جريدة الوطن:
2024-11-17@04:41:14 GMT
أوراق الخريف : سياسة عمانية ثابتة وواقعية
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
رغم اختلاف المواقف والسِّياسات بَيْنَ الدوَل، ورغم ارتفاع الضحايا في فلسطين وغزَّة بالتحديد من أطفال ونساء ورجال وهدم البنية التحتيَّة، ورغم الفيتو «الأميركي» المؤيِّد للقصف والعدوان، وآخر اعتراض «روسي وصيني» وظهور مجلس الأمن الدولي بلا أيِّ فاعليَّة، ظلَّت سلطنة عُمان على مواقفها الثابتة والواقعيَّة.
سياسة عُمانيَّة بُنيت على جملة من الثوابت الَّتي لا تَحيد عَنْها في مواقفها من الأزمات والصِّراعات العربيَّة أو الدوليَّة، وبمعزل عن الأطراف المعنيَّة بها، خليجيَّة كانت أو عربيَّة أو دوليَّة، معتمدة على قول الحقِّ والنَّأي عن الصِّراعات والتحالفات السِّياسيَّة والطائفيَّة والعِرقيَّة.
فالدبلوماسيَّة العُمانيَّة المتَّزنة والهادئة، ظلَّت على مبادئها، وصرَّحت علنًا أنَّ ما يجري في غزَّة حرب إبادة وانتهاك صارخ للقانون الدولي، وأنَّ حماس ليست منظَّمة إرهابيَّة، ودعت المُجتمع الدولي إلى إجراء تحقيق مستقلٍّ حَوْلَ العدوان الإسرائيلي ومحاكمته على استهدافه المتعمَّد للمَدنيِّين في قِطاع غزَّة.
فمشكلاتنا يا عرب لا تُحلُّ من الآخرين، بل بالجلوس والتحرُّك جماعةً كفريقٍ واحد، كعربٍ ومُسلِمين، وهذا ما أكَّدت عَلَيْه سلطنة عُمان أنَّها ملتزمة بالحلول السِّياسيَّة المستنِدة إلى الحوار وسيادة القانون الدولي وضرورة تدخُّل المُجتمع الدولي لوقف الحرب على غزَّة وردع «إسرائيل».
مواقف لا تَحيد عَنْها أبدًا سلطنة عُمان في سياستها الخارجيَّة، ولا داعي لذكرها، لذا تدرك سلطنة عُمان أنَّ الحرب في غزَّة تتطلب التحرُّك لوقفها، ومن هنا قام معالي السَّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجيَّة باتِّصالات وجهود لتهدئة الأمور من خلال الرحلات المكوكيَّة وغيرها لِيعمَّ الأمن والسَّلام المنطقة، وأن ينالَ الشَّعب الفلسطيني حقوقه كاملة من خلال مخاطبة الضمير الإنساني في كُلِّ مكان.
ومن هنا على المُجتمع الدولي التدخل لوقف هذه الحرب على غزَّة وردع «إسرائيل» عن انتهاكها القانون الدولي وعلى «إسرائيل» وحلفائها أن يواجهوا الواقع الَّذي لا يُمكِن أن يتغيَّرَ دُونَ الانخراط في حوار مع جميع الأطراف بما فيها حركة حماس، ولا يُمكِن أن يكُونَ هناك سلام حقيقي فلسطيني «إسرائيلي» دُونَ أن يشملَ الحوار جميع الأطراف الأساسيَّة.
لَنْ تسمحَ السِّياسة العُمانيَّة بالكيل بمكيالَيْنِ، ولَنْ تسمحَ باستمرار العدوان دُونَ تحرُّك لوقْفِه، ولَنْ تسكتَ وستطالب بتطبيق الشرعيَّة الدوليَّة، فالمواقف العُمانيَّة راسخة وموثَّقة، والقضيَّة الفلسطينيَّة ستبقى قضيَّتنا الأولى إلى أن ينالَ الشَّعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة وإقامة دَولته المستقلَّة وعاصمتها القدس.
ويومًا بعد يوم تثبت الدبلوماسيَّة العُمانيَّة نجاحاتها في مختلف القضايا والأصعدة والأزمات وعلى جميع الصُّعد، بالأفعال قَبْل الأقوال، فبالأمس أعلنت وقف كُلِّ الاحتفالات الوطنيَّة والفعاليَّات المصاحبة للعيد الوطني الـ53 وغيرها، ما عدا العرض العسكري.
ومع ذلك فالمؤسف جدًّا أن نرَى مشاهد في هذه الحرب والإبادة والبعض يتفرج، والبعض يصرخ على ما يراه، والبعض قطعَ العلاقات وسحَبَ السُّفراء والبعض دعم القضيَّة والموقف الفلسطيني، والبعض أعلنها صراحة كالولايات المُتَّحدة الأميركيَّة وفرنسا وبريطانيا ودوَل أوروبيَّة أخرى دعمها لـ«إسرائيل» في هذا العدوان الغاشم منذ بدء الاجتياح الإسرائيلي في ساعاته الأولى وإلى اليوم، ويدَّعون أنَّهم دوَل القانون والحُرِّيَّة وحقوق الإنسان، لِينكشفَ وجهها الحقيقي، والشعوب العربيَّة تنتظر التحرُّك العربي الإسلامي الجماعي.
التنديد والاستنكار لا يُجدي نفعًا مع الكيان الصهيوني، فعَلَيْنا ضرورة التنسيق العربي للحديث بصوت واحد مع المُجتمع الدولي، وممتنِّين لموقف بلادي وتحرُّكاتها الدَّاعم والمسانِد للقضيَّة الفلسطينيَّة؛ لأنَّ الشَّعب الفلسطيني هو الَّذي يقرِّر مصيره بنَفْسِه وليس دوَل وقادة آخرون، والتاريخ سيذكُر مَنْ هُمُ الطغاة والقتَلَة، فعَلَيْنا كعربٍ وقادة عرب ومُسلِمين استخدام الأدوات النَّاعمة أقلَّ شيء في هذه الحرب كما استخدمتها روسيا مع أوروبا، ونشيد بالمواقف الخليجيَّة المميَّزة.. والله من وراء القصد.
د. أحمد بن سالم باتميرا
batamira@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً: