للجزيرة نت حيال طبيعة التعديلات التي أجريت على الوثيقة الدستورية.

عدد من النقاط التي نشرتها بعض وسائل الإعلام حول بنود الوثيقة الدستورية ونسبتها إلى مصادر مجهولة تناولت معلومات غير صحيحة، وبعضها تكهنات حملت روحاً مزاجية (وغير مهنية)، بالإضافة إلى معلومات غير دقيقة. ستقوم الحكومة السودانية بنشر الوثيقة كاملة في الجريدة الرسمية قريبا بتفاصيلها…

— Khalid Ali خالد علي (الإعيسر) (@Aleisir) February 20, 2025

تسريبات

لكن تسريبات خاصة حصلت عليها الجزيرة نت تحدثت عن أن التعديلات على الوثيقة المجازة عام 2019 تضمنت منح رئيس مجلس السيادة صلاحيات واسعة، تشمل -ضمن مهام أخرى- سلطة تعيين وإعفاء رئيس الوزراء، وهو الحق الذي كان حصريا قبل التعديل لقوى تحالف الحرية والتغيير، الشريك الأساسي في الوثيقة الدستورية.

وشملت التعديلات حذف كل البنود ذات الصلة بـ"الحرية والتغيير" وبقوات الدعم السريع، وأحلت محلهما كلمة "الشركاء"، وتضمنت كذلك بدء فترة انتقالية جديدة مدتها 39 شهرا، تبدأ من تاريخ التوقيع على الوثيقة.

وحافظت التعديلات على نسب السلطة الممنوحة للموقعين على اتفاق السلام في جوبا، وهي مجموعة من الحركات المسلحة التي يقاتل بعضها حاليا إلى جانب الجيش في معاركه ضد قوات الدعم السريع.

إعلان

ونقلت تقارير صحفية نشرت الخميس، عن مصادر مطلعة، أن التعديلات على الوثيقة الدستورية تضمنت زيادة عدد أعضاء مجلس السيادة إلى 9 بدلا من 6، مع رفع عدد المقاعد المخصصة للقوات المسلحة إلى 6 بدلا من 4، ومنح قادتها صلاحية ترشيح رئيس المجلس والتوصية بإعفائه.

وفي ما يخص السلطة التشريعية، أبقت التعديلات على المجلس التشريعي بعدد 300 عضو، ولحين تشكيله، يتم الاستعاضة عنه بمجلسي السيادة والوزراء، كما تم الإبقاء على عدد الوزارات ليكون 26 وزارة، بعد أن كان هناك مقترح لتقليصها إلى 16.

وكان رئيس حركة تحرير السودان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي تحدث في وقت سابق عن مطالبتهم بتوزيع جديد لنسب اقتسام السلطة في الوثيقة الدستورية، قائلا إنها "وضعت عمليا 75% من السلطة بيد المكون العسكري، بعد خروج تحالف قوى الحرية والتغيير من المشهد".

ولم يستبعد قيادي في الحركة -تحدث للجزيرة نت- أن تُثير هذه التعديلات خلافات بين مناوي والمكون العسكري في مجلس السيادة، بعد تجاهل الملاحظات التي أبداها رئيس الحركة على التعديلات قبل إقرارها.

فاقدة للصلاحية

من جهته، يقول المحامي والخبير القانوني ساطع أحمد الحاج للجزيرة نت إن "الوثيقة الدستورية، ووفقا لنصوصها، لا يمكن تعديلها إلا بواسطة المجلس التشريعي"، ويضيف من ناحية أخرى أنها "نصت على منح الأطراف الموقعة عليها 90 يوما لتشكيل المجلس التشريعي، على أن تمنح سلطة التشريع مؤقتا ولمدة 90 يوما للاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء المشكلين بموجب الوثيقة".

ويضيف الحاج -الذي كان مشاركا في إعداد الوثيقة الدستورية المعدلة- أنه بالرغم من أن حكومة الثورة توسعت في تفسير المادة 24 من الوثيقة، بتعديل الدستور في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بإدخال اتفاقية جوبا للسلام، فإنه لم يكن مؤيدا للخطوة، ويردف قائلا "البعض وجد العذر لهم باعتبار أن إرادة طرفي الوثيقة قد ذهبت لذلك".

إعلان

ويضيف "أما الآن فإن الوثيقة فقدت صلاحيتها، بموجب أن أحد أطرافها انقلب على الطرف الثاني يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021″، معتبرا أن "مجلس السيادة الحالي ليس هو المنصوص عليه في الوثيقة، من حيث جهة الاختيار والتعيين والصلاحيات والتمثيل".

مقالات مشابهة

  • سوريا..اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في درعا
  • اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في درعا بسوريا .. تفاصيل
  • اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في درعا بسوريا
  • طريقة جديدة لسرقة الحسابات على منصة إكس.. فيديو
  • أمل الأنصاري تكشف طريقة تعاملها مع صديقاتها إذا تغيروا عليها.. فيديو
  • السويد تفتح تحقيقا بعد اكتشاف أضرار جديدة بأحد الكابلات في بحر البلطيق
  • ما هو المكان الأخطر في الكون؟.. مفاجأة غريبة بشأن الأرض
  • مايكروسوفت تكشف عن مادة غامضة قد تُحدث ثورة في عالم الحواسيب!
  • دنيا سمير غانم تكشف عن أحدث ظهور برسالة غامضة.. ما القصة؟
  • الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان