وكيل الأزهر: الشريعة وأحكامها استطاعت عبر قرون طويلة البقاء حية نابضة
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
وجه الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، الشكر لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي على مؤتمره العالمي الثاني، والذي يدور حول: «الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية»، والذي يحظى برعاية من سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية.
وأضاف وكيل الأزهر أن الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بهذا الدين الذي أعلن في قرآنه أنه أكمله وأتمه ورضيه، ومن كمال هذا الدين أنه صالح لكل زمان ومكان، وأن الشريعة بأحكامها الثرية قادرة على التعامل مع المستجدات المختلفة في كل مجال، وإذا كانت إرادة الله تعالى وحكمته قد اقتضت أن تكون الشريعة الإسلامية خاتمة الشرائع والرسالة العامة للناس أجمعين؛ فإن هذا يعني مرونة أحكامها، وقدرتها على التفاعل مع كل عصر ومصر.
وبيّن الدكتور الضويني أن من تأمل أحكام الشريعة بإنصاف وترو ودقة نظر بان له أن هذه الأحكام تحقق مصالح الناس الدينية والدنيوية، وتجمع بين العقيدة والعبادة والمعاملة، وإذا كانت طبيعة الشريعة المرونة والاستجابة للمتغيرات؛ فإن الواجب على أهل الشريعة أن يكونوا على قدر عطائها ومرونتها ومعاصرتها.
وأكد فضيلته أن من الضرورة بمكان أن نقوم بالواجب العلمي والمجتمعي تجاه التغيرات المتسارعة، التي أثرت على جوانب الحياة كلها، وأن نحرص من خلال بحوث جادة رصينة أن نجعلها بابا جديدا من أبواب تنشيط الملكة الفقهية؛ لنصل إلى أحكام معاصرة، فنثري الفقه بأحكام جديدة، ونضبط حركة الحياة بالشريعة المرنة، كما أن من إحدى سمات العصر المميزة هذا التسارع والتغير في جميع مجالات الحياة؛ خاصة بعد أن صارت التكنولوجيا وتطبيقاتها جزءا من حياتنا.
وأوضح الدكتور الضويني أن الواقع يشهد أن الناس حول العالم أصبحوا أكثر اعتمادا على التكنولوجيا ومنجزاتها في تواصل بعضهم مع بعض، أو في إنجاز الأعمال، أو في نقل الخبرات، أو حتى في الترفيه؛ لدرجة أن بعض هذه التطبيقات تؤثر في أنظمة اقتصادية واجتماعية في عدد من الدول، وأن هذا التغير المتسارع بما يحمله من فيض معلوماتي ومستجدات علمية يفرض على الباحثين المعاصرين -وخاصة في مجال الفقه الإسلامي- ضرورة التصدي لهذا الواقع المتطور بالنظر والتأمل في نصوص الشريعة وقواعدها الكلية ومبادئها العامة ومقاصدها الشرعية؛ لتكييفه وإخضاعه للحكم الشرعي الذي يناسبها من خلال رؤية فقهية جديدة معاصرة.
وتابع وكيل الأزهر أنه إذا كانت أحوال الناس وقضاياهم المتجددة في حاجة إلى معرفة الحكم الفقهي؛ فإنها فرصة يثبت الفقهاء فيها قدرتهم على امتلاك أدوات الاجتهاد وقواعده، وموطن يكشف الصادقين في العلم من الأدعياء، والمتأمل لما طرأ على حياتنا واقتحم علينا بيوتنا وأفكارنا يدرك أن هذه المستجدات العلمية لا يمكن اختزالها واختصارها في صورة أجهزة حديثة ومخترعات جديدة، بل منها جزء اجتماعي فكري خطير، في صورة نظريات وفلسفات وشبهات، تطرح بدائل للإيمان والعقيدة، والعبادة والنسك، والمعاملة والسلوك، والواجب على الفقهاء والدعاة أن يحوطوا هذا كله بالتأصيل العلمي، والتكييف الفقهي.
وأردف فضيلته أنه من الواجب أن نسأل عن علاقة المخترعات الحديثة والتطبيقات التكنولوجية بالعبادات وتيسير إخراج الزكاة والصدقات لمستحقيها، وتيسير أعمال الحجاج والمعتمرين في الطواف والسعي والرمي، وعن علاقة المستجدات العلمية بالأحكام الشرعية المتعلقة بالمسائل الطبية المعاصرة، كإثبات النسب، وإثبات الشهادة، وبيان قدرة هذه المخترعات الحديثة والمستجدات العلمية على كبح جماح التطرف والانحراف الفكري بما يضمن المحافظة على الأمن القومي.
وتساءل وكيل الأزهر هل تستطيع المستجدات أن تغير النظرة للمعاملات الاقتصادية المعاصرة؟ أو أن تدير وأن تعالج الأزمات الاقتصادية الطارئة؟ أو أن تحقق الاستخدام الأمثل للموارد في ظل استخدام غير عادل للبيئة وكنوزها ومواردها؟ وغير ذلك من أسئلة تبحث عن جواب، وإذا كان من الواجب أن نسأل مثل هذه الأسئلة التي تبين أثر المستجدات العلمية على بعض مجالات الحياة؛ فإن من واجب الفقيه والداعية أن يسأل أيضا عن هذه المستجدات العلمية الفكرية والمجتمعية فليست أقل خطرا ولا أثرا من المخترعات والأجهزة.
وأكد الدكتور الضويني أن الشريعة وأحكامها قد استطاعت عبر قرون طويلة أن تبقى حية نابضة، وأن سر بقائها تفاعلها مع معطيات كل عصر بما لا يخرج عن الفقه وأحكامه، وبما لا يضيق على الناس حياتهم، ولا يضيع عليهم فرصة الاستمتاع بطيباتها ومستجداتها واستثمارها، ولا ننكر أن بعض الفقهاء والدعاة قد عكفوا على التقليد، واكتفوا بإعادة طرح الفقه القديم دون أن يراعوا الواقع المتطور المتغير، فقدموا الفقيه للناس على أنه ذلك الرجل الجامد المتحجر الذي يفتي بما يحفظ دون أن يكون له اتصال بالعالم ومستجداته وتطوراته، وقدموا الفقه على أنه علم قديم لا يناسب الحياة، وأن الحياة قد سبقت الفقه.
وشدد فضيلته أنه إذا كنا نؤمن أن الإسلام دين العلم، فإن من الواجب أن نفهم أن العلم الذي ندب إليه الإسلام لا يتوقف عند العلم الشرعي وحده، بل إنه يمتد ليشمل علوم الحياة وعلوم الكون، وضروب النشاط الإنساني كافة؛ ومن ثم فإن الفقه الآن ليتداخل مع التاريخ والجغرافيا والطب والهندسة وعلم النفس وبقية العلوم، وإن الفقهاء والدعاة الذين لا يستطيعون تحديد مكانهم اليوم في هذا العالم الذي يموج بالمستجدات في فروع العلم كافة سيكونون فقهاء بلا فقه، ودعاة بلا دعوة، وسيتركون الناس فقراء في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المستقبلية.
واختتم وكيل الأزهر كلمته أنه يجب على المؤسسات التعليمية -من باب القيام بالأمانة التي أنيطت بها- أن تعمل على إعداد الطلاب بما يتماشى مع هذا التغير المتسارع، والذي لا يتوقف في ناحية واحدة من نواحي الحياة، بل يشملها كلها اقتصادا، واجتماعا، وثقافة، وسياسة، وحتى في المهن والأعمال والوظائف التي تغيرت أو استحدثت أو أدخل فيها من التقنيات ما لم يكن بها من قبل، وإن تفاعل الدراسات الشرعية مع المستجدات العلمية، وقدرتها على استيعابها يؤكد في مضمونه مرونة الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وهو خطوة جادة نحو تقريب الناس إلى حياض الشريعة، باعتبار أن هذه المستجدات العلمية مما لا غنى للناس عنه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وكيل الأزهر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي الدكتور محمد الضويني الشريعة الإسلامية المستجدات العلمیة وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
تتويج "ميثاق" بـ"جائزة الأفضل" في تقديم حلول استثماريّة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلاميّة
مسقط- الرؤية
تُوّج ميثاق للصيرفة الإسلامية من بنك مسقط بجائزة الأفضل في مجال الاستثمار من مؤسّسة (Islamic Finance News) المرموقة لعام 2025، وجاء هذا التتويج خلال حفل توزيع الجوائز الذي نظّمته المؤسّسة في دبي. تسلّم الجائزة بالنيابة عن ميثاق للصيرفة الإسلامية سالم بن سعيد الشنفري الممثل الرئيسي للمكتب التمثيلي لبنك مسقط في الإمارات العربية المتحدة، بحضور عدد من الشخصيات المرموقة على مستوى الشرق الأوسط.
ويأتي هذا التتويج كإضافة متميّزة لسجل النجاحات والإنجازات التي حققها ميثاق خلال السنوات الماضية وتكريمًا لدوره المحوريّ في تقديم خدمات وتسهيلات وحلول مصرفيّة مبتكرة ومتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلاميّة بما يلبّي احتياجات الزبائن.
وقال علي بن أحمد اللواتي مساعد مدير عام الأعمال المصرفية للشركات بميثاق للصيرفة الإسلامية، إن هذا النجاح يُضاف إلى قائمة النجاحات التي حققها ميثاق، مقدما الشكر لمؤسسة Islamic Finance News على التتويج بهذه الجائزة التي تؤكّد الريادة في قطاع الصيرفة الإسلاميّة من خلال تقديم حلول وخدمات تلبّي المتطلّبات المختلفة للزبائن، مضيفًا أن هذا التتويج يعكس ثقة الزبائن بالخدمات والتسهيلات المصرفية التي يقدّمها ميثاق لهم بالتوافق مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية.
وأوضح اللواتي أن ميثاق للصيرفة الإسلامية نجح في إثبات جدارته في ريادة القطاع المصرفي الإسلامي، ويتجلّى ذلك من خلال ثقة الزبائن بالخدمات والتسهيلات المصرفية التي يُقدمها لهم وإقبالهم الكبير للحلول المصرفية والاستثماريّة، على رأسها صندوق "ميثاق للأسهم" الذي أطلقه ميثاق خلال الفترة الماضية بالتعاون مع دائرة إدارة الأًصول في بنك مسقط، وهو صندوق متوافق مع أحكام الشريعة الإسلاميّة يهدف إلى تحقيق زيادة في رأس المال وتوزيع أرباح مستمرّة على المدى الطويل للمستثمرين، ويأتي ذلك من خلال الاستثمار في محفظة رئيسية تضم أسهماً متوافقة مع الشريعة الإسلامية ومدرجة في الأسواق الإقليمية، مؤكدا التزام ميثاق بمواصلة تقديم أفضل الخدمات والحلول المبتكرة والمتميزة، بما يُلبي الاحتياجات المتزايدة للزبائن. ويقدّم ميثاق للصْيرفة الإسلاميّة لزبائنه حزمةً من الخدمات والتسهيلات المصرفيّة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلاميّة والتي تلبي الاحتياجات المصرفية المختلفة للزبائن من الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسّطة والمؤسّسات.
وتخضع هذه المنتجات تخضع لسلسلة من التوجيهات والتشريعات الصادرة من البنك المركزي العماني والمراجعات الشرعيّة والإجراءات الإشرافيّة التي تنفّذها هيئة الرقابة الشرعيّة التابعة لميثاق، بحيث يتم صياغتها بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلاميّة ويتلاءم مع تطلّعات الزبائن واحتياجاتهم الحاليّة.
ومن بين المنتجات والتسهيلات المصرفيّة التي يقدّمها ميثاق لزبائنه، منتجات الإيداع الممثّلة في حسابات التوفير والحسابات الجارية، وحسابات التوفير للأطفال، وخطة التوفير من ميثاق، ومنتجات تمويليّة متعدّدة كالتمويل الشخصي، وتمويل السيارات، والتمويل السكني، والتمويل لغرض السفر والتعليم والزواج، وتمويل المشتريات الشخصيّة. ولزبائنه من المؤسّسات والشركات الصغيرة والمتوسّطة، يقدّم ميثاق باقة من الحلول المصرفيّة بما في ذلك الحسابات الجارية وحلول تمويل المشاريع تسهيلات قصيرة الأجل وطويلة الأجل، بالإضافة إلى حلول التمويل التجاري "إجارة" وتمويل المشاريع الكبيرة.
ويتمتّع ميثاق بأكبر شبكة فروع في قطاع الصيرفة الإسلاميّة بالسلطنة تصل إلى 32 فرعٍ موزّع في مختلف المحافظات ويمتلك ما يزيد عن 50 جهازًا للسحب والإيداع النقدي. هذا ويمكن لزبائن ميثاق الاستفادة من حوالي 900 جهاز تابعٍ لبنك مسقط، بما يمكّن الزبائن من الاستفادة والتعرف على الخدمات والحلول المصرفيّة المقدّمة لهم بكل سلاسة.